بين الجزائر والمغرب... ما أفسدته السياسة عقدته الرياضة

بين الجزائر والمغرب... ما أفسدته السياسة عقدته الرياضة

بين الجزائر والمغرب... ما أفسدته السياسة عقدته الرياضة


12/01/2023

تدخل العلاقات الجزائرية المغربية مرحلة جديدة من التوتر، بعد أن ألقت السياسة بظلالها على منافسات كأس أفريقيا للمحليين، المعروفة اختصاراً بـ "الشان"، والمقرّر إجراؤها في الجزائر بداية من يوم غدٍ الجمعة، على إثر انسحاب الجامعة المغربية لكرة القدم من المنافسات.

وكانت الجزائر قد أغلقت مجالها الجوي أمام الطائرات المغربية عام 2021، أي بعد أسابيع من إعلانها قطع العلاقات مع المغرب واتهامها للرباط بـ "أعمال عدائية"، وهو ما تنفيه الأخيرة التي "تأسفت حينها" للقرار الجزائري. ويحتاج المنتخب المغربي للوصول إلى الجزائر المرور عبر طرف ثالث، وغالباً ما تتم الاستعانة برحلات من دول أوروبية كفرنسا.

وفي ظل استمرار السجالات الكلامية بين المسؤولين في كلٍّ من الجزائر والمغرب، فإنّه من المستبعد وفقاً لمراقبين أن يجنح البلدان إلى تهدئة على المدى القريب، لكنّ هؤلاء المراقبين أيضاً يستبعدون أن يلجأ أحد طرفي الأزمة إلى الحرب.

توتر العلاقات يقتحم حقل الرياضة

هذا، وأعلنت الجامعة المغربية لكرة القدم اليوم الخميس عن انسحابها من كأس أمم أفريقيا للمحليين التي ستقام بالجزائر، بسبب عدم حصولهم على ردٍّ من الاتحاد الأفريقي للتوجه إلى الجزائر في رحلة مباشرة، عبر الخطوط الملكية المغربية.

وكانت لجنة التنظيم الجزائرية قد ردّت على المطالب المغربية بالقول إنّها غير ملزمة بضمان تنقل المنتخبات المشاركة من الخارج، وإنّها ملزمة فقط بضمان التنقل داخل الجزائر، ثم ردّ المغرب بأنّه لا يطلب رحلة خاصة، وإنّما يطلب ترخيصاً برحلة مباشرة، وما تزال الرباط في انتظار موقف نهائي من الجزائر.

تدخل العلاقات الجزائرية المغربية مرحلة جديدة من التوتر

واستبعد محللو الرياضة انسحاب المغرب، معتبرين التصريحات التي صدرت عن الاتحاد المغربي لكرة القدم أنّها تدخل في مجال المناورات والاستهلاك المحلي وإثارة الرأي العام.

وتُعدّ مشاركة المنتخب المغربي في غاية الأهمية، بداية لكونه حامل لقب النسختين الماضيتين للبطولة، ممّا يجعله المرشح الأول للظفر بالكأس، وثانياً للمشاركة التاريخية لأسود الأطلس في نهائيات كأس العالم في قطر 2022، عندما حققوا المركز الرابع، في سابقة أفريقية، مع استحضار فارق أنّ المغرب شارك في كأس العالم بتشكيلة يغلب عليها المحترفون في أوروبا.

انسحاب المغرب من كأس أمم أفريقيا للمحليين بالجزائر؛ بسبب عدم حصولهم على رحلة مباشرة إلى الجزائر عبر الخطوط الملكية المغربية

يأتي ذلك في ظلّ إعلان عدد من المنتخبات العربية والأفريقية عدم مشاركتهم في "الشان" المقرر عقده بين 13 كانون الثاني (يناير) والرابع من شباط (فبراير) القادم، وذلك لاعتبارات مختلفة.

وقد علل اتحاد الكرة في تونس الأمر بتركز جهوده على تجهيز المنتخب الأول للمشاركة في نهائيات كأس العالم، بينما اعتذرت أوغندا عن الحضور لاعتبارات مالية، وعلل اتحاد الكرة بمصر قراره بالتفرغ للمنتخب القومي المصري وإعداده لمحطة مناقشة الشان بعد فشله في التأهل للمونديال.

 التوتر ضارب في التاريخ

وشهدت آخر مباراة لمنتخب مغربي في الجزائر أحداثاً مؤسفة، وذلك عندما لعب المنتخبان نهائي كأس العرب للناشئين تحت (17) عاماً، وانتهت المباراة بفوز الجزائر بضربات الترجيح، ثم انزلقت مباشرة نحو اشتباكات بين عدد من اللاعبين، ثم دخول الجماهير إلى أرضية الملعب، وتم تغريم الجانب الجزائري (145) ألف دولار أمريكي، وإيقاف لاعب لمدة (6) أشهر، وغُرّم الجانب المغربي بـ (25) ألف دولار.

ورغم مرور أكثر من عام على قرار قطع العلاقات، فقد جدّدت الجزائر رفضها لأيّ مصالحة مع المغرب، وصرّح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقابلة مع جريدة لوفيغارو الفرنسية الأسبوع الماضي أنّ الوساطة غير ممكنة بين بلاده وبين المغرب، وأنّ قطع العلاقات "كان بديلاً عن الحرب".

وحمّل تبون النظام المغربي مسؤولية الأزمة التي مرّ عليها عقود، وتتعلق بمصير الصحراء التي تتنازع بشأنها الرباط مع جبهة البوليساريو الانفصالية المدعومة من الجزائر.

وأضاف الرئيس الجزائري أنّ "النظام المغربي هو من سبب المشكلات وليس الشعب، فهناك (80) ألف مغربي يعيشون في الجزائر بكرامة".

وقال تبون، في حواره مع الصحيفة الفرنسية، الذي تطرق لمواضيع عدة أخرى على غرار العلاقات بين الجزائر وباريس التي ما تزال تراوح مكانها: إنّه "خلال (60) عاماً من استقلال الجزائر، بقيت الحدود لأكثر من (40) عاماً مغلقة بين البلدين، كردّ فعل ضد الأفعال العدائية المستمرة للجار"، في إشارة واضحة إلى المغرب.

كان ملك المغرب محمد السادس قد بعث بإشارات ودّية للجزائر في خطاب العرش لهذا العام

وجاءت تصريحات تبون في وقت يستمر فيه الجمود حول قضية الصحراء، ولم تنجح البعثة الأممية في إرغام الأطراف المعنية بها بالعودة إلى طاولة المفاوضات.

وكان ملك المغرب محمد السادس قد بعث بإشارات ودّية للجزائر في خطاب العرش لهذا العام، داعياً الرئيس الجزائري إلى العمل لأجل إقامة علاقات طبيعية.

وخلال الأيام الأخيرة، أشيع في وسائل إعلام دولية أنّ ملك الأردن عبد الله الثاني قام خلال زيارته إلى الجزائر مطلع كانون الأول (ديسمبر) بوساطة بين الجزائر والرباط تشمل إعادة تشغيل أنبوب الغاز الذي يصل إسبانيا مروراً بالأراضي المغربية.

تنافس على بطولة الأمم الأفريقية

في الأثناء، يتنافس كل من المغرب والجزائر على احتضان منافسات كأس الأمم الأفريقية لعام 2025، وقد قدّم البلدان ملفيهما لتنظيم البطولة. وسحب اتحاد الكرة القاري التنظيم من غينيا لسوء الاستعداد، وبات المغرب والجزائر أكبر المرشحين للاستضافة، إلى جانب ملف مشترك بين نيجيريا وبنين ثم ملف من زامبيا.

تُعدّ مشاركة المنتخب المغربي في غاية الأهمية، لكونه حامل لقب النسختين الماضيتين للبطولة

واحتضنت الجزائر قبل أشهر منافسات ألعاب البحر الأبيض المتوسط، بينما احتضن المغرب نهائيات كأس أفريقيا للسيدات، وسينظم بعد أسابيع كأس العالم للأندية، كما أعلن عن نيته الترشح لتنظيم كأس العالم 2030، لكنّ توسيع الفيفا لعدد المنتخبات المشاركة، بات يدفعها لتشجيع التنظيم المشترك بين دول متجاورة.

وسادت عام 2018 تكهنات بإمكانية تقديم ملف مغاربي مشترك يجمع المغرب والجزائر إلى جانب تونس، لكنّ تعمق الخلاف السياسي بينها يجعل الأمر صعباً  للغاية، ممّا يعطي أفضلية مبدئية لدول أخرى اتفقت مسبقاً على التنظيم المشترك.

ويوجد صراع في الكواليس على تنظيم هذه الكأس، خصوصاً أنّ البلدين لم ينظّما البطولة منذ 1988 بالنسبة إلى المغرب، و1990 بالنسبة إلى الجزائر. ويرى الجانبان في بطولات كؤوس أفريقيا فرصة لتأكيد القوة الناعمة، خصوصاً للتنافس الكبير بينهما في إقامة علاقات قوية مع الدول الأفريقية.

مواضيع ذات صلة:

الجزائر والمغرب: علاقات عدوانية متوترة وأزمة ثقة طويلة

كيف نقرأ الأزمة بين الجزائر والمغرب؟ وما مآلاتها؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية