العراق: عبد المهدي يفقد ثقة الشارع وميليشيا إيران تتوعد

العراق

العراق: عبد المهدي يفقد ثقة الشارع وميليشيا إيران تتوعد


27/10/2019

ليلةٌ دامية، مرت على بغداد وباقي مدن جنوب العراق، جراء تصاعد الاحتجاجات الشعبية المطالبة باستقالة حكومة عادل عبدالمهدي، ليلة أمس؛ حيث ارتفعت حدة التظاهرات الى المواجهة المسلحة، بعدما حاول متظاهرون اقتحام مقارّ الميليشيات الموالية لطهران في محافظات؛ ميسان وذي قار والمثنى، ما نتج عنه وقوع عدد من الضحايا، فضلاً عن سقوط القانون لعدة ساعات في تلك المدن، بينما يواصل متظاهرو ساحة التحرير البغدادية، محاولات اقتحام المنطقة الرئاسية الخضراء وسط العاصمة، بعدما سقط عشرات الضحايا نتيجة حالات الاختناق الشديدة، لكثافة استخدام الغاز المسيل للدموع.

اقرأ أيضاً: احتجاجات لبنان والعراق.. خطر الطائفية
بدوره، دعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الحكومة العراقية الى "الكف عن قمع وتفريق المتظاهرين"، مطالباً رئيسها بـ "الاستماع لهم وإكمال مشروع الإصلاح". وكان خطاب رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، ليلة الجمعة الماضية، قد زاد من غضب المحتجين، بعدما كان من المتوقع أن يعلن استقالة حكومته استجابة لضغط الشارع.
وشهدت بغداد ومحافظات عراقية مختلفة، أول من أمس الجمعة، تجدد التظاهرات التي انطلقت في الأول من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، بعد انتهاء المدة الشعبية الممنوحة للحكومة، بالكشف عن "قاتلي المتظاهرين السلميين"، وسط سخطٍ شديد تجاه نتائج اللجنة الحكومية المكلّفة بالتحقيق بأحداث التظاهرات السابقة.

الصدر يحذر من انزلاق البلاد إلى الفتنة ويطالب عبدالمهدي بالاستماع للمتظاهرين

العنف يتصدر المشهد في ميسان

هذا وعاش أهالي محافظة ميسان (جنوب العراق)، ليلة مرعبة جراء المواجهة المسلّحة بين عشائر المتظاهرين المقتولين، وبين المتهمين بقتلهم من ميليشيا عصائب أهل الحق؛ حيث فشلت سلطة القانون الرسمية في عقر دار الحكومة المحلية للمحافظة بالسيطرة على الأوضاع.

خطاب رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، ليلة الجمعة الماضية، زاد من غضب المحتجين

يقول الكاتب والمثقف الميساني جبار الساعدي، إنّ محافظته "شهدت تظاهرات سلمية في بادئ الأمر، بعدما توجهت صوب مجلس المحافظة وسط المدينة"، مبيناً في حديثه لـ "حفريات" أنّ "متظاهرين محسوبين على التيار الصدري قاموا بحرق المقار الحكومي، وسط انسحاب باقي المتظاهرين الرافضين لحرق الممتلكات العامة".
ويضيف الساعدي أنّ "بعض المتظاهرين اتجهوا لمقارّ عصائب أهل الحق ومنظمة بدر وسرايا الخراساني؛ حيث تمكنوا من رمي تلك المقرات بالمولوتوف"، لافتاً إلى "رد عناصر أهل الحق بالرصاص الحي صوب المتظاهرين، ما أسفر عن وقوع أربعة قتلى وإصابة عدد آخر منهم".
وتابع الساعدي، قوله إنّ "جهة مسلحة قيل إنّها سرايا السلام التابعة للتيار الصدري انتقمت لقتلى المتظاهرين من التيار، بعدما قتلت مسؤول العصائب في ميسان، وسام العلياوي وشقيقه".

الخزعلي يتوعد بالثأر

إلى ذلك، تعهد الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، بأخذ ثأر القيادي وسام العلياوي "مربَّعاً"، على حد تعبيره.
وقال الخزعلي، خلال مراسم تشييع القيادي في العصائب، وسام العلياوي، "سآخذ ثأر العلياوي مربعاً" (أي مضاعفاً)، وأضاف أنّ "الشهيد وسام شارك بكل المعارك ضد الاحتلال والإرهاب".
وأشار إلى أنّ "دم الشهيد وسام العلياوي برقبة أمريكا وإسرائيل"، مؤكداً في الوقت نفسه أنّه "لن نسمح بذهاب بلدنا إلى الهاوية". واعتبر الخزعلي أنّ "الدماء المجاهدة تسفك لا لذنب سوى لاستجابتها للمرجعية الدينية، وأنّ هذه الدماء دماء المظلومية وهي الدليل الأكبر على مشروع الفتنة".

الخزعلي يصرح لوسائل الإعلام لدى مشاركته في تشييع جنازة القيادي في العصائب وسام العلياوي في ميسان
وتابع زعيم ميلشيا عصائب أهل الحق، قوله "علينا أنّ نفرق بين من يتظاهر لحقوقه وبين من يحرق ويقتل وينهب"، محذِّراً "أبناء شعبنا والقوات الأمنية مما تبثه وسائل الإعلام المغرضة".
وفي السياق ذاته، قال القيادي في حركة العصائب، قاسم الخزاعي، في تصريح لـ"حفريات"، إنّ "العلياوي قتل مع شقيقه إثر هجوم لمسلحين، استهدفه أثناء وجوده داخل مستشفى بمحافظة البصرة؛ حيث ذهب إليها لتلقي العلاج من إصابة خطيرة برأسه تعرض لها إثر هجوم آخر استهدفه بميسان".

اعتداءات  في ذي قار وحظر تجوال بـ5 محافظات

وفي السياق ذاته، أضرم متظاهرون بمحافظة ذي قار، النار بمبنى الحكومة المحلية ومؤسسات رسمية أخرى، فيما شهدت المحافظة أيضاً نزاعاً مسلحاً بين ميليشيا مسلحة غامضة، ومحتجين وسط شوارع المدينة.
وقال الصحافي علي بريسم، إنّ "محتجين أشعلوا النيران داخل مبنى مجلس محافظة ذي قار، ومبنى دائرة السجناء السياسيين في المحافظة"، لافتاً الى أنّ ذلك أدى إلى إلحاق أضرار مادية بالمبنيين.

اقرأ أيضاً: كيف سقط 70% من ضحايا التظاهرات في العراق بنيران القنّاصة؟ ‎

وأكد بريسم لـ"حفريات"، أنّ "التظاهرات في المحافظة، شهد نزاعاً مسلحاً بين جماعة غير معروفة يبدو أنّها تابعة لما يسمى بفصائل المقاومة، ومحتجين واصلوا احتجاجهم الغاضب لساعات متأخرة من الليل"، مبيناً أنّ "هناك ضحايا في النزاع، لكن لا أحد يعلم عددهم، نتيجة تكتّم المؤسسات الصحية عن ذلك".
من جهتها، أعلنت إدارات محافظات البصرة وذي قار والمثنى وكربلاء والديوانية، حظراً للتجوال في مختلف مدنها ونواحيها وأقضيتها، بغية استرداد الأوضاع الأمنية إلى حالتها الطبيعية.
وأعطى القائد العام للقوات المسلحة العراقية رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، ليلة السبت، إلى كافة المحافظين، صلاحية إعلان حظر التجوال في محافظاتهم في حال خروجها عن السيطرة الحكومية.

الحلبوسي وسط المتظاهرين في ساحة التحرير البغدادية

اعتصام مفتوح في عدة مدن عراقية
وأعلن متظاهرون عراقيون، تحويل احتجاجاتهم إلى اعتصام مفتوح في العاصمة بغداد، وتسع محافظات أخرى في الوسط والجنوب، حتى تحقيق المطالب الخاصة باستقالة الحكومة وتقديم "قتلة المحتجين" إلى القضاء.
وقال قاسم راجح، منسق في احتجاجات البصرة، "قررنا تحويل التظاهرة إلى اعتصام مفتوح بعد إعلان الحكومة فرض حظر للتجوال، لن نتراجع ولن نخضع لجميع أساليب الترهيب".
وأوضح  الناشط البصري لـ"حفريات" أنّ "ما حصل في البصرة يوم (الجمعة) من قتل متعمد للمتظاهرين لن يمر مرور الكرام، الاعتصام لن ينتهي إلا بتحقيق المطالب".

اقرأ أيضاً: إيران حين أضمرت السوء لحلفائها.. ماذا فعلت لإنهاك العراق؟
وفي محافظة المثنى، قال الناشط علي النداوي، إن "منسقي الاحتجاجات في جميع المحافظات المنتفضة في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب اتفقوا على تحويل التظاهرات إلى اعتصام مفتوح، ما يعني بقاءنا في الشوارع حتى تحقيق مطالبنا".
وأوضح النداوي لـ "حفريات" أنّه "لن تكون هناك مساومات هذه المرة، سنواجه الرصاص بالثبات على مواقفنا"، مشيراً إلى أنّ "الجهات التي قتلت المتظاهرين أول من أمس الجمعة، معروفة لدى الجميع وموثقة في مقاطع فيديو ولا تحتاج الحكومة أو القضاء إلى لجان تحقيق للكشف عن الحقيقة".

لقطة من حرق مقار عصائب أهل الحق في محافظة ميسان ليلة السبت

البرلمان يدعو لتحديد أماكن التظاهر
وفي خضم تصاعد وتيرة الاحتجاجات وانهيار الأمن في بعض المحافظات، عقد البرلمان العراقي، صباح أمس السبت، جلسة طارئة لبحث مخرجات للراهن العراقي.
ودعا البرلمان، خلال جلسته، رئيس الحكومة إلى "تحديد أماكن للتظاهر، وأن تتحمل الجهات الأمنية المسؤولية الكاملة بحماية المتظاهرين السلميين وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وضرورة التمييز بين المتظاهر صاحب المطالب الحقة والمشروعة الواجبة التنفيذ والمتصيدين بالماء العكر الذين يسعون إلى إشاعة الفوضى وحرق مؤسسات الدولة والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة".

اقرأ أيضاً: لماذا تستّرت لجنة التحقيق العراقية على القتلة الحقيقيين؟

وطالبت السلطة التشريعية، بحسب بيانها، "الجهات الأمنية بالتعامل بحزم مع العابثين بأمن المواطنين، واتخاذ الإجراءات بحق هؤلاء الذين لا يمتون للمتظاهرين ومطالبهم المشروعة بصلة، طبقاً لما حدده مجلس القضاء الأعلى".
وأكد البرلمان العراقي، "استمراره بأعماله لمتابعة تحقيق مطالب المتظاهرين، وتطبيق الإجراءات الحقيقية التي تلامس حاجات المواطنين وفق سقف زمني محدد والمضيّ بتشريع القوانين والإجراءات الإصلاحية التي ستصل من رئاسة الجمهورية والحكومة".

من جهته، نزل رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، ليلة أمس إلى ساحة التحرير وسط بغداد، للتواصل مع المتظاهرين، بشكل مباشر، وكان تعهد، بعد تظاهرات الأول من تشرين الحالي، بالنزول مع المتظاهرين في حال عدم استماع الحكومة لمطالبهم.

الصدر يحذر من "انزلاق البلاد إلى الفتنة"
بدوره، أصدر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بياناً دعا فيه إلى استقالة الحكومة، محذراً من "انزلاق البلاد إلى الفتنة"، على حد وصفه.
وخاطب الصدر، رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي قائلاً: "إذا لم تكن المظاهرات برأي البعض حلاً ولا الاعتصامات ولا الإضرابات حلاً، فهل (التمسك بالسلطة) حل؟.. بينما لا قدرة لها على إنهاء معاناة الشعب وتخليصه من الفاسدين وتوفير العيش الكريم له".

نساء في محافظة النجف يطعمن المتظاهرين وسط المدينة
وأضاف زعيم التيار الصدري، "إذا لم تستطع السلطة أن ترمم ما أفسده سلفهم فلا خير فيهم ولا بسلفهم، وإذا أردتم من الشعب أن لا يَقتُل ولا يَحرِق - وهو المتعيّن - فيا أيها الفاسدون كفوا أيديكم عنهم وكفاكم قمعاً وظلماً وتفريقاً".
وأشاد الصدر، بالمتظاهرين قائلاً "إنما هم ثلة أرادوا الكرامة وأرادوا العيش الرغيد وأرادوا وطناً بلا فساد ولا مفسدين... أفبالنار يدفعون أم بالحسنى والخير يجازون؟"، مؤكداً "هم ثلة قد نجحت وبامتياز بالضغط على الفاسدين فأجبروهم على التراجع ومحاولة الإصلاح... أفلا تعينهم يا (رئيس الوزراء) لكي تكمل ما تدعيه من مشروع الإصلاح!!؟".
يونامي: الكيانات المسلحة تهدد استقرار العراق
أكدت بعثة الأمم المـتحدة لمساعدة العـراق (يونامي)، أنّه لا يمكن التسامح مع الكيانات المسلحة التي تهدد استقرار العراق.
وأعربت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة ب‍العراق، جينين هينيس بلاسخارت، عن "عميق أسفها وإدانتها للمزيد من الخسائر في الأرواح والإصابات، وتستنكر بشدة تدمير الممتلكات العامة والخاصة"، معبرة عن "قلقها العميق إزاء محاولة كيانات مسلحة عرقلة استقرار العراق ووحدته والنيل من حق الناس في التجمع السلمي ومطالبهم المشروعة".

اقرأ أيضاً: هل ستكون "هيئة التصنيع الحربي" بوابة لسيطرة إيران الأمنية على العراق؟
وأضافت بلاسخارت، أنّ "حماية أرواح البشر تحتل المقام الأول دائماً، ولا يمكن التسامح مع الكيانات المسلحة التي تخرب المظاهرات السلمية وتقوّض مصداقية الحكومة وقدرتها على التصرف"، موضحة "لقد قطع العراق شوطاً طويلاً ولن يتحمل الانزلاق مرة أخرى إلى دائرة جديدة من العنف".
وأكدت أنّه "لمن المحزن والمقلق أن نشهد عودة العنف وسقوط القتلى والجرحى، ولا تزال القيود المفروضة على وسائل التواصل الاجتماعي قائمة، كما تظل خدمة الإنترنت متقطعة، إلا أنّنا نقر ونرحب بقوات الأمن، وعلى العكس مما حدث في بدايات شهر تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، قد ساعدت الجرحى من المتظاهرين وكفلت حرية تحرك الوحدات الطبية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية