طريق الحجاج: محاولة إسرائيلية بائسة لخلق تاريخ مزيف لليهود

فلسطين والاحتلال

طريق الحجاج: محاولة إسرائيلية بائسة لخلق تاريخ مزيف لليهود


04/07/2019

في محاولة إسرائيلية يائسة لتزييف الحقائق وفرض وقائع جديدة لتهويد المدينة المقدسة، وتمرير المشاريع الاستيطانية لتنفيذ "صفقة القرن"، افتتحت جمعية ألعاد الإسرائيلية بمشاركة السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان، ومبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، نفقاً استيطانياً جديداً يعرف بـ (طريق الحجاج) والذي يمتد على مساحة 350 متراً وعرض 7 أمتار من عين سلوان إلى ساحة البراق. ومن المقرر أن يمتد النفق بعد عام إلى ساحة باب المغاربة، والذي لا يسمح للمسلمين بالدخول منه إلى المسجد الأقصى، ويستخدم النفق كطريق يسلكه الحجاج الإسرائيليون لزيارة ما يعرف بالهيكل الثاني، وذلك بهدف عزل مدينة القدس وتغيير ملامحها العربية.

اقرأ أيضاً: هل تكون الخلايا الضوئية في فلسطين بديلاً عن كهرباء إسرائيل؟

ووفقاً لتقرير صادر عن مركز معلومات وادي حلوة في سلوان، فإنّ سلطات الاحتلال تواصل أعمال الحفر في شبكة أنفاق متشعبة أسفل حي وادي حلوة، تبدأ من منطقة العين مروراً بشارع حي وادي حلوة الرئيسي باتجاه "مشروع كيدم الاستيطاني في ساحة "باب المغاربة"، والبؤرة الاستيطانية "مدينة داود" وصولاً إلى ساحة البراق.

وأضاف المركز أنّ حفر وشق الأنفاق متواصل أسفل حي وادي حلوة منذ 13 عاماً، وأدى ذلك إلى حدوث انهيارات أرضية واسعة وتشققات وتصدعات في عدة مناطق بالحي وتضرر أكثر من 80 منزلاً بصورة متفاوتة، وأكثر من 5 منازل صنفت بأنّها "خطرة" من بلدية الاحتلال بعد تضرر أساساتها.

 محاولة إسرائيلية يائسة لتزييف الحقائق وفرض وقائع جديدة لتهويد المدينة المقدسة

الترويج للرواية الصهيونية

الخبيرة في مجال الآثار بمدينة القدس عبير زياد تقول لـ "حفريات" إنّ "الحفريات بنفق الحجاج بدأت قبل 6 أعوام أسفل المنازل في بلدة سلوان بالقدس وصولاً إلى حائط البراق من قبل جمعية ألعاد اليمينية المتطرفة، وقد أزالت السلطات الإسرائيلية خلال عمليات الحفر القصور الأموية في المنطقة للوصول إلى هيكل هيرودس أو ما يعرف إسرائيلياً بالهيكل الثاني، للترويج إلى الرواية الصهيونية، وتحويل مسار الحاج المسيحي من الحي الإسلامي إلى الحي إلىهودي".

خليل تفكجي: حفر المزيد من الأنفاق جزء من التاريخ اليهودي لإحداث تغيير جدري في الحضارة التاريخية والدينية للقدس

وتتابع "يذكر أنّ معبد هيرودس تم إنشاؤه في العام 30 قبل الميلاد، وتم هدمه بواسطة القيصر الروماني تيتوس في العام 70 قبل الميلاد، وكان يحاكي الديانة اليهودية، وهيردوس هو ملك روماني ذو أصول فلسطينية، وقام أيضاً ببناء سبسطية في نابلس والتي تعرف بعاصمة الرومان في فلسطين".

وتوضح زياد أنّ "النفق الجديد يتهدد بإزالة وتغيير معالم طريق الآلام الذي سلكه السيد المسيح من لحظة الحكم عليه وحتى صلبه، ويمتد الطريق من المدرسة العمرية وصولاً إلى كنيسة القيامة، لتهويد المدينة المقدسة وإعطائها الطابع اليهودي، والسيطرة علي القدس وتغيير هويتها وطابعها العربي والإسلامي، والترويج لهيكل سليمان والذي لا يوجد أي دليل عليه ولا على وجود إلىهود قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام".

سلطات الاحتلال تواصل أعمال الحفر في شبكة أنفاق متشعبة أسفل حي وادي حلوة

إنكار أمريكي للحقوق الفلسطينية

مشاركة الوفد الأمريكي في افتتاح النفق التهويدي بالقدس، في نظر زياد، "دليل واضح على إنكار الولايات المتحدة للحقوق الفلسطينية لإبراز القدس كمدينة يهودية والتغاضي عن الآثار الإسلامية والكنعانية التي تثبت ملكية الأرض لسكانها الأصليين الفلسطينيين؛ حيث تتركز الحفريات الإسرائيلية منذ العام 1967 في أسفل المسجد الأقصى وحارة المغاربة وبلدة سلوان ومنطقة حارة الشرف، والتي تم هدمها وتحويلها إلى الحي اليهودي".

اقرأ أيضاً: شركة تركية تدير قطاراً بإسرائيل.. المصالح تدهس شعارات أردوغان

وتشكل الحفريات الإسرائيلية المستمرة خطراً كبيراً على أساسات وجدران المسجد الأقصى المبارك والمنازل الفلسطينية المحيطة وخاصة في حي سلوان، والحي الإسلامي، والذي يشتمل على عدة حارات يسكنها الآلاف من الفلسطينيين المقدسيين. ويتزايد الخطر مع ارتفاع معدل الهزات الأرضية التي أصابت الأراضي الفلسطينية والتي كان آخرها قبل عدة أسابيع وتركزت وسط مدينة رام الله بالضفة الغربية، وهو قد يكون ذلك مؤشراً على قرب الزلزال الذي من المتوقع أن يصيب مدينة القدس ويهدد المسجد الأقصى والمدينة المقدسة".

الوفد الأمريكي في افتتاح النفق التهويدي بالقدس

فرض السيادة الإسرائيلية على القدس

مدير دائرة الخرائط ونظم المعلومات الجغرافية ببيت الشرق في القدس المحتلة، خليل تفكجي، يعتبر أنّ "ما تقوم به إسرائيل من حفريات حول المدينة المقدسة يأتي ضمن تثبيت الرواية الصهيونية للسيطرة والاستيلاء على مدينة القدس من فوق وتحت الأرض، بالإضافة لأسباب أخرى أولها محاولة تغيير الواقع التاريخي في المدينة، وخلق تاريخ مزيف لليهود فيها، وثانياً إثبات أنّ الديانة هي الهيكل المزعوم، والقضية الثالثة تتعلق بالسيادة على مدينة القدس ونية إسرائيل جعلها غير قابلة للتقسيم ولا للنقاش عليها مع الفلسطينيين".

اقرأ أيضاً: "حفريات" ترصد محطات التطبيع السياحي بين تونس وإسرائيل

ويضيف تفكجي لـ "حفريات" أنّ إسرائيل تجمع بين كل هذه القضايا بحفر المزيد من الأنفاق حول المسجد الأقصى باعتبار أنّ هذه الأنفاق هي جزء من التاريخ اليهودي، لإحداث تغيير جذري في الحضارة التاريخية والدينية لمدينة القدس، وإيجاد حضارة جديدة فيها، وتغيير المشهد بشكل كامل في المدينة المقدسة، لتصبح الرواية الصهيونية بعد عدة أعوام هي السائدة على الأرض".

يسعى الاحتلال إلى تغيير جذري في الحضارة التاريخية والدينية لمدينة القدس

إنهاء قضية القدس

وعن مشاركة الوفد الأمريكي في افتتاح نفق الحجاج، يؤكد تفكجي أنّ "الإدارة الأمريكية أعطت الضوء الأخضر لدولة الاحتلال لإنهاء قضية القدس بشكل نهائي، وهو جزء من صفقة القرن التي أعلنت عنها الولايات المتحدة من خلال مساندتها ودعمها الكامل للمخططات الإسرائيلية الرامية لتهويد المدينة المقدسة، وهي رسالة للسلطة الفلسطينية والمملكة الأردنية الهاشمية بأنّ مدينة القدس هي خارج أي اتفاق فلسطيني نهائي، وأن لا وصاية أردنية عليها".

اقرأ أيضاً: الحواجز العسكرية الإسرائيلية.. توقف حتى ننتهك إنسانيتك!

ولفت إلى أنّ مصادرة الأراضي والاستيلاء على المنازل في البلدة القديمة في القدس، وعلى حائط البراق والذي تعتبره إسرائيل بأنه من بقايا الهيكل المزعوم، "يأتي ضمن مخطط إسرائيلي يعرف بـ (القدس 2020)، ويهدف لإنشاء شبكة من الأنفاق والجسور حول المدينة المقدسة، بالإضافة إلى إنشاء عدد من الكنائس اليهودية، وإزالة الحي الإسلامي، وإقامة وحدات سكنية يهودية على أنقاضه، لتوسيع نطاق سيطرة بلدية الاحتلال على أجزاء واسعة من مدينة القدس، وإقامة الدولة العبرية عليها".

ووصف أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وكبير المفاوضين صائب عريقات الموقع الأثري المرتبط بالمستوطنات الذي افتتح في القدس الشرقية، بأنّه "كذبة كبيرة"، معتبراً الخطة الأمريكية المرتقبة هي "مشروع مجلس المستوطنات الإسرائيلي".

اقرأ أيضاً: إسرائيل تستغل الأراضي الفلسطينية لزراعة مخدر القنب الهندي

وقال، خلال لقائه عدداً من الصحفيين في مكتبه بمدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة: "ما حصل في النفق كذبة كبيرة بدأتها حركة ألعاد اليمينية المتطرفة قبل عشرين عاماً"، وأضاف: "هذه الكذبة بنيت على أكاذيب لا علاقة لها باليهودية، ولا بالإسلام، ولا بالمسيحية".

النفق كذبة كبيرة

انتهاك القانون الدولي والإنساني

وحذرت الحكومة الأردنية إسرائيل، من اتخاذ إجراءات تزيد من التوتر والاحتقان في المسجد الأقصى، على خلفية افتتاح نفق باتجاهه.

عريقات: النفق كذبة كبيرة بدأتها حركة ألعاد اليمينية المتطرفة ولا علاقة لها باليهودية ولا بالإسلام ولا بالمسيحية

ودانت الخارجية الأردنية، في بيان لها، "إقدام سلطات الاحتلال الإسرائيلي على افتتاح نفق ما يسمى بطريق الحجاج أسفل بلدة سلوان باتجاه المسجد الأقصى المبارك (الحرم القدسي الشريف)، محذرة من أنّ "مثل هذه الإجراءات اللا شرعية وغير المسؤولة تزيد من التوتر والاحتقان".

وشدد الناطق الرسمي باسم الخارجية، سفيان سلمان القضاة، في البيان، على "رفض المملكة المطلق لجميع المحاولات الإسرائيلية الرامية لتغيير هوية البلدة القديمة للقدس المحتلة وطابعها، وخصوصاً الحرم القدسي الشريف والمواقع الملاصقة له".

وأكد القضاة أنّ "هذه الممارسات الإسرائيلية تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، كما تمثل إمعاناً في انتهاك قرارات منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم اليونسكو، الداعية لوقف جميع الحفريات الإسرائيلية غير القانونية في البلدة القديمة للقدس، والتي تتعارض بشكل صارخ مع المعايير الدولية المعتمدة".

ويحتفظ الأردن بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس بموجب اتفاقية وادي عربة (اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية الموقعة في 1994)، وفي آذار (مارس) 2013، وقع الملك عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس اتفاقية تعطي الأردن حق "الوصاية والدفاع عن القدس والمقدسات" في فلسطين.

الصفحة الرئيسية