وثائق الإخوان الـ (3).. خلافات هامشية تجمعها الإيديولوجيا نفسها

وثائق الإخوان الـ (3).. خلافات هامشية تجمعها الإيديولوجيا نفسها

وثائق الإخوان الـ (3).. خلافات هامشية تجمعها الإيديولوجيا نفسها


14/11/2022

أصدر الإخوان (3) وثائق خلال الشهور الماضية تُعبّر بكل وضوح عن رؤية الأجنحة الـ (3) الرئيسية؛ وهي جبهة محمود حسين، والجبهة التي يقودها الآن محيي الدين الزايط، وجبهة تيار التغيير، ويرى كلّ منهم أنّهم يعبرون عن دعوة الجماعة العامة رغم أنّهم ألوية مختلفة، لكنّهم برؤى وتصورات في محيط إخواني واحد، لا فروق كثيرة بينهم سوى في تبادل الأدوار الحركية.

وثيقة أولويات الجماعة لجبهة لندن

تعبّر وثيقة استبقت بها جبهة إبراهيم منير، قبل وفاته، المؤتمر الذي أطلق فيه تيار التغيير في إسطنبول وثيقته (رؤية 28)، تعبّر تلك الوثيقة عن موقع السياسة، وما ينتج عنها من تدافع يؤدي بدوره إلى تطوير الجماعة، وكيف يمكن القبول بقواعد العمل الجماعي، وتبادل الأدوار وفقاً لرأي الجمهور، ثم مهمة التنظيم، والعلاقة مع الحاكم، وطرق الإصلاح، وملف المعتقلين، وكيف تكون العلاقة مع القوى السياسية.

جبهة لندن يقودها الآن محيي الدين الزايط

ترى هذه الجبهة، التي يقيم جلّ قادتها في إسطنبول، ويطلق عليها إعلامياً "جبهة لندن"، أنّ موقع السياسة هو جانب أصيل في دعوة الإخوان، التي يمثل أساسها التمسك بالإسلام، ومن ثم لا بدّ من التصدي لمهمة الإصلاح الشامل؛ أي إنّهم يرون أنّ جماعة الإخوان تقع على عاتقها مهمة نشر الإسلام، وأنّها جماعة قابلة للبقاء في الأمة، وفق ما ورد في الوثيقة.

للاطلاع على وثيقة جبهة لندن: انقر هنا

إنّ مهمة الإصلاح، وفق "جبهة لندن"، تشمل السلطة والحكام أيضاً، لكنّها ستتوقف عن الصراع على السلطة، وترى أنّ مهمتها إصلاحية للحكام والمحكومين فقط، فليست الغاية الوصول إلى الحكم بل إصلاح الحكم؛ أي إنّها لن تترك السياسة، فهي واجب، وفق الوثيقة، وهذا الواجب لا يجوز التفريط فيه، وهو واحد من (8) جوانب للإصلاح وضعها المرشد الأول حسن البنا.

جبهات الإخوان الـ "3" تعبر عن دعوة الجماعة العامة رغم أنّهم ألوية مختلفة، لكنّهم برؤى وتصورات في محيط إخواني واحد، لا فروق كثيرة بينهم سوى في تبادل الأدوار الحركية

 

من هنا، لا تدين هذه الجبهة المجموعات الأخرى من الجماعة التي تسعى للسلطة؛ لأنّ موقفها نابع من أولويات مواصلة العمل، والتنسيق مع القوى السياسية، وتعزيز مسارات العمل الوطني، وتطوير العمل السياسي والإعلامي، من أجل العودة إلى المجتمع.

ووفقاً لتلك الرؤية؛ تسعى هذه الجبهة للمصالحة، ومن أجل هذا يمكنها التوقف عن العمل السياسي وعدم الممارسة الحزبية، وتجميد النشاط الدعوي والمجتمعي لفترة، بحيث يكون النشاط التنظيمي في إطار قانوني، وينشغل في المرحلة الأولى بوضع الصياغات المؤسسية لعناوين عمل اجتماعي ودعوي جديدة، وفي النهاية تتم إعادة التموضع للجماعة داخل المجتمع.

وثيقة الرؤية لتيار التغيير

وفق أهداف التنظير الطوعي للعمل السياسي، وتجهيز الكوادر، وتوجيه المكاسب لحيازة منصب حكومي، وضع تيار التغيير في الإخوان تصوراً وخطة إعداد حقيقية وتنفيذية، من أجل مسيرة التغيير القادمة، وفق ما ورد في الوثيقة.

وثيقة (رؤية 28) تعبّرعن موقع السياسة، وما ينتج عنها من تدافع يؤدي بدوره إلى تطوير الجماعة

ستصبح للإخوان وفق (الرؤية) جماعة ضغط سياسي، تدعم كل الفصائل الوطنية التي تتقاطع مع رؤيتها، وهي امتلاك أدوات ضغط ثورية حقيقية، تجبر السلطة على التفاوض من أجل إنهاء ملف الاعتقال السياسي، وهو ما يحتاج إلى جهود كبيرة، يعمل المكتب العام على تحقيقها، ولا يرى المكتب أنّ هناك سبلاً أخرى مجدية يمكنها إنهاء معاناة المعتقلين، وهنا يكمن الفرق الحركي الكبير بين هذه المجموعات الإخوانية؛ فالعمل الثوري وأدواته للضغط تحمل في طياتها العمل المسلح، الذي مارسته تلك الجبهة مع مؤسسها محمد كمال أعواماً طوالاً، والغريب أنّهم أعطوا وفق الوثيقة الحق الكامل للمسجون الإخواني في اختيار إستراتيجيته في الحصول على حقه بالحرية، حتى لو اتفقوا على اعتماد العمل المسلح!

الخلافات بين الجبهات الـ (3) محدودة للغاية، وهي انقسامات حول مجموعة من الرؤى، خاصة الحركية منها، وأنّ كل جبهة منها تتموضع على الإيديولوجية نفسها

وفي ملف المصالحة، أكدت وثيقة تيار التغيير أنّه ما من جهة من الجهات المتنازعة حول القيادة الآن بجماعة الإخوان المسلمين لها الحق في التفاوض باسم الجماعة، فكلّ تيار ينتمي إلى مدرسة الإخوان له قراره وفقاً لاجتهاده، وأنّهم رافضون أن يكونوا جزءاً من ترتيبات إقليمية، مع موافقتهم على المبدأ بشكل عام يضمن عودة التنظيم.

المشروع الوطني لجبهة محمود حسين

أمّا الجبهة الثالثة، وهي فريق محمود حسين، فقد أصدرت ورقة بعنوان المشروع الوطني، أكّدت فيه على مسؤوليتها التاريخية في الدعوة، وعلى التنسيق مع القوى الوطنية، كالجبهتين الأخريين.

رأت جبهة محمود حسين أنّ حق المشاركة السياسية هو حق أصيل لها، مثلها مثل تيار التغيير، كما رأت أنّ الجماعة سوف تستكمل ثورة 25 كانون الثاني (يناير) السلمية، من أجل تحقيق أهدافها، عن طريق السلمية وليس الثورية، وعن طريق التوافقية بين جميع القوى الوطنية، ثم التشاركية وإعادة بناء مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، ثم المرحلة التنافسية.

ترى هذه الجبهة أنّ ملف المصالحة مطروح، وأنّه جائز طالما هو يلتزم بقرارات مجلس الشورى العام للجماعة.

رأت جبهة محمود حسين أنّ حق المشاركة السياسية هو حق أصيل لها

وتدين هذه الجبهة، جبهة لندن، على اعتبار أنّها ستترك العمل السياسي، كما أنّها تراها حادت عن طريق حسن البنا، وترفض رفضاً قاطعاً ملف التطوير وهيكلة الجماعة، وفصل الداخل عن الخارج.

وفي السياق نفسه، ترفض العمل الثوري المبدع لتيار التغيير، وترى أنّها الوحيدة التي تريد إعادة الجماعة بشكلها نفسه الذي اصطلح عليه مؤسسوها.

الخلاصة؛ أنّ الخلافات بين الجبهات الـ (3) محدودة للغاية، وهي انقسامات حول مجموعة من الرؤى، خاصة الحركية منها، وأنّ كل جبهة منها تتموضع على الإيديولوجية نفسها.  

مواضيع ذات صلة:

حراك الإخوان الممنهج ضد مصر ينتهي إلى هزيمة مريرة.. ألا يتعظون؟!

هل اختطف الإخوان حركية الجماهير العربية؟

هل يقوم الإخوان بتزوير الأعمال الكاملة للقرضاوي؟


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية