المتاحف السعودية: رؤية جديدة للمستقبل

المتاحف السعودية: رؤية جديدة للمستقبل


15/03/2018

زاهي حواس

ينقصنا دائماً في عالمنا العربي أن نجد من يقدم رؤية وقراءة واضحة للمستقبل في المكان الذي يعمل فيه أياً كانت طبيعته، وأنا أؤكد أن الأشخاص ذوي الرؤية المستقبلية دائماً ما يقدمون لبلادهم إنجازات ضخمة غير مسبوقة، وللحق فقد وجدت الرؤية واضحة في العمل الأثري بالسعودية من خلال أعمال الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وكان للتخطيط المتقن الأثر في تغيير مسار الحركة الأثرية بالسعودية، ووجدنا اهتماماً غير مسبوق بالآثار والمتاحف والمعارض وعودة الآثار المنهوبة. ونقول إن الرجل الذي استطاع أن يغزو الفضاء في شبابه استطاع أن يغزو الأفكار القديمة في إدارة التراث السعودي ويقدم خطة إدارة جديدة للعالم، بل ويعلن عن مبادرات رائعة وعظيمة للحفاظ على التراث الأثري.
ومن أهم المتاحف التي تجسد روح العصر وتُظهر آثار السعودية بطريقة جديدة رائعة من حيث العرض المتحفي، المتحف الوطني في الرياض، الذي عرض مجموعة مختارة بعناية تحكي تاريخ السعودية على مر العصور. وتزخر قاعات العرض بالعديد من وسائل العرض المتحفي الحديثة، والتي تجعل القطع المعروضة حية تدخل قلب كل زائر... والجزيرة العربية هي محور العرض المتحفي، وذلك منذ بداية التاريخ حتى العصر الحديث. ومن أجمل القاعات التي حرصت على زيارتها مرتين هي قاعة الإنسان والكون، التي تشرح طبيعة الكواكب ونشأة المعادن، وحركة العمران، وأنواع الأشجار والحيوانات. وتضم القاعة أيضاً مجموعة من الفخار تعود إلى 7 آلاف سنة قبل الميلاد من حضارة العبيد؛ بالإضافة إلى أن القاعة يوجد بها عرض لصخرة عليها أثر كف بشرية تحمل دلالات رمزية وُجدت في منطقة نجران جنوب المملكة العربية السعودية. وقبل أن نرى عظمة آثار الإسلام هناك قاعة يطلق عليها اسم «قاعة العصر الجاهلي»، وهذه القاعة تعطي للزائر فكرة رائعة عن الحياة في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام وعادات وتقاليد وأسلوب حياة البشر اليومية، بالإضافة إلى أسواق العرب الشهيرة مثل سوق عكاظ، ونجران ودورها في نشر الثقافة، خصوصاً أنها تقع عند ملتقى طرق التجارة، وتضم موقعاً شهيراً وهو موقع الأخدود. كما أن هناك معروضات عن نشأة اللغة العربية، بل والكتابة القديمة، وأسواق الشعر العربي في العصر الجاهلي.
هذا بالإضافة إلى قاعة مهمة جداً تعرض الفترة من بداية الإسلام وحياة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ويطلق على هذه القاعة اسم «قاعة البعثة النبوية»، وقاعة أخرى تبدأ مع وصول الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة مهاجراً من مكة، بالإضافة إلى صناعات برع فيها المسلمون مثل صناعة الخزف، إلى جانب علوم الطب والفلك. وبعد ذلك نأتي إلى قاعة تشرح للزائر الدولتين السعوديتين الأولى والثانية، بالإضافة إلى معروضات تحكي قصة الدولة السعودية الحديثة التي تأسست على يد الملك عبد العزيز آل سعود، وبعد ذلك قاعة للحج ومناسكه.
أعتقد أن ما ينقص هذا المتحف هو أن تكون هناك وسائل دعاية وجذب للمواطنين وربطها بالمتحف، وأعتقد أن أول قرار هو أن نعمل ليلة داخل المتحف الوطني من خلالها نقدم الحديث من خلال عرض الآثار القديمة.

عن "الشرق الأوسط"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية