وزير الخارجية الإماراتي في دمشق.. ما أهمية الخطوة ودلالات توقيتها؟

وزير الخارجية الإماراتي في دمشق.. ما أهمية الخطوة ودلالات توقيتها؟


10/11/2021

خَطَتْ دولة الإمارات العربية المتحدة، أمس، خطوة جديدة متقدمة باتجاه الانفتاح على سوريا و"وصل ما انقطع". فقد استقبل الرئيس السوري بشار الأسد أمس وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي، في أول زيارة لمسؤول رفيع منذ قطع دول خليجية عدة علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق إثر اندلاع النزاع قبل عشرة أعوام. وتفتح الزيارة الباب لزيارات عربية مماثلة إلى دمشق، أو زيارة الأسد لدول عربية خلال الفترة المقبلة.

اقرأ أيضاً: بهذه الطريقة رد النظام السوري على تفجير حافلة الجيش في دمشق

ويأتي توقيت الزيارة لينعش التوقعات بخصوص ملفين أساسيين: أولهما عودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية، وثانيهما ملف إعادة إعمار سوريا، وتسهيل الطريق لتجاوز "قانون قيصر".

وإذْ تحتضن الجزائر في آذار (مارس) المقبل القمة العربية، فإنّ هذا مؤشر قوي لاحتمالات عودة سوريا إلى الجامعة، فقد تحفظت الجزائر على قرار تجميد تلك العضوية في 2011، كما أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون موقف بلاده السابق، فدافع عن عودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية. ودعا تبون، في مقابلة في شباط (فبراير) 2020، لعودة دمشق إلى الجامعة العربية، وقال إنها "تستحق العودة إلى جامعة الدول العربية، لأنها وفية لمبادئها، كما أنها مؤسِّسة لها، وهي من أعرق الدول العربية".

 

قرقاش: الإمارات مستمرة في بناء الجسور وتعزيز العلاقات ووصل ما قُطع، وستحرص في ذلك كله على البُعد العربي، وتجنيب المنطقة المزيد من الاحتقان والصراعات المستمرة

 

وبخصوص الملف الثاني، تقول "وكالة الأنباء الفرنسية" إنّ "الأسد يكرر في خطاباته أنّ إعادة الإعمار تشكل أولويته في المرحلة المقبلة. ويقول مراقبون إنه يعوّل على استثمارات خليجية لتمويل هذه العملية، في وقت يربط المجتمع الدولي أي دعم مالي بالتوصل الى تسوية سياسية للنزاع".

وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أنّ الأسد استقبل الشيخ عبد الله بن زايد على رأس وفد. وجرى خلال اللقاء "بحث العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وتطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، وتكثيف الجهود لاستكشاف آفاق جديدة لهذا التعاون خصوصاً في القطاعات الحيوية من أجل تعزيز الشراكات الاستثمارية في هذه القطاعات".

 

صحيفة "واشنطن بوست": زيارة وزير الخارجية الإماراتي تأتي في الوقت الذي تعمل فيه بعض الدول العربية على تحسين العلاقات مع سوريا

 

ونقلت عن الأسد تأكيده "العلاقات الأخوية الوثيقة" بين البلدين. ونوّه بما وصفه "بالمواقف الموضوعية والصائبة التي تتخذها الإمارات" التي "وقفت دائماً إلى جانب الشعب السوري".

وقالت "سانا" إنّ الشيخ عبد الله بن زايد "شدد على دعم الإمارات لجهود الاستقرار في سوريا".

تأكيد البُعد العربي ووقف الصراعات

وفي تعليق عام على الخطوة الإماراتية الجديدة، أكد أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، في تغريدة على حسابه في "تويتر" أنّ "الإمارات مستمرة في بناء الجسور وتعزيز العلاقات ووصل ما قُطع، وستحرص في ذلك كله على البُعد العربي، وتجنيب المنطقة المزيد من الاحتقان والصراعات المستمرة".

من جانبها، قالت صحيفة "واشنطن بوست" إنّ زيارة وزير الخارجية الإماراتي "تأتي في الوقت الذي تعمل فيه بعض الدول العربية على تحسين العلاقات مع سوريا"، مشيرة إلى أنّ "الإمارات تعمل ببطء على إصلاح العلاقات مع دمشق، حيث تحول تيار الحرب لصالح الأسد". ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أنّ "تحسين العلاقات بين سوريا والدول العربية الغنية بالنفط يمكن أن يكون دفعة كبيرة لإعادة الإعمار بعد الحرب".

وتقول "واشنطن بوست" إنّ الزيارة في الوقت الذي يتعرض فيه الاقتصاد السوري للخنق بسبب العقوبات الغربية المعوقة، وفي وقت تحتاج فيه دمشق بشدة إلى تعزيز العلاقات مع الدول الغنية بالنفط، كما أنّ الإمارات هي موطن لآلاف السوريين الذين يعملون في دول الخليج ويرسلون الأموال إلى أقاربهم في الوطن".

وعلى غرار دول غربية وخليجية عدة، قطعت الإمارات في شباط (فبراير) 2012 علاقتها الدبلوماسية مع دمشق، بعد نحو عام من اندلاع احتجاجات شعبية سلمية واجهتها قوات الأمن بالقمع، وسرعان ما تحولت نزاعاً مسلحاً. وفي نهاية العام 2018، استأنفت الإمارات العمل في سفارتها لدى دمشق مع بدء مؤشرات انفتاح خليجي، كما أوردت "الفرنسية".

وفي كانون الأول (ديسمبر) 2018، قالت وزارة الخارجية الإماراتية إنّ خطوة إعادة السفارة "تؤكد حرص حكومة دولة الإمارات على إعادة العلاقات بين البلدين الشقيقين إلى مسارها الطبيعي بما يعزز ويفعل الدور العربي في دعم استقلال وسيادة الجهورية العربية السورية ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية ودرء مخاطر التدخلات الإقليمية في الشأن العربي السوري".

انفتاح ينهي عزلة دمشق

ومنذ استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 2018، جرى اتصالان هاتفيان بين الأسد وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمّد بن زايد آل نهيان. وأرسلت الإمارات طائرات عدّة محمّلة بمساعدات طبية إلى دمشق منذ تفشي وباء كوفيد-19، بحسب "الفرنسية".

وفي بداية الشهر الماضي، بحث وزيرا الاقتصاد السوري والإماراتي خلال لقاء على هامش معرض "إكسبو دبي 2020" العلاقات الاقتصادية وضمنها الاتفاق على إعادة تشكيل وتفعيل مجلس رجال الأعمال السوري الإماراتي بهدف تشجيع التبادل التجاري والافتصادي بين البلدين خلال المرحلة المقبلة.

وأعلن وزير الاقتصاد الإماراتي عبدالله بن طوق حينها إن 14 في المئة هي حصة الإمارات من تجارة سوريا الخارجية. وحدّد حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين بمليار درهم (أكثر من 272 مليون دولار) خلال النصف الأول من العام 2021.

 

تحسين العلاقات بين سوريا والدول العربية الغنية بالنفط يمكن أن يكون دفعة كبيرة لإعادة الإعمار بعد الحرب

 

وتأتي زيارة المسؤول الإماراتي الى دمشق بعد أكثر من شهر على اتصال هاتفي أجراه الرئيس السوري بشار الأسد بالعاهل الأردني عبدالله الثاني، لأول مرة منذ اندلاع النزاع، في مؤشر على ما يراه محللون، وفق "الفرنسية"، بداية لانتهاء عزلة دمشق الدبلوماسية مع محيطها العربي. وأعادت السلطات الأردنية مؤخراً فتح مركز جابر/نصيب الحدودي مع سوريا أمام المسافرين وحركة الشحن بعد نحو شهرين من إغلاقه جراء تصعيد عسكري محدود في محافظة درعا جنوباًكما اجتمع وزير الخارجية المصري مع نظيره السوري في أيلول (سبتمبر) 2021؛ في أعلى مستوى اتصال بين البلدين منذ بدء الحرب الأهلية، كما أوردت وكالة "رويترز" للأنباء.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية