هل ينجو استفتاء تونس من تشويهات كتائب الإخوان الإلكترونية؟‎

هل ينجو استفتاء تونس من تشويهات كتائب الإخوان الإلكترونية؟‎


26/07/2022

احتفالات التونسيين بإعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التقديرات الأولية لنسب المشاركة في الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، حظيت بتغطيات إعلامية واسعة النطاق وردود فعل كثيرة داخل وخارج تونس، وسط محاولات من جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية في تونس المتمثلة في حركة النهضة، لتعكير صفو تلك الاحتفالات بالتشكيك في نزاهة عملية التصويت، التي لم يرد حتى الآن شكاوى بشأنها.

 المشاركة، التي فاقت التوقعات بتخطيها حاجز المليوني ناخب، أعطت الضوء الأخضر للرئيس قيس سعيّد للمضي قُدماً فيما أطلق عليه "تصحيح المسار" لتطهير تونس من خطايا "العشرية السوداء" التي قادتها حركة النهضة الإخوانية، فقد تعهد سعيّد، في تصريحات تلفزيونية من شارع الحبيب بورقيبة الذي شهد الاحتفالات بنجاح الاستفتاء، بـ"محاسبة كلّ من أجرم في حق البلاد".

 وبحسب التقديرات الأولية التي نشرتها هيئة الانتخابات، فقد بلغت نسبة المشاركة في الاستفتاء على دستور تونس الجديد نحو 27.54% بعد تصويت (2.458.985) ناخباً، وسط مؤشرات أسفرت عنها استطلاعات للرأي أجرتها مؤسسة "سيغما كونساي"، بأنّ 92.3% من المشاركين في الاستفتاء صوّتوا بـ"نعم"، وهي نتيجة تُعدّ بمثابة انتصار لسعيّد، ونكاية بخصومه، وفي مقدمتهم حركة النهضة.

  مرحلة جديدة

على هامش الاحتفالات بنجاح الاستفتاء الدستوري أمس، أعلن سعيّد بدء مرحلة جديدة في تاريخ الدولة التونسية، بعد أيام من دعوته الناخبين للمشاركة للتخلص من "العشرية السوداء"، في إشارة إلى الـ10 أعوام الأخيرة التي سبقت قرارات 25 تموز (يوليو) 2021، وقادتها حركة النهضة.

 ووفقاً لتغطية قناة "فرنسا 24"، سارع سعيّد إلى الإشادة بما أطلق عليه "الدرس" الذي قدّمه التونسيون للعالم، مشيراً إلى أنّ الخطوة المقبلة سوف تكون "تعديل قانون الانتخابات".

  حشد إلكتروني

في حين فشلت حركة النهضة، وجماعتها الأم الإخوان، في الحشد على الأرض في تونس خلال الأيام القليلة الماضية، بصورة تعكس وزنها الحقيقي في الشارع التونسي، لجأت الجماعة وذراعها التونسي، على ما يبدو، إلى الفضاء الإلكتروني في محاولة بائسة لتعكير صفو الاحتفالات بالدستور، الذي تشير التقديرات الأولى إلى أنّه سوف يتم تمريره.

وأمام محاولات النهضة التشكيك في نسب المشاركة المعلنة والتقليل منها في بعض الأحيان، عزا رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر نسبة المشاركة إلى قيام الهيئة بالتسجيل الآلي، وقال مراقبون إنّها قد تعود إلى انشغال التونسيين بإجازات الصيف، وغياب المنافسة، ومحدودية الحملة الانتخابية.

 

المشاركة التي فاقت التوقعات بتخطيها حاجز المليوني ناخب، أعطت الضوء الأخضر للرئيس التونسي للمضي قُدماً في "تصحيح المسار"

 

 وقال بوعسكر: ''لو كان مجلس الهيئة رغب في الاكتفاء بالمسجلين اختيارياً البالغ عددهم (7) ملايين، ولم يطالب بإدماج (2.2) مليون ناخب آلياً...، لكانت نسبة المشاركة أرفع''؛ أي أعلى، مشيراً إلى أنّ ''مجلس الهيئة طالب بتنقيح القانون الانتخابي وإدماج المسجلين آلياً، ونحن نعلم جيداً أنّ في إدماجهم تأثيراً على نسبة الإقبال وستتدنى...، ولأنّنا نعرف أنّ (2.2) مليون هم الفئة الصعبة والمستعصية التي لم تُشارك في أيّ انتخابات منذ 2011... لكننا قمنا بإدماج هذه الفئة حتى يُشارك جزء منهم"، وفقاً لإذاعة "موزاييك".

  الشباب كلمة السر

يظل الشباب الرقم الصعب في المعادلة السياسية في تونس، فقد انحاز قطاع كبير من تلك الفئة إلى الرئيس سعيّد، ممّا يشير إلى مستقبل ضبابي لحركة النهضة ومشتقاتها السياسية، فقد نقلت صحيفة "العرب" اللندنية عن بوعسكر قوله: إنّ نسبة الإقبال شهدت صعوداً في المساء، لا سيّما من قبل فئات الشباب التي تعودت على الذهاب إلى مكاتب الاقتراع في الساعات الأخيرة.

  والشباب هم الفئة الأكثر تصويتاً للرئيس قيس سعيّد في انتخابات 2019، وخاصة في الدورة الثانية، وفقاً لصحيفة "العرب" اللندنية.

  ردود فعل

على الرغم من دخول الكتائب الإلكترونية الإخوانية سباقاً مع الزمن للتغريد بغزارة لتصدر تريند وهمي من صنع الجماعة الإرهابية للتشكيك في نزاهة الاستفتاء وادعاء ضعف الإقبال، أثار الإعلان عن نسب المشاركة العديد من ردود الفعل المؤيدة داخل وخارج تونس، فقد رصدت المواطنة الخليجية خلود سلمان، في تغريدة على حسابها الرسمي عبر تويتر، فرحة التونسيين بنجاح الاستفتاء على الدستور التونسي الجديد، معلقة بالقول: "بعد أنّ صوتوا بنسبة 92.3% لصالح الدستور... لا عزاء لانهيار منظومة الإخوان".

بوعسكر: مجلس الهيئة طالب بتنقيح القانون الانتخابي وإدماج المسجلين آلياً

 وغرّد المدون المصري دياب الشعيبي، على حسابه الرسمي عبر تويتر، مردّداً هتافات التونسيين خلال احتفالاتهم بنجاح الدستور: "تونس حرة... والغنوشي برّا برّا"، معلقاً على مقطع فيديو لاحتفالات التونسيين بالقول: احتفال الشعب التونسي بنجاح الاستفتاء على الدستور، وإقصاء الإخوان الخونة".

  الإخوان يسرقون الفرح أيضاً

لم تكتفِ حركة النهضة وجماعتها الأم بالسطو على ثورة الشعب التونسي في 2011، بل يحاولون الآن سرقة فرحة التونسيين بالاستفتاء، فقد علّق الأكاديمي اليمني الدكتور سمير عبد الغني، في منشور طويل على حسابه الرسمي عبر فيسبوك، بالقول: إنّ "التصويت بنعم للدستور في تونس يعني تصحيح مسار ثورة الياسمين التي أشعلها الشعب التونسي واختطفتها جماعة الإخوان المتمثلة بحركة النهضة وحلفائها الذين شاركوها السلطة باسم ديمقراطية زائفة حكمتها (اللوبيات) والمال القذر والمحاصصات الحزبية وسلطة رجال الدين وشراء الذمم، فاكتوى بنارها الشعب التونسي (10) أعوام عجاف، يسمّيها التونسيون العشرية السوداء".

 

في حين فشلت النهضة وجماعتها الأم في الحشد على الأرض، لجأت إلى الفضاء الإلكتروني لتعكير صفو الاحتفالات بالدستور

 

 وأكد عبد الغني أنّ "الرئيس قيس سعيّد قاد حركة التغيير رغم وقوف (جميع الأحزاب) تقريباً ضده، لأنّه قاطعها جميعها وتجاوزها (كالبلدوزر) دون توقف أو مساومة ورفض كلّ طروحاتها لأنّه يرفض الحلول الوسط التي تتوافق عليها الأحزاب خدمة لمصالحها على حساب مصالح شعب متمسك بمبادئه وملتزم بوعوده لشعبه الذي اختاره ليستعيد تونس المختطفة المنهوبة من قبضة الإرهابيين و(السراق)"، مضيفاً: "قيس سعيّد اختار الانحياز للجماهير والشعب، اختار أن يقف معه بوعي وإدراك؛ لأنّه شعب واعٍ ومثقف ويعرف ما يريد". واختتم بالقول: "كعربي محب لتونس أقول #نعم_للدستور و #تحيا_تونس".

 

مواضيع ذات صلة:

مستقبل حركة النهضة في تونس..ماذا بعد إحالة الغنوشي إلى قاضي مكافحة الإرهاب؟

مشروع الدستور التونسي يفجر حالة من الجدل... ما موقف حركة النهضة؟

هل يشهد الاقتصاد التونسي انفراجة قريبة؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية