هل سيكون داعش ورقة ابتزاز جديدة بيد أردوغان؟

داعش وتركيا

هل سيكون داعش ورقة ابتزاز جديدة بيد أردوغان؟


13/10/2019

تتعدّد الملفات والقضايا المرتبطة بالعدوان التركي على شمال سوريا، منها ما يتصل بأهداف الرئيس أردوغان من العدوان، والمتمثلة بمكافحة "الإرهاب" الكردي، وإقامة منطقة "آمنة" يسمّيها الأتراك "عازلة"، جوهرها تحقيق تغيير ديموغرافي، بإقامة تجمّعات سكانية للاجئين السوريين، المفترض إعادتهم من تركيا، إضافة لملفات مرتبطة بالمواقف الدولية والإقليمية من العدوان، خاصة مواقف أوروبا الرافضة له، مقابل مواقف واشنطن وموسكو، التي أصبح واضحاً في جلسة مجلس الأمن، أنّ الرئيسَيْن؛ ترامب وبوتين، عقدا صفقة بالاشتراك مع الرئيس التركي حول الغزو، بما يحقق الحدّ الأدنى من أهداف وتطلعات الرؤساء الثلاثة.

هناك علاقة ثابتة بين القيادة التركية وتنظيم داعش
ومن بين أبرز الملفات التي يتم طرحها على هامش العدوان التركي، مستقبل كوادر وعناصر وعائلات تنظيم داعش، والذين يقدّر عددهم بحوالي مئة ألف عنصر، منهم فقط حوالي سبعين ألفاً في مخيم الهول، الذي تمت إقامته بعد المعارك الفاصلة التي نفذتها قوات سوريا الديمقراطية ضدّ "داعش"، المعروفة بمعركة الباغوز، إضافة إلى ما يزيد عن عشرة آلاف عنصر في السجون التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، وعند مناقشة مستقبل تنظيم داعش في مناطق شرق الفرات، لا بدّ من التوقّف عند جملة من الحقائق، أبرزها:

من بين أبرز الملفات التي يتم طرحها على هامش العدوان التركي مستقبل عناصر وعائلات داعش

أولاً: أنّ هناك علاقة ثابتة بين القيادة التركية وتنظيم داعش، تتوازى مع علاقات تركيا مع التنظيمات الجهادية في إدلب، خاصة أنّ غالبية العناصر المقاتلة في تنظيم داعش دخلت إلى سوريا من الساحة التركية، وبإشراف وتنسيق من الأجهزة الأمنية التركية، تطورت لاحقاً لتقديم دعم لوجستي تركي للتنظيم شمل تقديم أسلحة ومعدات عسكرية للتنظيم، وتعاون معه في عمليات تهريب النفط السوري إلى تركيا، خاصة أنّ التنظيم يقاتل العدو اللدود لتركيا، ممثلاً بقوات سوريا الديمقراطية والفصائل الكردية، التي تصفها تركيا بأنّها "إرهابية"، وتشكّل الخلافة الإسلامية التي يطرحها التنظيم قاسماً مشتركاً مع اتجاهات الرئيس أردوغان المعلنة، الهادفة لاستعادة الخلافة العثمانية الجديدة، ويشار هنا إلى أنّ عملية "نبع السلام" الجارية في الشمال السوري، تتم تحت عناوين إسلامية: الجيش المحمَّدي، خطب مكثفة وتكبيرات عبر المساجد في المدن التركية، التركيز على وصف الأكراد بأنّهم علمانيون كفّار، فيما ترددت معلومات من مصادر متعددة حول مشاركة "خلايا جهادية إسلامية" إلى جانب الجيش التركي في مناطق تل أبيض، وفصائل من الجيش السوري الحر، الذي يتولى غالبية المهمات البرية في عملية "نبع السلام".

اقرأ أيضاً: هل أنعش العدوان التركي تنظيم داعش الإرهابي؟
ثانياً:
مستقبل داعش أصبح ضمن الأوراق التي تملكها قوات سوريا الديمقراطية "مؤقتاً"، وتلوّح بها بحجة عدم قدرة كوادر قوات سوريا الديمقراطية على تأمين حماية السجون والمخيمات التي يقبع فيها كوادر داعش وعناصرهم، وأنّها ستكون مضطرة لفتح تلك السجون في حال استمرار الهجوم التركي، وأعلنت أنّ القصف التركي أصاب جزءاً من سجن لعناصر داعش في الحسكة، بالتزامن مع حركة تمرد من قبل نساء داعش.
ثالثاً: القيادة التركية تدرك أهمية ملف "داعش"، وهي تجتاح مناطق شرق الفرات، وتتعامل مع هذا الملف على أساس أنّ التنظيم حليف لتركيا في معاركها ضدّ الأكراد، وورقة جديدة لا تقلّ أهميتها عن ورقة اللاجئين السوريين، التي رفعها الرئيس أردوغان بوجه الأوروبيين، على خلفية موقفهم من عملية "نبع السلام" بالتهديد بفتح حدود تركيا أمام السوريين للدخول إلى أوروبا، على غرار ما تمّ قبل أعوام.


رابعاً: تتعدّد سيناريوهات مستقبل تنظيم داعش ما بين إعادة إحياء التنظيم وممارسته نشاطاته في سوريا أو العراق، أو عودة كوادره لبلادهم، بإجبار دولهم على التعامل معهم، مع ما يتضمنه هذا السيناريو من مخاطر إعادة تشكيل تنظيمات جهادية في بلادهم على غرار تنظيمات "الأفغان العرب"، أو إقامة محاكم دولية لهم على الأراضي السورية، فإنّ الحقيقة الثابتة التي تشكل قاسماً مشتركاً لكلّ تلك السيناريوهات؛ هي أنّ تركيا ستملك ورقة جديدة ذات أهمية قصوى، وستكون أنشطة داعش، في سوريا والعراق، وحتى مخططاتها لتنفيذ عمليات في الدول الأوروبية، ذات صلة "مباشرة أو غير مباشرة" بالقيادة التركية، وبصورة أخطر بكثير من تلك التي يمارسها الحرس الثوري الإيراني، في عملياته التي تنفَّذ بالإقليم وفي دول أوروبية وآسيوية، وقد تردّدت معلومات حول احتمالات قيام تركيا بنقل مقاتلي داعش إلى مناطق تخوض فيها صراعات، من خلال وكلاء في ليبيا وسيناء، وربما في العراق واليمن.

تشكّل الخلافة الإسلامية التي يطرحها التنظيم قاسماً مشتركاً مع اتجاهات أردوغان المعلنة الهادفة لاستعادة الخلافة العثمانية الجديدة

خامساً: الإدانة الأوروبية الشديدة، خاصّة الفرنسية، للعدوان التركي على شمال شرق سوريا، ترتبط بالعديد من أسباب الخلاف مع القيادة التركية، إلا أنّ أهمّها هو مصير ومستقبل عناصر "داعش"، ممّن يحملون جنسيات أوروبية، وتحويلهم إلى ورقة "ابتزاز" بيد الرئيس أردوغان، خاصة أنّ أوروبا عانت عبر العديد من العمليات التي نفذها تنظيم داعش في بلجيكا وفرنسا، من قبل عناصر عائدة، سبق وشاركت في القتال مع التنظيم واكتسبت خبرات قتالية هناك.
وفي الخلاصة؛ إذا كان من غير المضمون أن يحقّق الرئيس أردوغان كافة أهدافه من عملية "نبع السلام"، على المستويَين؛ الداخلي والخارجي، إلا أنّ المرجَّح أنّه سيمتلك ورقة "ابتزاز" جديدة يلوّح بها أمام خصومه، خاصة الأوروبيين، وهي ورقة داعش، مع بقاء السؤال معلقاً حول ما إذا كان "داعش" سيستفيد من دروس علاقة أردوغان بتنظيم القاعدة في إدلب والتخلي عن التنظيم، بعد انتهاء صلاحية استخدامه؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية