مسيحيون يشدون بحب النبي: هل يصلح الفن ما أفسدته الأيديولوجيا؟

أقباط مصر

مسيحيون يشدون بحب النبي: هل يصلح الفن ما أفسدته الأيديولوجيا؟


03/07/2018

رغم أنّهم مسيحيو الديانة، إلا أنّ هذا الأمر لم يقف حائلاً بينهم وبين التغنّي بحب نبي الإسلام، عليه السلام، مقدّمين نموذجاً فريداً للتسامح والدور الذي يمكن أن يلعبه الفن في إصلاح ما أفسدته الأيديولوجيا، وما ينفثه متطرفو الدين والسياسة، ولم يكن الدين عائقاً يقف أمام فيض ألحانهم التي امتلأت حباً وسلاماً وإنسانية.

الشيخ جميل القبطي: مدح الرسول رسالة سلام

جميل عبدالكريم عبدالله ميخائيل، وشهرته "جميل الدشلوطي".. مطرب شعبي قبطي اعتاد مدح الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حفلاته منذ بداية مشواره الفني العام 1977 وحتى الآن.

"جميل" من قرية دشلوط، التابعة لمركز ديروط بمحافظة أسيوط بمصر، وهي نفسها بلد الشيخ "أبو العيون" صاحب أشهر الأضرحة الصوفية في صعيد مصر.

بدايته كانت كهاوٍ في عمر 17 عاماً؛ حيث كان يمارس عمله كسائق جرار حرث زراعي في بلدته بمحافظة أسيوط، ووسط العمال كان يغني بين وقت وآخر مقطوعات غنائية شعبية، وكذلك ليلاً مع رفاقه؛ حيث اعتبر الغناء مزاجاً وهوايةً وبداية للفت الأنظار إليه.

التحوّل الفني في حياة الشيخ جميل، جاء حين طلبه صديق ليغني في حفل زفافه في إحدى قرى المحافظة، فكانت البداية لاتخاذ المديح مصدراً للرزق والإنفاق على أسرته، رغم أنّه يجهل القراءة والكتابة.

ووفق تصريحات له لوكالة أنباء الأناضول فإنّ مدح النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- كان مطلباً يأتي كثيراً لفرقته، التي بدأت بثلاثة أفراد، ثم صارت 11 شخصاً بينهم؛ مسلمون ومسيحيون، يستخدمون آلات موسيقية بسيطة، مثل "المزمار".

يقول جميل بلهجة ريفية: "حب الرسول هو اللي شغلني، عشان من أجل الغالي أنا أسعى وأغني"، فهو يرى في مدحه للرسول- صلى الله عله وسلم- رسالة سلام بين المسلمين والأقباط، لا سيما وأن محافظة أسيوط تعد من المحافظات التي توجد بها العديد من المقدسات الإسلامية والقبطية، والجماعات الدينية.

جميل الدشلوطي مطرب شعبي قبطي اعتاد مدح الرسول عليه السلام وآل بيته في حفلاته منذ بداية مشواره

عندما يذهب المسلمون إلى حج بيت الله الحرام وزيارة قبر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- يردّد جميل من مواويله، "ودّيني يا دليل ودّيني، على النبي أنا أشوفه بعيني، وأقوله سلامات يا حبيبي أنا خاطري أزورك، وأخش جوه المقام وأشوف أنا نورك"، وكثيراً ما يردّد أثناء غنائه هذه العبارة، وهي "مَدحت النبي ولا تلوم عليَّ".

لا توجد عقدة أيديولوجية لدى المطرب الشعبي جميل فهو، كما يقول لموقع دوت مصر: متمسك بديانته وبيته البسيط يمتلئ بصور لمعتقده، ويمدح أيضاً السيد المسيح والسيدة مريم، ويحيي احتفالات مسيحية بأغان منها: "يا عذراء يا أم المسيح"، و"يا راهب الدير".

ويضيف: أنا أحبّ محمداً وعيسى، وأنا على مزاج الحاضرين في الاحتفال، فإذا أتى إليَّ مسيحي وطلب مني موالاً عن سيدنا عيسى، عليه السلام، أُلبي طلبه، وأحياناً أمدح النبي محمد، عليه السلام، في أفراح المسيحيين، وأجد ترحاباً كبيراً.

مكرم المنياوي: من لا يرضي أهله فليس منهم

مكرم المنياوي، الذي فارق عالمنا منذ 3 أشهر، من مواليد قرية "بني أحمد الشرقية"، بمحافظة المنيا، يعد من أشهر المطربين الشعبيين، ولد العام 1947، وانشغل منذ منتصف الستينيات بالطرب والمواويل والقصص؛ حيث عمل خياطاً فى مقتبل عمره، وكان  يهوى سماع عبد الرازق العربي، وهو من عرب الطيبة بمركز سمالوط، ومحمد طه، وغيرهم من نجوم الطرب الشعبي.

من أشهر ما غنّى المنياوي قصة أولاد جاد المولى ولملوم، وهي قصة شعبية حدثت في مدينة مغاغة المصرية بعزبة الأقفاص، وكانت سبباً رئيسياً في شهرته وحصلت وقائعها العام 1936، وأساسها صراع انتخابات بين عائلة صالح لملوم وأولاد جاد المولى.

كان مكرم المنياوي يحيي موالد العذراء وميت دمسيس ودرنكة وسيدي القناوي والفرغلي بأسيوط

اعتاد مكرم المنياوي في كل عام أن يحيي مولد العذراء، وميت دمسيس، ودرنكة، ومولد سيدي العارف بالله عبد الرحيم القناوي، والعارف بالله الفرغلي بأبو تيج بأسيوط.

في تصريح له قبل وفاته لـصحيفة "اليوم السابع" قال: "كثيرون دائماً يتساءلون إزاي ده قبطي ويمدح الرسول!.. إحنا أهل واللي ما يرضيش أهله ميبقاش منهم والفنان ميزان لا يميز، ويقولون إزاي مكرم اللي داقق صليب على إيده بيمدح في الرسول؟ وأقول لهم: أنتم مالكم ومال مكرم والرسول خليكم في حالكم".

مكرم المنياوي الذي فضّل الفن على أن يظل خياطاً مثل والده، غنّى بفرنسا، وفي حفلات قصور الثقافة المصرية، كما غنى أمام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، يقول: "أحييت ليالي كثيرة لسنوات طويلة وقلت الأناشيد والطرب في مولد العذراء وفي ميت دمسيس ودرنكة وفي مولد سيدي العارف بالله عبدالرحيم القناوي، وكانت أشهر حفلاتي للصالحين هي إحياء ليلة العارف بالله سيدي الفرغلى بأبو تيج بأسيوط".

 

ومن مقتطفات ما قاله مكرم المنياوي في مدح الرسول الكريم، عليه السلام، والذي كان يكتبه لنفسه:

هات القلم واكتب عن الظالمين

بحق رسول الله تبعدنا عن الظالمين

يوم شرقوا الركب ع النبي كنت أقرط على النابات

والورد كان شوك فتح للرسول ونبات

تصرف جنيهك للحبايب تتعوض ألوفات

وفي مدح السيدة العذراء يقول:

فى الست العذراء مريم

يا أم المسيح ده إحنا الكل محاسيبك

إن سابك الكل أنا وحدي ما حا اسيبك

وقال عن الأولياء والقديسين:

يا مصر يا أم الكرم فيك الكرم ظاهر

وفيك أم المخلص ونورها زي القمر ظاهر

وفيك الحسن والحسين ومقامهم الطاهر

النقشبندي يجمع مينا ومايكل

مينا عاطف هو شاب قبطي فاز بمسابقة في الإنشاد الديني حين غنى ابتهالات الشيخ النقشبندي، وحصل على المركز الأول على مستوى طلاب الجامعات في مصر.

مينا اكتشفه خاله عندما كان في السادسة من عمره عندما كان يُسمعه ألحاناً كنسية، وجعله يشترك فى مسابقة كورال في كنيسة ماري جرجس بروض الفرج، ومنذ ذلك الحين بدأ يشترك في المسابقات حتى حصل على جائزة أفضل) مرنم) العام 2012.

الصدفة قادت مينا للاشتراك في مسابقة للإنشاد الديني تنظمها الجامعة قدم خلالها ابتهال "مولاي" للشيخ النقشبندي، ما أثار إعجاب لجنة التحكيم من المشايخ، وفوجئ بحصوله على المركز الأول في الإنشاد الديني.

يرى مينا أنه لا توجد أي مشكلة لديه؛ لأن الإنشاد أولاً وأخيراً لله، وابتهال "مولاي" يحبه كل المصريين سواء أكانوا مسلمين أم مسيحيين، وأنّ الإحساس والصوت أهم من أي شيء، وعندما يتوافران في المنشد يكفيان تماماً، فضلاً عن أنه وجد ردود فعل إيجابية من الناس وعُرف بينهم بالإنشاد الديني.

مايكل رضا شاب قبطي اشتهر بترديده ابتهالاً للشيخ النقشبندي بفريقه  مع الشيخ وليد شاهين

أما مايكل رضا فهو شاب قبطي اشتهر بترديده ابتهالاً للشيخ النقشبندي ضمن فريق مكون مع الشيخ وليد شاهين حيث قدما نموذجاً مختلفاً، فتبادلا الأدوار فرتّل شاهين ترانيم عن العذراء مريم وأشعار البابا شنودة، وأنشد مايكل ابتهالات الشيخ النقشبندي، والفكرة جاءت من القس يوسف سمير، راعي كنيسة الملاك في الظاهر عندما دعا كلاً من مايكل وشاهين لتقديم فقرة غنائية ضمن حفل" لا للعنف".

رغم تعرض مايكل لانتقادات من بعض المتشددين الذين يرفضون أن يغنى قبطي أناشيد إسلامية، فإن الإشادات الإيجابية كانت أكثر من المسلمين والمسيحيين بعد غنائه ابتهالات النقشبندي، وهو ما جعله يؤمن بأنّ الموسيقى والفن شيء إيجابي في المجتمع.

اقرأ أيضاً: هكذا أنقذ إمام مسجد كنيسة قبطية في مصر

الصفحة الرئيسية