هل يتحالف نتنياهو مع غانتس للخروج من أزمة الإصلاحات القضائية؟

هل يتحالف نتنياهو مع غانتس للخروج من أزمة الإصلاحات القضائية؟

هل يتحالف نتنياهو مع غانتس للخروج من أزمة الإصلاحات القضائية؟


07/05/2023

أظهرت استطلاعات الرأي في إسرائيل تراجع تأييد الناخبين لمعسكر الائتلاف الحاكم برئاسة بنيامين نتنياهو، مقابل ارتفاع التأييد لحزب المعسكر الوطني برئاسة بيني غانتس المعارض. فقد الائتلاف الحاكم 14 مقعداً بحسب الاستطلاعات، كان منها 9 مقاعد من حصة حزب الليكود البالغة 32 مقعداً، وأربعة مقاعد من حصة تحالف الصهيونية الدينية (سموتريتش - بن غفير)، ومقعد واحد من تحالف شاس - يهودا هتوراة.

وتأتي الإصلاحات القضائية على رأس الأسباب التي أدت لتراجع شعبية الائتلاف الحاكم، فضلاً عن التوترات الأمنية المتصاعدة في الضفة وقطاع غزة ولبنان، وارتفاع تكاليف المعيشة، في وقت وصل فيه الشيكل إلى أدنى مستوى في سعر الصرف منذ 2020 عند 3.67 للدولار، كما خفضت وكالة "موديز" التوقعات الاقتصادية للبلاد من إيجابية إلى مستقرة، مشيرة إلى "تدهور الحكم الإسرائيلي".

نتنياهو يفقد الشعبية

تأتي تلك النتائج في ظل مخاض عسير متوقع لتمرير الموازنة العامة للدولة للعام الجاري 2023 بعد استئناف الكنيست جلساته. وأمام نتنياهو مدة أقصاها 29 أيار (مايو) الجاري لتمرير الموازنة، التي تتطلب 51 صوتاً كحد أدنى، وإلا حلّ الكنيست والحكومة والذهاب نحو انتخابات مبكرة. يمنح ذلك الأحزاب الأشد تطرفاً داخل الائتلاف الحاكم فرصةً للمناورة مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، سواء فيما يتعلق بالمطالب المالية والصلاحيات لكل حزب، وخطة الإصلاحات القضائية التي أعلن نتنياهو عن تجميدها، مانحاً الفرصة للمفاوضات التي يجريها مع المعارضة، برعاية رئيس الدولة إسحاق هرتسوغ.

قُدرت مظاهرة اليمين المتطرف بنحو 150 – 200 ألف

وفي الشارع مثّلت التظاهرة الحاشدة التي نظمها اليمين المتطرف في القدس، يوم الخميس الماضي، عامل ضغط على نتنياهو، وقُدرت الأعداد المشاركة بين 150 - 200 ألف مشارك، بحضور عدد من قادة الائتلاف الحاكم، منهم؛ وزير العدل ياريف ليفين، رئيس لجنة الدستور والقانون والعدل في الكنيست سيمحا روتمان، ويعتبران مهندسي الإصلاحات القضائية، إلى جانب الزعيمين المتطرفين؛ وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.

عدم التفاهم يهدد المجتمع الإسرائيلي ككل في ظل تحولات إقليمية تؤثر على قدرة إسرائيل في مواجهة إيران التي تعتبرها العدو الأول

يعلق القيادي الجبهاوي، نائب رئيس بلدية الناصرة السابق، سهيل دياب، بأنّ الاستطلاعات صحيحة جداً، لكنها تقول إنّ الشرخ ليس بين المعارضة والائتلاف الحاكم، وإنما بين الدولة العميقة ومعارضيها. وأوضح لـ"حفريات" بأنّ الرابح بحسب الاستطلاعات هو بيني غانتس، الذي يمثل الدولة العميقة؛ أي شريحة اليهود الأشكناز، وقادة الجيش والموساد والشاباك، وكبار مجتمع الأعمال والمال في الهايتك والشركات فوق القومية وخاصة تجار السلاح والخدمات الأمنية. وتابع بأنّ التغير هو بانتقال مؤيدي الدولة العميقة من الليكود إلى غانتس حمايةً لنفوذهم ومصالحهم الطبقية.

وبحسب استطلاعات صحيفة "معاريف" من المتوقع أنّ يحصل حزب المعسكر الوطني بزعامة بيني غانتس على 28 مقعداً، ليأتي في الترتيب الأول حال إجراء الانتخابات، متفوقاً على نتائجه في الانتخابات الأخيرة بزيادة 16 مقعداً. تأتي تلك المقاعد من حصة الليكود وحزب "هناك مستقبل" بقيادة يائير لابيد وغير ذلك. كما انخفضت حصة حزب زعيم المعارضة يائير لابيد من 24 مقعداً في الانتخابات الأخيرة إلى 17 مقعداً، بحسب استطلاعات الرأي، علماً أنّ نتائجه السابقة جاءت على حساب كتلة حلفائه في المعارضة في الأساس.

بدوره يرى الباحث في الشؤون الإسرائيلية، من عرب الداخل، إيهاب جبارين، بأنّ خطة الإصلاح القضائي أثرت سلباً على الحكومة والمعارضة، وخلقت حالة من عدم الثقة بين جمهورهما من الناخبين؛ لأنّهم التهوا بشكل واسع وكبير بها، عن الأمور الحياتية. ولفت لـ"حفريات" إلى أنّ ناخبي الليكود والحريديم محسوبون على الطبقة الوسطى فما أدنى، لهذا فالقضايا الحياتية عامل مهم في تحديد النوايا التصويتية لهم.

أي مفاوضات ممكنة؟

في الشارع يستمر التحشيد على خلفية تأييد ومعارضة خطة الإصلاحات القضائية، التي تشمل تعديلات تمكن الائتلاف الحاكم من تحييد قدرة المحكمة العليا سواء برد التشريعات التي يقرها الكنيست وقرارات الحكومة، ونزع صلاحيات المستشارين القانونيين للحكومة والوزراء في إبطال قرارات حكومية، والتدخل في تعيينات المحكمة العليا، وفتح الطريق أمام تشريعات دينية يهودية تخالف مبادئ قوانين الأساس.

إيهاب جبارين: هل تتشكل حكومة ائتلافية بين نتنياهو والمعارضة؟

وحول الممكن من تلك المفاوضات، لا يرى الباحث إيهاب جبارين أفقاً لها. ويقول بأنّ ما يجري في بيت نتنياهو لم يسفر عن أي تقدم فيما يخص التعديلات، ولكن من الواضح أنّ هناك مفاوضات في مسار آخر بما يخص الائتلاف، وربما مفاوضات لتشكيل حكومة ائتلافية بين نتنياهو والمعارضة، وتحديداً بيني غانتس.

ويُرجع جبارين سبب تفوق غانتس في استطلاعات الرأي إلى الدور الذي يلعبه كأخ أكبر للجميع، والشكل الأكثر رسمية الذي يظهر به خلال الأزمة السياسية.

وأضاف بأنّ الطرفين منهكان جراء خطة الإصلاح القضائي، التي تُظهر الائتلاف الحاكم وكأنّه أخذ مساراً لم يحسب مآله. وتابع "لا توجد نية للطرفين للوصول إلى أرضية مشتركة، ولا مجال للاتفاق بدون تنازلات، والتنازلات الآن لديها ثمن سياسي كبير".

القيادي الجبهاوي سهيل دياب لـ"حفريات": قد تنتقل الاحتجاجات إلى مرحلة شارع مقابل شارع بما تحمله من إمكانية الاحتكاكات الدموية

ويتفق القيادي الجبهاوي سهيل دياب، موضحاً أنّ مظاهرة اليمين المتطرف في القدس أكدت ألا مكان لأي تفاهمات؛ لا تحت سقف بيت الرئيس هرتسوغ، ولا من خلال البرلمان ولجانه. وتوقع دياب أنّ تنتقل الاحتجاجات إلى مرحلة شارع مقابل شارع، بما تحمله من إمكانية الاحتكاكات الدموية.

ويجد نتنياهو نفسه مكبلاً؛ بين ائتلافه الحاكم الذي يوفر له الحماية من الملاحقة القانونية طالما بقي على رأس الحكومة، لكنّ تلك الحماية لا تأتي دون مقابل؛ يريد الحلفاء تمرير خطة الإصلاح القضائي وتلبية الاتفاقيات التي تشكلت الحكومة على أساسها، فيما يتعلق بالمخصصات المالية والصلاحيات.

في المقابل لا حاجة للمعارضة في تقديم التنازلات وهي في موقف أقوى من حيث الشعبية، فضلاً عن غياب الثقة في نتنياهو، إذ سبق له ولم يف باتفاق 2019 لتبادل موقع رئاسة الحكومة مع غانتس، غير أنّ عدم التفاهم يهدد المجتمع الإسرائيلي ككل، في ظل تحولات إقليمية تؤثر على قدرة إسرائيل في مواجهة إيران، التي تعتبرها العدو الأول، لكن ذلك التفاهم لن يحدث طالما بقي نتنياهو مهدداً بالملاحقة القانونية.

الانتخابات المبكرة

يرى الباحث إيهاب جبارين بأنه لا توجد نية لدى أحزاب الائتلاف الحاكم للذهاب نحو انتخابات مبكرة، لكن هناك سيناريو غير مستبعد بعد تظاهرة الصهيونية الدينية يوم الخميس الماضي، التي تعتبر بمثابة وضع المسدس على رقبة نتنياهو. وبحسب الباحث في الشؤون الإسرائيلية، يمكن أنّ يحدث انفصال في الليكود على غرار انسحاب آرئيل شارون في 2005، وتشكيل حزب كاديما، بعد الخلافات الداخلية حول قراره بالانفصال عن قطاع غزة. لكن الاختلاف هذه المرة أنّ الخروج سيكون من وزير العدل ياريف ليفين، وبحزب أكثر يمينيةً، بينما خرج شارون بحزب أكثر اعتدالاً عن زملائه في الليكود وقتها، فضلاً أنّ ليفين قد يكسب أربعة مقاعد من الصهيونية الدينية.

سهيل دياب: لا مكان لأي تفاهمات

ونوه جبارين بأنّ مسألة استطلاعات الرأي الحالية لا تمثّل سوى نوايا الشارع المبطنة، وليست بالضرورة النوايا الانتخابية، تلك التي تظهر بدقة أكبر في أوقات الانتخابات فقط.

في السياق ذاته، يرى القيادي الجبهاوي، سهيل دياب، أنّ أمام نتنياهو خيارين؛ الأول استبدال سموتريتش وبن غفير بالتحالف مع غانتس في حكومة يمين ليبرالي، أو إرضاء اليمين الفاشي وخسارة كل شيء. والثاني الذهاب في مغامرة عسكرية أمنية محدودة، مثل اغتيال شخصيات وازنة من حلف المقاومة، على أمل توحيد الجيش والشعب على حساب المزيد من الدماء الفلسطينية والعربية. ويشدد دياب على أنّه مهما يكن من أمر فما يهم نتنياهو هو مصلحته فقط، وهو الأمر الأكيد في أي سيناريو مقبل.

فضلاً عما سبق، تقدم الموازنة الجاري عرضها على الكنيست لمحة عن خيار آخر أمام نتنياهو، وهو الاستمرار في تجميد خطة الإصلاحات القضائية، إلى حين ترميم شعبيته التي تراجعت بفعل القضايا المعيشية، ذلك أنّ الموازنة المقبلة تشهد زيادة بمقدار يزيد عن 8 مليارات دولار تقريباً. مع ذلك فحاجة ائتلاف نتنياهو إلى الإصلاحات القضائية تعتبر أولوية، كون العديد من مطالبهم مهددة بالإبطال من المحكمة العليا، مثل مطالب الإعفاء من التجنيد لليهود الحريديم.

وبحسب انتخابات الكنيست رقم (25) الأخيرة، حصل الليكود على 32 مقعداً، مقابل 30 مقعداً في الانتخابات السابقة. ونال حزبا "يهودوت هتوراه" لليهود الأشكناز الغربيين وحزب "شاس" لليهود الشرقيين 18 مقعداً، بزيادة مقعدين عن الانتخابات السابقة، وحصد تحالف "الصهيونية الدينية" الذي يقوده كل من إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش 14 مقعداً، بزيادة قدرها 8 مقاعد، ونسبة 10.83% من مجموع الأصوات. وأدى ذلك إلى تحقيق زيادة قدرها 14 مقعداً جديداً لمعسكر اليمين، معظمها من أقصى اليمين الصهيوني واليهودي، بمجموع 64 مقعداً، مكنهم من تشكيل الائتلاف الحاكم.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية