
فتحت فعاليات "أيام القاهرة السينمائية" أبوابها للأفلام العربية خلال الدورة السابعة التي انطلقت في 9 أيّار (مايو) الماضي، وتستمر على مدى (3) أشهر. واستقبلت أفلاماً من دول عربية مختلفة، أبدى صنّاعها رغبتهم في المشاركة بالبرنامج الذي أطلقته المنتجة والمخرجة ماريان خوري، ابنة شقيقة المخرج يوسف شاهين، لعرض أهم إنتاجات السينما العربية خلال عام، ليشاهدها جمهور القاهرة في سينما "زاوية" بشارع عماد الدين، وسط العاصمة، وتنظيم مناقشات بين صنّاع الأفلام والجمهور عقب العروض.
عن أيام القاهرة السينمائية
يُذكر أنّ أيام القاهرة السينمائية هي مهرجان سينمائي مصري للأفلام العربية، أنشأته "زاوية" عام 2017، ويُعتبر المهرجان الأول من نوعه في القاهرة بغرض فتح نافذة أمام الجمهور المصري للاطلاع على ما يدور في الساحات السينمائية العربية المستقلة.
كما يفتح المهرجان نافذةً جديدة أمام مختلف الجماهير في العديد من المدن المصرية، ويمنحهم فرصةً على حد وصف النقاد لمعرفة ما يدور بالساحات السينمائية المعاصرة في كلٍّ من: السعودية ولبنان وسوريا وفلسطين وتونس والمغرب والجزائر والأردن، بالإضافة إلى ما أنتجته السينما المحلية، ومحاولة النقد والنقاش لتطوير مهارات القائمين على صناعة الأفلام داخل هذه البلاد.
وتُعتبر أغلبية أفلام مهرجان أيام القاهرة السينمائية أفلاماً دولية وعالمية؛ نظراً لترشيحها أو حصولها على جوائز قبل عرضها في هذا المهرجان، بالتالي يُعتبر المهرجان ملتقى مهماً للمهتمين بصناعة السينما ومشاهدتها من مختلف البلدان العربية.
أفلام تميز الدورة السابعة للمهرجان
افتتحت التونسية كوثر بن هنية هذه العروض بفيلمها "بنات ألفة"، ويدور الفيلم حول قصة عائلة الشّيخاوي، التي تصدرت عناوين الأخبار عام 2016، عندما غادرت اثنتان من البنات المراهقات الـ (4) منزل الأمّ "ألفة حوماني" في تونس، للقتال مع داعش في ليبيا.
وفي حديثها إلى الكاميرا في الفيلم الوثائقيّ، تلقي "ألفة" أحياناً اللّوم على الحكومة لسماحها للدّعاة الجهاديّين بطرح آرائهم، وأحياناً أخرى تلقي اللوم على حبّها الخانق والقاسي، حيث تغوص المخرجة في الديناميكيّة المؤلمة لهذه العائلة المنقسمة.
تلعب ممثّلتان دور المتمرّدتين الهاربتين في مشاهد تعيد تجسيد الماضي، بينما تلعب الفتاتان الأصغر سنَّاً دوريهما بنفسيهما. تسرد "ألفة" الأحداث بنفسها أحياناً، ونشاهد "هند صبري" تؤدّي شخصيّتها أحياناً أخرى، وقد تنافس الفيلم على جائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي، وحصل على جائزة العين الذهبية، كما رشح الفيلم أيضاً لجائزة أوسكار أفضل فيلم وثائقي طويل.
كذلك عرض الفيلم الفلسطيني "الأستاذ" لفرح النابلسي، وهو إنتاج فلسطيني - بريطاني - قطري مشترك؛ استضاف مهرجان "البحر الأحمر السينمائي" عرضه الأول، وقد فاز بطله صالح بكري بجائزة أفضل ممثل، كما حاز جائزة لجنة التحكيم. وهو يتتبَّع قصة المعلّم "باسم"، الذي يفقد ابنه في حادث أليم وتتغيّر حياته عندما يتقرّب من تلميذه آدم.
ويشارك من السعودية فيلم "مندوب الليل" لعلي الكلثمي الذي يُعرض في 29 الحالي؛ وشهد عرضه الأول مهرجان "تورنتو" خلال دورته الماضية. وفيه يؤدّي محمد الدوخي دور البطولة، مجسِّداً شخصية ثلاثيني يعمل في توصيل الطلبات ويعاني اضطراباً.
في هذا السياق، قال كلثمي في مؤتمر صحفي: إنّ عرض الفيلم في القاهرة حدث مهم لي، لأنّه يُعرَض أمام جمهور متذوّق للفنون ومتابع للسينما العالمية، لذا أتطلّع إلى أن يترك لديهم انطباعاً حقيقياً عن قصصنا السعودية، مضيفاً: حين بدأنا كتابة (مندوب الليل)، كان تركيزنا أن نكتب قصة سعودية أصيلة تخاطب الجمهور السعودي، لكننا سعدنا بتفاعل الجمهور حول العالم مع بطل الفيلم فهد القضعاني.
وختم: ثمّة كثير من المواهب المصرية ضمن فريق العمل، فأهديهم هذا العرض، وأشكرهم على جهودهم التي ساهمت في خروج الفيلم بهذه الجودة والحرفية. وقد شارك في الفيلم من مصر مدير التصوير أحمد طاحون، ومصمّمة الإنتاج نيرفانا الشناوي.
أمّا المغرب، فيُعرض له فيلم "أنيماليا" لصوفيا علوي؛ وتدور أحداثه في إطار الخيال العلمي من خلال امرأة حامل تضطر إلى العيش في منزل أسرة زوجها. وبينما تجتاح ظواهر خارقة جميع أنحاء البلاد، تشهد المرأة سلسلة من الأحداث التي تحوِّل حياتها إلى جحيم.
ويعتبر العديد من النقاد والمهتمين بصناعة السينما أنّ تخصيص سينما "زاوية" لعرض الأفلام العربية ضمن "أيام القاهرة السينمائية" فرصة للجمهور لمشاهدة أفلام من نوعية مختلفة لا يتاح عرضها في دور السينما التجارية، ممّا يحاكي ذائقة الجمهور؛ المكون أغلبه من صناع الأفلام وطلبة معهد السينما وكليّات الإعلام، وقد فتح برنامج "أيام القاهرة السينمائية" نافذة مهمة أمام هذا الجمهور، خصوصاً مع الاهتمام بالجانب الفني للفيلم، والتركيز على الأفلام المشاركة في مهرجانات دولية، وتمتد هذه الدورة مدة (3) أشهر؛ بسبب وجود إنتاج سينمائي عربي مميز خلال العام الماضي، الذي شهد وصول العديد من الأفلام لتمثيل بلادها في مهرجانات عالمية، وكذلك في منافسات "الأوسكار"، على غرار "وداعاً جوليا"، و"بنات ألفة"، و"كذب أبيض".