هل نجحت العملية البرية الإسرائيلية في غزة؟

هل نجحت العملية البرية الإسرائيلية في غزة؟

هل نجحت العملية البرية الإسرائيلية في غزة؟


04/11/2023

يرى زميل كلية الحرب العليا في أكاديمية ناصر العسكرية العليا، والأستاذ الزائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل، سيد غُنيم، بأنّ الولايات المتحدة تأكدت سواء من خلال تواجد قواتها في المنطقة أو من خلال المستشارين الأمريكيين في تل أبيب، أنّ إسرائيل بالفعل غير قادرة على تنفيذ الاجتياح البري لغزة بالأسلوب الذي كانت تخطط له.

وأضاف لـ"حفريات" بأنّ إسرائيل كانت تنوي دفع قوات ضخمة حشدتها شرق القطاع للقتال داخله، لكنها كانت ستتكبد خسائر كبيرة للغاية في فترة قصيرة، كما ستعرض حياة عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين للخطر المؤكد. وتابع بأنّ تأثير مثل هذا الاجتياح بتبعاته الكبيرة كانت ستمتد إلى المنطقة، خصوصاً السلام مع مصر، في وقت ترى واشنطن أنّ إسرائيل غير قادرة على القتال على أكثر من جبهة، ولهذا فضلت الولايات المتحدة إستراتيجية قتال بري مغايرة، لمنع التبعات الإقليمية التي ستؤثر على العلاقات الأمريكية الأوروبية في المنطقة في ظل التنافس الكبير مع الصين.

أما عن تحليل طبيعة العملية الإسرائيلية التي بدأت صباح الجمعة 27 تشرين الأول (أكتوبر)، يقول زميل كلية الحرب العليا في أكاديمية ناصر العسكرية العليا، سيد غُنيم، بأنّ هدف المفارز والمقدمات التي تم دفعها في المناطق المستولى عليها داخل القطاع ومعها وسائل التأمين النيراني والمعلوماتي والهندسي، هو تهيئة أنسب الظروف لدفع القوة الرئيسية. موضحاً أنّ تلك المهمة تمهد لها أعمال المفارز والمقدمات ونيران المدفعية والصواريخ والقوات الجوية بالتعاون مع القوات البحرية، بمهمة استكمال الاستيلاء على الجزء الشمالي الواصل من معبر إيريز وبيت لاهيا وبيت حنون وجباليا وحتى نهر وادي غزة.

د. سيد غُنيم: واشنطن تحاول إقناع إسرائيل بإعادة النظر في خططها

وبحسب غُنيم، فإنّ مهمة القوة الرئيسية هي تطهير تلك المنطقة من كل الأنفاق وعناصر المقاومة، ثم تحويلها إلى منطقة عازلة، وإجبار الفلسطينيين النازحين إلى جنوب القطاع على عدم العودة شمالاً.

ويتوقع زميل كلية الحرب العليا في أكاديمية ناصر العسكرية العليا، سيد غُنيم، بأنّ تعمل الولايات المتحدة على إقناع إسرائيل بأن تعيد النظر في خططها، وبدلاً من شن هجوم بري كبير على القطاع، أن تحوله إلى عملية جراحية تكثف فيها استخدام الضربات الجوية والقوات الخاصة لشن إغارات دقيقة ومستهدفة على أهداف وبنية تحتية حيوية لحركة حماس.

ورقة الأسرى

إلى جانب المفاضلة المبنية على حسابات عسكرية بشأن التوغل البري في غزة، هناك قضية الأسرى الإسرائيليين داخل القطاع، وهم نحو 230 فرداً بحسب تصريحات رسمية إسرائيلية، معظمهم لدى حركة حماس وآخرين لدى حركة الجهاد ومواطنين لا يتبعون للفصائل.

تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن دور سلبي يقوم به المسؤول المّعين لملف الأسرى الجنرال المتقاعد جال هيرش فيما يتعلق بالمفاوضات

يقول المدير التنفيذي لمنتدى الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية والباحث الفلسطيني في الشأن الإسرائيلي، عبد المُهدي مطاوع، بأنّ أقصى نجاح لحماس في هذا الملف هو إخراج المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية مقابل الإفراج عن الأسرى لديها، لكن ذلك موضع شك، ولا يوجد داخل إسرائيل من سيقدم لها هذه الصفقة. أضاف بأنّ إسرائيل تعمل على كسب مزيد من الوقت لتحقيق المزيد من التقدم في عملياتها العسكرية، لإجبار المقاومة على مفاوضات تحت النيران.

بحسب الباحث الفلسطيني، فإنّ الكفة فيما يتعلق بالمفاوضات حول الأسرى في صالح إسرائيل؛ لأنّ الجبهة الداخلية لإسرائيل لا تعاني مقارنةً بمعاناة قطاع غزة بسبب العمليات العسكرية، مشيراً إلى أنّ تل أبيب تريد تحقيق هدفين؛ الأول إجبار المقاومة على قبول شروطها، والاستمرار في العملية البرية.

عبد المُهدي مطاوع: إسرائيل تحاول إرضاء عائلات الأسرى

وحول أهمية ورقة الأسرى لدى المقاومة كعامل ضغط على صناع القرار في إسرائيل، يرى مطاوع، بأنّ دائرة صنع القرار الإسرائيلي تحاول إرضاء عائلات الأسرى وتصوير الملف على أنّه يحتل الأولوية لديهم، لكن تلك سردية للإعلام، بينما في الواقع فإنّ القضاء على حماس هو الهدف الأساسي، وأما المخطوفون فإما يعودون بمفاوضات بضغط العمليات العسكرية أو يكونون أضراراً جانبيةً بالإضافة لحصيلة الضحايا في السابع من أكتوبر.

ونوه المدير التنفيذي لمنتدى الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية، إلى أنّ إسرائيل رفضت مقترح بهدنة إنسانية لبضعة أيام مقابل إطلاق سراح مجموعة من الأسرى.

في هذا السياق، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن دور سلبي يقوم به المسؤول المّعين لملف الأسرى الجنرال المتقاعد جال هيرش، فيما يتعلق بالمفاوضات، وهو الرجل الذي اختاره نتنياهو لا لكفاءته لكن لثقته فيه.

السياق الإقليمي والدولي

علاوةً على ما سبق، هناك عامل مؤثر في طبيعة العمليات العسكرية البرية الإسرائيلية في غزة، وهو تأثير شكل وحجم العملية على الإقليم. ينقسم هذا التأثير إلى؛ التأثير المباشر للعملية من ناحية التهجير القسري إلى مصر، والتأثير غير المباشر بدفع إيران والقوى الموالية لها لتوسيع عملياتها في استهداف المصالح الأمريكية والأراضي الإسرائيلية، بما ينذر بتصاعد إقليمي غير محسوب العواقب.

يقول الصحفي ومحلل الشؤون الإقليمية والدولية، إسلام أبو العز، بأنّ الولايات المتحدة تريد أنّ تظل الحرب محصورة في غزة فقط، ولا تمتد إلى المنطقة، بينما تريد إيران وحلفائها التوسع في فكرة الردع عبر الجبهة الشمالية والأهداف الإقليمية لواشنطن وتل أبيب.

الصحفي إسلام أبو العز لـ"حفريات": الأهم للرئيس الأمريكي هو تأثير الحرب على الداخل مع اقتراب الانتخابات ولهذا يركز على قضية إجلاء رعاياه بغزة

وأضاف لـ"حفريات" بأنّ الأهم للرئيس الأمريكي جو بايدن، هو تأثير الحرب على الداخل الأمريكي مع اقتراب الانتخابات، ولهذا يركز على قضية إجلاء الرعايا الأمريكيين في غزة سواء المحتجزين والعالقين. يرى أبو العز أنّ بايدن لديه أولويات لا تتفق مع أولويات نتنياهو، ويتعلق بذلك نصائحه للأخير بالتريث في العملية البرية.

يرتبط بالسياق الدولي، أنّ الولايات المتحدة كانت تدفع نحو التهدئة في المنطقة، حتى لا تنشغل عن الحرب في أوكرانيا، لكنّ التصعيد الإسرائيلي المتواصل أدى إلى انفجار الأوضاع، بحسب الصحفي إسلام أبو العز. كما نوه إلى أنّ إيران لم تكن راغبة هي الأخرى في هذا التصعيد في وقت تطبع فيه علاقاتها مع السعودية بشكل غير مسبوق.

مقابل التخبط الذي يصف به الصحفي ومحلل الشؤون الإقليمية والدولية، إسلام أبو العز، الداخل الإسرائيلي، فإنّ هناك إدارة سياسة ناضجة جداً من جانب القوى الإقليمية، بمختلف مواقفها وخطابها السياسي، الذي يؤكد على الحد الأدنى، وهو رفض التهجير ووقف إطلاق النار ودخول المساعدات واستعادة حلّ الدولة الفلسطينية.

مواضيع ذات صلة:

غزة... أطفال بلا رؤوس وجراحات من دون تخدير

متطرفون إسرائيليون يطالبون مجدداً بقصف غزة بالأسلحة النووية!




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية