هل يفرج العراق عن أموال إيران؟

هل يفرج العراق عن أموال إيران؟


13/10/2020

استنكر نشطاء عراقيون موافقة حكومة الكاظمي على الإفراج عن أموال إيران المجمدة في العراق، وتصل وفق بعض التقديرات إلى 9 مليارات دولار.

 وقالوا وفق ما نقل موقع "بغداد بوست": إنه تحدٍّ للعقوبات الأمريكية، وقد يعرّض بغداد للخطر الأمريكي من ناحية، علاوة على أنه تساهل غير مشروط، ومن ناحية أخرى الأزمة المالية التي تواجهها العراق، والتي أدّت إلى تأخير صرف الرواتب.

اقرأ أيضاً: بسبب الفساد والهدر وسوء الإدارة: العراقيون بلا رواتب

 وقال مراقبون: لو كانت حكومة الكاظمي تجيد اللعب السياسي، لكانت اشترطت قبل الإفراج عن الأموال أن توجّه إيران عصاباتها في الحشد الشعبي بإيقاف الهجمات بالصواريخ على المنطقة الخضراء والسفارة الأمريكية وقوات التحالف الدولي، لكنّ هذا لم يحدث.

وكان محافظ البنك المركزي الإيراني عبد الناصر همتي قد أعلن عن توصله لاتفاق مع المسؤولين العراقيين للإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة.

وقال همتي للوكالة الرسمية الإيرانية "إيرنا": إنّ المحادثات كانت إيجابية مع المسؤولين العراقيين، وتمّ الاتفاق مع البنك المركزي العراقي والبنك التجاري العراقي على الإفراج عن الموارد المالية لإيران.

 

ناشطون عراقيون يستنكرون موافقة حكومة الكاظمي على الإفراج عن أموال إيران المجمدة في العراق.

 

وأضاف: إنّ اجتماعاً ثلاثياً مشتركاً مع محافظ البنك المركزي العراقي مصطفى غالب مخيف الكتّاب، ومدير المصرف العراقي للتجارة سالم جواد عبد الهادي الجلبي، أدّى إلى اتفاق على تحرير الموارد المالية الإيرانية لشراء السلع الأساسية للبلاد، وأنه جرت مناقشة تفصيلية حول المبادلات التجارية، وأنّ إيران لديها موارد مالية كبيرة في البنوك العراقية؛ نتيجة صادرات الكهرباء والغاز إلى العراق.

وزعم همتي أنّ رئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي أعرب عن ارتياحه وترحيبه بهذا الاتفاق، وأنه وعد بمتابعته بين البلدين بشكل أسبوعي، معرباً عن أمله في أن تتخذ الاتفاقات التي تمّ التوصل إليها خطوات إيجابية في تطوير العلاقات الاقتصادية والمصرفية مع العراق، مبيناً أنه متفائل بالمستقبل بالنظر إلى مشاورات اليوم والوعود التي قطعها المسؤولون العراقيون، وأنّ النتائج ستُعرف قريباً في العلاقات المصرفية والاقتصادية بين البلدين.

اقرأ أيضاً: طريقة عمله وهيكليته ومخططاته.. ما لا تعرفه عن حزب الله العراقي

وفيما تشهد إيران انهياراً تاريخياً لعملتها وحصاراً تامّاً لاقتصادها جرّاء العقوبات الأمريكية، توجّه محافظ البنك المركزي الإيراني عبد الناصر همتي إلى العاصمة العراقية بغداد، مع وفد مصرفي وتجاري بهدف تحصيل ديون لطهران، رغم الحظر المالي على البنوك الإيرانية.

وكانت وسائل إعلام إيرانية قد توقعت بالفعل أنّ الهدف من الزيارة هو مناقشة الإفراج عن الأصول الإيرانية المحجوبة في العراق، وتتعلق بالديون المرتبطة ببيع الغاز والكهرباء للعراق.

وتُعدّ زيارة المحافظ إلى العراق ثاني زيارة خلال 4 أشهر، والعراق هو ثاني أكبر شريك تجاري لإيران بعد الصين، وبحسب بيانات لمنظمة الجمارك الإيرانية، فقد قامت إيران العام الماضي بتصدير بضائع إلى العراق بلغت قيمتها 9 مليارات دولار تقريباً.

 

مراقبون: لو كانت حكومة الكاظمي تجيد اللعب السياسي، لكانت اشترطت قبل الإفراج عن الأموال أن توجه إيران عصاباتها بإيقاف الهجمات الصاروخية

 

وتقول مصادر رسمية: إنّ ديون إيران على العراق تقدّر بنحو 3 مليارات دولار، وقد أعفت العقوبات الأمريكية العراق من أجل تسهيل شراء الكهرباء لمدة 60 يوماً، وفق "العربية".

وفي وقت يتمّ فيه الحديث عن الإفراج عن أموال إيران في العراق، يواجه العراق أزمة اقتصادية غير مسبوقة، تظهر في عجزه عن دفع الرواتب للموظفين في القطاع الحكومي، حيث يوجد في العراق نحو 6.5 مليون موظف ومتقاعد، حسب إحصاءات وزارة المالية، وبعضهم ما يزالون ينتظرون رواتبهم منذ أشهر بسبب ما يبدو أنه عجز حكومي عن توفيرها، ويعتمد الاقتصاد العراقي بشكل كبير على الرواتب التي يتقاضاها الموظفون والمتقاعدون، إذ إنها تمثل المصدر الرئيسي للنقد في السوق العراقية الداخلية.

اقرأ أيضاً: الحكومة العراقية بين مطرقة ميليشيات إيران وسندان الضغوط الأمريكية

وتحاول الحكومة العراقية تمرير قانون للاقتراض الداخلي يمكنها من دفع الرواتب، لكنّ البرلمان يقول إنّ هذا القانون "سيجعل العراق يفلس خلال 6 أشهر"، ما يضع بغداد بين خيارين صعبين: إمّا الاقتراض الداخلي، وإمّا احتمالية عدم دفع رواتب الموظفين في المستقبل.

وبالعودة إلى الشأن الإيراني، تحاول طهران استخدام القناة المالية العراقية لتلبية مشترياتها الخارجية والتحايل على العقوبات الأمريكية، لكنّ نائب الرئيس الإيراني إسحق جهانغيري قد اعترف بعدم تمكن طهران من نقل أيّ أموال بسبب العقوبات المالية والمصرفية، قائلاً: إنّ "الولايات المتحدة لا تسمح لنا بنقل دولار واحد، حتى من الأموال الإيرانية الموجودة في مختلف دول العالم".

 

محافظ البنك المركزي يزعم أنّ رئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي أعرب عن ارتياحه وترحيبه بهذا الاتفاق

 

واتجهت واشنطن نحو تضييق الخناق على طهران مع تكشف المزيد من الشركات الوهمية وطرق التحايل والكيانات التي زرعتها إيران في المنطقة على مدى سنوات، خاصة في العراق.

هذا، وتوالت تصريحات المسؤولين الإيرانيين عن قرب الإفراج عن أموال طهران المجمدة بالخارج، حتى تتمكّن من مواجهة فيروس كورونا الذي تفشى بالبلاد، وأودى بحياة الآلاف، بينهم مسؤولون كبار في الدولة ونواب في البرلمان وقادة في الحرس الثوري.

اقرأ أيضاً: كيف استقبل العراقيون لقاء مبعوثة أممية مع قائد في الحشد الشعبي؟

ومن أبرز ما تحدثت به إيران عن الأموال المجمدة كان على لسان عضو لجنة الأمن القومي بالبرلمان حشمت الله فلاحت بيشة في تصريح لوكالة "إيسنا" الإيرانية، في 27 آذار (مارس) 2020، أنه "من المقرّر الإفراج عن أموال إيرانية مجمدة في الخارج بسبب العقوبات المفروضة على طهران".

وقبل ذلك بيومين، كشف محافظ البنك المركزي الإيراني عبد الناصر همتي عن تحوّل سيطال الأموال الإيرانية المجمّدة في الخارج بسبب العقوبات الأمريكية على طهران، بالقول: "لديّ أنباء بأنه سيتم الإفراج عن جزء من الأموال الإيرانية المجمدة في الخارج بفعل العقوبات الأمريكية".

الموضوع ذاته تحدث عنه الرئيس الإيراني حسن روحاني في 25 من الشهر ذاته، قائلاً: "هناك مساع في مجلس الأمن لرفع العقوبات في ظلّ تفشي فيروس كورونا، كما أننا نبذل الجهود لكي نحرّر أموالنا المجمدة".

في ظل التحركات الإيرانية والتصريحات الرسمية عن قرب الإفراج عن الأموال المجمدة، لم يفصح المسؤولون في طهران عن موقف الولايات المتحدة بشأن تحرير هذه الأموال، والتي جرى تجميدها بضغط من واشنطن.

 

الخارجية الأمريكية: النظام الإيراني لديه الأموال اللازمة للإنفاق على التجارة الإنسانية، لكنه يحتاج أموالاً إضافية للإنفاق على الجماعات المواليه له

 

لكنّ التصريحات الصادرة من واشنطن لا تشير إلى وجود توافق بين إيران والولايات المتحدة يدفع باتجاه رفع التجميد في هذه الظروف الصعبة التي تواجهها إيران نتيجة تفشي كورونا، بل إنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو رفضا في وقت سابق رفع العقوبات لتمكين طهران من مكافحة الوباء القاتل.

ولجأت الإدارة الأمريكية إلى تشديد العقوبات، لتؤكد بذلك أنّ رفعها ليس وارداً في حساباتها، وأنها بصدد تضييق الخناق على طهران أكثر فأكثر، متهمة النظام الإيراني باستخدام موارده لتمويل "الإرهاب في الخارج".

اقرأ أيضاً: "يكفي لبناء دول".. خبراء يكشفون بالأرقام حجم "أموال العراق الضائعة"

ونقل موقع "ميدل إيست آي" في 27 آذار (مارس) 2020، عن مسؤول في الخارجية الأمريكية (لم يذكر اسمه) قوله: "النظام الإيراني لديه بالفعل الأموال المتاحة له للإنفاق على التجارة الإنسانية التي ستفيد الشعب الإيراني. وبدلاً من ذلك، يختار إنفاق هذه الأموال على الإرهاب والجماعات بالوكالة. إنّ الشعب الإيراني يستحق حياة أفضل".

وتضاربت الأرقام حول حجم الأموال الإيرانية المجمدة في الخارج، ولا توجد إحصائية واضحة حتى في الأرقام الرسمية التي صدرت عن المسؤولين الإيرانيين أو الأمريكيين، ولا سيّما في مرحلة ما قبل وبعد الاتفاق النووي الإيراني عام 2015.

وقد فرضت الخزانة الأمريكية، في نيسان (أبريل) الماضي، عقوبات على 20 كياناً عراقياً وإيرانياً يقدّمون الدعم لصالح قوات فيلق القدس، إلى جانب نقل المساعدات إلى الميليشيات العراقية الموالية لإيران، مثل كتائب حزب الله العراقي، وعصائب أهل الحق وغيرها، كما فرضت عقوبات على مصارف ومؤسسات مالية مطلع شهر تشرين الأول (أكتوبر) الجاري في محاولة لمحاصرة النظام الإيراني.

وتواجه إيران حالياً نقصاً حادّاً في النقد الأجنبي، وقد كان سعر الدولار في السوق الإيرانية المفتوحة في نيسان (أبريل) حوالي 160 ألف ريال، لكنه انخفض إلى عتبة 320 ألف ريال حالياً.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية