هل يجب أن نخاف من الثورة الرقمية؟

هل يجب أن نخاف من الثورة الرقمية؟

هل يجب أن نخاف من الثورة الرقمية؟


كاتب ومترجم جزائري
29/02/2024

ترجمة: مدني قصري

العالم الرقمي، كما يراه نيلام رام، نتاج المعاملات المتبادلة بين التقنيات والبشر؛ إنه يخلق أشكالًا جديدة من المعرفة التي تعزّز قوة المواطنين وقدرتهم على المساهمة في علومٍ أكثر مساواة.

نيلام رام؛ أستاذ في قسم علم النفس والاتصال بجامعة ستانفورد. أبحاثه ثمرة تاريخ طويل، حول دراسة التغيير، بعد الانتهاء من دراسته الجامعية في الاقتصاد عمل متخصصاً في عمليات الصرافة، مهووساً بتتبع وتوقع حركات الأسواق العالمية، صعوداً وهبوطاً الأسواق الموازية.

بعد ذلك انتقل إلى دراسة الحركة البشرية، وعِلم ديناميكية الحركة البشرية، وأخيراً العمليات النفسية، وتخصص في منهجية البحث الطولي، وبشكل أعم درس نيلام رام كيف تتطور التغييرات قصيرة المدى (على سبيل المثال، عمليات مثل التعلم، ومعالجة المعلومات، وتنظيم الانفعالات، وما إلى ذلك) طوال الحياة، وكيف تساهم تصاميم الدراسة الطولانية في توليد معرفة جديدة. تشمل مشاريعه الحالية دراسة التغييرات المرتبطة بالعمر في التنظيم الذاتي وتنظيم الانفعالات لدى الأطفال، ونماذج تطور انفعالات مشاعر المراهقين والبالغين، دقيقة بدقيقة ويوماً بعد يوم، والتغيرات التي تحدث في التأثيرات السياقية على الرفاه في سنّ الشيخوخة.

يطوّر نيلام رام مجموعة متنوعة من نماذج دراسية تستخدم التطورات الأخيرة في علم البيانات وتدفقات البيانات المكثفة الصادرة عن وسائل التواصل الاجتماعي والمجسّات (أجهزة الاستشعار) المحمولة والهواتف الذكية لدراسة التغيير على نطاقات زمنية متعددة.

نيلام رام: عندما نتعلم استخدام التقنيات الجديدة، فكلّ المشكلات البحثية التي كنا نعتقد أنّها ستستغرق من الوقت 15  عاماً لحلّها سيتمّ حلّها بشكل أسرع

حياة الأفكار حياة الأفكار "La Vie des idées": أدّى التدفق المستمر للابتكارات التكنولوجية في أعقاب ثورة الإنترنت إلى تغيير الطريقة التي نتعامل بها مع العالم اليوم، بشكل تدريجي. من المعلومات عالية السرعة إلى وفرة المحتوى، ومن ملفات تعريف الارتباط إلى مراقبة السلوك الدائم، ومن الخدمات المصرفية عبر الإنترنت إلى عملات البيتكوين، ومن العمل عن بُعد إلى آفاق عالم الواقع الافتراضي كلّي الوجود، يبدو أنّ أطر وهياكل العالم الذي نعيش فيه اليوم تمرّ بتحولات جذرية.

كيف تصف هذه اللحظة الدقيقة من التاريخ التي نجد أنفسنا فيها؟

موضوع مثير للغاية وعاجل للغاية! في العصور القديمة غالباً ما كانت الشعوب الأصلية في جميع أنحاء العالم تضع في حسبانها تأثير قراراتها وأفعالها على الأجيال السبعة التالية، كانت صحة المصايد وقطعان البيسون (الثيران الوحشية) على المدى الطويل أمراً بديهياً مفروغاً منه.

حدثتنا جدّتي عن الدهشة التي شعرت بها عندما وصل الهاتف الدوّار الأول والفوتوغراف الأول! وأشارت إلى التطورات العلمية التي قامت عليها هذه الابتكارات وكيف غيّرت هذه الأجهزة حياتهم.

 يحدث الشيء نفسه اليوم، في مؤتمر في وقت سابق، اكتشفتُ مدى التقدم الذي تم إحرازه منذ عام في تصميم وأداء وحدات معالجة الرسوميات "GPU"، التي تتكفل بتكوين نماذج أساسية جديدة في الذكاء الاصطناعي، والمدهش أيضاً أنّ الاكتشافات التي ستحققها هذه النماذج الحاسوبية، سواء كانت نماذج جزيئية للحمض النووي أو بنية المجرات في الكون، ستكون أسرع وأسرع.

عندما نتعلم كيف نستخدم هذه التقنيات الجديدة، فكلّ المشكلات البحثية التي كنا نعتقد أنّها ستستغرق من الوقت 15  عاماً لحلّها سيتمّ حلّها بشكل أسرع، ربما في أقل من 5 سنوات. إنه لأمرٌ مثير للغاية!

مع التقدم التكنولوجي يقول كبار السنّ اليوم إنّهم يشعرون بأنّهم أكثر قدرة على التحكم لفترة أطول في الأشياء من قدرة كبار السنّ في التسعينيات

إلى جانب حماستي أمام جهاز جديد وخوارزميات جديدة وأمام الاكتشافات العلمية المثيرة التي نشهدها في هذه اللحظة من التاريخ، أشعر بالقلق بشأن الكيفية التي ستستخدَم بها الابتكارات التكنولوجية والمكاسب المعرفية، نحن نشهد المزيد والمزيد من الحالات التي ينتهي فيها نشرُ ابتكارٍ جديد نهايةً سيئة، حين تستحيل التحوّلات المثيرة في التبادلات الشخصية والاجتماعية إلى مستنقعات شائكة ذات عواقب غير متوقعة.

إنّ التقدّم السريع والنابض للعلم والمجتمع ترافقه الآن تهديدات وجودية رهيبة على كوكبنا وهياكلنا الاجتماعية ورفاهيتنا، هذه اللحظة الدقيقة من التاريخ هي لحظة طوارئ، نحن نتغير بسرعة وسنواصل هذا النمو، تغيرُ المناخ يحدث الآن، والسلام مطلوب الآن، وليس بعد سبعة أجيال من الآن؛ إنّ الحاجة إلى تغيير تكنولوجي عاقل أمرٌ ملحّ الآن.

قامت الأنثروبولوجيا الهيكلية الكلاسيكية بصياغة فرضية التناظر أو التطابق بين العالم المادي الذي نعيش فيه من جهة وترتيب المجموعات الاجتماعية و"أشكال التصنيف" التي ندرك من خلالها أنفسنا والعالم؛ هل ستذهب أنت إلى حدّ توسيع هذا القياس ليشمل التصميم المعماري لهياكلنا الرقمية؟ إلى أي حدّ سيذهب ظنّك في أنّ أنظمة المعلوماتية والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية، وما إلى ذلك، ستغير الطريقة التي نفهم بها العالم الذي نعيش فيه والطريقة التي نحاول بها التصرف في هذا العالم؟

أعتقد أنّ التقنيات تُغيّر بشكل جذري الطريقة التي ننظر بها إلى العالم، بالطريقة نفسها للمطابع والكتب والهيئات المتنامية للمعرفة العلمية والتبادلات الاجتماعية التي تعيد باستمرار تشكيلَ وصياغة ما نعرفه ونفكر فيه ونفعله؛ البشر فضوليون وديناميكيون، والتغيير هو المعيار وليس الاستثناء.

عندما نتوقف عن التغيير سنموت، حرفياً، لقد استوحيتُ جزءاً كبيراً من أبحاثي من معرفة التنمية الممتدة على مدى الحياة، يُنظر إلى تنمية الأفراد على أنّها عملية تستمر مدى الحياة (من المهد إلى اللحد)، والتي تتكشف وتتأثر بالعديد من مستويات العمل (من الخلايا إلى المجتمع) على نطاقات زمنية عديدة (من جزء من ثانية إلى آلاف السنين). التنمية هي نتيجة تفاعل دائم بين الفرد وبيئته. التغييرُ مُعاملاتيٌّ وعلائقيّ ومعقد وديناميكي، ومن هذا المنظور ومن المنظورات الأساسية للفيزياء والكيمياء والبيولوجيا، فنحن وعالمنا نتغيّر باستمرار؛ فما دامت أنظمة الكمبيوتر والإنترنت، وما إلى ذلك، جزء من عالمنا وخيالنا فهناك حتماً تبادل ديناميكي.

نيلام: في الآونة الأخيرة اهتممتُ  بهيكل أنظمة الشبكات والابتكارات في ديناميكيات الشبكات

في الآونة الأخيرة اهتممتُ  بهيكل أنظمة الشبكات والابتكارات في ديناميكيات الشبكات، منذ ظهورها في سبعينيات القرن الماضي أبرزت النماذج القائمة على نظرية التقعيد الواقعة في قلب العلوم التنموية، خاصة التنمية على مدى الحياة تأثيرَ خمس طبقات سياقية (على سبيل المثال، الأسرة، الحي، المجتمع، الثقافة، الوقت) على أداء و تطور الأفراد.

الأنماط التي يتمّ بوجه عام تقديمها عادةً كمجموعة من الدوائر المتحدة المركز، أنماطٌ هرمية في جوهرها، يقع الفرد في مركز الترتيب الدائري مؤثراً على طبقات السياق المحيطة ومتأثراً بها، تمّ استخدام هذه النماذج الهرمية لتأطير التحريات حول السياق والتنمية الفردية على مدار الأربعين عاماً الماضية.

في غضون ذلك، انفجرت نماذج وتقنيات الشبكات، أدّت رسوم بيانية هائلة متضمنة العديد من العقد المرتبطة ببعضها، بحواف وأسهم إلى ظهور ابتكارات رئيسة في المعلوماتية والاتصالات، لا سيما المعالجة المتوازية الكثيفة، ووسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت نفسها. تسمح النماذج المعلوماتية المتصلة بالشبكة بفهم جميع الوظائف البشرية؛ بدءاً من تكوين ميكروبيومِ (نا) (الميكروبيوم مجموع الميكروبات، المتعايشة مع إنسان أو أيّ من الأحياء الأخرى)، إلى الكيفية التي ينتقل بها الآيفون "iPhone" الجديد من المصنع إلى صندوقي البريدي.

في أعقاب هذه الابتكارات، واستلهاماً من عمل المؤلف الموسيقي الأمريكي، كريستيان وولف، "تغيير النظام" (Changing The System 1973) اكتشفت مجموعتي البحثية كيف يمكن أن تتغير معرفة النموّ البشري وانحداره عندما يمكننا استبدال نماذج  كلاسيكية من دوائر متحدة المركز بنماذج شبكية حديثة. . .

هل أصبحت مادية العالم "القديم" بالية وعفا عليها الزمن بسبب طرقنا الجديدة في تجربة العالم؟ كيف تتعامل مع مخاوف أولئك الذين يرون خطراً في الانتقال إلى واقع افتراضي وغريب عن الواقع؟

السؤال يُبرز التغيير، التحوّل من القديم إلى الجديد، نظراً إلى أنّ برنامجي البحثي يركز على دراسة التغيير وعمليات التغيير، أعتقد أنني أميل إلى اعتبار التغيير أكثر أهمية من الاستقرار، وإلا فسأغيّر بدوري على الأرجح ... برنامج البحث. في إطار عملنا على "Screenomics"، حيث نلاحظ ونحلل كلّ المحتوى الذي يظهر على شاشات الهواتف الذكية عند الأفراد، استرشدنا بدراسة الميكروبيوم، المجموعة الهائلة من الكائنات الحية التي تعيش في أمعائنا وعلى بشَرتنا.

Screenomics مجال بحث متعدد التخصصات يعتمد على تحليل السلاسل الزمنية لشاشات الهواتف الذكية، عادةً على شكل سلسلة من لقطات الشاشة. تم وضع تصور لهذه الطريقة لأول مرة من قبل الباحثين في جامعة ستانفورد، وتمّ توسيعها لاحقاً بواسطة فريق أكبر من الكليات تم استخدام تحليل "Screenomics" لدراسة تعدّد المهام، واستهلاك الأخبار، وتصنيف التطبيقات، والتعرف البصري على الأحرف، والوقائع، وتطور المراهقين، والعلاقات الوسيطة، ..إلخ).

تسلّط هذه الأعمال الضوء على الكيفية التي تتطور بها الأحجام النسبية لأنواع الميكروبيوم المختلفة اعتماداً على النظام الغذائي والصحة وعوامل أخرى. عندما تتغير البيئة المضيفة فقد تتكاثر بعض أنواع الميكروبيوم، بينما تنخفض أنواع أخرى، أو قد تتكاثر جميع الأنواع معاً، أو قد تنخفض جميعها. فالذين يخشون الانتقال من "القديم" إلى الجديد قد يخسرون أكثر عندما ينهار الوضع الراهن. في الألعاب التي تكون المحصلة فيها صفراً يكون المكسب عند شخص ما خسارةً عند شخص آخر، أياً كان نوع التغيير الذي يلوح في الأفق، فالبعض يخشاه، غالباً مَن هم في السلطة. إنّهم يخشون الثورة.

 يعرف فقراء العالم أنّ نفايات البعض يمكن أن تكون كنوزاً عند البعض الآخر.

في المواقف التي يربح فيها الجميع لا يُخشَى التغيير، بل يتم الترحيب به، لأنّ الجميع رابح. أفضّلُ استكشاف وجهة النظر هذه. لقد عرفنا بالفعل، عام 1971، بفضل كلمات جيل سكوت-هيرون؛ أنّ "الثورة لن تُبث على التلفاز ... الثورة سوف تكون مباشرة". أفضّلُ أن أطرح السؤال التالي: هل يمكننا استبدال التباينات المادية والاستلاب الموجود في واقعنا الحالي بالتنوع والمساواة؟ الحاجة إلى التغيير الاجتماعي جدّ ملحّة.

كيف تساعد آباءك في فهم عواقب هذه التحولات أو في إدارتها؟ ماذا تخبرنا عن تأثيرات هذه التغييرات على حياتنا اليومية؟

أنا أدرس التغيير وعمليات التغيير؛ في أحد أعمالي قمت، أنا ودينيس جيرستورف، بدراسة كيف تعمل الابتكارات التكنولوجية والتغيرات الاجتماعية التي حدثت خلال الخمسين عاماً الماضية (على سبيل المثال، في التعليم) على إعادة تشكيل النمو والانحدار المرتبطين بالعمر، في سن الرشد وفي الشيخوخة. بشكل عام نلاحظ أنّ الجماعات التي ولدت في وقت لاحق أكثر قدرة معرفياً من الجماعات التي ولدت قبلها. مع التقدم التكنولوجي يقول كبار السنّ اليوم إنّهم يشعرون بأنّهم أكثر قدرة على التحكم لفترة أطول في الأشياء من قدرة كبار السنّ في التسعينيات، وأنّهم يتمتعون برفاه أفضل وشعور أقل بالوحدة.

 الموسيقي الأمريكي، كريستيان وولف

على الرغم من أنّ هذا كلّه إيجابي للغاية وينذر بمستقبل مشرق إلا أنّ معدل الانحدارات المرتبطة بالعمر لم يتغير، ما تزال حالات التدهور المعرفي تحدث، لكنّها تبدأ عند مستويات أعلى؛ إذا كان الماضي يتيح النظر إلى المستقبل، فإنّ هذا الخط من العمل يوحي عموماً بأنّ التحولات الناتجة عن التكنولوجيا ستؤدي إلى تحسينات مستمرة في مسارات التنمية التي يسلكها الأفراد في مرحلة البلوغ وفي الشيخوخة.

هناك خطّ عمل آخر يتعمق في الديناميكيات اللحظية للحياة الرقمية؛ لقد قمت بالتعاون مع وبايرون ريفز وتوم روبنسون بتطوير مجالَ "Screenomics" (مجال بحث متعدد التخصصات يعتمد على تحليل السلاسل الزمنية لشاشات الهواتف الذكية، عادةً على شكل سلسلة من لقطات الشاشة). لقد طورنا نموذجاً نلاحظ فيه مجموعة السلوكيات البشرية التي ينخرط فيها المشاركون في الدراسة على شاشات هواتفهم الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمول. تتيح هذه البيانات سجلاً كاملاً ومفصلاً للحياة الرقمية وجميع الأنشطة والتجارب التي تتم هناك، البحث عن المعلومات والتعبير عن الانفعال والقلق والتحدث مع الأصدقاء والأزواج والمشاركة في اجتماعات العمل والتسوق وقراءة المقالات الإخبارية والألعاب ومشاهدة مقاطع فيديو.

يمكننا الآن أن نلاحظ بالتفصيل كيف أنّ بعض هذه السلوكيات تعزز المرونة البشرية (المشاركة الاجتماعية)، بينما تطيل سلوكيات أخرى دورات اليأس؛ فعلى غرار التحولات الجينية والأيضيات التي تصف الوظيفة البيولوجية يصف مجال "Screenomes" بنيةَ وتوقيت المهام الفعلية التي يواجهها الأفراد ويؤدونها في حياتهم اليومية - المحفزات والاستجابات النوعية التي تُشكِّل وتشَكَّل من خلال صحة ورفاه الأفراد .

باستخدام مجموعة متنوعة من أدوات الذكاء الاصطناعي لاستخراج تسجيلات رقمية لخصائص فسيولوجية ونفسية وسلوكية واجتماعية وثقافية وبيئية، يمكننا أن نرى بشكل مباشر كيف يستخدم الأفراد التكنولوجيا الرقمية لتحقيق أهدافهم، وكيف يتأثرون بالبيئة الرقمية وكيف يساهمون في تشكيل هذه البيئة، لحظة بلحظة ومن أسبوع لآخر.

هل كون الشركات التكنولوجية الكبرى والدول لديها إمكانية الوصول إلى نوع من البانوبتيكون "panopticon" (مراقبة الكل) يشكّل تهديداً حقيقياً للديمقراطية؟ هل ترى أساليب يمكن من خلالها لهذه التقنيات الجديدة، بدلاً من ذلك، أن تمنح سلطة للمواطنين وترسّخ الديمقراطية؟

لست متأكداً من أنّ الوصول إلى البيانات، في حدّ ذاته، يمثّل تهديداً للديمقراطية، بشكل متزايد توحي المحادثات التي أشارك فيها أنّ ما يهم حقاً هو ما يتم فعله بهذه البيانات، سواء تم استخدامها من أجل الخير و / أو من أجل الشرّ.

من الآن فصاعداً جميع المحادثات حول ملاحظة سلوك الأفراد ومراقبته، وجمع البيانات وتخزينها، ثم تحليلها، تعتمد على الأطر الأخلاقية القائمة أو الناشئة حديثاً، مع إيلاء اهتمام خاص لمسائل الخصوصية والعمل الخيري والإنصاف ودور المقاييس التي توجه تطوير الخوارزميات، مع كيفية التخفيف من الاستخدام المزدوج الكامن (الموجود بالقوة) في ارتفاعات الذكاء الاصطناعي في حياة الأفراد، وكيفية تعزيز الإدماج والإنصاف.

من الآن فصاعداً جميع المحادثات حول ملاحظة سلوك الأفراد ومراقبته، وجمع البيانات وتخزينها، ثم تحليلها، تعتمد على الأطر الأخلاقية القائمة أو الناشئة حديثاً

نعمل جميعاً بنشاط لتحديد كيفية استخدام التقنيات الجديدة (والقديمة)، وكيف ينبغي، أو لا ينبغي استخدامها؛ إنّ عمق الأسئلة المطروحة في المنتديات العامة والخاصة يمنحنا شحنة من الأمل.

في إطار عملنا نصمّم أنظمة نقل بيانات تسمح للأفراد بالتعلم من بياناتهم الخاصة (السلوكيات) وتساعدهم في تحقيق أهدافهم، القصيرة وطويلة المدى، لقد اعتمدنا نهجاً محدداً يعترف بأنّ كلّ فرد فريد ومميز. بدلاً من محاولة العثور على إجابات وتدخلات فريدة نقوم بنمذجة كلّ فرد على حدة وتصميم مساعدات تلبي احتياجاته الخاصة وتسمح له تحقيق أهدافه التمييزية الخاصة. نعتقد أنّ هذا التحول الأساسي الذي يتمثل في الانتقال من النماذج القائمة على المجموعة إلى نماذج نوعية خاصة بالشخص سيعيد في الوقت نفسه تشكيل الكيفية التي نحقق بها الاكتشافات والكيفية التي تُترجَم بها هذه الاكتشافات في حياة الناس.

تقليدياً، كنا نضطر إلى التحكيم بين الدقة التي يتم الحصول عليها باستخدام تصميمات دراسة اصطلاحية رمزية باهظة الثمن والتعميمات النمطية التي تم الحصول عليها باستخدام تصميمات دراسة، وفق نظام حقائق متكررة يقينية تُستخلص منها قوانين ثابتة، وملائمة منطقياً. كانت هذه التصميمات المرتكزة على المجموعات أسهل دائماً وغير مكلفة. لكنّ الابتكارات في الشبكات وتقنيات الهاتف المحمول، ومع الاعتماد كامل الوجود لهذه التقنيات تغيّرت اللعبة اليوم وفرضت واقعاً جديداً. نحن الآن قادرون على إجراء بحث واسع النطاق، دقيق وقابل للتعميم، هذا التغيير في الممارسة سوف يغيّر استقلالية المواطنين وقدرتهم على المساهمة في صناعة علمٍ أكثر مساواة يعامِل حقاً كلّ شخص وبياناته من خلال الاعتراف بأهميته الفريدة وثرائه؛ فالمستقبل هو الآن، وهذا رائع!

مصدر الترجمة عن الفرنسية:

https://laviedesidees.fr/La-revolution-numerique-nous-donne-le-pouvoir.html

مواضيع ذات صلة:

الجماعات الأصولية و"الإرهاب الرقمي"

"الخلافة" الرقمية و"إرهاب" السوشيال ميديا!

ما مدى تأثير الإعلام الرقمي في نشر ثقافة التسامح والتعايش؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية