آلخو فيدال كوآدراس
في أعقاب فشل وإخفاق نظام الملالي في الاتفاق النووي الإيراني بسبب خروج الولايات المتحدة من هذا الاتفاق، سعى النظام الديني الحاكم في إيران لإقامة علاقات جيدة وواسعة مع الاتحاد الأوروبي، حتى يبقى الاتحاد الأوروبي مستمراً في سياسة التماشي والمهادنة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لأن القمع داخل إيران وتصدير الإرهاب للخارج كان يستلزم دعماً دولياً.
في ٩ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٩، أعلن مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي أنه أضاف اثنين من العملاء الإيرانيين وهما مدير قسم الأمن الداخلي في وزارة المخابرات وأمن النظام الإيراني على قوائم الإرهاب الخاصة بالاتحاد الأوروبي، وقام المجلس أيضا بتجديد التدابير والإجراءات المقيدة فيما يتعلق بالأشخاص والمؤسسات التي كانت مدرجة سابقاً على قوائم هذا الاتحاد.
أحد العملاء الاثنين اللذين تم وضعهما على قوائم الاتحاد الأوروبي يدعى أسد الله أسدي وهو مسجون حالياً في بلجيكا بانتظار محاكمته، إذ إنه أساء استخدام حصانته الديبلوماسية وقام بإيصال المواد المتفجرة لعميلين مرتبطين به من أجل تنفيذ عمليات إرهابية في التجمع السنوي للمعارضة الديموقراطية الإيرانية منظمة مجاهدي خلق الإيرانية في ٣٠ حزيران (يونيو) ٢٠١٨ في قاعة فيلبنت باريس، إذ تم اعتقاله في ألمانيا وهو في طريق عودته إلى النمسا.
وقد اعترف الزوجان الإيرانيان - البلجيكيان اللذان كانا على ارتباط مع عميل مخابرات النظام الإيراني هذا بجميع أعمالهما وأنشطتهما الإرهابية، وأن أسد الله أسدي هو قائد هذه العملية الإرهابية، وبهذا يكون الاتحاد الأوروبي قد اتخذ خطوة إيجابية بهذا الإجراء المبدئي في إحلال أمنه الخاص وإفشال مخططات هذا النظام على أرض أوروبا، وبهذا الشكل أصبح فهم الدول الأوروبية لماهية الملالي الإرهابية والقمعية أقرب للواقع.
فليس هناك شك بأن ممارسة الحزم في مواجهة النظام الإيراني وطرد من يسمون ديبلوماسيي هذا النظام من أرض أوروبا وإغلاق سفاراته التي هي مراكز للإرهاب وتدريب الإرهابيين ستجعل من قارتنا أكثر أمنا واستقراراً.
إن هذا الإجراء الأوروبي الفعال والمناسب كان له ردات فعل مختلفة داخل النظام الإيراني، ومن بينهم وزير الخارجية وأيضا المتحدث باسم الخارجية، ولكن من بين ردات الفعل المختلفة كان هناك موقف مثير للاهتمام أكثر من غيره.
أمير عبداللهيان المستشار الخاص لرئيس البرلمان الإيراني للشؤون الدولية هدد قائلا: «يجب مواجهة الأوروبيين بالصدمة بأن يعلموا أننا لن نبقى وحيدين في نفق ذي اتجاه واحد في الاتفاق النووي، والآن يجب على الأوروبيين الذين هم في مأمن من الإرهاب والمنافقين تلقي رسالة معقولة وحكيمة، ولكن يجب أن تكون صادمة».
وبالنظر للوضع السياسي المتزلزل للملالي بسبب الانتفاضة والاحتجاجات والثورات الواسعة خلال العام الماضي في جميع أنحاء إيران يمكن أن يتبادر هذا السؤال الى الذهن: ما هو نوع هذه الديبلوماسية في القرن الـ21؟ وهل سيتوقف هذا النظام الإيراني الداعم الإرهاب عن القيام بأعمال إرهابية في الدول الأخرى؟
جواب هذا السؤال واضح جدا: هذا النظام لا يملك حلا لمواجهة أزماته سوى القمع والكبت في الداخل الإيراني وتصدير الحروب والإرهاب لخارج حدوده، ولقد كانت هذه الطريقة معروفة ومثبتة على مدى الـ40 سنة الماضية للنظام الإيراني.
كما أن التدخلات المدمرة لهذا النظام في دول المنطقة ومن بينها العراق وسورية ولبنان واليمن وأفغانستان هي لهذا السبب. آية الله خامنئي المرشد الأعلى اعترف بهذا الموضوع مرات عدة بأنهم لو لم يحضروا في بقية البلدان ولو لم يحاربوا في سورية والعراق ولبنان لكان يجب عليهم أن يدفعوا ثمن ذلك في المدن الإيرانية.
إن سعي النظام الحثيث لكبح وقمع انتفاضة الشعب الإيراني التي ما زالت مستمرة ضد الحكومة بلا توقف منذ أواخر كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٧ يثبت هذا الطرح والنظرية. لذلك وبشكل حقيقي، إذا كان يملك هذا النظام قدراته وإمكاناته فلا يتوانى لحظة واحدة عن أعماله الإرهابية في أوروبا وبقية دول العالم، ولو مر يوم ولم يقم بهذه الأعمال فهذا سيكون بسبب حزم الدول في التعامل مع هذا النظام لأنه أصبح عاجزًا بسبب ذلك ولا يستطيع ارتكاب جرائمه الإرهابية فيها.
مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي الذي سافر أخيراً لدول الشرق الأوسط قال في ١١ كانون الثاني في الجامعة الأميركية في القاهرة بأنه لن يحمى بعد الآن الملالي الحاكمين في إيران، وأضاف بأننا «منضمون للشعب الإيراني الذي يطالب بالحرية والمحاسبة».
ومن هنا فإن العصر المخجل الذي أوجدته أميركا لنفسها سابقاً وأيضاً عصر السياسات التي أدت لظهور كل هذه الآلام والمعاناة قد انتهى.
وهذا الموقف من جانب وزير الخارجية الأميركي مبدئي ومهم جداً، وعلى الدول الأوروبية أيضا اتخاذ مواقف حازمة ومتوافقة مع حلفائها الأميركيين في سياساتها الخارجية، لقد ضاق الشعب الإيراني ذرعاً من ظلم وقمع وفساد الملالي الحاكمين في إيران، وأعلنوا خلال شعاراتهم ونداءاتهم بأنهم لا يريدون هذا النظام ويطالبون بإسقاطه التام والكامل.
لذلك يجب على دول العالم وخاصة الدول الأوروبية الوقوف بجانب الشعب والمقاومة الإيرانية، فالشعب الإيراني يعتمد خلال انتفاضته على بديل ديمقراطي قوي جداً ومنظم يسمى المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وهذا المجلس يشمل جميع طبقات وشرائح الشعب الإيراني ومنظم بشكل جيد، والآن تحت قيادة السيدة مريم رجوي يقوم المجلس بقيادة وتوجيه الانتفاضة في داخل إيران أيضاً عن طريق معاقل الانتفاضة، وذلك بالإضافة لنشاطاته السياسية.
لو حقا تريد الدول الأوروبية إحلال الأمن والسلام يجب عليها دعم البديل الديموقراطي للملالي والاعتراف رسمياً بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وببرامجه المعلنة من أجل إحلال الديموقراطية في إيران وحق مقاومة الشعب الإيراني من أجل إسقاط الفاشية الدينية الحاكمة في إيران.
يجب على الاتحاد إدراج الأجهزة الأساسية للقمع في إيران أي كامل قوات الحرس ووزارة المخابرات على قوائم الإرهاب، وذلك من أجل استكمال إجرائه في إدراج مسؤولي النظام الإيراني.
وفي أعقاب هذا الإدراج من الضروري جداً طرد جميع عملاء مخابرات النظام الإيراني الذين يعملون تحت غطاء ديبلوماسي في الدول الأوروبية من الأراضي الأوروبية.
وهذه الخطوات ضرورية جدا من أجل دعم المطالب المشروعة للشعب الإيراني المضطهد الذي عانى ٤٠ عاماً من الظلم والاستبداد الذي كانت تمارسه بحقه هذه الدكتاتورية القمعية.
الشعب الإيراني شعب شريف ومتحضر ولن ينسى أبدا أولئك الذين قرروا دعمه في نضاله العادل ضد القمع، كما أنه لن يسامح ولن ينسى أولئك الذين تعاونوا مع الملالي الذين استباحوا بلاده.
عن "الحياة" اللندنية