هل يلجأ الاحتلال الإسرائيلي لاغتيال قادة المقاومة في غزة؟

هل يلجأ الاحتلال الإسرائيلي لاغتيال قادة المقاومة في غزة؟


27/08/2020

أعلن الجيش الإسرائيلي شنّ ضربات جديدة ضد مواقع لحركة حماس في قطاع غزة، رداً على إطلاق بالونات متفجرة وحارقة من القطاع باتجاه الأراضي الإسرائيلية، فيما أعلنت حركة الجهاد الإسلامي، أول من أمس، استشهاد 4 من نشطائها إثر انفجار في شرق غزة، وفقاً لموقع DW.

ويأتي ذلك في وقت يشن فيه الجيش الإسرائيلي هجمات جوية ومدفعية في قطاع غزة استهدفت موقعاً لكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، وأرضاً زراعية في جنوب القطاع. وقال الجيش الإسرائيلي في بيان مقتضب "استهدفت طائرات مقاتلة وطائرات عسكرية ودبابات مواقع عسكرية لحماس في جنوب قطاع غزة" تضم "منشآت تحت الأرض".

تنفيذ الاحتلال الإسرائيلي تهديداته وإعادة سياسة الاغتيالات بمثابة قرار بخوض جولة قتال كبيرة وعودة الأمور إلى نقطة الصفر، لكنّ هذا الخيار ليس وارداً في الوقت الراهن

وسبق ذلك تفعيل أساليب المقاومة الشعبية "الأدوات الخشنة" على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة، للضغط على الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ كافة بنود اتفاق التهدئة التي تتنصل من تنفيذها، أصبح التوتر الشديد سيد الموقف في الفترة الحالية، وتدحرجت الأمور إلى إطلاق صواريخ تجاه مستوطنات غلاف غزة، ومن ثم تردّ الطائرات الإسرائيلية بقصف مناطق متفرقة بالقطاع.

وصرّح قادة إسرائيليون، على رأسهم بنيامين نتنياهو؛ بأنّ الحلّ الوحيد هو العودة إلى سياسة الاغتيالات لقادة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وفي المقابل؛ هددت المقاومة الفلسطينية بأنّ الردّ سيكون قاسياً إذا أقدم الاحتلال الإسرائيلي على اغتيال أحد الشخصيات السياسة أو العسكرية في القطاع.

صرّح قادة إسرائيليون، على رأسهم بنيامين نتنياهو؛ بأنّ الحلّ الوحيد هو العودة إلى سياسة الاغتيالات لقادة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة

وشهدت الفترة الماضية زيارة الوفد الأمني المصري إلى قطاع غزة و"إسرائيل"، لتثبيت اتفاق التهدئة، وعدم تدحرج الأوضاع لتصل إلى مواجهة عسكرية كبيرة، ونتيجة تمسّك حركة حماس بمطالبها، وعدم استجابة الاحتلال لتلك المطالب، تعثرت المفاوضات، وأعلن الوفد أنّه لن يعود إلى غزة في حال عدم تنازل الطرفين.

وإثر ذلك؛ شدّد الاحتلال الإسرائيلي القيود على سكان قطاع غزة، ومنع إدخال الوقود إلى محطة توليد الكهرباء فيها، إضافة إلى منع إدخال عدد كبير من البضائع والسلع عبر معبر كرم أبو سالم، المنفذ التجاري الوحيد لسكان القطاع.

وبحسب وزارة الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة، فإنّ الاحتلال الإسرائيلي يمنع إدخال مواد البناء والمحروقات وإطارات السيارات، ويسمح فقط بإدخال السلع الغذائية والمواد الطبية الطارئة؛ إذ إنّ ذلك يزيد من تداعيات الحصار المفروض على سكان القطاع، منذ صيف عام 2006.

اقرأ أيضاً: قطر تتوسط بين إسرائيل وحماس.. فهل تنجح بوقف التصعيد في غزة؟

وقد صرّح  القيادي في حركة حماس، مشير المصري؛ بأنّ "الأوضاع في القطاع ذاهبة نحو انفجار كبير، بفعل إجراءات إسرائيل"، التي حمّلها التداعيات الخطيرة المترتبة على ذلك.

وأكّد المصري "وجود اتصالات يجريها بعض الوسطاء لوقف تدهور الأوضاع الميدانية في قطاع غزة"، مشدداً على موقف الحركة بأنّه "لا يمكن الصبر أكثر على استمرار الحصار الإسرائيلي".

فهل ستشهد غزة عملية عسكرية واسعة في الأيام المقبلة؟ ولماذا اختارت حركة حماس هذا التوقيت للضغط على الاحتلال لتنفيذ المطالب؟ ولماذا ترفض "إسرائيل" تنفيذ مطالب الفلسطينيين؟ وهل سيعود الجيش الإسرائيلي إلى سياسة الاغتيالات؟ ولماذا لا تقدم قطر الأموال للفلسطينيين إلا بموافقة إسرائيلية؟

مفاوضات تحت النار

في سياق الإجابة عن هذه التساؤلات؛ يقول المحلل المختص بالشأن الإسرائيلي، د. عاهد فروانة، في حديثه لـ "حفريات": "ما يجري الآن هو تفاوض تحت النار لتحسين الشروط لدى كلّ الأطراف، فالاحتلال لديه أزمة داخلية، ويريد تصدير الملف الأمني إلى غزة، ليتهرّب من هذه الإشكاليات التي تواجهه، إضافة إلى وجود وزير الجيش، بيني غانتس، الذي يريد إيصال رسالة إلى جمهوره بأنّ لديه سياسة أكثر حزماً تجاه قطاع غزة".

اقرأ أيضاً: تفرّد حماس ببلديات غزة يثير موجة من الانتقادات والرفض الشعبي

ويسعى غانتس للوصول إلى  اختراق في موضوع الجنود المفقودين في غزة، "لأنّ هذا الملف حساس بالنسبة إليه، لأنّه كان رئيس الأركان في حرب 2014، وتمّ فقدان هؤلاء الجنود تحت ولايته، ويريد الآن تحقيق انتصار يُحسب له خلال توليه هذا المنصب".

وفي نظر فروانة، فإنّ "حركة حماس تريد تحسين الظروف الصعبة في قطاع غزة؛ لذلك تحاول من خلال تفعيل أساليب المقاومة الشعبية، وإطلاق بعض القذائف الصاروخية، أن تضغط على الاحتلال حتى يسارع إلى تنفيذ التفاهمات وليدعو الوسطاء إلى التدخل بجدية أكبر من أجل تنفيذ هذه التفاهمات".

ويشير إلى أنّ الأمور ما تزال تحت السيطرة؛ لأنّ كلّ الأطراف لا تريد أن تتدحرج  إلى حالة حرب، لافتاً إلى أنّه من الممكن أن يكون هناك تصعيد محدود، سرعان ما ينتهي بتدخل الوسطاء، والعودة إلى مربع التهدئة.

اقرأ أيضاً: بالونات غزة الحارقة تضغط على عصب الاحتلال الإسرائيلي

ويبين فروانة؛ أنّ عدم وجود بوادر إتمام صفقة تبادل أسرى بين حماس والاحتلال الإسرائيلي، يعود إلى أنّ الأخير لا يريد دفع ثمن مرتفع مقابل من يعتبرهم جنوداً موتى في غزة، وأنّه إذا ما تمّ إنجاز ملف الأسرى فإنّ الاحتلال سيأتي بحجة جديدة لعدم تنفيذ التفاهمات".

ويشدّد "الاحتلال يربط حركة حماس بحلّ قضية الجنود المفقودين في غزة، وبعدها سيتحدث عن سلاح الفصائل  الفلسطينية، ويريد أن تبقى غزة مرهونة بالمشاكل الاقتصادية والإنسانية".

وينوّه إلى أنّ قطر لا تدعم الفلسطينيين في قطاع غزة إلا بموافقة إسرائيلية، وأمريكية، لأنّ الطرفَين يصنّفان حركة حماس، التي تدير القطاع، بأنّها منظمة إرهابية، حتى لا تُتهم بالإرهاب، وتبقى علاقتها قوية مع الولايات المتحدة و"إسرائيل". 

الجمهور الإسرائيلي سينظر لأيّة معركة واسعة مع غزة على أنّها هروب من نتنياهو

ورقة ابتزاز

وفي السياق ذاته؛ يقول الكاتب والمحلل السياسي، أحمد الكومي، لـ "حفريات": إنّ "فصائل المقاومة الفلسطينية تحاول إلزام  الاحتلال بتنفيذ مطالبها، وبنود التفاهمات، وهذا الخيار، على ضرورته، ليس سهلًا في حسابات السياسيين الإسرائيليين، لأنّه سيكون ورقة ابتزاز داخلية، ومكسباً غير مباشر للمقاومة". 

اقرأ أيضاً: سلطتان في غزة ورام الله لحكم الفلسطينيين: أما لهذا العذاب من نهاية؟

ويضيف: "حاول الاحتلال الإسرائيلي تطبيق سياسة "عضّ الأصابع"، وتجاهل مطالب المقاومة، مع محاولة فرض معادلة اشتباك جديدة تساوي البالون بالصاروخ، واستغلال هذا النوع من الاشتباك غير المتكافئ في قضم المقدرات العسكرية في غزة، عبر الاستهداف المتكرر، لامتصاص سخط مستوطني الغلاف وتخفيف الضغط عن قيادته، وإزالة الاتهامات بسقوط الردع".

ويتابع الكومي: "تنفيذ الاحتلال الإسرائيلي تهديداته وإعادة سياسة الاغتيالات بمثابة قرار بخوض جولة قتال كبيرة وعودة الأمور إلى نقطة الصفر، لكنّ هذا الخيار ليس وارداً في الوقت الراهن، نظراً لعدم الاستقرار الداخلي الإسرائيلي، بفعل الأزمة الاقتصادية، وكارثة كورونا، إضافة إلى ازدياد مظاهر عدم التوافق بين نتنياهو وغانتس إلى درجة بدأ الحديث معها عن انتخابات رابعة".

ويتوقع الكومي أن يردّ الجيش الإسرائيلي بقسوة على أساليب المقاومة الشعبية في غزة، وفرض حدود عازلة بالنار، وما يترتب على ذلك من جولة تصعيد محتملة، لن تغيّر نتائجها من مواقف الطرفين، وهذا الخيار وارد جداً، ويحمل خطورة وخشية من إمكانية الانزلاق إلى مواجهة كبيرة.

ماذا يتوقع الجمهور الإسرائيلي؟

ويبيّن الكاتب والمحلل السياسي؛ أنّ الجمهور الإسرائيلي سينظر لأيّة معركة واسعة مع غزة على أنّها هروب من نتنياهو، في ظلّ اشتداد الضغط وتواصل التظاهرات المطالبة باستقالته.

الاحتلال، كعادته، لا يستمر في معاداته، ويعتقد أنّه يمكن الهروب بشكل آمن من التفاهمات مع المقاومة، كما أنّ إكمال تنفيذ التفاهمات، ومنح المقاومة شروطها يمكن أن تستخدم ورقة للابتزاز داخلياً، في ظلّ اشتداد الخلافات الداخلية الإسرائيلية، وهذا ما يتفاداه السياسيون الإسرائيليون" يقول الكومي.

المحلل الاقتصادي محمد أبو جياب لـ"حفريات": تمديد أو زيادة المنحة القطرية المالية لن يساهم في تجاوز قطاع غزة للأزمات الاقتصادية العميقة التي تستشري في مختلف الميادين

ويرى أنّ عدم تنفيذ المطالب، يعني أنّ المقاومة ستزيد الضغط على الاحتلال لإلزامه بالتنفيذ، وقد يتطور الضغط إلى جولة تصعيد، تزيد معها تحركات الوسطاء لإحداث تقارب في المطالب والتفاوض على تنفيذها.

 

يرى المختص بالشأن الاقتصادي، محمد أبو جياب؛ أنّ تمديد، أو زيادة، المنحة القطرية المالية لن يساهم في تجاوز قطاع غزة للأزمات الاقتصادية العميقة التي تستشري في مختلف الميادين فيه.

ويشير إلى أنّه "لا فائدة من أية منحة لا تتكامل مع فتح كامل للمعابر، ودعم القطاعات الإنتاجية والصناعية وتطويرها، والسماح لها بحرية الاستيراد والتصدير، إضافة إلى تطوير القدرات المالية للحكومات الفلسطينية، بما يمكّنها من تقديم أفضل للخدمات في مجالات البنية التحتية، والمياه والصرف الصحي والطرق".

ويؤكد أنّ أيّ جهد، محلي أو عربي أو دولي، لا ينعكس مباشرة بشكل إيجابي على حياة المواطنين، من خلال تعزيز فرص العمل، وتعزيز القدرة المالية للعائلات الفلسطينية، لن تكون له أية قيمة لدى المواطنين في القطاع.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية