هل سيتمكن أردوغان من الإفلات من ضغوطات موسكو وطهران في قمة أنقرة؟

هل سيتمكن أردوغان من الإفلات من ضغوطات موسكو وطهران في قمة أنقرة؟


15/09/2019

من المقرّر أن تنعقد غداً في أنقرة قمة بين رؤساء دول تحالف أستانة؛ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الإيراني حسن روحاني، والتركي رجب  طيب أردوغان،  وسيكون الملف السوري، بكلّ تطوراته، على جدول أعمال القمة، وتحديداً تطورات إدلب، إضافة إلى الاتفاق التركي الأمريكي على المنطقة الآمنة التي تمّ الاتفاق عليها فيما يُعرف بشرق الفرات بين تركيا وأمريكا.

اقرأ أيضاً: تراجع نسبة مؤيدي حزب أردوغان إلى 30%
ورغم تناقضات الأطراف الثلاثة، وتباين رؤاها تجاه الملف السوري، لاختلاف أجنداتها، وتشكّل هذا التحالف بوصفه تحالف الضرورة، إلا أنّ المرجح، وفق كثير من المؤشرات والدلائل التي أفرزتها تطورات شرق الفرات وغربه، أنّ الموقف التركي هو الأضعف في هذه القمة، والتي ربّما يمنّي الرئيس أردوغان النفس لو أنّها لم تُعقد؛ حيث يرجَّح أن يسود أجواء القمة اتجاهان، الأول: وهو أقرب للتحقيق مع الرئيس أردوغان، في تناقضاته شرق وغرب الفرات، والثاني: انتزاع تعهدات من الرئيس أردوغان بتنفيذ تعهداته في إدلب، بما فيها القضاء على الإرهاب، و"تحرير" محافظة إدلب واستعادتها للدولة السورية، وهو ما يعدّ بالنسبة للرئيسَين؛ بوتين وروحاني، خطّاً أحمر، وأنّ على أردوغان التعامل معه بحزم وحسم، بعد عديد المهل التي استمرت لأكثر من عام، للإسهام بالقضاء على الإرهاب في إدلب.

الملف السوري وتحديداً تطورات إدلب سيكون على جدول أعمال قمة أنقرة التي ستعقد غداً بين رؤساء تحالف أستانة

يأتي انعقاد قمة أنقرة هذه المرة، مع تفاقم أزمات الرئيس أردوغان، الداخلية والخارجية، وتداعياتها التي تؤكد أنّه بلا حلفاء في الداخل التركي، أو على صعيد علاقاته الدولية والإقليمية؛ ففي الداخل التركي تتوالى الأزمات التي تتفجر تباعاً بوجه أردوغان، منذ الخسارة المدوّية لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات البلدية، وما تبعها من إرهاصات باحتمالات انشقاقات واسعة في العدالة، وتعاطي أردوغان معها بروح انتقامية، قاموسها التهديد والوعيد لحلفاء الأمس، مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وتعدّد مظاهرها.

اقرأ أيضاً: أوراق أردوغان المحروقة
وبالتزامن، ما تزال العلاقة مع الولايات المتحدة، رغم التأكيد على إستراتيجيتها، محطّ شكوك متبادلة، ربّما عبرت عنها التصريحات التركية لأردوغان ووزير خارجيته، تجاه المماطلة الأمريكية في تنفيذ المنطقة الآمنة شرق الفرات، والفجوة بين المقاربة التركية القائمة على منطقة آمنة تكون بقعة لخزان بشري يؤوي اللاجئين السوريين المطرودين من تركيا، بقرار من أردوغان، بما يحقّق التغيير الديمغرافي، وينهي الأغلبية الكردية، ومحاصرة الفصائل الكردية في المنطقة، بوصفها تنظيمات إرهابية، والمقاربة الأمريكية ترى في المنطقة الآمنة ممراً آمناً لعودة السوريين إلى مدنهم وقراهم، وفي الأكراد طرفاً موثوقاً في الحرب على تنظيم داعش، أكّدته التطورات التي أعقبت الاتفاق على المنطقة الآمنة بعودة "داعش"، وتصدّي "قوات سوريا الديمقراطية" لها في الرقة ودير الزور.

اقرأ أيضاً: أردوغان بين الحقيقة والأوهام
فيما تشهد علاقات تركيا مزيداً من التصعيد مع الدول الأوروبية، على خلفية إصرار تركيا على مواصلة عمليات التنقيب عن الغاز في المياه الإقليمية القبرصية، وتهديدات الرئيس أردوغان الجديدة بفتح الحدود أمام هجرة اللاجئين السوريين إلى أوروبا، في عملية "ابتزاز" أصبحت مكشوفة، وفق كثير من المتابعين للشأن التركي، تدحض مزاعم تركية حول التعامل "الإنساني" مع قضية اللاجئين السوريين، خاصة أنّها تزامنت مع قرارات تركية، على خلفية تنافس حزب العدالة والتنمية مع المعارضة، وقناعاته بأنّ الموقف السلبي للمعارضة من اللجوء السوريّ كان أحد أسباب فوزها بالانتخابات الأخيرة، خاصّة في بلدية إسطنبول.

اقرأ أيضاً: هل يفجر داود أوغلو "دفاتر الإرهاب" في وجه أردوغان
البيان الختامي للقمة، وبعيداً عن اللغة الدبلوماسية، لن يتضمن قرارات ذات دلالة نوعية، لكنّ المرجح أنّ أروقة اللقاءات المغلقة ستشهد ضغوطاً مكثفة على الرئيس أردوغان، الذي يضيق هامش المناورة أمامه، والمطلوب منه تقديم تعهدات جادة لا تحتمل التسويف والمماطلة، بالتعاون الكامل، خاصّة مع روسيا حول إدلب، في إطار القضاء على الفصائل الإرهابية، لا سيما "جبهة النصرة" وحلفاؤها، الذين نفذوا هجمات ضدّ القاعدة الروسية في "حميميم"، بعد اللقاء الأخير بين الرئيسَين؛ بوتين وأردوغان، والذي تعهّد فيه أردوغان بالتعاون مع روسيا للقضاء على الإرهاب.

يأتي انعقاد القمة مع تفاقم أزمات أردوغان فهو بلا حلفاء في الداخل أو على صعيد علاقاته الدولية والإقليمية

وفي الخلاصة؛ فإنّ قمة أنقرة، إضافة إلى كونها ستؤكّد مجدداً "هشاشة" تحالف أقطابها، وربما انتهاء أهداف أطراف التحالف منه، ووصوله إلى نهايته، فإنّ تفاقم أزمة الرئيس أردوغان فيها، بوصفه الطرف الأضعف، لا يعني أنّ الطرفين الآخرين، روسيا وإيران، بلا أزمات، خاصة أنّ الشكوك وعدم الثقة بين الطرفين، الإيراني والروسي، تتفاقم، في ظلّ مساعٍ روسية متواصلة لمحاصرة النفوذ الإيراني في سوريا، من خلال إبعاد الموالين لإيران في المؤسستين؛ العسكرية والأمنية السوريتين، بحركة تنقلات وإعفاءات وتغييرات واسعة، تمت ترجمتها بانخفاض مستوى المشاركة الإيرانية في المعارك الأخيرة، في ريفَي حلب وحماه، ومعارك إدلب، وغضّ الطرف من قبل روسيا عن الضربات الإسرائيلية المتواصلة لقواعد الحرس الثوري الإيراني والميليشيات التابعة له في سوريا، والتأكيدات الروسية على انتهاء الحرب في سوريا، على هامش زيارة نتنياهو إلى موسكو، ولقائه الرئيس بوتين.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية