جون إسبوسيتو: العداء للإسلام سيتحوّل إلى معاداة سامية جديدة

جون إسبوسيتو: العداء للإسلام سيتحوّل إلى معاداة سامية جديدة


14/05/2018

يعدّ جون إسبوسيتو (نيويورك، 1940)، الأستاذ بجامعة جورجتاون الأمريكية، أحد أهم الخبراء العالميين في مجال الحوار بين الأديان، وكاتب ذائع الصيت؛ حيث وضع عدداً من المؤلفات عن التعرّف إلى الإسلام، ومن بين طلابه يبرز كلّ من: العاهل الإسباني فيليبي السادس، وملك الأردن عبد الله، والرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون.

كّرمتك الجامعة على عملك من أجل الحوار بين الأديان، خاصّة بين المسيحية والإسلام، بعد قرون من الوجود، أما زلنا لم نتعلم التعايش بعد؟

أعتقد أنّنا أدّينا بشكل طيّب على مستوى التعايش، لكن حدث تراجع كبير خلال الأعوام الأخيرة، إذا تأملنا مثلاً الوضع السياسي العالمي، فسنرى خلافات حادة بين أوروبا والولايات المتحدة وروسيا والصين، نعيش في عالم معولم للغاية، وسواء راق لنا ذلك أم لا، فإننا بحاجة لبعضنا؛ ثقافياً وسياسياً واقتصادياً، لكننا نشهد اليوم كيف ينتهج ساسة اليمين المتشدد في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي خطاب الإقصاء ضد المهاجرين والمسلمين، وهناك أوضاع مخجلة في دول مثل جمهورية التشيك وبولندا والمجر؛ حيث لا وجود للمسلمين أو المهاجرين بأعداد كبيرة، أعتقد أنّ التعايش أصبح تحدياً، ولا أبالغ إذا قلت إنّ الحياة باتت خطرة في هذه الآونة.

هناك تفاوت شاسع بين التغطية الإخبارية للمجتمعات الإسلامية والتغطية الإعلامية للتطرف

من دونالد ترامب لمارين لوبين وفيكتور أوربان، نلحظ صعوداً للشعبوية في جميع أنحاء العالم، لم الاتجاه العام ضدّ الإسلام هو الغالب على الخطاب المشترك؟

هناك ردّة فعل. نعم، ضدّ المسلمين، لكنّها تندرج تحت ردّ الفعل العام المعادي للمهاجرين، ننسى أنّ العلاقة مع الإسلام والمسلمين لدى قطاع عريض من الناس في أوروبا والولايات المتحدة، بدأت مع الثورة الإسلامية في إيران، عام 1979، فحينما تخرّجت عام 1974، كان الإسلام والمسلمون غير مرئيين، وفي أعقاب ثورة 1979، التي تلاها اغتيال الرئيس المصري أنور السادات، ثم ظهور تنظيم القاعدة فيما بعد، أصبحت النظرة للمسلمين عبر نافذة ضيقة للغاية، يجري من خلالها التعميم، حظيت المشكلات التي اندلعت بداية من 1979 بتغطية إعلامية بالغت في تقييم الوضع حقاً.

هناك تخوفات من أن تصبح معاداة الإسلام هي معاداة السامية الجديدة

هل وسائل الإعلام مسؤولة عن تقديم صورة مشوّهة للإسلام والمسلمين؟

لا، الإرهابيون هم المسؤولون، لكنّ وسائل الإعلام لها تأثير هائل، لا أقول إنّها تقدّم صورة سلبية بشكل متعمّد، لكن هذا هو الواقع، هناك تفاوت شاسع بين التغطية الإخبارية للمجتمعات الإسلامية والتغطية الإعلامية للتطرف، كشفت دراسة أجريت عامي 2015 و2016 في بريطانيا وألمانيا، أنّ ثمانية من كلّ 10 أخبار كانت سلبية وتتعلق بالتطرف الديني.

يكوّن السياسيون والنخب المتعلمة نظرتهم للواقع عن طريق التلفزيون، ووسائل الإعلام، حتى الشبكات الاجتماعية، وتظهر المشكلة حين تستخدم هذه الصورة كسلاح من قبل السياسيين الذين يلعبون بالخوف؛ لأنّه يمنحهم الأصوات والمال.

هل تعتقد أنّ معاداة الإسلام تتحوّل إلى مشكلة في مجتمعاتنا الحالية مثلما كانت معاداة السامية في أوروبا خلال حقبة الثلاثينيات؟

هناك تخوفات من أن تصبح معاداة الإسلام هي معاداة السامية الجديدة، إنّها فكرة أحذّر منها منذ أعوام من خلال كتاباتي، هناك منظمات داخل الولايات المتحدة، ومنها جهات يهودية، اعترفت بهذه المشكلة، ودعمت خلال الأعوام الماضية مشروعات لمواجهة معاداة الإسلام؛ لأنّها ترى شيئاً يذكّرها بما جرى لليهود في أوروبا، تظهر دراسات أجريت عامي 2015 و2016، أنّ معاداة الإسلام مشكلة آخذة في الترسّخ، بل وأن تصبح أمراً طبيعياً، بمعنى أنّه يمكنك قول أشياء ضدّ المسلمين والإسلام على الملأ (في وسائل الإعلام، ...إلخ)، وتصنّف على أنّها حرية تعبير، لكن لا يتم الاعتراف بأنّها تستهدف فئات بعينها؛ لأنّها ستعدّ عنصرية في هذه الحالة، وهذا ما يؤدّي لنشوء خطاب كراهية أو جرائم كراهية على غرار الهجمات ضدّ المساجد التي وقعت في بريطانيا، نحن نتجاهل هذه المؤشرات.

من الصعب للغاية المناداة بإصلاحات في دول سلطوية، خاصة إذا تطرقت لإصلاح التقاليد الدينية

هل الإسلام في حاجة إلى تغيير ديني كي يتماشى مع العصر؟

ألّفت كتباً عديدة حول هذا، الحقيقة أنّ الإصلاحيين لطالما وجدوا، لكنّ طريقهم كان مليئاً بالعقبات، من الصعب للغاية المناداة بإصلاحات في دول سلطوية، خاصة إذا تطرقت لإصلاح التقاليد الدينية؛ لأنّ كلّ ما يؤثر في المجتمع، سواء كان ثقافياً أو سياسياً، يمثل تهديداً للأنظمة السلطوية، على الجانب الآخر؛ هناك زعماء دينيون محافظون يعرقلون أيّ تغيير في هذا الصدد، كي تشقّ الإصلاحات طريقها، يجب أن يكون هناك مجتمع منفتح.

هل تخلّصنا من خطاب "صدام الحضارات"؟

نعم، تناقشت مع هنتنغتون في كثير من المناسبات، جرى استخدام مصطلح "صدام الحضارات" لأعوام طويلة، لكنّه كان يعني أموراً مختلفة؛ لأنّ السؤال هو: "ما مصدر هذا الصدام؟"، يستعمل الجانبان كلمة "مواجهة"؛ يستخدمها المتشددون الإسلاميون أيضاً.

على الناحية الأخرى؛ عملت لأعوام طوال مع مؤسسة (غالوب)، وفي دراساتنا نرى أنّ المسلمين يعجبون بأشياء كثيرة غربية: الحريات والتعليم والديمقراطية والاقتصاد على سبيل المثال، لكنّهم ينتقدون ازدواجية المعايير عند الدفاع عن الديمقراطية، يقولون إنّ الغرب يوظّف الديمقراطية لصالحه فحسب، بينما يفضّل الشرق الأوسط تعزيز الأمن والأعمال، مثلما فعل جورج دبليو بوش، ويفعل الآن ترامب، عاد الأمن ليصبح المحور الرئيس في العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جانب، والشرق الأوسط من جانب آخر، يعاود ترامب اتباع سياسة تجاه المستبدين مفادها "ما تفعلونه في بلادكم شأن خاص بكم".

مقابلة منشورة بصحيفة (الموندو) الإسبانية

المصدر: "La islamofobia será el nuevo antisemitismo"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية