هل تشعل جائحة كورونا شرارة ثورة جديدة في إيران؟

هل تشعل جائحة كورونا شرارة ثورة جديدة في إيران؟


15/08/2021

تواصل جائحة كورونا إثارة الكثير من ردود الفعل المستنكرة لطريقة تعامل النظام الإيراني معها، من حيث ظروف الحظر واستيراد اللقاحات، والقرارات الحكومية غير المدروسة وفساد المسؤولين، ممّا يفاقم الأزمة بشكل لافت.

 فرغم الطلبات العديدة لإغلاق البلاد لمدة أسبوعين، وافق المقر الوطني لمكافحة كورونا أمس على إعلان عطلة في إيران لمدة 6 أيام، وفق ما نقلت وكالة "إيران إنترناشيونال".

 وستبدأ العطلة اعتباراً من يوم غد الإثنين حتى نهاية يوم السبت الموافق 21 آب (أغسطس) الجاري.

 وفي وقت سابق، دعا عدد كبير من الأطباء والخبراء إلى إغلاق لمدة أسبوعين في أقرب وقت ممكن لمنع انتشار كورونا، وكتب وزير الصحة سعيد نمكي رسالة إلى خامنئي يدعو فيها إلى إغلاق لمدة أسبوعين واستخدام القوة العسكرية لمنع التجاوزات.

 وقبل أيام قليلة، سجلت الإحصائيات اليومية للإصابات والوفيات في الموجة الـ5 من تفشي كورونا أرقاماً قياسية جديدة في إيران، ووفقاً للإحصاءات الرسمية، بلغ عدد الحالات الجديدة في إيران حوالي 40 ألف حالة يومياً، مع وفاة أكثر من 500 مريض يومياً، وكلا الرقمين أعلى من الأرقام القياسية السابقة التي تم تسجيلها خلال آخر موجة كبيرة من فيروس كورونا في أواخر عام 2020.

رغم الطلبات العديدة لإغلاق البلاد لمدة أسبوعين، وافق المقر الوطني لمكافحة كورونا على إعلان عطلة في إيران لمدة 6 أيام

 

 ويقترب العدد الرسمي للوفيات من 100 ألف حالة على الرغم من أنّ الكثير من المراقبين والمختصين يقولون إنّ العدد أعلى بكثير، في حين وصل العدد الإجمالي للإصابات إلى 4.3 مليون، وفقاً لوزارة الصحة الإيرانية.

 وأعلنت وزارة الصحة أمس زيادة عدد المدن الحمراء إلى 359 مدينة، وأنّ 59 مدينة باللون البرتقالي و30 مدينة باللون الأصفر.

 وأفاد مسؤولون محليون في المحافظات بأنّ حالة المستشفيات في مناطقهم متردية.

 

صداقت: عندما يتم الإعلان عن العدد الرسمي للوفيات، يجب علينا ضرب هذا الرقم في 3 إلى 3.5

 

 وفي مشهد، قال مدير وحدة العناية المركزة لكورونا في مستشفى الإمام الرضا علي رضا صداقت: "عندما يتم الإعلان عن العدد الرسمي للوفيات في جامعة مشهد للعلوم الطبية بـ 80 شخصاً، يجب علينا ضرب هذا الرقم في 3 إلى 3.5، لأنّ عدد الموتى فقط في مقبرة بهشت رضا، إحدى المقبرتين في مشهد، يتراوح بين 200 و210 أشخاص".

 وفي الأهواز أيضاً، قال مساعد رئيس جامعة العلوم الطبية بالمدينة محمد علوي: "في محافظة خوزستان زاد عدد مرضى كورونا 2.5 مرّة، والمرضى الراقدون في المستشفيات 1.5 مرّة، والإصابات اليومية لكورونا 4.5 مرّة".

 وفي طهران، بحسب وكالة أنباء "فارس"، سجل دفن الجثث في مقبرة بهشت زهراء أول من أمس بإجمالي 390 حالة، منها 216 جثة مرتبطة بوفيات بكورونا.

 

رغم أنّ رئيسي أعلن عن استيراد 30 مليون جرعة من لقاح كورونا لإيران، تتواصل الاحتجاجات على كيفية التعامل مع كورونا

 

 ورغم أنّ الرئيس إبراهيم رئيسي أعلن، في اجتماع للمقر الوطني لمكافحة كورونا أمس، أنه تم "تأكيد" استيراد 30 مليون جرعة من لقاح كورونا لإيران، تتواصل الاحتجاجات على كيفية التعامل مع كورونا والتأخير في استيراد اللقاحات والتطعيمات.

 وكان الرئيس الإيراني قد رفض حظر التجمعات الدينية خلال الأسبوع الماضي في ذكرى عاشوراء، متجاهلاً التوصيات التي صدرت عن الجهات الصحية المختصة بهذا الشأن.

 وفي أحدث الحالات، تحدث عضو في البرلمان عن الفساد المنظم في وزارة الصحة، ودعا عضو آخر بالبرلمان إلى استيراد اللقاح في أسرع وقت ممكن.

 وقال ممثل عن كنبد كافوس في البرلمان الإيراني أمانقليش شادمهر أمس: ليس من الضروري تصدير اللقاحات، انتبهوا لتطعيم الأشخاص داخل البلد.

 وقال شادمهر لوكالة أنباء "إيسنا": "لم نشهد سوى الكلام، قالوا إننا سنصدّر لقاحات إلى الخارج".

 في الوقت نفسه، قال ممثل حزب جابهار في البرلمان معين الدين سعيدي لوكالة "إيلنا": "رأينا أشخاصاً رددوا شعار إنتاج لقاحات محلية، وقالوا إنه يمكننا توفير اللقاحات لأفقر دول العالم، وكانت مزاعمهم لا أساس لها من الصحة".

وقد وصف التصريحات الأخيرة لرئيس مقر كورونا في طهران علي رضا زالي، الذي قال إنّ 720 مليون يورو أنفقت على شراء عقار "رمدسيوير"، وصفها بأنها "صادمة"، مضيفاً: "كان بإمكاننا استيراد اللقاح الذي يحتاجه البلد بهذا المبلغ نفسه".

 وشدد ممثل جابهار في البرلمان على أنّ "القضية حالياً ليست في عدم كفاءة مسؤولي وزارة الصحة، بل قضية الفساد المنظم في هذا المجال، لا سيّما عندما تبين أنّ جميع مزاعم السادة في وزارة الصحة غير واقعية".

 

سعيدي: رأينا أشخاصاً رددوا شعار إنتاج لقاحات محلية، وقالوا إنهم سيوفرون اللقاحات لأفقر الدول، وكانت مزاعمهم لا أساس لها من الصحة

 

 وفيما يتعلق بجديد كورونا في إيران، فهو التركيز على أهمية استيراد اللقاح الذي منعه المرشد خامنئي بقرار فردي دون استشارة المختصين.

 ونشرت صحيفة "آرمان ملي" تقريراً عن استياء المواطنين عبر تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي بسبب ارتفاع الحصيلة اليومية لوفيات كورونا، حيث إنه منذ أسبوع وعدد الضحايا ما يزال باقياً على رقم 500 شخص يومياً.

 وأشارت الصحيفة الإصلاحية "آرمان ملي" إلى تقاعس السلطات في توفير اللقاح للمواطنين الإيرانيين، ونقلت عن خبير قانوني أنه بموجب مادتين من الدستور الإيراني فالقتل، ولو بسبب الإهمال، يستوجب العقاب.

 أمّا الأمر الذي يتكرر كثيراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي هذه الأيام، فهو محاكمة وزير الصحة سعيد نمكي، الذي يتهمه كثيرون بأنه أخطأ بقراراته تجاه كورونا، فقد أخذ بنصيحة المرشد في عدم استيراد اللقاح، واقترح حلولاً غير مجدية في مكافحة الجائحة.

 وكتبت صحيفة "اعتماد" تقريراً تحت عنوان: "تسويات كورونية" ذكرت فيه أنّ المسؤولين خلال الـ 48 ساعة الماضية تجادلوا حول كورونا، بينما يستمر هذا الفيروس في حصد أرواح الناس.

صحيفة "كيهان"، المعروفة بأنها صحيفة المرشد خامنئي، حاولت تبرئة ساحة المرشد في قضية منع استيراد اللقاح، وذكرت على صفحتها الأولى نقلاً عن "منظمة الغذاء والدواء" الإيرانية أنه "قمنا باستيراد اللقاح من كل مكان كان ممكناً الشراء منه".

 

صحيفة "آرمان ملي": تقاعس السلطات في توفير اللقاح للإيرانيين يعتبر بموجب مادتين من الدستور الإيراني جريمة قتل تستوجب العقاب

 

 وفي الإطار ذاته، دعا "التحالف الوطني للديمقراطية في إيران" الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى استخدام الأصول الإيرانية المحظورة لتوفير التطعيم المباشر للشعب الإيراني.

 وقد دعت المنظمة في رسالتها بايدن إلى إصدار أمر تنفيذي باستخدام الأصول الإيرانية المحظورة لمساعدة الشعب الإيراني، مضيفة: "بسبب الوضع الإنساني المتردي الناجم عن قرار النظام الإيراني حظر اللقاحات الأمريكية الصنع، يتم استخدام الأصول الإيرانية المحظورة لشراء اللقاح وتقديمه مباشرة إلى الشعب الإيراني".

 وأشار "التحالف الوطني للديمقراطية في إيران" إلى أنّ هذه المنظمة طلبت مراراً من وزارة الخارجية الأمريكية الاجتماع بالجالية الإيرانية الأمريكية حول وضع كورونا في إيران، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء.

 وفي سياق متصل، أشار ولي عهد إيران السابق رضا بهلوي، في رسالة إلى رئيس منظمة الصحة العالمية، إلى "سوء الإدارة المتعمد والأكاذيب والجرائم" لمسؤولي طهران بشأن وباء كورونا، داعياً إلى إجراء تحقيق فوري في المذبحة المتعمدة للشعب على يد النظام الإيراني، لا سيّما مرشده علي خامنئي.

 وتضمنت الرسالة، التي نُشرت أمس، دعوة "بهلوي" لرئيس منظمة الصحة العالمية  تادروس أدهانوم، إلى التحقيق في حالات مثل "حظر خامنئي للقاحات الأمريكية البريطانية بناءً على نظريات المؤامرة السخيفة"، و"رفض خامنئي المساعدة الطبية من منظمة أطباء بلا حدود".

 وكان "خامنئي" قد منع بقرار فردي غير مدروس، في كانون الثاني (يناير) 2021، استيراد اللقاحات الأمريكية والبريطانية المعترف بها من جانب منظمة الصحة العالمية، مثل لقاح "فايزر"، وهو القرار الذي يرى الإيرانيون أنه أدى إلى وفاة عشرات الآلاف من المواطنين.

 

التحالف الوطني للديمقراطية في إيران يطالب الرئيس الأمريكي باستخدام الأصول الإيرانية المحظورة لتوفير التطعيم المباشر للشعب الإيراني

 

 ودعا "بهلوي" إلى إجراء تحقيق في "الأكاذيب التي أطلقها المسؤولون الإيرانيون لمنظمة الصحة العالمية حول الأرقام الصحيحة للوفيات المتعلقة بكوفيد 19" و"سوء معاملة" مسؤولي النظام الإيراني مع خبراء منظمة الصحة العالمية الذين أتوا لمساعدة الشعب الإيراني.

 وفي إشارة إلى التصريحات الأخيرة التي أدلى بها علي رضا زالي، رئيس مقر مكافحة كورونا في طهران، دعا نجل شاه إيران السابق إلى إجراء تحقيق في شراء عقار "رمدسيوير"' بقيمة 720 مليون يورو بدلاً من اللقاح".

 وكتب أنّ "هذا العقار يباع حالياً للمواطنين البؤساء في إيران في السوق السوداء بأسعار خيالية".

 وقال: "كان من الممكن استخدام هذا المبلغ من المال لشراء 166 مليون جرعة على الأقل من لقاح "أسترازينيكا"، وهو "أكثر بكثير من السكان البالغين في إيران"، بالنظر إلى إعطاء جرعتين لكل شخص.

 وعن التوجه الشعبي الساخط على نظام الولي الفقيه بقيادة خامنئي، نشر مركز استطلاع رأي الطلاب الإيرانيين "إيسبا" نتائج استطلاع أظهر أنّ نحو 59% من المواطنين ليس لديهم أمل في تحسّن مستقبل البلاد.

 

بهلوي يدعو منظمة الصحة إلى التحقيق في حالات مثل حظر خامنئي للقاحات بناءً على نظريات المؤامرة السخيفة ورفضه المساعدة من منظمة أطباء بلا حدود

 

 وبناءً على هذا الاستطلاع، يعتقد نحو 30% أنّ أوضاع البلاد في العام المقبل ستكون أسوأ ممّا هي عليه الآن.

يذكر أنّ إيران واجهت خلال الأعوام الأخيرة على الدوام استياءً عاماً في مختلف المجالات، ولكنها استخدمت أسلوب القمع للرد على هذه الاستياءات الشعبية.

 وأدى تقاعس الحكومة الإيرانية السابقة، فيما يتعلق بإدارة فيروس كورونا ومعارضة النظام الإيراني المتعمدة لاستيراد اللقاحات، إلى تأجيج وتفاقم الأزمات الراهنة في إيران خلال العام الماضي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية