هل يتغلب التصويت السياسي على العائلي في الانتخابات المحلية الفلسطينية؟

هل يتغلب التصويت السياسي على العائلي في الانتخابات المحلية الفلسطينية؟


21/03/2022

على الرغم من الطابع السياسي الذي تتخذه الانتخابات الفلسطينية بشكل عام، إلا أنّ المرحلة الأولى من الانتخابات المحلية، التي جرت في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، أظهرت فوزاً ساحقاً للقوائم المستقلة، والتي ضمّت قوائم عشائرية وعائلية، وسط ترقب ما ستشهده المرحلة الثانية من السلوك الانتخابي، والذي قد يستنهض قوة العائلة والعشيرة مجدداً على حساب الحزب السياسي.

وأظهرت نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات المحلية التي جرت في الضفة الغربية، فوزاً كبيراً للقوائم المستقلة، حيث حصلت على نسبة 70.9% من العدد الكلي للمقاعد المتنافس عليها، والبالغة 1,503 مقعداً، بينما حازت القوائم الحزبية على 29.1%.

وتضمّ القوائم المستقلة شخصيات محسوبة على حركتي "فتح" و"حماس"، وقد شارك بعض المنتسبين إلى الأخيرة في الانتخابات بصفة شخصية، ومن دون قوائم رسمية، بسبب مقاطعة الحركة الانتخابات التي تجري كلّ أربع سنوات في الضفة، وتمنع "حماس" إجراءَها منذ سيطرتها على قطاع غزة قبل 15 عاماً.

أظهرت نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات المحلية التي جرت في الضفة الغربية، فوزاً كبيراً للقوائم المستقلة

واختارت الحكومة الفلسطينية إجراء الانتخابات المحلية على مرحلتين بعد تأجيلها لعدة أشهر، الأولى في الـ 10 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وذلك للقرى الصغيرة في الريف الفلسطيني، والثانية في مارس (آذار) المقبل للمدن الكبيرة والبلدات الكبيرة، بالإضافة إلى قطاع غزة.

وأعلنت لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية، في 8 شباط (فبراير) الماضي، فتح باب الترشح للمرحلة الثانية من انتخابات المجالس المحلية للعام 2021، والمزمع إجراؤها في 26 آذار (مارس) الجاري. وأكدت اللجنة انطلاق الاستعدادات لإجراء المرحلة الثانية من هذه الانتخابات.

الانتخابات المحلية الفلسطينية انتخابات خدماتية لها دور وتأثير كبير على حياة الفرد، وهي تمهد لإجراء الانتخابات العامة، وهي تستقطب مختلف الجهات للمشاركة فيها

وستُجرَى تلك المرحلة في 66 هيئة محلية تمثل بلديات المدن والبلدات الكبرى في الضفة الغربية، وجميع الهيئات المحلية في قطاع غزة، والبالغ عددها 25 هيئة، في حال سمحت "حماس" بإجرائها.

وكانت حركة حماس الفلسطينية قد أعلنت، في الثاني من كانون الثاني (يناير) 2022م، موقفها من خوض المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية (البلديات)، المقررة إقامتها في آذار (مارس) المقبل، والتي جرت المرحلة الأولى منها بشكل جزئي في الضفة الغربية.

وجاء ذلك في بيان لعضو المكتب السياسي لحماس حسام بدران ، أوضح خلاله تفاصيل الرسالة التي بعثت بها الحركة إلى لجنة الانتخابات المركزية.

تضمّ القوائم المستقلة شخصيات محسوبة على حركتي "فتح" و"حماس"

وأرسلت حماس رسالتها إلى لجنة الانتخابات، بعد تواصل رئيس اللجنة حنا ناصر مع الحركة متسائلاً عن موقفها حيال إجراء المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية، بحسب البيان.

وقالت الحركة إنّها حددت في رسالتها لناصر موقفها من "هذه الانتخابات المجتزأة"، وأوضحت أنّه "يجب إجراء انتخابات شاملة بالتزامن، أو بالتتالي، تكون الانتخابات المحلية جزءاً منها، وليس بديلاً عنها كما هو حاصل الآن".

اقرأ أيضاً: حماس عندما تطلب الدعم ولو من الصين

وأشارت حماس إلى "ضرورة تلقي الحركة ضمانات مكتوبة من رئيس السلطة (محمود عباس) بعدم إلغاء الانتخابات في اللحظات الأخيرة، كما فعل سابقاً عدة مرات، وكذلك ضرورة التراجع عن التعديلات التي أجراها رئيس السلطة منفرداً على قانون الانتخابات المحلية، خاصة فيما يتعلق بالمرجعية القضائية لهذه الانتخابات".

لا يمكن إسقاط البعد العشائري

ويسيطر البعد العشائري والعائلي على الانتخابات، إذ لا يمكن إسقاطه في الانتخابات المحلية، ولا حتى في الانتخابات على المستوى السياسي. لكنّ الكاتب والمحلل السياسي، د. ناجى شراب، يقول لـ "حفريات"؛ إنّ نسبة مشاركة العشائر في المرحلة الثانية من هذه الانتخابات ستكون محدودة، في ظلّ منافسة فصائل وأحزاب أخرى على خوضها؛ كحركة فتح وبعض الفصائل، بغياب الفصائل الرئيسة، مثل حركة حماس وغيرها التنظيمات الفلسطينية".

الكاتب والمحلل السياسي، د. ناجى شراب: نسبة مشاركة العشائر في المرحلة الثانية من هذه الانتخابات ستكون محدودة

ويضيف شراب؛ أنّ "الانتخابات المحلية تركز دائماً على القضايا المحلية والخدماتية التي تقدمها البلديات، والانتخابات تتم فيها بناءً على هذا المعيار، وهذا لا يخفي أنّ الانتخابات الفلسطينية بشكل عام هي سياسية سواء كانت محلية أو تشريعية أو حتى رئاسية، بالتالي، لا غرابة لهذا البعد السياسي الذي يطغى عليها، والذي قد يفقدها جوهرها الحقيقي".

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون: تضييق في تركيا وتصعيد في ليبيا وفضيحة لحماس في السودان

وتابع بأنّ "إجراء الانتخابات المحلية في ظلّ حالة الانقسام الحالية، وعدم الثقة والمصداقية بين بعض الأطراف والأحزاب السياسية، والانتقادات الموجهة للسلطة الفلسطينية، من شأنه تعميق حالة الانقسام، حيث ستبقى نسبة المشاركة فيها قليلة نسبياً، لكون نتائجها محسومة مسبقاً، ولذلك فإنّ عدم إجراء الانتخابات، هو أفضل من عقدها في ظلّ الوضع الفلسطيني الحالي، والذي يشهد حالة من التشتت والانقسام".

التحضير لما بعد الرئيس عباس

شراب أكّد أنّه "لعدم الوصول إلى شرعنة الانقسام، لا بدّ من أن تكون الانتخابات الفلسطينية كلية شمولية، بحيث لا تتمّ تجزئتها في الضفة الغربية وقطاع غزة"، مشيراً إلى أنّ "توقيت إجرائها حالياً يتوافق مع الرؤية الإسرائيلية للتحضير لمرحلة ما بعد الرئيس عباس، حتى تكون هناك شرعية في إدارة الأمور في حالة حدوث مثل هذا السيناريو، وهو ما يدلل على خطورة هذه الانتخابات في هذه المرحلة الحالية والراهنة".

اقرأ أيضاً: هل تخدم حماس أهداف طالبان على الحدود الإيرانية؟

وعن أسباب عدم إجراء الانتخابات في المناطق الفلسطينية المصنفة "ج"؛ بيّن شراب أنّ "هذه المناطق لا تشهد تواجداً فلسطينياً ملموساً، والاحتلال الإسرائيلي لا تعنيه الانتخابات المحلية بشكل كبير، وهي تذكّرنا بالخيار الفلسطيني القديم، والذي ينصّ بالاعتماد على المحليات في إدارة السلطة، وهو ضمن رؤية الاحتلال الصهيوني، حيث من المتوقع أن يشجع الاحتلال إجراء الانتخابات المحلية، لأنّها قد تكون الخيار الإسرائيلي في المستقبل".

السياسة تغلب على العشائرية

بدورها، صرّحت عضو المجلس التشريعي الفلسطيني، د. سحر القواسمي، لـ "حفريات"؛ بأنّ "الانتخابات المحلية تأخذ الشكل السياسي رغم الحرص على التمثيل العشائري في كلّ قائمة، وهذا دليل على أنّ السياسة تغلب على العشائرية في فلسطين، وعادة ما يشير ذلك إلى جوانب ايجابية في رغبة المجتمع بتعزيز مؤسسات الدولة، لذلك يجب العمل على تطوير شكل الدولة من حيث فرض القانون أو السلطة التنفيذية".

عضو المجلس التشريعي الفلسطيني، د. سحر القواسمي: الانتخابات المحلية تأخذ الشكل السياسي رغم الحرص على التمثيل العشائري في كلّ قائمة

وبيّنت القواسمي؛ أنّ "خسارة حركة فتح في المرحلة الأولى من الانتخابات المحلية وفوز القوائم المستقلة بشكل ساحق، يرجعان إلى أنّ أداء قيادات الأقاليم المحلية في الحركة يدفع لنفور كوادر التنظيم من خوض الانتخابات، إلا أنّ ذلك لا يعكس أنّ البديل حتى الآن للفوز لفصيل آخر، وهذا يعني أنه لا يوجد فصيل آخر يستطيع خوض الانتخابات بقائمة منفردة ويحصل على أغلبية ماعدا حركة فتح".

وتابعت بأنّ "انخراط كوادر من حركة حماس للمشاركة في الانتخابات المحلية تحت مسمى قوائم مستقلة، على الرغم من معارضة الحركة للمشاركة فيها، قد يعبّر عن رغبة الحركة في أن يكون لها دور تخريبي في تلك الانتخابات، وذلك لإضعاف حركة فتح، دون التأكد من قدرتها على الحسم فيها".

اقرأ أيضاً: تمكين السلطة الفلسطينية ومحاصرة حماس: قطاع غزة يختنق

القواسمي أكّدت أنّ "الانتخابات المحلية انتخابات خدماتية لها دور وتأثير كبير على حياة الفرد، وهي تمهد لإجراء الانتخابات العامة، وهي تستقطب مختلف الجهات للمشاركة فيها وخوضها، كما الحال في انتخابات اتحاد مجالس الطلبة التي تجرَى داخل الجامعات".

وأوضحت النائبة في المجلس التشريعي؛ أنّه "على الرغم من غياب الانتخابات التشريعية، إلا أنّه منذ انتخابات عام 1976 والتي جرت فيها أول انتخابات محلية، فقد أخذت تلك الانتخابات في ذلك العام الطابع السياسي، وهو لا ينفي بالضرورة أو يحجم الدور المهني لتلك الانتخابات".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية