صلاح وجماعة الإخوان!

صلاح وجماعة الإخوان!


07/01/2018

لا يستطيع أعداء الدولة المصرية أن يخفوا مشاعر الغضب كلما وقع حدث يسرّ المصريين أو يسعد شعباً عانى عقوداً من ظروف صعبة في مجالات مختلفة، ولأسباب متعددة، أهمها على الإطلاق وجود تنظيم ظل عقوداً يهدم أسس الدولة ويخرب كل بناء فيها، ويعمد فقط إلى تقوية هياكله وفروعه، وكلما ابتسمت الدنيا في وجوه المصريين، هجم عليهم دعاة الإحباط وناشرو اليأس ومروجو الطاقة السلبية ليسلبوا الفرحة ويطفئوا الأنوار، ويشيعوا النكد ولو كان الحدث المبهج لا علاقة له بالسياسة أو الحكم أو السيسي أو الجيش؛ فالمهم لدى هؤلاء أن يبكي المصريون فراق الإخوان وأن يحزن الشعب، لأن محمد مرسي في السجن، وأن يرثي الجميع أحوال المصريين طالما ظل المرشد يرتدي لباس الإعدام، وأن تظل الكآبة سائدة طالما الإرهابيون في سيناء يعانون المطاردات والحصار!.

تكرر الأمر كثيراً، وبمجرد الإعلان عن مشروع جديد يسهّل حياة المصريين ويخفّف وطأة المعاناة وضيق الأحوال سريعاً، تُنصب منصات الإعلام الإخواني، وينشط ثوار مواقع التواصل الاجتماعي، وتُجيّش الاستديوات في الفضائيات، وتدخل القنوات التي تنفق عليها قطر وتبث من الدوحة وإسطنبول ولندن مرحلة طوارئ لتشويه الحدث والإساءة إلى كل طرف له علاقة به، فيكون التركيز على المصائب "والبلاوي" دون الحديث عن فوائد ذلك المشروع أو الأرباح من ورائه، فإذا كان ممكناً الادعاء أن المشروع ضمن "أجندة" الإخوان فلا مانع، وإن كان متاحاً الزعم بأن محمد مرسي ابتكره وأن الجيش سرقه وقدمه إلى الناس ليخدع به الشعب!، فأهلاً وسهلاً، أما إذا ظهر المشروع بشكل مفاجئ فالعزف سيعتمد على أن لا طائل منه أو أن الجيش سيربح من ورائه أو أن السيسي يلهي المصريين بمشاريع وهمية، أو سيكون الكلام عن السجادة الحمراء التي سار عليها السيسي أو ساعة اليد التي في معصمه أو نوع القميص الذي يلبسه أو ربطة العنق التي يرتديها! يدرك المصريون أن الإخوان يسعون إلى الثأر من السيسي والانتقام من الجيش والتنكيل بكل شخص أو جهة أو حتى دولة لم تساند الإخوان وقبلت خلع مرسي عن المقعد الرئاسي، ولا يعولون على ما يصدّره إليهم الإعلام الإخواني أو المنصات القطرية من معلومات مفبركة أو أخبار كاذبة أو تقارير مغلوطة، لكنهم يستغربون مشاعر الكراهية والغضب الشديد التي تسود الإخوان الذين ينتمون إلى جماعة نشأت في مصر وانطلقت منها إلى العالم، وإصرار التنظيم على تبني خطاب سياسي وإعلامي يقوم على رفض كل حدث مهم واغتيال كل أطرافه معنوياً، إذا تسببوا في فرحة للشعب أو بهجة للبسطاء، كان الحدث فنياً، بحصول ممثل أو مطرب على جائزة دولية، أو رياضياً، كوصول المنتخب المصري لكرة القدم إلى منافسات كأس العالم، فبمنتهى الجسارة جرى التسويق لمفردات شددت على أن عهد السيسي لا علاقة له بأي إنجاز رياضي، أو أن المنتخب المصري خاض منافسات سهلة فوصل من دون عناء إلى المونديال. وبالطبع، لا يفوت الإخوان التنويه بأن السيسي يستخدم الإنجاز الرياضي ليلهي شعبه، وأن الرجل يستثمر الوصول إلى كأس العالم ليخفي أعداد المعتقلين في السجون! أو لينسى الناس محاكمات الإخوان والإسلاميين. قمة الهزل في الليلة الماضية، فبينما جلس المصريون في شغف ينتظرون نتائج التصويت لاختيار الأفضل في كرة القدم على مستوى القارة الإفريقية، عمدت القنوات القطرية واللجان الإلكترونية الإخوانية إلى إفساد فرحتهم ببث تقارير عن الأموال التي أُنفقت على تشييد كاتدرائية جديدة للأقباط في العاصمة الإدارية! وحين ظهرت النتائج بفوز مهاجم فريق ليفربول محمد صلاح بلقب أفضل لاعب في القارة السمراء، بدأت معزوفة عبر المنصات المناوئة للدولة أن صلاح نجح لأنه خرج من مصر ولم يستمر فيها. وأن المجتمع المصري فيه أسس الفشل، لأن السيسي رئيس للدولة.

المدهش هنا أنّ القناعات الفكرية لدى الإخوان والالتزام التنظيمي لدى عناصر الجماعة والمصالح التي تربط داعمي الإخوان بوجود الجماعة، كلها أمور جعلت الأطراف المناوئة للدولة المصرية لا ترى في أفعالها وسلوكها وجرائمها أسباباً لزيادة الهوة بينهم وبين الشعب المصري وأخفت عنهم حقيقة أن أفعالهم تجعلهم يحفرون أكثر تحت أقدامهم، وأن المصريين فطنوا، بعدما ثاروا على حكم الجماعة وأبعدوها عن مقاعد السلطة، أن ذلك التنظيم يصاب بالكآبة ويخيم على عناصره الحزن ويدخل في محنة كلما نجح نموذج مصري غير إخواني في تحقيق أي إنجاز!.

عن صحيفة "الحياة"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية