
دافيد. ر. هاميلتون هو عالم حاصل على دكتوراه في الكيمياء العضوية، وعالم في صناعة الأدوية، ومدرب ألعاب قوى، قبل أن يترك كل هذا ويعمل محاضراً في مجال تحفيز الجماهير، يضع بين أيدينا كتاباً عجيباً نلقاه بحذر، مخافة أن يلعب فينا الوهم، فالصحة هي أمل كل الأحياء وتاج الوجود الإنساني، وليس هناك وجود حقيقي دون حضور حقيقي.
تتلخص فكرة الكتاب في عنوانه: "كيف يستطيع تفكيرك أن يشفي جسدك". ويعرض الكاتب المحتوى في (3) أجزاء:
يتناول في جزئه الأول الدراسات التي أثبتت أنّه بمقدور أفكارنا أن تغير أوضاعاً طبية صعبة إلى الأحسن، وكيف أنّ التفكير يؤثر على الخلايا الجذعية والموروثات، وأنّه بمقدور تخيل صادق وموجّه نحو أماكن الجسد المتألمة أو المعطوبة أن يُظهر تغيراً ملحوظاً.
يعرض الكاتب رؤاه من خلال مقاربة مع نتائج أبحاث أجريت على مجموعات استخدمت قوة التخيل، ومجموعات أخرى لم تفعل، ولاحظ كيف تحسن أداء وظائف المجموعة الأولى بأبحاث مُثبتة سريرياً.
وصف الكاتب كيف عانى في مرحلة من حياته من نوع من الأورام، وكيف شُفي عن طريق تأملاته العميقة حول اقتطاعه هذا الورم من جسده تخيلياً، وكيف أدهش هذا طبيبه! ولم يكتفِ الكاتب بذلك، بل أورد في الجزء الثاني من الكتاب قصصاً لمرضى كُثر، بمشاكل صحية مختلفة بدءاً من الأورام السرطانية، مروراً بمشاكل القلب والجلد وحتى السمنة، وكيف شفاهم الإيمان والتخيل والحوار الداخلي مع أجسادهم، والحديث إلى الأعضاء المعلولة والخلايا السرطانية، والطلب منها أن تذهب وتغادر الجسد.
قد يبدو كل هذا لأول وهلة بيع وهم، لكن ما يصر عليه الكاتب في عرضه، هو أن يوثق كل استنتاجاته بأسماء من البحوث والتجارب، وخاصّة تلك التي أجريت على العلاجات الوهمية، والتي أثبتت فاعلية علاجية، كما أنّ توثيق شهادات المرضى يضعنا في حيرة من أمرنا. وهذا ما توقعه الكاتب، فقد ردّ على احتمالية نقده واتهامه ببيع الوهم للمرضى، بأنّه يفضل أن يُعطي الأمل للناس، وأن يراهم يحولون هذا الأمل إلى عافية وشفاء، بدلاً من تجنب آلامهم بسبب مخاطرة أنّ البعض قد لا يحصل على نتيجة.
يستند الكاتب في خُلاصاته إلى أنّ الدماغ متصل بالجسد، وبالجلد والأوتار والعضلات؛ لهذا نشعر عندما يلمس أيّ شخص جزءاً من جسدنا، ويمكننا أن نشعر بحرارة أيّ جزء من جسدنا بمجرد تخيل ذلك، ويمكن أن نصرف التفكير عن ألم ما في جسدنا بمجرد صرف تفكيرنا. وهذا يعني أنّ الدماغ تتنشط الأجزاء الخاصة فيه بكل عضو، ممّا يعني أنّ هناك اتصالاً قائماً بين الجسد والدماغ، وعليه يمكن أن نوجه الدماغ إلى معالجة الجسد أو تحسينه.
كما يضع الكاتب مُلحقاً إضافياً لمن يعانون من عيوب خاصة في الموروثات التي تنتج البروتينات والإنزيمات والهرمونات والكثير من المواد الأخرى، وعليه فإنّ الجسم يمكن إصلاحه من خلال الموروثات التي تعمل وتتوقف، وعن طريق التخيل يذهب المريض بفكره إلى الجزء المتضرر من جسده، ويتخيل خلاياه، ويشاهد الحمض النووي، ويحاول أن يرى ذهنياً الموروثات التي خلقت هذه الحالة من المرض ويوقفها، أو الموروثات التي تخلق الصحة ويطلب منها أن تضيء وتعمل.
تثير أفكار هاميلتون الاستغراب، لكننا لا نلبث أن نفكر في قوله بأنّه يفضل أن يعطي الناس الأمل، على أن يخاف من أنّ النتائج لن تكون إيجابية مع الجميع.