هل تنكسر وساطة الجزائر على صخرة الانقسام الفلسطيني؟

هل تنكسر وساطة الجزائر على صخرة الانقسام الفلسطيني؟


01/02/2022

بدأ المسؤولون عن الملف الفلسطيني في الجزائر سلسلة لقاءات مع وفود من الفصائل الفلسطينية في العاصمة الجزائر، ضمن التحضير للمؤتمر الجامع الذي تنوي الرئاسة الجزائرية استضافته للفصائل، بهدف إتمام المصالحة الفلسطينية وإنهاء حالة الانقسام.

وأكد وزير الخارجية رمطان لعمامرة، أمس الاثنين، أنّ مشوار المصالحة الفلسطينية، بوساطة جزائرية قد انطلق، وأنّ هناك تفاؤلاً حول نتائج لقاءات الفصائل رغم أنّ المسار في بدايته، بحسب صحيفة "الشروق" الجزائرية.

اقرأ أيضاً: محللون يكشفون أبرز الملفات التي بحثها الرئيس الجزائري مع السيسي

وأوضح لعمامرة عقب مباحثات مع نظيره الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح، أنّ جهود الجزائر تهدف لجعل الجانب الفلسطيني المشارك في القمة يتحدث بصوت يعبر عن جميع الفصائل.

ورغم مكانة الجزائر الكبيرة لدى الفصائل الفلسطينية كافة، إلا أنّ التشاؤم هو سيد الموقف من سائر المتابعين؛ إذ لم يطرأ جديد على مواقف الفصائل منذ آخر مصالحة رعتها القاهرة في العام الماضي، وكان مصيرها الإخفاق.

هل تحمل الجزائر جديداً؟

وجاءت دعوة الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، لعقد مصالحة فلسطينية، خلال استقباله الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، الذي زار الجزائر في كانون الأول (ديسمبر) الماضي.

الصحفي الجزائري، عبد الله نادور: للجزائر مكانة كبيرة عند الأشقاء الفلسطينيين

وبدأت الجزائر التحضير لعقد المؤتمر الجامع للفصائل من خلال آلية تتضمن؛ عقد لقاءات منفردة مع كل فصيل على حدة لاستشراف الآراء والمواقف، ثم تحديد القضايا الخلافية والعمل على إجراء محادثات غير مباشرة، تمهيداً إلى عقد لقاءات مباشرة بعد الوقوف على أرضية مشتركة. وتأتي المبادرة الجزائرية ضمن مساعيها لإحراز تقدم في العمل العربي المشترك قبيل انعقاد القمة العربية المرتقبة التي تستضيفها، والتي تريد أن تحمل تقدماً كبيراً في ملف القضية الفلسطينية والملف السوري، على وجه التحديد.

اقرأ أيضاً: هل تنجح الجزائر في لمّ شمل الفرقاء الفلسطينيين؟

وحول أهمية دعوة الجزائر لدى الفصائل، يقول الصحفي الجزائري، عبد الله نادور: "للجزائر مكانة كبيرة عند الأشقاء الفلسطينيين، فالجميع يكنّ لها كلّ الاحترام والتقدير، حيث إنّ الجميع يتذكرون أنّ إعلان قيام الدولة الفلسطينية كان في الجزائر، وهي الداعمة الدائمة للقضية، وكلّ سياسييها وشعبها يحمل شعار مع فلسطين ظالم أو مظلومة".

وتابع نادور لـ "حفريات": "توافدت العديد من الفصائل إلى الجزائر، ويستمع المسؤولون الجزائريون إلى آراء وأطروحات كلّ طرف، بهدف التوصل إلى تصور جامع، على أمل أن يكون هناك ملتقى يجمع كلّ الفصائل للعمل على التقريب بين الأشقاء".

من المحتمل أن تتنازل حماس، المنافس الأكبر لفتح، عن الترشح لمنصب رئاسة السلطة الفلسطينية، لكنّها ستنافس بقوة في الانتخابات التشريعية، والتي يشكّل الحزب المتصدّر فيها الحكومة

وفي السياق ذاته، يقول الباحث القانوني الفلسطيني، عبد المعطي مبروك: "لا تعدّ هذه المبادرة مستحدثة أو غريبة بالنسبة إلى الجزائر، التي شكّلت درعاً للقضية الفلسطينية على مرّ الزمان؛ فهي التي رعت دورة الوحدة الوطنية للمجلس الوطني في ثمانينيات القرن الماضي، كما تشكّل هذه المبادرة عودة للدبلوماسية الجزائرية المتوقفة منذ عام 2014 للتأثير في محيطها الإقليمي، حيث تسعى الجزائر لتوظيف رصيدها التاريخي تجاه القضية الفلسطينية لتحقيق اختراق لصالح مشروع مقاومة الاحتلال الصهيوني".

ومن جانبه، قال المتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، عماد محسن: "الجزائر بلد عربي يمتلك روح الكفاح والنضال الوطني، وهو نصير دائم للقضية الفلسطينية، وأحد داعمي خزينة السلطة؛ لذلك كان من الطبيعي استجابة السلطة لدعوة الجزائر عقد الحوار على أراضيها، علماً بأنّ الاستجابة للدعوة شيء، والاستجابة لاشتراطات المصالحة شيء آخر".

تحديات المصالحة

وتواجه الجهود الجزائرية تحديات لتحقيق المصالحة، وهي إصلاح المؤسسات الوطنية الفلسطينية، وإجراء الانتخابات في جميع المؤسسات الوطنية، وهي؛ رئاسة السلطة والمجلس التشريعي والمجلس الوطني ومنظمة التحرير والانتخابات البلدية.

د. عماد محسن: كلّ الدول العربية وجّهت دعوات للمصالحة الفلسطينية

ويعني إجراء الانتخابات أن تفقد حركة فتح هيمنتها على السلطة الوطنية منذ تأسيس الأخيرة، عام 1994، بعد اتفاق غزة - أريحا لحكم الضفة الغربية، كواحدة من نتائج اتفاق أوسلو عام 1993.

ومن المحتمل أن تتنازل حماس، المنافس الأكبر لفتح، عن الترشح لمنصب رئاسة السلطة الفلسطينية، لكنّها ستنافس بقوة في الانتخابات التشريعية، التي يشكّل الحزب المتصدر فيها الحكومة، كما شكّلت حماس حكومتها عام 2006 بعد تصدّرها انتخابات المجلس التشريعي.

وكذلك ستتنافس كافة الفصائل في انتخابات المجلس الوطني، والذي يختار أعضاؤه اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهي أعلى هيئة وطنية منبثقة عن المجلس، وتتولى تنفيذ سياسات المجلس.

المتحدّث باسم تيار الإصلاح في فتح عماد محسن لـ "حفريات": لا نتوقّع الكثير من هذه الجولة، فقط ستتم مجاملة البلد المضيف، وتقديم الشكر لمسؤوليه على الدعوة الكريمة

ويأتي بعد ذلك الانتخابات البلدية، والتي عقدتها السلطة الوطنية، في شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بينما قاطعتها حركة حماس، والتي تتمسك بالإجراء المتزامن وربما المتتابع للانتخابات في سائر مؤسسات الحكم الفلسطينية.

ومن جانب آخر، تتمسك حركة فتح، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، بالامتيازات والمكانة التي تحوزها، وترفض إجراء الانتخابات خوفاً من خسارتها؛ إذ إنّ تجربة عام 2006 ما تزال ماثلةً أمامهم.

وتخشى السلطة من تكرار تجربة الرفض الدولي لنتائج الانتخابات، كما حدث عام 2006، بعد فوز حركة حماس بصدارة المجلس التشريعي وتشكيل الحكومة، بسبب رفض حركة حماس الاتفاقيات الدولية بين إسرائيل ومنظمة التحرير، وعلى رأسها، اتفاق أوسلو، والذي يعني الاعتراف بدولة إسرائيل.

اقرأ أيضاً: المؤتمر الجامع للفصائل الفلسطينية في الجزائر.. هل يُنهي الانقسام؟

وصرّح المتحدث باسم تيار الإصلاح في فتح، لـ "حفريات": "كلّ الدول العربية، وليست الجزائر وحدها، وجّهت دعوات للمصالحة الفلسطينية، ومن الطبيعي في السياسة الجزائرية، داخلياً وخارجياً، رعاية إحدى جولات الحوار الفلسطيني، وسبقتها القاهرة أكثر من مرة وأكثر من عام، ثم صنعاء، ثم الخرطوم، ثم تونس، ثم الرباط، ثم الدوحة، وأنقرة، وغيرها، لكن دون مصالحة حقيقية وجادة".

هل تحقق الجزائر اختراقاً؟

يقول الباحث عبد المعطي مبروك، لـ "حفريات": "من المؤكد أنّ المهمة لن تخلو من العراقيل، لأنّ أيّ تصليب للجبهة الداخلية الفلسطينية بالتأكيد لا يصبّ في صالح إسرائيل، الأمر الذي قد يصعّب مهمتها في تفكيك المشكلات الحياتية التي ترتبت على الانقسام، غير أنّ الجزائر مرّت بتجربة شبيهة بالتجربة الفلسطينية أثناء الاستعمار الفرنسي، من حيث الاحتلال والاختلاف في وجهات نظر الجزائريين وتياراتهم، بين الوطنيين والإسلاميين والشيوعيين والليبراليين، ومن ثم شكّلت جبهة تحرير استطاعت الانتصار على المستعمر".

د. عبد المعطي مبروك: عدم تنظيم لقاءات مصالحة جديدة بين الفصائل أجدى من مراكمة فشل آخر

ولا يتوقع عماد محسن الكثير من هذه الجولة، "فقط ستتم مجاملة البلد المضيف، وتقديم الشكر لمسؤوليه على الدعوة الكريمة، وربما يصدر بيان ختامي يحدّد أنّهم اتفقوا وبقيت تفاصيل تحتاج إلى المزيد من النقاش، كما عادة كلّ البيانات البروتوكولية".

وتابع المتحدث باسم تيار الإصلاح في فتح: "أما على الأرض، فلا شيء سيتغير سوى تزمّت الأطراف وتمسّكها بمواقفها، والخطوات أحادية الجانب الهادفة إلى استباق كلّ حوارٍ وطني، ولو كانت الإرادة متوافرة في إنهاء الانقسام لكانت القاهرة هي التي احتضنت هذه اللقاءات وأنجزت التزاماتها".

اقرأ أيضاً: الجزائر تخوض حرباً إلكترونية شعواء... حصيلة الهجمات خلال 2021

وعقب العدوان الأخير على غزة، في نيسان (أبريل) الماضي، استضافت القاهرة الفصائل الفلسطينية، ولم تُكلل جهودها في التوصل لاتفاق لإنهاء الانقسام، وزادت الحرب على غزة الانقسام الفلسطيني، بسبب تنامي شعبية حركة حماس والجهاد الإسلامي في الداخل الفلسطيني، وهو ما كان له دور في تراجع الرئيس عباس عن المضي قُدماً في التعهدات التي قطعها بإجراء الانتخابات بشكل متتابع، عوضاً عن التزامن التي كانت حماس تتمسك به، قبل أن تتنازل عنه.

وفي حديثه لـ "حفريات"، حذّر الباحث القانوني، عبد المعطي مبروك، من فشل المبادرة الجزائرية، وقال: "سيفقد الفلسطينيون المزيد من الداعمين والمتعاطفين مع قضيتهم، وهو ما يدفعني إلى القول إنّ عدم تنظيم لقاءات مصالحة جديدة بين الفصائل هو أجدى من مراكمة فشل آخر".

ومنذ إعلان قيام السلطة الوطنية، شهدت فلسطين إجراء الانتخابات الرئاسية مرة واحدة، عام 1996، والتشريعية مرتين، عام 1996، وعام 2006، ولم تشارك حماس في الانتخابات الأولى.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية