هل جماعة الإخوان قادرة على تنفيذ تهديداتها بـ"عودة الإرهاب"؟

هل جماعة الإخوان قادرة على تنفيذ تهديداتها بـ"عودة الإرهاب"؟

هل جماعة الإخوان قادرة على تنفيذ تهديداتها بـ"عودة الإرهاب"؟


19/10/2022

رأى باحثان تحدثا لـ"حفريات" حول السيناريوهات المستقبلية التي تنتظر جماعة الإخوان الإرهابية، في ضوء الإعلان من جانب ما يُسمّى المكتب العام أو تيار "الكماليون"، إحياء مخططات العنف والعمل المسلّح، وأطلق عليه "وثيقة التيار الثالث"، رأى الباحثان أنّ الإخوان بالرغم من عودتهم إلى التلويح بالعنف، فإنّهم عاجزون عن خلق أيّ حراك في الشارع؛ بل هم عاجزون أيضاً عن التعاطي مع أزمتهم الداخلية التي أنتجت (3) جماعات متناحرة في تنظيم واحد، واتفق الباحثان أنّ كافة السيناريوهات التي تنتظر التنظيم قاتمة.

والسبت الماضي أصدرت جبهة المكتب العام وثيقة، قالت إنّها تعرض رؤية سياسية للمرحلة المقبلة، تعتمد على استخدام (أدوات القوة) للتغيير، وتحدثت الوثيقة صراحة عن عودة الإخوان إلى العنف، فيما تصفه "المسار الثوري"، وامتلأت الوثيقة بألفاظ العداء للمؤسسات المصرية، وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية، وفي المقابل أصدرت جبهة إبراهيم منير القائم بأعمال المرشد، بياناً أقلّ حدة، وصفه مراقبون بأنّه محاولة للبحث عن مساحة للحوار مع الدولة المصرية، وقد أعلن منير خلال بيانه "الانسحاب من مشهد الصراع على السلطة في مصر"، على حدّ وصفه.

ومن جانبها، أعلنت جبهة محمود حسين رفض الوثيقتين، واعتبرت أنّ الجبهتين لا تمثلان الإخوان.

وعكس التناقض الواضح في الرؤى المطروحة من جانب الجبهتين حالة التخبط الكبيرة التي يمرّ بها التنظيم، وفتح الباب واسعاً أمام السيناريوهات التي تنتظر الإخوان في ضوء التطورات الراهنة.

التنظيم يحتضر

الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب منير أديب يتوقع أن تزداد أزمة الجماعة الإرهابية قتامة بمرور الوقت، وأن تستمر حالة التشظي والانهيار التي يعاني منها التنظيم منذ أعوام، وأن تزيد على مدار الفترة المقبلة، مشيراً إلى أنّ الجماعة باتت في حالة شلل تام ووضعها أشبه بالمريض "على أجهزة التنفس الصناعي"، ويقول: "صحيح أنّ التنظيم لم يمت، لكنّه في مرحلته الأخيرة، وغير قادر على صناعة أيّ حراك لدى الشارع أو داخل الجماعة المنقسمة على نفسها".

ويوضح أديب، في تصريح لـ"حفريات"، أنّ جماعة الإخوان أصبحت منقسمة فعلياً إلى (3) جماعات؛ الأولى جماعة لندن بقيادة إبراهبم منير ومجموعته، والثانية جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين ومجموعته، والثالثة جبهة المكتب العام، التي يرأسها نزيه علي، وأغلب المنضمين إليها من شباب الإخوان الذين مارسوا وما يزالون يمارسون العنف، وتحاول الجبهة الثالثة فرض نفسها على المشهد والتسلل إلى قلب القيادة في الإخوان، باستغلال حالة التشظي الداخلي والصراعات المحتدمة، لكنّها أيضاً لا تملك أدوات حسم الصراع داخل التنظيم.  

التشظي بلغ العمق

ويؤكد الباحث أنّ "التشظي داخل التنظيم قد وصل إلى العمق، وبالتالي هناك انقسام طولي وعرضي داخل الجماعة، يجعلها غير قادرة على فعل أيّ تحرك أو صناعة أيّ موقف في المستقبل".

وبحسب أديب، لا يمكن الحديث عن جماعة واحدة تُسمّى جماعة الإخوان المسلمين، في ضوء حالة الانهيار التي يعيشها الإخوان، في حين تقدّم كلّ مجموعة نفسها باعتبارها الممثل الأول والشرعي للإخوان، وتحاول تشويه المجموعات الأخرى، مشيراً إلى التناقض الكبير في الرؤى بين المجموعات الـ (3)، ففي حين أعلنت جبهة إبراهيم منير من خلال بيانات ووثائق سابقة عن رغبتها فتح حوار مع الدولة المصرية، واستخدمت خطاباً أقلّ حدة في الحديث عن مصر ومؤسساتها السياسية، عادت مجموعة "الكماليون" إلى إشهار مخططات العنف والعداء والعمل المسلح، واستخدمت أشد الألفاظ العدائية في التعامل مع الدولة المصرية ومؤسساتها.

منير أديب: التشظي داخل التنظيم وصل إلى العمق، وبالتالي هناك انقسام طولي وعرضي داخل الجماعة، يجعلها غير قادرة على فعل أيّ تحرك أو صناعة أيّ موقف في المستقبل

 

ويضيف: "وثيقة المكتب العام تحدثت بشكل مباشر عن عودة الأذرع المسلحة، وعودة مسار العنف؛ بل قالت إنّها تدعو لصياغة مشروع إسلامي جديد، الأمر الذي يذكّرنا بما قاله حسن البنا في المؤتمر الخامس للإخوان حين قال: إنّ استخدام القوة أمر جائز لتحقيق الهدف، وفي المقابل لم تذكر جبهة إبراهيم منير مصطلحات عدائية مع الدولة المصرية، ممّا يشير إلى أنّها تبحث عن مساحة للحوار مع الدولة المصرية".

ويرى أديب أنّ حالة التخبط الواضح في الجماعة لا تعكس سوى حقيقة واحدة؛ هي أنّها أصبحت غير قادرة على احتواء أزمتها الداخلية أو فرض رؤية واحدة، وبات من الواضح أنّ كل تيار يفرض نفسه باعتباره جماعة منفصلة.

وينوه الباحث في حركات الإسلام السياسي إلى محاولة مجموعة المكتب العام استغلال أدبيات حسن البنا وسيد قطب، لاستمالة أكبر عدد من قواعد التنظيم لتأييدهم أملاً في حسم الصراع لصالحهم وتولي القيادة داخل الجماعة، لكنّ حقيقة الوضع داخل الإخوان هي أنّ هناك (3) جماعات متناحرة داخل تنظيم واحد متصارع.

أحمد سلطان: ستؤدي التطورات في المشهد الإخواني بشكل عام إلى تأجيج أزمة الصراع وتعزيز الانقسام الداخلي

 

ويشدد أديب على أهمية تكثيف العمل على المواجهة الفكرية لتفكيك أفكار هذا التنظيم، وحماية العقول من محاولات فرض الأفكار المتطرفة من جانب الإخوان، مشيراً إلى أنّ المواجهة الأمنية خلال الأعوام الماضية قد نجحت بشكل كبير في دحر العمليات الإرهابية والتصدي لها، وكذلك محاصرة مصادر التمويل، و"من المهم التركيز على المواجهة الفكرية إلى جانب استمرار الاحتياطات الأمنية، لمواجهة أفكار الجماعة ومخططاتها العدائية".

هل هناك دلالات حول الوثيقتين؟

الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب أحمد سلطان يرى أنّ هناك عدة دلالات تتعلق بالوثيقتين، إضافة إلى فكرة التناقض والتشظي، مشيراً إلى أنّ الوثيقة الصادرة عن إبراهيم منير التي أعلن خلالها انسحاب الجماعة من الصراع في المشهد السياسي المصري، وطرح مبادرة للحوار مع الدولة المصرية وفق أرضية مشتركة، هذه الوثيقة أثارت حالة من الخلاف والغضب داخل جبهة منير نفسها، لدرجة أنّ تياراً معارضاً لها يقوم في الوقت الراهن بالإعداد لوثيقة مضادة لما ورد في بيان منير تحت عنوان "وثيقة الرؤية".

ويقول سلطان في تصريح لـ"حفريات": إنّ الخلاف داخل الإخوان سوف يزيد خلال الفترة المقبلة، وعلى صعيد تحرك التيار الثالث أو جبهة "الكماليون"، ولا يتوقع سلطان أن تتمكن الجبهة، رغم التهديدات الواردة في وثيقتها، وتحركاتها المدعومة من بعض الدول المعادية للدولة المصرية، لا يتوقع أن تتمكن من تنفيذ أيّ حراك داخل الدولة المصرية، وستقتصر تحركاتها على المؤتمرات والاجتماعات والندوات التي تعقد خارج مصر بهدف استقطاب العناصر الجديدة، سواء من داخل الإخوان أو من خارجها، وذلك بالإضافة إلى استمرار الصدام المحتدم بين الجبهات الـ (3).

وبحسب سلطان، ستؤدي التطورات في المشهد الإخواني بشكل عام إلى تأجيج أزمة الصراع وتعزيز الانقسام الداخلي، في ضوء رفض الجبهات الـ (3) لبعضهم بعضاً، ومحاولة كلّ جبهة فرض سيطرتها وحسم زمام الأمور لصالحها، وعلى مستوى العمل الخارجي، يرى سلطان أنّ الجماعة لن تتمكن من تحقيق أيّ أهداف خلال الفترة المقبلة؛ لأنّها تغرق في أزمات من الصعب الإفلات منها.  




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية