هل تُسقط النساءُ نظام الملالي في إيران؟

هل تُسقط النساءُ نظام الملالي في إيران؟

هل تُسقط النساءُ نظام الملالي في إيران؟


كاتب ومترجم جزائري
07/12/2022

ترجمة: مدني قصري

بعد استقبال أربع نساء إيرانيات في قصر الإليزيه كجزء من عرض صباحي خاص لفرانس إنترناشيونال لدعم الاحتجاجات في إيران ألقى رئيس الدولة قنبلة خلال مقابلة: "أطفال الثورة الإسلامية الصغار في طور الإعداد لابتلاع هذه الثورة وبدء ثورتهم الخاصة ... ". لم تعد هذه مجرد أعمال شغب عفوية بل ثورة اعترف بها رئيس الجمهورية الفرنسية نفسه.

لا بد من القول إنّه بالرغم من القمع العنيف والوحشي إلا أنّ النظام الإيراني لم يتمكن حتى الآن من السيطرة على انتفاضة استمرت حتى الآن شهرين متتاليين! مما جعل السيد طاجيك، وهو دبلوماسي في النظام السابق يقول إنّ "المجتمع الإيراني قد تجاوز مرحلة الخوف ليدخل مرحلة العنف". تُظهر تحليلات مختلفة هنا وهناك، وفقاً لمُموّليها. بالنسبة للبعض لن تملك الثيوقراطية القدرة على فرض قمع أكثر قسوة على حركة أقسمت على تدميرها. أمّا بالنسبة لمحللين آخرين فإنّ الملالي محاصرون الآن في قاع طريق مسدود. المزيد من القمع هو المخاطرة برؤية عدوانية المتظاهرين تتضاعف عشرة أضعاف. والحد من القمع يكاد يكون الاعتراف بالهزيمة.

الحقيقة أنّ وحدات المقاومة، المدعومة والمدربة من قبل مجاهدي خلق هي التي تدير الوضع على الأرض على أكمل وجه، وأنّ كل الاهتمام الدولي يركز على الثورة المستمرة. هذه المراقبة المتزايدة، علاوة على حدوثها في سياق كأس العالم، التي تشهد مواجهة إيران مع إنجلترا والولايات المتحدة، تمنع بلا شك الملالي من استخدام الإرهاب بشكل واضح. بالإضافة إلى ذلك فإنّ القوى القمعية بدأت تضعف وينتهي الأمر بتكلفة باهظة للاقتصاد المنهك بالفعل.

الطريق المسدود!

لم يعد بإمكان المرشد الأعلى لإيران، علي خامنئي، العودة إلى الوراء. إنّ أدنى خطوة إلى الوراء، سواء كانت إجبارية ارتداء الحجاب، أو شدة القمع ستُفسَّر الآن على أنها نقطة ضعف ستؤدي إلى تدمير النظام من الداخل. من ناحية أخرى فإنّ استمرار القمع المطلق الذي يستهدف النساء بشكل أساسي سوف يرفع وتيرة غضب الناس وعزمهم. في عام 2019 أطلقت قوى القمع الذخيرة الحيّة على السكان، وهو الحل الوحيد الذي تم التوصل إليه بعد ذلك لإخماد أعمال الشغب. ولكن اليوم أصبح مثل هذا السيناريو مستحيلاً. المجتمع الدولي في حالة ترقب، ومثل هذا القرار من شأنه أن يُعجّل إدانات متعددة وعقوبات تجارية غربية، وبالتالي سيؤدي إلى سقوط النظام من الخارج. في النهاية إطلاق النار على الحشد الساخط لا يؤدي إلا إلى صب الزيت على النار.

لم يعد بإمكان المرشد الأعلى لإيران، علي خامنئي، العودة إلى الوراء

بالطبع، يستخدم النظام أسلحة أخرى أكثر سرية، مثل تعطيل الإنترنت، وإلى حد ما، القمع على يد الجيش والشرطة. القائمة فقدت السيطرة على سكانها وغير قادرة على إخماد الثورة الحالية.

علامات السقوط الوشيك

  في الانتفاضات الماضية رأينا أساساً فئة أو فئتين اجتماعيتين تنزلان إلى الشارع وتنتفضان ضد السلطة. في عام 1988 كانت الطبقات الوسطى هي التي خرجت إلى الشارع وانتفضت. في عام 2019  صار الأمر يتعلق أكثر بالفقراء والمعوزين، وحتى الجوعى. في كل مرة ظلت المظاهرات مجندة في عدد قليل من المدن، حتى في عدد قليل من الأحياء الرمزية. لكن هذه المرة انضمت جميع طبقات المجتمع الإيراني إلى صفوف الثورة، في أكثر من 220 مدينة في البلاد! من الطلاب إلى التجار، من خلال النقابات والأطباء والمحامين يسعى الجميع لتحقيق نفس الهدف؛ وضع حد للديكتاتورية الدينية!

الحقيقة أنّ وحدات المقاومة، المدعومة والمدربة من قبل مجاهدي خلق هي التي تدير الوضع على الأرض على أكمل وجه، وأنّ كل الاهتمام الدولي يركز على الثورة المستمرة

بالإضافة إلى ذلك فقد تعمقت المنظمة أيضاً وهي مستمرة في التوسع كل يوم، تحت زخم وحدات المقاومة وإستراتيجياتها التي تؤتي ثمارها. وإذا كانت الطبقات المتعلمة، ولا سيما العاطلين عن العمل، وخريجي الجامعات والطلاب، وبطريقة معينة الطبقات الوسطى التي تم دفعها نحو الطبقات الاجتماعية الدنيا، قد لعبت دوراً مهماً فإنّ النساء هنّ بالفعل القوة الدافعة والمحركة لهذه الثورة. ففي ظل نظام جعل من كراهية النساء أسلوب حياة أصبح المخاض عسيراً لا محالة.

فليسقط كرهُ النساء!

كُرهُ النساء بلا شك هو أهمّ ما يميز الديكتاتورية الدينية منذ الأيام الأولى من حياتها. من خلال قمع النساء منذ 40 عاماً   هذه الحكومة جعلتهن أخيراً يرغبن في الإطاحة بها. في كل خطاب من خطاباتها ظلت زعيمة المعارضة الإيرانية، السيدة مريم رجوي، تردد دائماً أنّ هذا النظام سوف يسقط عاجلاً أم آجلاً على أيدي النساء، تحت قيادتهنّ وتأطيرهنّ. بمعنى ما الانتفاضة الحالية في إيران حدثٌ عابر للطبقات. بغض النظر عن الطبقة الاجتماعية فالنساء متضامنات ويَجرنّ خلفهن كل المجتمع الإيراني.

كُرهُ النساء هو أهمّ ما يميز الديكتاتورية الدينية منذ الأيام الأولى من حياتها. من خلال قمع النساء منذ 40 عاماً. هذه الحكومة جعلتهن أخيراً يرغبن في الإطاحة بها

هذا التسامي لوحظ أيضاً على صعيد آخر. يبدو أنّ ثقافة الخوف، الراسخة في قلوب السكان قد تراجعت تماماً. الطريق نحو الحرية يبدأ دائماً بشكل من أشكال التحرر الداخلي. لقد شهدت الشخصيات والفنانون والرياضيون والكتّاب والشعراء وثقافة المجتمع تطوّراً عميقاً، وبالتأكيد لم يعد النظام القمعي القديم المنغلق صالحاً وقابلاً للحياة. كان هناك شعب قبل مهسا أميني. إنه ليس هو نفسه الآن. العودة إلى الوراء الآن مستحيلة. إذا أضفنا إلى ذلك عدم قدرة القوات المسلحة على إخماد التمرد الذي يتزايد كل يوم بشكل أكبر قليلاً، خوفاً من الخزي الشعبي (والأسري عن كل جندي) فمن الواضح أنّ ميزان القوة يميل إلى جانب الشعب.

ببطء ولكن في ثبات بدأ النظام يضعف وبات سقوطه الوشيك الآن أمراً لا مفر منه. لا يزال من الصعب التكهّن متى سيسقط، لكنّ تاريخ تنازل الملالي سيظل مجرد تفاصيل تاريخية. يمكن لأحداث معيّنة أن تسرّع حركة السقوط. فيما بعض الأحداث الأخرى من المحتمل أن تُبطئها. كل شيء سيعتمد على المواقف الدولية والتنسيق بين مختلف المعارضين للنظام وحتى الأحداث غير المتوقعة. لكنّ الاتجاه الذي تم اتخاذه نهائي ولا رجعة فيه. ستحظى إيران قريباً بدستور جديد. صار تغيير النظام في إيران اليوم أمراً لا مفر منه.

مصدر الترجمة عن الفرنسية:

revueconflits.com




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية