رفض الخطباء "الدواعش"

رفض الخطباء "الدواعش"


01/04/2018

د. شملان يوسف العيسى

في الوقت الذي تشتد فيه الحملة الدولية والعربية والخليجية ضد الفكر المتطرف المتعلق بالمغالاة في الدين وعدم التسامح، برزت في الكويت أزمة جديدة أثارتها الخِطبَة الموحدة لوزارة الأوقاف يوم الجمعة الموافق للثالث والعشرين من شهر مارس المنصرم، إذ أثارت الخطبة الموحدة زوبعة من أصوات التأييد والمعارضة عبر الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي على اختلافها في الكويت. ويعود السبب وراء تلك الزوبعة إلى ربط سفور المرأة بالانحلال الأخلاقي وعدم العفة وقلة الحياء، وكونها بمجرد السفور عن رأسها تمارس «عادات الكفار»! ولم تكتف الخطبة بذلك، بل هاجمت بعض العلماء والمفكرين والفلاسفة ووصمتهم بالإلحاد!

وهكذا خلقت تلك الخطبة انشقاقاً داخل المجتمع الكويتي.. فنواب جماعات الإسلام السياسي في مجلس الأمة (البرلمان الكويتي) اتخذوا موقفاً مؤيداً لخطباء وزارة الأوقاف، بينما اتخذ التيار الوطني والليبرالي وكل مؤسسات المجتمع المدني موقفاً مضاداً للأوقاف وخطبتها الموحدة. فالنائب «أحمد نبيل الفضل» وصف خطبة الجمعة بأنها «داعشية بامتياز».

أما مؤسسات المجتمع المدني، ومنها الجمعيات النسائية، فقد عبّرت عن استيائها ورفضها الشديد للخطبة وما جاء فيها من تحامل ضد حرية المرأة. وأكد بيان للجمعية الثقافية النسائية أن الخِطبَة تضمنت طرحاً متطرفاً فيه إساءاتٌ وتعدياتٌ على المرأة، وأن مضمونه لا يمت لتوجه الدولة والمجتمع الكويتيين في هذا الخصوص.
ومما يثير القلق فعلاً أن الخطبة لو جاءت من غلاة رجال الدين وجماعات الإسلام السياسي لكان يمكن تبريرها؛ لأنها تمثل تفكيرهم المحدود والجامد والمعادي لروح العصر.. لكن أن تأتي الخطبة الموحدة من مؤسسة حكومية، هي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية التي يفترض أن تروج للفكر الوسطي التنويري المعتدل في الإسلام.. فذلك ما فاجأ الجميع تقريباً، إذ رأوا الخِطبَة الموحدة الصادرة عن هذه الوزارة وهي تبرز أفكار غلاة الفكر الديني الذين يحاربون العلم الحديث والفكر المستنير الإنساني ويعادون المرأة وحريتها بالتركيز على لباسها وليس علمها وثقافتها ودورها المتميز في التنمية. إن اتهام المرأة الكويتية بالإلحاد، سببه فقط هو أن لباسها يمثل تقليداً لـ«الغرب الكافر» حسب فهمهم.

ويبقى السؤال هنا هو: لماذا يُسمح لمؤسسة حكومية عمومية بنشر فكر التطرف وكراهية الآخر، بدلاً من نشر فكر الاعتدال والتسامح؟

من الواضح الآن أن ثمة جهات معظم همِّها هو كسب قبول ورضى تيارات الإسلام السياسي في مجلس الأمة، حتى ترضى هذه التيارات عن الأداء المتواضع لتلك الجهات، خصوصاً بعد اشتداد الهجوم على الحكومة بسبب تباطئها في محاربة الفساد.

هذه الردة في الكويت تأتي في وقت تنفض فيه دول أخرى رداء التشدد وتخلع لباس السلفية الدينية الذي قادته الصحوة الإسلامية من «إخوان» و«سلف».

والأمر المؤكد بالنسبة لنا في الخليج هو أن عجلة التاريخ لن تعود إلى الخلف، ولن يتم السماح للأحزاب والحركات الدينية المتاجِرة بالدين بتحقيق أهدافها السياسية عبر القفز على السلطة.

فمتى تعي هذه الجماعات بأن زج الدين في السياسة هو سبب الحروب الطاحنة في المنطقة العربية؟ ومتى يا ترى نعي هذا الدرس؟

عن "الاتحاد"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية