هكذا قلّمت الحكومة العراقية أظافر الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران

العراق وإيران

هكذا قلّمت الحكومة العراقية أظافر الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران


20/06/2019

يرجح خبراء دخول رئيس الحكومة العراقية، عادل عبدالمهدي، بمواجهة مع الفصائل المسلّحة المرتبطة بإيران، حينما أصدر مؤخراً قراراً يمنع أي "قوة أجنبية" من العمل داخل الأراضي العراقية دون علم "إذن الحكومة"، الأمر الذي دفع مراقبين لوصف القرار الحكومي بـ "الصائب" على الرغم من أنّه جاء متأخراً. في وقت تعرضت المنطقة الرئاسية الخضراء الى قصف بالهاونات مجدداً، في إشارة الى عودة الانفلات الأمني وزعرعة الميليشيات لأمن العاصمة بغداد.

خبراء: تهكنات بحدوث نزاع بين عبدالمهدي والفصائل المسلحة المرتبطة بإيران بعد منعه أي قوة أجنبية من العمل دون إذنه

ويُعزى قصف منطقة المقر الحكومي والبعثات الدبلوماسية في المنطقة الخضراء، الى إرسال طهران رسالة لواشنطن، لحظة تسنم السفير الأمريكي الجديد، ماثيو تولر، مهامه الدبلوماسية الجديدة في العراق. خبراء أمنيون أكدوا عدم سيطرة حكومة عبدالمهدي على سلوكيات الفصائل المسلحة، لاسيما وهي تعود الى أسلوب استهداف المنشآت الحكومية وتهديد البعثات الدبلوماسية، وطالبوا بجدية تفعيل القرار الحكومي الأخير لحفظ "هيبة الدولة" أمام المجتمع الدولي.  

وتنتمي هذه الفصائل إلى هيئة الحشد الشعبي، المرتبطة بشخص القائد العام للقوات المسلحة العراقية، لكنها مرتبطة ولائياً بالمرشد الإيراني علي الخامنئي، مما يجعلها في تناقض سلوكي بين الانتماء القانوني والولاء الخارجي. وتضع تلك الفصائل الحكومة العراقية في خانة الحرج لحظة اشتداد الصراع بين واشنطن وطهران؛ حيث تعمل على ضرب المصالح الأمريكية في العراق.

 خبراء أمنيون أكدوا عدم سيطرة حكومة عبدالمهدي على سلوكيات الفصائل المسلحة

عبد المهدي في مواجهة الميليشيات

وكان القائد العام للقوات المسلحة العراقية رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، أصدر، أول من أمس، قراراً يقضي بمنع أية قوة أجنبية بالعمل أو الحركة على الأراضي العراقية دون إذن الحكومة، قرارٌ جاء بعد الانفلات الأمني الذي شهدته بعض المدن العراقية نتيجة تدخل بعض الميليشيات المحسوبة على إيران في القرار الأمني المحلي.

اقرأ أيضاً: هل دقت الحرب الأمريكية الإيرانية طبولها في العراق؟

وقال عبد المهدي في بيان له: "نؤكد مجدداً منع أي قوة أجنبية بالعمل أو الحركة على الأرض العراقية دون إذن واتفاق وسيطرة من الحكومة العراقية، ومنع أي دولة من الإقليم أو خارجه من الوجود على الأرض العراقية وممارسة نشاطاتها ضد أي طرف آخر سواء أكان دولة مجاورة أخرى أو أي وجود أجنبي داخل العراق أو خارجه بدون اتفاق مع الحكومة العراقية".

اقرأ أيضاً: إيران.. تخصيب الطائفية في العراق
وأضاف أنّه يمنع كذلك "عمل أية قوة مسلحة عراقية أو غير عراقية خارج إطار القوات المسلحة العراقية أو خارج إمرة وإشراف القائد العام للقوات المسلحة".
كما أكد أنّه "تمنع أية قوة مسلحة تعمل في إطار القوات المسلحة العراقية وتحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة من أن تكون لها حركة أو عمليات أو مخازن أو صناعات خارج معرفة وإدارة وسيطرة القوات المسلحة العراقية وتحت إشراف القائد العام".

وتعقيباً على قرار عبدالمهدي، يقول الخبير الأمني، طارق أحمد، لـ "حفريات"، إنّ "قرار رئيس الحكومة صائب، وإن جاء متأخراً، لاسيما وأنّ الكثير من الفصائل المسلحة المرتبطة بنفوذ دولي، تقوم بعمليات غير شرعية داخل الأراضي العراقية، لغرض تلبية مصالح الدولة التي تغذيها بالمال والسلاح".

معاودة استهداف المنطقة الرئاسية "الخضراء"

تعرضت المنطقة الرئاسية الخضراء في بغداد، عقر دار الحكومة العراقية، ومقار البعثات الدبلوماسية الدولية، إلى قصفٍ بالهاونات، صباح الأحد الماضي، مع تسلم السفير الأمريكي الجديد، ماثيو تولر، مهامه الدبلوماسية في العراق خلفاً للسفير دوغلاس سليمان. مراقبون عدوا استهداف المقار الحكومية بأنّه عودة لمربع الانفلات الأمني.

العامري: القيادات الأمنية العراقية لا تسيطر أحياناً على سلوكيات الميليشيات المرتبطة بالولي الفقيه وتأتمر لإيران على حساب القرار العراقي

وفي هذا السياق، يقول وائل العامري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النهرين في بغداد، إنّ "القيادات الأمنية العراقية، لا تسيطر أحياناً على سلوكيات بعض الميليشيات المسلّحة والمندمجة في هيئة الحشد الشعبي، كون هذه الجماعات مرتبطة عقائدياً بالولي الفقيه في إيران، وتأتمر في أغلب الأحيان للقرار الإيراني على حساب القرار العراقي"، مبيناً أنّ "البغداديين تفاجأوا بعودة مسلسل استهداف المنطقة الخضراء بالهاونات من مناطق شيعية في شرق العاصمة".

ويضيف العامري، في حديثه لـ "حفريات"، أنّ "الحكومة العراقية اليوم أمام مفترق طرق حيال ملفي الخدمات والأمن، وعليها ألّا تسمح بالمقامرين داخل السلطة باللعب على هذين الملفين، وإلا سيكون سقوطها وشيكاً، ولاسيما نترقب احتجاجات شعبية في مناطق جنوب العراق ووسطه جراء تردي الخدمات هناك".

المنطقة الرئاسية الخضراء

اضطراب في هيكلية الحشد الشعبي

تعاني هيكلية الحشد الشعبي، المؤسسة المرتبطة برئاسة الوزراء قانونياً، والمتمردة على بعض قرارات الحكومة عملياً، كما يقول منتسبون أمنيون في الهيئة؛ حيث تعاني فصائل مسلحة تنتمي فقهياً لمرجعية السيد السيستاني في النجف من عدم صرف رواتب مقاتليها، في حين توجه الاتهامات لنائب رئيس هيئة الحشد أبومهدي المهندس، بتفضيل الفصائل الإيرانية المنضوية في الهيئة على حساب نظيراتها العراقية.

اقرأ أيضاً: الحشد الشعبي في العراق.. مأسسة الطائفية وتفتيت الدولة الوطنية

ويقول هاشم الساعدي، وهو مقاتل في فرقة العباس القتالية التابعة للعتبة العباسية في كربلاء، لـ "حفريات"، إنّ "منتسبي الفرقة ملتزمون بفتوى المرجع الأعلى السيد علي السيستاني التي تنص على طاعة القيادات الأمنية في الحكومة العراقية"، مشيراً الى أنّ "إدارة هيئة الحشد لم تساو بين مقاتلي الفصائل في توزيع المرتبات والأسلحة، هناك تفضيل للفصائل الولائية للمرشد الإيراني الأعلى، فيما نحن نعاني من ذلك التمييز". 

وتابع الساعدي قوله: "ولحل هذه الإشكالية، تدخل رئيس الوزراء شخصياً وعمل على فك ارتباطنا بهيئة الحشد الشعبي، وضمّنا إلى وزارة الدفاع لحل عقدة الرواتب، وتسليم الأسلحة المطلوبة للفرقة".

رقة العباس القتالية التابعة لمرجعية السيستاني

بذكرى "الجهاد الكفائي".. السيستاني يحيي الجميع

في الذكرى الخامسة لإصدار المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، فتوى "الجهاد الكفائي" ضد تنظيم داعش الإرهابي في العراق، أقامت الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران، الجمعة الماضي، مهرجاناً شعبياً في العاصمة بغداد، شكرت جهود طهران في مساعدة العراق على دحر التنظيم. فيما أصدر المرجع الشيعي بياناً بهذه المناسبة، مؤكداً أنّ النصر لم يكن ليتحقق لولا "تكاتف العراقيين"، وتعاون الدول الصديقة والشقيقة. في إشارة منه إلى دول الجوار والتحالف الدولي.

اقرأ أيضاً: مخطط إيراني جديد في العراق.. محاوره وأهدافه
وتلا وكيل المرجعية، أحمد الصافي، في كربلاء خلال خطبة صلاة الجمعة، بياناً قال فيه "في مثل يوم أمس الثالث عشر من حزيران من عام 2014 ؛ أي قبل خمسة أعوام انطلق من هذا المكان المقدس نداء المرجعية الدينية العليا وفتواها الشهيرة بوجوب الدفاع الكفائي؛ حيث دعت العراقيين القاردين على حمل السلاح للانخراط في القوات الأمنية للدفاع عن العراق وشعبه ومقدساته أمام هجمة الإرهابيين الدواعش، الذين اجتاحوا مساحات واسعة من المحافظات وباتوا يهددون العاصمة بغداد وعدداً من المحافظات الأخرى أيضاً".

أحمد الصافي وكيل السيستاني يقرأ بيان الأخير بالذكرى الخامسة لفتوى الجهاد الكفائي

خلاف واضح بين النجف وطهران

دعوات المرجعية الدينية الشيعية في النجف، إلى وجوب الانخراط في صفوف القوات الأمنية لمواجهة تحديات الإرهاب، تضع الفصائل المسلّحة المرتبطة بإيران في دائرة الحرج الإعلامي أمام الطائفة الشيعية العراقية المرتبطة فقهياً بآية الله علي السيستاني؛ حيث تشرع أغلب الفصائل الموالية للمرشد الإيراني إلى استثمار فتوى السيستاني لصالح تعبئة الشباب العراقي في صفوفها.

محلل سياسي: انتماء شيعة العراق الفقهي يتجه صوب النجف ولن يكونوا حطب وقود المشاريع الدولية وخصوصاً إيران

وتعليقاً على ما سبق، يقول المحلّل السياسي، لطيف الشمري، لـ "حفريات"، إنّ "الفصائل الولائية الإيرانية في حرج دائم أمام الجمهور الشيعي في العراق؛ فهي تتبنى شيئاً وتغطي عليه لبوس المقدّس، فيما تطل المرجعية السيستانية ببيانات تبدد وهم المقدّس الذي يتلبّسه أتباع طهران في العراق"، مبيناً أنّ "من يمثل التشيع الديني الأصولي رسمياً هي النجف الأشرف بمرجعياتها التي تتصدرها مرجعية آية الله السيد علي السيستاني الذي يطالب دوماً بسيادة العراق واستقلالية القرار العراقي، فضلاً عن مناهضته وزملاءه في النجف لمشروع ولاية الفقيه".

ويضيف أنّ "شيعة العراق، عراقيون أولاً، وشيعة ثانياً، ولن يقبلوا بأي ممارسات دينية طائفية تابعة للغير تسمح بإلغاء هويتهم الوطنية"، مشيراً الى أنّ "انتماءهم الفقهي دوماً يتجه صوب النجف، ولن يكونوا حطب وقود المشاريع الدولية لأي دولة كانت وخصوصاً إيران".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية