عاملات مغربيات يروين قصص استعبادهن في حقول الفراولة الإسبانية

عاملات مغربيات يروين قصص استعبادهن في حقول الفراولة الإسبانية


07/07/2018

ترجمة وإعداد: علي نوار

هزّت موجة من الشكاوى التي تقدمت بها عاملات موسميات وافدات من المغرب ضدّ أرباب أعمالهن، إقليم أندلسيا الإسباني؛ حيث استقدمت 16 ألف أماً هذا العام، للعمل في جمع محصول الفراولة، في ظل ظروف "مجحفة للغاية".

ففي منطقة أويلبا (جنوباً)، التي تحتل بفضلها إسبانيا المركز الأول على مستوى أوروبا في مجال إنتاج الفراولة، بدأت التحقيقات القضائية خلال الأسابيع الأخيرة، ورفعت بالفعل 12 شكوى حتى الآن أمام العدالة، وفق ما أكدته النيابة العامة المحلية.

وتقدمت ثماني مغربيات وأربع إسبانيات، يعملن في جني الفواكه بثلاثة مواقع مختلفة لزراعة الفراولة، بشكاوى تتعلق بحالات استغلال أثناء العمل أو تعرّض جنسي، وصولاً إلى الاغتصاب، أو محاولات الشروع في الاغتصاب في بعض الحالات.

ويخضع عدد من المسؤولين للتحقيقات على خلفية "الاستغلال الجنسي"، حسبما كشفت النيابة العامة دون أن تفصح عن عدد القضايا المفتوحة.

سومبسي:نحن أكبر مصدّر للفواكه والخضراوات في أوروبا لكن لا تتوافر أيدي عاملة إسبانية في الزراعة للعمل الموسمي

وقد شهد عدد المغربيات المتعاقد معهن مباشرة في بلادهن للعمل الموسمي في جني الفراولة، بمنطقة أويلبا، خلال الفترة بين شهري شباط (فبراير) وحزيران (يونيو)، قفزة من 200 امرأة عام 2001 إلى ما يزيد عن 16 ألف امرأة العام الجاري.

يقول أستاذ الاقتصاد، وعضو منظمة "اقتصاديون بلا حدود"، خوسيه ماريا سومبسي: "نحن أكبر مصدّر للفواكه والخضراوات في أوروبا، لكن لا تتوافر الآن تقريباً أيدي عاملة إسبانية في الزراعة للعمل الموسمي في الأقاليم التي تشهد نشاطاً زراعياً كثيفاً".

تنصّ وثيقة باللغة العربية، صادرة عن الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات في المغرب، على أنّ هؤلاء النساء اللاتي يتقدمن في البلاد للحصول على هذه الأعمال، يجب أن تتراوح أعمارهن بين 18 و45 عاماً، وينحدرن من "مناطق ريفية"، ويتمتعن "بحالة صحية جيدة"، وأن يكنّ أمّهات "لأطفال تقلّ أعمارهم عن 14 عاماً".

ويوضع شرط الأطفال الصغار لضمان عودة هؤلاء العاملات إلى المغرب بعد انتهاء عملية الجني.

0.75 يورو للصندوق

تبلغ مدة العقود ثلاثة أشهر، وتذكر نصّاً أنّ الراتب هو 39 أو 40 يورو نظير العمل ست ساعات ونصف الساعة يومياً، مع عطلة أسبوعية يوم الأحد.

لكن فور الوصول، "قالوا لنا: إنها الدورة الثانية، ستعملن بمعدّل 0.75 يورو للصندوق الواحد زنة خمسة كيلوغرامات"، وفق شهادة أدلت بها إحدى مقدّمات الشكاوى، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها لوكالة الأنباء الفرنسية (أ ف ب)، مضيفة أنهن اضطررن "لملء صناديق من الفراولة بأقصى سرعة ممكنة"، أو يفرض عليهن جزاء يتمثل في الحرمان من العمل لعدة أيام.

اقرأ أيضاً: ما حقيقة الاستعباد الجنسي لعاملات عربيات في مزارع الفراولة بإسبانيا؟

يتضمن العقد إقامة مجانية، لكنهنّ كنّ ينمن بواقع كلّ "ست نساء" في مبانٍ متهالكة للغاية، وتكلفهن "ثلاثة يوروهات في اليوم"، طبقاً لإفادة الشاهدة.

وتضيف: "توقّع الكثيرات من الأمّيات دون أن يعرفن على ماذا يوقّعن، ولا يطالبن بشيء. وفي النهاية يقلن: اصمتي، لا تتفوّهي بحرف، إذا كنت تريدين العودة في العام التالي".

منتجات "مليئة بالإذلال"

يقول بلهجة غاضبة، دييجو كانياميرو؛ وهو صحفي أندلسي انتخب عام 2016 نائباً عن حزب "بوديموس" (أو "نستطيع") اليساري: "في أوروبا، وفي القرن الـ 21، لا يمكن بيع منتجات زراعية مليئة بالاستغلال والانتهاكات والإذلال".

ويدين كانياميرو ذلك قائلاً: "العقود بالأساس لا تحوي ما يدعو للالتزام بها، يمكن لصاحب العمل أن يلتزم بها أو لا، القانون لا يلزمه بذلك، فليس ثمة رقابة على العقود"، مطالباً بتشكيل "هيئة خاصة من المفتشين تزور الحقول يومياً".

من جانبها، تعدّ مؤسسة (سيبايم) التي تنشط في مجال إدماج المهاجرين أنّ هؤلاء النساء "يتواجدن في وضع بالغ الحساسية بسبب الحاجة الماسة إلى المال من أجل إعالة الأسرة".

شريفة (23 عاماً):لا أحد يدافع عنا كنساء ورب عملي عرض عليّ 50 يورو مقابل إقامة علاقات جنسية معه

يقول المنسّق المحلي لهذه المؤسسة، خابيير بيريث: "إنّهن يأتين بدون معرفة اللغة، أو نظام العمل الجماعي في الحقول"، لافتاً النظر إلى أنّهن "يقمن في وسط الزراعات، بعيداً للغاية عن القرية، ولا يحصلن على أيّ دعم اجتماعي في مواجهة أي نوع من الاستغلال في العمل".

وتؤكد (سيبايم)، بعد زيارتها لعشرات من حقول الفراولة خلال فصل الربيع، حدوث حالات "تحفّظ على جوازات السفر"، وتوقيع عقاب لعدة أيام "على خلفية عدم جمع عدد كاف من صناديق الفواكه"، أو "منع صرف الرواتب حتى عودتهن".

يبرز خابيير بيريث أنّ "بعض أرباب الأعمال يعتقدون أنّ النساء لسن سوى أيد عاملة ولسن أشخاصاً"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنها "حالات متكررة".

كان للشكاوى التي رفعتها المغربيات بسبب ظروف عملهن والانتهاكات الجنسية التي يتعرضن لها في حقول أويلبا زخم كبير لدى وسائل إعلام أوروبية، لا سيما الفرنسية والألمانية، التي كشفت عما يحدث، وكذلك صحف دول أخرى. فقد أفردت جريدتا (لإكسبريس) و(لاديبسيش) مساحات لشهادات المتضررات والجدل الدائر، كما نقلت صوت شركة "دونيانا 1998" التي تتهم المغربيات بـ "ادعاء فضيحة" من أجل البقاء في إسبانيا، وتزعم أنّ هؤلاء العاملات المؤقتات يحظين بدعم من سياسيين ونقابات ومؤسسات.

تقول هدى، وهي إحدى العاملات الموسميات المغربيات: "نطالب بالعدالة" وألا "يرسل المغرب مزيداً من النساء إلى هنا في ظلّ هذه الظروف".

فاضلة (29 عاماً) : عانقني بالقوة بينما كنت في المقعد المجاور لقائد السيارة وكان يتعين عليّ القتال كي أزيحه من فوقي

ينحدرن من مناطق الرشيدية وبوعرفة وبركان وكرسيف وشفشاون، تلحظ في عيونهن أمارات الحزن، رغم أن أعمارهن التي لا تقل عن 23 عاماً، ولا تزيد عن 35 عاماً، جميعهن أمّهات لأطفال صغار، وهو الشرط الأساسي لتوظيفهن، بحيث يمكن ضمان عودتهن إلى المغرب عقب انتهاء الموسم.

تكشف إحداهن أنّ "الفقر هو ما دفعها للاتجاه نحو جمع ثمار الفراولة بعد شهر واحد من وضع آخر أطفالها"، أما الأخرى، التي كانت حاملاً في الشهر الخامس عند وصولها إلى إسبانيا، في نيسان (أبريل) الماضي، فقد كانت تأمل في توفير تكاليف عملية جراحية يحتاجها ابنها بالأموال التي ستجنيها.

أما شريفة (23 عاماً)، فقد شرعت في البكاء حينما أكدت أنّ "لا أحد يدافع عنا كنساء"، مؤكدة أنّ "رب عملها عرض عليها 50 يورو مقابل إقامة علاقات جنسية معه".

تهدأ الأصوات عندما تبدأ فاضلة (29 عاماً) كلامها، تتذكر ذلك اليوم الذي قبلت فيه عرض رئيسها باصطحابها بسيارته، "عانقني بالقوة بينما كنت في المقعد المجاور لقائد السيارة، كان يتعين عليّ القتال كي أزيحه من فوقي، أعطاني قبلة قسراً على الفم، لمس صدري"، دون أن تتمكن من الاستطراد بينما تنهمر عبراتها.

تقول امرأة مطلقة "يمكنني تجاوز ونسيان كل شيء، باستثناء أن يعرف زوجي بما حدث وينتزع مني أطفالي"، موضحة أن ضحايا الانتهاكات الجنسية يتعرضن للنبذ المجتمعي في المغرب.

كما قررت ضحية أخرى الخروج عن صمتها ورواية قصتها: "ها هنا أقدم على استغلالي، استغل الوضع الذي أتواجد فيه، قام بعزلي وأجبرني على الذهاب معه، هدد بإعادتي مرة أخرى إلى المغرب إذا صددته، إن لم أنصع له، قال إنه سيقتلني، اقتادني إلى منطقة نائية، وسط لا شيء، ليس ثمة أحد، بعيداً عن المنزل، ووسط الزراعات، قال إنه يتعين عليّ الجثو على ركبتيّ أمامه، أجبرني على ممارسة الجنس الشرجي معه، لم أكن أعرف شخصاً، ولا حتى أعرف اللغة، قال لي إنه لا نفع من الحديث لأحد، ولن يتمكن أي شخص من مساعدتي، قال إنني إذا تفوّهت بكلمة عما حدث لأيّ كان فسيقتلنا نحن الاثنين، هل أتيت من المغرب لأجل هذا؟ لا يمكنني التوقف عن التفكير فيما حدث، كنت أودّ أن أموت قبل العودة للمغرب، ما الذي سأقوله لزوجي؟!".

تجمع الضحايا على أنّ ما يحدث هو "الجحيم على الأرض" و"عبودية"، وأنّ على جميع النساء في المغرب أن يدركن أنّ ما يوجد هنا ليس حلماً، بل كابوساً"، راجيات "ألا تأتي مزيد من النساء، لا تأتين".

"فرانس 24" الفرنسية

المصدر: Marroquíes sufren explotación en sur de España

صحيفة "التليجرافو" الإكوادورية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية