هل ينجح الصدر في تسمية رئيس الحكومة العراقية؟

هل ينجح الصدر في تسمية رئيس الحكومة العراقية؟


02/01/2022

رغم إعلان المحكمة الاتحادية المصادقة على نتائج الانتخابات العراقية، والتي أجريت في العاشر من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ورفض الطعون المقدمة من القوى السياسية الممثلة للحشد الشعبي، تحديداً تحالف الفتح، فإنّ تعقيدات عديدة، سياسية وإجرائية، ترافق البرلمان الجديد وتشكيل الحكومة المقبلة، ومن ثم، اختيار رئيس الحكومة وكذا رئيس الجمهورية، وذلك على خلفية التناقضات القائمة بين الكتل السياسية وعدم توافقها، بل وإصرار المجموعات الولائية على أنّ هناك "تزوير" قد حدث في نتائج الانتخابات.

هزيمة مدوية لوكلاء إيران

وفي أعقاب صدور قرار المحكمة النهائي والحاسم بشأن نتائج الانتخابات، والذي أكد على فوز كتلة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أعلن التيار التنسيقي الشيعي، ويضم الأحزاب الخاسرة، عن التزامه بالمصادقة على النتائج، غير أنّ قيادات شيعية في التيار عاودت الحديث، مجدداً، عن التلاعب الذي جرى في الأصوات، بل وألمحت إلى وجود تدخلات خارجية و"أطراف أجنبية" ساهمت في الهزيمة المدوية والفادحة للقوى الموالية لإيران.

وقال القيادي في الحشد الشعبي، هادي العامري، زعيم تحالف الفتح: "من باب حرصنا الشديد على الالتزام بالدستور والقانون وخوفنا على استقرار العراق أمنياً وسياسياً، وإيماناً منا بالعملية السياسية ومسارها الديمقراطي من خلال التبادل السلمي للسلطة عبر صناديق الانتخابات، نلتزم بقرار المحكمة الاتحادية".

اقرأ أيضاً: مقتدى الصدر في ضيافة خصومهِ في البيت الشيعي

وتابع العامري: "لا زلنا نعتقد بأنّ العملية الانتخابية شابها الكثير من التزوير والتلاعب، وأنّ الطعون التي قدمناها إلى المحكمة الاتحادية كانت مُحكمة ومنطقية ومقبولة، ولو قدمت لأيّ محكمة دستورية في أيّ بلد يحترم الديمقراطية لكان كافياً لإلغاء نتائج الانتخابات. نؤكد التزامنا بقرار المحكمة الاتحادية التي تعرضت لضغوط خارجية وداخلية كبيرة جداً".

في ظل "ماراثون" المشاورات بين القوى السياسية الفائزة في الانتخابات من المتوقع أن لا تخرج الحكومة الجديدة عن قالب المحاصصة التقليدية التي عرفها العراق، بعد عام 2003

 وبدوره، أعلن حيدر العبادي، زعيم ائتلاف النصر، قبوله قرار المحكمة الاتحادية، وقال في بيان: "إنّ الأساس في العملية الانتخابية والسياسية أنّها قائمة على السياقات الدستورية والقانونية، وبالتالي فإنّه، ورغم تحفظنا على العديد من الإجراءات التي رافقت العملية الإنتخابية وعمل المفوضية، إلا أنّنا نؤكد أنّ الالتزام بالسياقات القانونية والدستورية للدولة يحتم علينا القبول بتلك السياقات، رغم الحيف الذي وقع على تحالف النصر، سواء في هذه الانتخابات أو التي سبقتها".

وطالب العبادي القوى السياسية كافة بـ"وحدة الصف وإعلاء المصالح العامة، والاتفاق على معادلة حكم ناجحة وقوية ورشيدة قادرة على النهوض بواجباتها لإنقاذ الدولة".

حكومة أغلبية وطنية

ثمّن زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، قرار المحكمة الاتحادية، بينما طالب بضرورة تشكيل حكومة "أغلبية وطنية"، وغرد الصدر على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "شكراً لكل من ساهم في هذا العرس الديمقراطي الوطني ولا سيما القضاء الأعلى".

وأردف: "الشكر موصول للشعب العراقي الذي صبر وظفر وشكراً للمرجعية الراعية والداعية لهذا الكرنفال الانتخابي الذي يستحق منا الحمد والشكر والاحتفال".

كما شدد الصدر على ضرورة "تشكيل حكومة أغلبية وطنية لا شرقية ولا غربية يضيء نورها من أرض الوطن وليفيء على الشعب بالخدمة والأمان، للحفاظ على السلم والسلام".

الباحث العراقي مثنى العبيدي لـ"حفريات":  هناك محاولات للتغيير متوقعة في توجهات وعمل البرلمان القادم، سوف تقوم بها القوى التي تشكلت من رحم احتجاجات تشرين"

في ظل "ماراثون" المشاورات واللقاءات بين القوى والكتل السياسية الفائزة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والتي تم المصادقة عليها، مؤخراً، فمن المتوقع أن لا تخرج الحكومة الجديدة عن قالب المحاصصة التقليدية التي عرفتها العملية السياسية، في العراق، بعد عام 2003، حسبما يوضح الباحث المتخصص في الشأن العراقي، مثنى العبيدي، الذي يردف لـ"حفريات": "لكن قد تختلف الحكومة الجديدة من حيث طبيعة القوى السياسية التي ستتكون منها؛ فالحكومات السابقة التي كان يتولى رئاستها شخصيات من حزب الدعوة لن تتكرر هذه المرة، وإنّما من المرجح أن يكون رئيسها من التيار الصدري أو شخصية تحظى بقبول التيار".

اقرأ أيضاً: العراق: بعد تحديد شروطه .. ما الذي ينتظره العالم من التيار الصدري؟

وبسؤال العبيدي عن الصيغة المتوقعة لإنهاء البيت الشيعي خلافاته، ودور الصدر في عملية اختيار وتسمية رئيس الحكومة، أجاب: "لا زالت المفاوضات جارية بين القوى السياسية الشيعية في ظل رجحان كفة التيار الصدري. وعلى الأغلب سيتم الاعتراف بنتائج الانتخابات من قبل هذه القوى؛ إذ يعد اعتراضها مجرد مناورة سياسية من أجل الحصول على مكاسب في مناصب السلطة التنفيذية، ومن المتوقع أن يكون للصدر الدور الأبرز في اختيار رئيس مجلس الوزارء القادم".

تغيير معادلة السلطة

وأما بخصوص القوى التشرينية التي فازت في الانتخابات الأخيرة، يقول الباحث المتخصص في الشأن العراقي إنّ "هناك محاولات للتغيير متوقعة في توجهات وعمل البرلمان القادم، سوف تقوم بها القوى التي تشكلت من رحم احتجاجات تشرين. ولكن نظراً لعدد مقاعد هذه القوى فلن يكون بمقدورها وحدها سنّ أو رفض التشريعات من دون موافقة باقي القوى السياسية الأخرى".

يتفق والرأي ذاته، الباحث العراقي الدكتور محمد نعناع، والذي يرى أنّ مصادقة المحكمة الاتحادية العراقية على نتائج الانتخابات الأخيرة، قد مثّلت "ضربة قاضية" لقوى الإطار التنسيقي؛ حيث إنّ هزيمتها الانتخابية، وانحسار جودها، سياسياً برلمانياً، سوف يترتب عليه عدة أمور، من بينها تحديد السقف الزمني لبدء المسار التفاوضي لتشكيل الحكومة، وذلك قبل عقد قوى الإطار التنسيقي أي اتفاقات، أو حتى تفاهمات، مع الكتل الأخرى لتلافي عزلهم المتوقع، وكذا تقليص نفوذهم في المرحلة المقبلة.

اقرأ أيضاً: قاطع ثم عدل ثم قاطع وعدل: الصدر يدخل حلبة الملاكمة الانتخابية

ويردف نعناع لـ"حفريات": "وذلك يعني أنّ مصادقة المحكمة الاتحادية تعد منعطفاً مهما في تاريخ العملية السياسية العراقية، كونها فتحت الباب أمام خيارات متعددة لتشكيل الحكومة المقبلة، منها المضي في مشروع الأغلبية الوطنية التي يدعو لها التيار الصدري".

اقرأ أيضاً: لماذا يمضي مقتدى الصدر في التلاعب بعواطف أنصاره؟

وبعد المصادقة على نتائج الانتخابات من المحكمة، لم يتبق إلا خمسة عشر يوماً لعقد الجلسة الأولى للبرلمان، مما يعني أنّ "الرئاسات الثلاث، ستكون بدعم من زعيم التيار الصدري، خصوصاً مع تنامي الحديث عن تقارب سني لدعم توجهات تقوية مؤسسات الدولة التي يقودها مصطفى الكاظمي، وجنوح الكرد للكتلة الصدرية الصاعدة والداعمة لتوجهات حصر السلاح بيد الدولة، ووعود الصدر والكاظمي بالاستمرار بتلبية مطالب الأكراد". يقول نعناع.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية