هل تستجيب واشنطن لتصعيد الميليشيات بالانسحاب الكامل من العراق؟

هل تستجيب واشنطن لتصعيد الميليشيات بالانسحاب الكامل من العراق؟


03/05/2021

تصاعدت وتيرة الهجمات المسلحة ضدّ القوات الأمريكية في العراق، منذ مطلع العام الحالي، والتي بلغت نحو 50 هجوماً، حتى نهاية آذار (مارس) الماضي، بحسب التقديرات الأمريكية؛ إذ عمدت الميليشيات المدعومة من إيران إلى استهداف المنطقة الخضراء التي تتواجد بها السفارة الأمريكية، ومجمع البعثات الأجنبية، ومقر الحكومة العراقية، إضافة إلى القوات التابعة للتحالف الدولي، وكذا الأرتال التي تنقل المعدات وتقدّم الدعم اللوجيستي لهذه القوات.

سلوك إيران التخريبي

اللافت أنّه مع الجولة الثالثة للحوار الإستراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق، خلال نيسان (أبريل)، والتي تعدّ الأولى في عهد الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ظلّ النشاط المسلح للمجموعات الولائية في منحنى صعوده، وقد تعرضت المنشآت الحكومية الحيوية، في بغداد وأربيل، إلى عمليات عسكرية متوصلة، بينما اتهم السفير الأمريكي بالعراق، ماثيو تولر، قبل أيام، إيران بالوقوف وراء الميليشيات التي تهاجم مقار قواته بالعراق، وبدعمها بالأسلحة لجهة تنفيذ عملياتها العسكرية.

وقال السفير الأمريكي، إنّ "نشاط الميليشيات يقوض من سلطة الدولة العراقية"، كما أنّ الأسلحة التي تتم بها العمليات المسلحة والعسكرية ضدّ قوات التحالف "صناعة إيرانية"، وتابع: "أجندات الميليشيات في العراق تأتي من حرس إيران الثوري".

وبينما شدّد السفير الأمريكي على ضرورة "الوقوف ضدّ أنشطة إيران الخبيثة حتى تغيّر سلوكها"، فقد أكّد على أنّ الولايات المتحدة لا تسعى إلى "قطع العلاقة بين العراق وإيران، لكن يجب أن تكون هذه العلاقة مبنية على احترام السيادة بين الجانبين، وألّا يكون هنالك تدخل في شؤون الآخر".

وأردف: "نرفض أيّ تدخل خارجي في الشأن العراقي، وندعم عراقاً قوياً ذا سيادة، ونرحب بالانفتاح العراقي مع جواره العربي، وهذا يعيد العراق إلى مكانته الدولية".

إعادة انتشار القوات الأمريكية

وبحسب السفير الأمريكي؛ فإنّ وجود قوات التحالف في العراق هو للتدريب والاستشارة، حيث تم الاتفاق مع الحكومة العراقية على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة. وقال: "المجاميع المنفلتة التي تهاجم المنطقة الخضراء تستهدف السيادة العراقية، والحكومة العراقية اتخذت خطوات جيدة في سبيل منع تكرار هذه الهجمات، وتواجد قواتنا في العراق للتدريب والاستشارة، فتمّ الاتفاق على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة؛ إذ إنّ أحد أهم وظائف القوات الأمريكية هي المساعدة في الحرب ضدّ عصابات داعش الإرهابية".

الأكاديمي المصري وعضو اللجنة المصرية للشؤون الخارجية الدكتور أحمد أنور

لذا، يرى الدكتور أحمد أنور، الأكاديمي المصري وعضو اللجنة المصرية للشؤون الخارجية؛ أنّ الحوار الإستراتيجي الأمريكي العراقي الذي يأتي بعد مرور مئة يوم على تولي إدارة بايدن الحكم، إنّما يكشف أولويات الأخيرة في المنطقة، وذلك فيما يتّصل بدورها الخارجي وأولوياتها وتعاطيها مع الملفات السياسية والأمنية الإستراتيجية، وكذا عملية انتشار قواتها في المنطقة، موضحاً لـ "حفريات": بدت واشنطن معنية، بشكل رئيس، بقضايا أمريكية داخلية ملحة، تليها قضايا الشرق الأقصى المرتبطة بكوريا والصين وروسيا.

مخرجات الحوار الإستراتيجي بين واشنطن وبغداد ستتأثر بتلك المستجدات الإقليمية وذلك إلى جانب التمرد الإسرائيلي المكتوم ضدّ هذا التوجه، واستمرارها في توجيه ضربات للميليشيات الإيرانية

وعلى خلفية أنباء متواترة بخصوص وجود تقدم، أو بالأحرى تفاهم، "محدود للغاية" في مفاوضات الغرب النووية مع إيران، بحسب توصيف أنور، فإنّه من الواضح أنّ مخرجات هذا الحوار الإستراتيجي بين واشنطن وبغداد "ستتأثر بتلك المستجدات الإقليمية وذلك إلى جانب التمرد الإسرائيلي المكتوم ضدّ هذا التوجه، واستمرارها في توجيه ضربات للميليشيات الإيرانية في سوريا، واستهداف ناقلات إيرانية، بشكل دوري، الأمر الذي وصل ذروته مع التسريبات بضلوع تل أبيب في عمل تخريبي ضدّ مفاعل نطنز الإيراني النووي، ومن ثم، فالاتجاه الظاهر، حتى الآن، هو الاكتفاء بإعادة انتشار القوات الأمريكية في العراق، والعدول عن الانسحاب التام بعد بضعة أشهر كما كان يخطط ترامب".

الحوار الإستراتيجي بين واشنطن وبغداد

وعبر تقنية الاتصال المرئي، بدأت اجتماعات الحوار الإستراتيجي بين واشنطن، برئاسة وزير الخارجية أنتوني بلينكن، وبغداد، برئاسة وزير الخارجية فؤاد حسين، وقال الأخير إنّ العراق، خلال الجولة الثالثة من الحوار الإستراتيجي بين بغداد وواشنطن، نجحت في تحقيق "مسار جديد" في العلاقة بين البلدين، تبرز من خلاله "استجابة المفاوض العراقي للمصالح الوطنية في إطار السيادة الكاملة، ليأخذ حضوره المتوازن في شراكة ممتدة ومتعددة المجالات".

وتابع: "نتطلع في اجتماعنا إلى استكمال ما تحقق من تقدم ملموس في الجوانب المشار إليها آنفاً، والعمل على تنفيذ ما يتفق عليه الجانبان خلال هذه الجولة من الحوارِ الإستراتيجي"، كما لفت وزير الخارجية العراقي إلى أنّ "حكومة العراق تشيد بالجهود التي تبذلها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية لتأهيل القوات الأمنية العراقية وتدريبها وتجهيزها وتقديم المشورة في المجال الاستخباراتي، وصولاً إلى الجاهزية المطلوبة في اعتمادها على قدراتها الذاتية بما يعزز سيادة العراق وأمنه والحفاظ على مكتسباته بدحر تنظيم داعش الإرهابي".

اقرأ أيضاً: هل ستجري الانتخابات العراقية في موعدها المحدد؟.. ما التحديات التي تواجهها؟

وبحسب وزير الخارجية العراقي؛ فإنّ "القوات الأمنية العراقية ما تزال في حاجة إلى البرامج التي تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية المتعلقة بالتدريب والتسليح والتجهيز وتطوير الخبرات، ونسعى إلى مواصلة التنسيق والتعاون الأمني الثنائي، كما نؤكد التزام حكومة العراق بحماية أفراد البعثات الدبلوماسية ومقراتها ومنشآتها".

الشراكة العربية وأزمة ملء الفراغ

وبسؤال عضو اللجنة المصرية للشؤون الخارجية، الدكتور أحمد أنور، عن تأثيرات الملفات الإقليمية التي تبدو تأثيراتها متباينة على الأوضاع في عدد من دول المنطقة، لا سيما تلك التي تشهد ضغوطات جمّة ومنافسة بين واشنطن وطهران، أجاب: "سوف تؤثر الأوضاع القلقة، بشكل غير مباشر، على أمن الخليج، بشكل عام، لكن ثمة أسئلة ضرورة ولافتة يتطلب طرحها في خضم الحوار الإستراتيجي الدائر بين بغداد وواشنطن بايقاع مختلف، مؤخراً، وهي؛ ما هي الآليات الأنجع للتصدّي لجموح الميليشيات داخل العراق في ظلّ تكرار هجماتها العدائية والتخريبية التي تستهدف القوات العراقية والامريكية والمصالح الغربية؟ كيف سيتمّ ملء الفراغ الذي سيخلفه الانسحاب التدريجي الأمريكي من الخليج؟ ومن الذي سيقع عليه العبء الأكبر في تقليل تداعيات ذلك على الداخل العراقي، وعلى أمن حلفاء واشنطن في المنطقة؟"

ويضيف عضو اللجنة المصرية للشؤون الخارجية: "كلّ المؤشرات توضح أنّ مصر سيكون لها دور سياسي واقتصادي في هذا السياق بحكم التاريخ والجغرافيا السياسية، وبحكم الخبرة المهمة التي قدمتها في دحر الإرهاب، وتجاوز سنوات الانغماس في مواجهة الفوضى والاختراق الخارجي؛ وهو ما يتم حالياً بتنسيق كبير وشراكة إستراتيجية مع الأردن والعراق، وذلك إلى جانب التعاون متعدد الأطراف في مجال تدريب الكوادر الأمنية العراقية. هذا مع الأخذ في الاعتبار إتمام صفقات تسليح متقدمة لأكثر من دولة خليجية، أبرزها الإمارات، ما يخلق نوعاً من التوازن يعوض غياب القوات الأمريكية التي كان عددها في البداية نحو 150 ألف جندياً تمّ سحبهم بالتدريج".

د. أحمد أنور لـ"حفريات": ما هي آليات التصدّي لجموح الميليشيات داخل العراق في ظلّ تكرار هجماتها العدائية والتخريبية التي تستهدف القوات العراقية والأمريكية والمصالح الغربية؟

وإلى ذلك، رأى رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، أنّ مخرجات الجولة الثالثة من الحوار الإستراتيجي تعدّ "بوابة لاستعادة الوضع الطبيعي في العراق"، موضحاً في تغريدة عبر حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "نتائج الجولة الثالثة من الحوار الإستراتيجي، بوابة لاستعادة الوضع الطبيعي في العراق، وبما يستحق العراق، وهو إنجاز جدير أن نهنئ به شعبنا المحب للسلام".

وتابع: "الحوار هو الطريق السليم لحلّ الأزمات، شعبنا يستحق أن يعيش السلم والأمن والازدهار، لا الصراعات والحروب والسلاح المنفلت والمغامرات".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية