"إخوان" موريتانيا بين مطرقة الانشقاقات وسندان إغلاق الجمعيات

"إخوان" موريتانيا بين مطرقة الانشقاقات وسندان إغلاق الجمعيات


11/04/2019

إبراهيم طالب إبراهيم

للشهر الثالث على التوالي تتواصل موجات التمرد والانشقاق عن حزب إخوان موريتانيا "تواصل"، كان آخرها انسحاب القيادي عبدالقادر المان الكيحل، عضو مجلس جهوي ولاية "لبراكنة" وسط البلاد، مما ينذر بموجة جديدة من الانشقاقات عن التنظيم تطال هذه المرة المجالس الجهوية المنتخبة حديثا.

ووفق مصادر خاصة لـ"العين الإخبارية" فإن القيادي المنشق يستعد لإعلان التحاقه بمرشح الأغلبية لرئاسيات موريتانيا محمد ولد الغزواني وذلك على رأس كتلة سياسية وازنة يمثلها القيادي المنشق، لتتواصل بذلك هجرات الكتل الشعبية خارج التنظيم الذي يفقد تدريجيا السيطرة على القواعد التي تسلل إليها سابقا.

انشقاق القيادات وتمرد الكتل الشعبية عن سيطرة التنظيم لا يشكلان فحسب المأزق الوحيد الذي يتردى فيه التنظيم على الساحة الموريتانية، بل تأتي هذه الانشقاقات متناغمة مع استمرار حملة الهدم والإغلاق ضد الجمعيات المحسوبة عليه التي بدأت هي الأخرى تسقط تباعا وبوتيرة متصاعدة في قبضة الأمن.

فبعد إغلاق جمعية "يدا بيد" الخميس الماضي، جاء الدور على جمعية "الإصلاح" وهما جمعيتان محسوبتان على "الإخوان" ويديرهما أشخاص ينشطون في حزب "تواصل" الذي يمثل الواجهة السياسية للتنظيم.

وتأتي حملات الإغلاق الجديدة للجمعيات المحسوبة على التنظيم في سياق حملة بدأت في 24 سبتمبر/أيلول الماضي، وكانت قد سبقتها تصريحات للرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز في 20 من الشهر نفسه اتهم فيها الإخوان بـ"تدمير البلدان العربية"، ليشير لاحقا -وبشكل ضمني- في خطاب بمناسبة عيد استقلال البلاد ألقاه في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، "إنهم يتاجرون بالدين لخدمة أجنداتهم ومصالحهم الضيقة".

الإخوان في الطريق للانهيار
وما بين مطرقة الانشقاقات وسندان إغلاق الجمعيات يترنح التنظيم ويتلقى الضربات التي تهدد كيانه، وفق ما يخلص إليه الكثير من المراقبين للوضع الموريتاني.

واعتبر الباحث الموريتاني والخبير المتابع لشؤون التنظيم أحمد جدو، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن هذه الأزمات تشكل مجتمعة تجليات لمرحلة جديدة تبدو في الأفق لأفول نجم التنظيم وانكفائه وانفضاض الحاضنة الشعبية من حوله"، مضيفا أن "هذه الحاضنة التي تمترس خلفها الإخوان باتت مدركة جيدا لأهداف التنظيم الحقيقية وقادته ومنظريه وهي استخدام الشعارات لتمرير الأهداف النفعية الذاتية للأشخاص"، على حد تعبيره.

ولم يستبعد الباحث أحمد جدو أن يلجأ التنظيم وحزبه على وقع الضربات الداخلية والخارجية التي تواجه التنظيم الدولي للإخوان، إلى تنشيط العمل السري، ومحاولة اختراق بقية الأحزاب والتشكيلات الأخرى في ظل استحالة بوادر الفشل السياسي التي تبدو في الأفق على حد تعبيره.

التستر خلف الجمعيات الخيرية
أما الكاتب والمحلل السياسي محفوظ الجيلاني فاعتبر أن السلطات الموريتانية بحملتها الأخيرة ضد المؤسسات المحسوبة على التنظيم بدأت "تعي متأخرة" ما وصفه بـ"خطر المال غير المنضبط".

وأشار في تدوينة بحسابه على "فيسبوك" إلى أن "الداخلية الموريتانية تقوم بإغلاق جمعيات وهيئات أهلية طالما امتطاها أناس من أجل الوصول إلى المال والشهرة"، على حد وصفه، بالإضافة إلى تحقيق مكاسب أخرى من وراء حجاب العمل السياسي وستار العمل الخيري، على حد تعبيره.

وأوضح الجيلاني أنه "على الجميع أن يعرف أن الدولة من حقها ضبط ما يقع تحت طائلتها القانونية، وأن تراقب الأموال التي تتدفق في جيوب جهات داخلية تحمل ما وصفها بالأفكار وأجندات تجعلها تعتبر نفسها دولة داخل دولة"، على حد تعبيره.

وبيّن الجيلاني "أنه كان يفترض أن تكون الأموال التي تديرها هذه الجمعيات خاضعة لرقابة البنك المركزي"، مضيفا أنها ليست كذلك بل هي "أموال قادمة من الخارج تدار بطرق سرية وفي أوكار مظلمة وتسير بطرق بعيدة كل البعد عن الشفافية والأمر هنا لا يخلو من الريبة والشك".

بدوره، اعتبر الكاتب والمحلل حمادي الطالب أن "الدولة لم تقف في وجه الجمعيات التي تساعد الناس كما يزعم البعض، بل إن الأمر يتعلق بجمعيات تدين بالولاء لجهات أجنبية على حساب الوطن"، في إشارة إلى التمويل القطري لهذه الجمعيات، معتبرا أن ذلك خيانة عظمى وجريمة في حق الوطن.

وأغلقت السلطات الموريتانية، مساء الأربعاء الماضي، جمعية "يدا بيد" المحسوبة على إخوان موريتانيا، فيما يبدو مواصلة للحملة ضد الجمعيات والكيانات الإخوانية التي بدأتها السلطات منذ 24 سبتمبر/أيلول الماضي، على خلفية "شبهات في التمويل وأوجه الإنفاق".

ويرأس الجمعية التي تنشط في البلاد منذ أكثر من 6 سنوات القيادي في حزب "تواصل" الإخواني عبدالله صار، الذي يشغل عضو مكتب سياسي في حزب التنظيم.

وجاء إغلاق الجمعية الجديدة بعد قرار مماثل استهدف في 20 فبراير الماضي، مؤسستي "الخير للتنمية" وفرع "الندوة العالمية للشباب الإسلامي"، المحسوبتين على تنظيم الإخوان، اللتين تم سحب ترخيصهما.

ويمثل إغلاق جمعية "يدا بيد" و"الإصلاح" المحسوبتين على تنظيم الإخوان أحدث حلقة في سلسلة الإجراءات التي دشنتها الحكومة الموريتانية ضد مؤسسات الإخوان في سبتمبر الماضي، على خلفية وجود "شبهات فيما يتعلق بالتمويل، وأوجه الإنفاق"، حسب الناطق باسم الحكومة حينها محمد الأمين ولد الشيخ.

الانشقاقات المتواصلة
وللأسبوع الرابع على التوالي، تواصلت موجة التمرد والانشقاقات شبه اليومية التي باتت تعصف بجماعة الإخوان في موريتانيا وتنذر بتفككها.

وتسارعت وتيرة الانشقاقات عقب قرارات الحزب الأخيرة المتعلقة بالانتخابات الرئاسية المرتقبة شهر يونيو/حزيران المقبل.

وأعلن السياسي البارز والأستاذ الجامعي الدكتور عبدالله ولد أحمد الهادي، الأربعاء الماضي، مغادرة حزب "تواصل" التابع للتنظيم، حيث كان يشغل منصب عضو بمجلس الشورى.

وبرر القيادي ولد أحمد الهادي الانشقاق في رسالة حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منها، برفضه توجهات التنظيم المرتبطة بانتخابات الرئاسة، معلنا دعمه الكامل لمرشح الأغلبية لتلك الاستحقاقات محمد ولد الغزواني.

وجاءت استقالة القيادي الدكتور ولد أحمد الهادي عن حزب إخوان موريتانيا بعد أقل من 24 ساعة من انشقاقات مجموعات شبابية كانت ناشطة سابقا في الحزب بولاية الحوض الشرقي الموريتانية.

وفاقمت انشقاقات المجموعات الشبابية أزمات التنظيم، بعد أن دشنت القيادات المؤسسة للحزب، وأعضاؤه البارزون سابقا موجة النزوح الحالية.

ويقود التشكيل الشبابي المنسحب القيادي الشبابي السابق في التنظيم، الكنتي ولد سيد أعمر، مرشح التنظيم سابقاً لبلدية تابعة لعاصمة الولاية، إلى جانب عدد من المستشارين البلديين السابقين عن حزب "تواصل"، الذين أعلنوا دعمهم الكامل لمرشح الأغلبية محمد ولد الغزواني .

وخلال الأسابيع الماضية، زادت حدة الانشقاقات والانقسامات في صفوف تنظيم الإخوان بموريتانيا، بعدما أعلن حزب "تواصل" دعمه للمرشح ولد بوبكر.

وكان القيادي البارز في الحزب سالم ولد همد، قرر قبل أسبوعين المغادرة دون عودة؛ احتجاجا على قرار دعم للمرشح سيدي محمد ولد بوبكر.

وولد همد هو مسؤول بمفوضية الأمن الغذائي الموريتانية، وقيادي في حزب الإخوان، كان قد رشحه عمدة لبلدية "مقاطعة المذرذرة" جنوب البلاد في الاستحقاقات الماضية، وهو أحد المستشارين البلديين الحاليين عن الحزب نفسه.

وقبل انشقاق ولد همد، أعلن محمد عبدالجليل، القيادي في التنظيم وعضو مجلس شورى حزب "تواصل"، انشقاقه والتحاقه بصفوف الشخصيات الإخوانية التي غادرت الحزب باتجاه مرشح الأغلبية محمد ولد الغزواني.

وتأتي استقالة القيادي الإخواني، بعد أسبوع من سلسلة انشقاقات ضربت الحزب، بدأها القيادي بالتنظيم عبدالرحمن باباه، النائب البرلماني السابق عن دائرة "واد الناقة" شرقي العاصمة.

ودشن موجة الانشقاقات هذه، القيادي المؤسس لحزب إخوان موريتانيا "تواصل" المختار ولد محمد موسى الذي قرر في الـ13 فبراير الماضي، مغادرة التنظيم ودعم المرشح للرئاسيات عن الأغلبية محمد ولد الغزواني.

عن "العين" الإخبارية

الصفحة الرئيسية