هل تتغير شروط اللعبة بين الحكومة الكويتية والبرلمان بعد الانتخابات؟

هل تتغير شروط اللعبة بين الحكومة الكويتية والبرلمان بعد الانتخابات؟

هل تتغير شروط اللعبة بين الحكومة الكويتية والبرلمان بعد الانتخابات؟


05/10/2022

حظيت انتخابات الفصل التشريعي رقم (17) لمجلس الأمة في الكويت برضا شعبي وسياسي واسع، وتقدير كبير لدور السلطة التنفيذية في تنظيم الانتخابات، وعدم التدخل فيها، تصديقاً لخطاب أمير البلاد، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، والذي قرأه ولي العهد، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، وتضمن حلّ مجلس الأمة، والدعوة إلى الانتخابات، مع التعهد بعدم التدخل فيها.

وجاءت الانتخابات بنتائج تحمل دلالات عدة، حيث فازت المعارضة بنسبة تقترب من 60% من مقاعد المجلس، وزادت حصة النواب الشيعة، وكذلك عودة عراب العمل البرلماني، أحمد السعدون، المرشح بقوة ليكون رئيساً للمجلس، فضلاً عن توجه السلطة نحو الخروج من دائرة الانسداد بين الحكومة والمجلس.

انتخابات ناجحة

وأُجريت الانتخابات النيابية في 29 أيلول (سبتمبر) الماضي، على مستوى البلاد، التي تنقسم إلى خمس دوائر انتخابية، يتم الترشح فيها وفق النظام الفردي، وتبلغ حصة كل دائرة (10) مقاعد في مجلس الأمة، يُحتسب فوز العشرة الأوائل حصولاً على أكبر عدد من الأصوات.

ويقول الصحفي الكويتي، أنور الروقي: "الانتخابات جاءت بعد أزمة بين النواب والحكومة، بدأت فصولها مع الجلسة الافتتاحية واستمرت تصاعداً وتنازلاً، إلى أن أعلن أمير الكويت عن حلّ مجلس الشعب والدعوة للانتخابات، في الخطاب الأميري الذي حمّل السلطتين التشريعية والتنفيذية مسؤولية الأزمة السياسية في البلاد".

أسامة الرنتيسي: رياح تغيير حملتها الانتخابات الأخيرة

ومن جانبه، قال الأمين العام للمنبر الديمقراطي الكويتي، عبدالهادي السنافي: "تأتي هذه الدورة الانتخابية بعد خطاب تاريخي لسمو أمير البلاد، تلاه سمو ولي العهد، والذي أكد فيه على أنّ الخلاف بين المجلس والحكومة سيكون رأي الشعب هو الفيصل فيه عن طريق الانتخابات، كما أن الخطاب كان صريحاً بأنه نزولاً عند رغبة الشعب سيتم حلّ مجلس الأمة، بعد مطالبات نيابية وشعبية بحل المجلس، بعد رفض رئيس الوزراء السابق حضور جلسة طرح الثقة".

وفي السياق ذاته، قال رئيس تحرير موقع "الأول نيوز" الإخباري، الصحفي الأردني أسامة الرنتيسي: "عكس الكويتيون الشعار الأميري تصحيح المسار في شكل الانتخاب، التي أسفرت نتيجتها عن رياح تغيير وصلت إلى 54%، واقتلعت أسماء عديدة من نواب المجلس الماضي، ورسخت جذور أخرى عُلقت عليهم الآمال لمواكبة الكويت الجديدة".

تنقسم الكويت إلى خمس دوائر انتخابية، يتم الترشح فيها وفق النظام الفردي، وتبلغ حصة كل دائرة (10) مقاعد في مجلس الأمة، يُحتسب فوز العشرة الأوائل

وكان ولي العهد ألقى خطاباً في تموز (يوليو) الماضي، نيابةً عن أمير البلاد، أعلن فيه التوجه إلى حلّ مجلس الأمة إثر تأزم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وصدر المرسوم في الثاني من آب (أغسطس) الماضي، بعد ساعات من تأدية الحكومة الجديدة برئاسة نجل أمير البلاد، الشيخ أحمد نواف الجابر الصباح اليمين الدستورية أمام ولي العهد في قصر بيان. واستقالت الحكومة السابقة برئاسة الشيخ صباح الخالد في نيسان (أبريل) الماضي، وقُبلت استقالتها في يونيو (حزيران) الماضي.

وبحسب حديث الصحفي أنور الروقي لـ"حفريات" كان موفقاً اختيار الشيخ أحمد نواف الصباح لرئاسة الحكومة الانتقالية، وأضاف: "متوقع أنّ يقود الحكومة القادمة، ولم يسبق له الدخول في أي حكومة في مسيرته السياسية، وبالتالي حافظ على علاقة جيدة بمجلس الأمة، ولم يتورط في أي شبهات مالية، ولا تصادم مع المعارضة".

وتابع: "قدم الشيخ أحمد النواف من خلال حكمه في فترة حلّ مجلس الأمة مراسيم أشادت بها القوى السياسية، مثل التصويت وفق العنوان بالبطاقة المدنية. وفي العادة كانت الانتخابات تجري وفق كشوف انتخابات، ما سهل عمليات  التزوير من خلال نقل أشخاص من دوائر إلى أخرى، بجانب إضافة مناطق في العملية الانتخابية فيها كتل تصويتية كبيرة، ولم يكن أحد محروماً من التصويت لكن من التمثيل في منطقته الجديدة، فضلاً عن جهود وزارة الداخلية في محاربة الانتخابات الفرعية وشراء الأصوات".

 

انتفاء المقاطعة

وشهدت انتخابات المجلس السابقة مقاطعة قوى سياسية كانت على خلاف مع الحكومة، في أزمة أدت إلى خروج عدد من الساسة من البلاد.

وشهدت هذه الانتخابات مشاركة سائر القوى السياسية، بعد مصالحات بين السلطة وقوى سياسية، ويقول الأمين العام للمنبر الديمقراطي: "نحن آخر تيار سياسي أنهى المقاطعة، والتي بدأت منذ صدور قانون الانتخاب "الصوت الواحد" بمرسوم ضرورة عام 2012، وبعد غياب (10) سنوات عاد المنبر الديمقراطي بمرشح واحد، بسبب ضيق الوقت وحلّ المجلس بشكل مفاجئ، وجاءت النتيجة مرضية رغم عدم نجاح مرشحنا، وتأتي المشاركة بعد قرار الجمعية العمومية بضرورة المشاركة، وكذلك إقرار قانون التصويت على البطاقة المدنية والذي شكل أيضاً نوع من أنواع الشفافية".

أنور الروقي: حلّ أزمة البدون وإلغاء القوانين المقيدة للحريات

وفي السياق ذاته، أضاف الصحفي، أنور الروقي: "أصبحت المقاطعة شبه منتفية؛ بعودة كثير من التيارات السياسية التي قاطعت، لكن تبقى رموز مثل عبيد الوسمي وأحمد السعدون، والأول خاض الانتخابات التكميلية في شهر مايو 2021 عن الدائرة الخامسة، والثاني خاض هذه الانتخابات وفاز".

وذكر أنّ حركة العمل الشعبي كان زعيمها مسلم البراك في المنفى فلم تشارك في الانتخابات السابقة، والمنبر الديمقراطي عاد وشارك. وأضاف "هذه العودة التي شملت كل المقاطعين جاءت بناءً على ما جاء في مضامين خطاب أمير البلاد الذي أعطى ضمانات كبرى في احترام إرادة الناخبين".

الصحفي الأردني أسامة الرنتيسي لـ"حفريات: تراجعت نتائج جماعة الإخوان المسلمين، الممثلة في جمعية الإصلاح الاجتماعي إلى الوراء، ولم يفز منهم سوى ستة نواب

وبسؤاله عن الضمانات التي منحها الخطاب الأميري، قال: "الخطاب أكد على تمسك السلطة بالدستور والتأكيد على عدم المساس به، وكذلك التنازل عن حقوق ومكتسبات دستورية تمتلكها السلطة؛ مثل عدم التدخل في الانتخابات، حيث جرت العادة بتدخل أقطاب وشيوخ من الأسرة الحاكمة في الانتخابات من خلال دعم مرشحين وحملات انتخابية وغير ذلك".

وأفاد الصحفي أنور الروقي بأنّ "الخطاب أكد على عدم التدخل في خيارات ممثلي الشعب في اختيار رئيس المجلس ونائبه واللجان البرلمانية، علماً أنّ أعضاء الحكومة هم أعضاء في المجلس، لهم الحق في كل أعماله، عدا التصويت على طرح الثقة في الوزراء والحكومة، وبالتالي السلطة قدمت تنازلات كبيرة للشعب والمعارضة بعدم التدخل نهائياً".

 

تشكيلة المجلس

وحول تشكيلة المجلس الجديد، قال الصحفي الأردني، أسامة الرنتيسي لـ"حفريات: "تراجعت نتائج جماعة الإخوان المسلمين، الممثلة في جمعية الإصلاح الاجتماعي إلى الوراء، ولم يفز منهم سوى ستة نواب؛ (٣) من الإخوان و(3) قريبين منهم، وكذا تراجع السلفيين".

وتابع الرنتيسي الذي شهد الانتخابات: "أفرزت النتائج عن وصول مرشحتين إلى المجلس، بعد غياب منذ مجلس 2016، فضلاً عن الإنجاز الذي حققته مرشحة الدائرة الرابعة (المنقبة) موضي المطيري، التي حازت على أكثر من (3) آلاف صوت في دائرة يعد التنافس فيها صعباً للغاية، وهو رقم ممتاز لوجه جديد على الساحة السياسية".

وفاز المواطنون الشيعة بعدد (9) مقاعد، في حصيلة تزيد عن المجلس السابق بعدد (3) مقاعد. وحول ذلك يقول الأمين العام للمنبر الديمقراطي الكويتي، عبد الهادي السنافي: "الشيعة جزءٌ من المجتمع، ولا يمكن وصف الأعضاء الشيعة بأنهم يمثلون الشيعة فقط؛ لأنّ هناك منهم من فاز بأصوات الجميع، بغض النظر عن طائفته أمثال حسن جوهر وأسامة الزيد".

عبد الهادي السنافي: النواب الشيعة لا يمثلون الشيعة فقط

ومن جانبه، قال الصحفي أنور الروقي: "دلالة التقدم الشيعي أنّ الناخبين الشيعة توجهوا إلى شخصيات مستقلة حيث فاز أربعة منهم، والخمسة الآخرون منتمون سياسياً، فضلاً عن أنّ التيارات السياسية الشيعية بدأت تنظم حالها بشكل أكبر، نتيجة الزج بأفضل الشخصيات والعمل الجاد، ما مكنها من اختراق الدائرة الخامسة التي كانت حكراً على القَبَليين".

وأفاد أنّ التآلف الإسلامي الوطني الشيعي خاض الانتخابات بأربعة مرشحين فاز منهم ثلاثة، وخاص تجمع العدالة والسلام الشيعي الانتخابات بمرشحين فازا.

ويُذكر أنّ المحسوبين على المعارضة فازوا بعدد 28 مقعداً من أصل 50 مقعداً. وفي ذلك، قال الأمين العام للمنبر الديمقراطي: "من المبكر التنبؤ بكتلة المعارضة، خصوصاً بعد فوز 20 نائباً جديداً، لا نعلم ماهي توجهاتهم ومواقفهم، لذلك نحتاج إلى وقت حتى نعرف مواقعهم".

وأضاف عبد الهادي السنافي: "من حيث التوجهات الفكرية توجد مجموعة ممكن أن نطلق عليهم النواب الوطنيين وهم (كتلة الخمسة)، ينطلقون من المبادئ الدستورية ويؤمنون بالدولة المدنية. أما الكتل الأخرى فهناك الإخوان المسلمين والسلف ومن الشيعة التحالف الإسلامي والعدالة والسلام، إلى جانب مجموعة من نواب القبائل، والذين ينتمي جزءٌ كبيرٌ منهم إلى جبهة المعارضة".

 

العلاقة مع الحكومة

وكانت الأزمة المستمرة بين الحكومة ومجلس الأمة سبباً في استقالة الحكومة وحلّ المجلس. ويتوقف المسار الذي ستأخذه العلاقة بين الطرفين مع أول انعقاد للمجلس الجديد في العاشر من الشهر الجاري، على أداء الطرفين.

وحول ذلك، يقول الصحفي الكويتي، أنور الروقي: "بعد الانتخابات الجيدة تحولت الكرة الآن من ملعب الناس إلى النواب الخمسين. وأمام الحكومة تحدٍ كبير سواء أُعيد تكليف الشيخ أحمد النواف أو غيره، وهو المرجح، ومن التحديات اختيار تشكيلة الحكومة؛ فإذا كانت الأسماء دون الطموح فإنها تعطي دلالة غير جيدة على شكل المرحلة المقبلة، أما إذا جاءت من أسماء كفاءات بعيدة عن الولاءات القبلية والطائفية والعائلية ، فهذا مؤشر جيد".

ومن جانبه، قال الأمين العام للمنبر الديمقراطي: "علاقة المجلس بالحكومة تحددها أولويات، منها البرنامج الحكومي المقدم، والذي من المفترض أن يكون برنامجاً عملياً قابلاً للتطبيق بجدول زمني محدد. وكذلك هناك تحديات كبيرة أمام المجلس خصوصاً نواب المعارضة، الذين لديهم مجموعة قوانين بانتظار إقرارها مثل؛ قانون الانتخاب، وإلغاء قانون المسيئ الذي حرم العديد من السياسيين من المشاركة بالانتخابات".

النائبة عالية الخالد تصافح المهنئين

ولفت إلى قوانين أخرى، منها "قانون الجنسية والمتعلق ببسط رقابة القضاء على مسائل الجنسية، وقوانين أخرى ينتظرها الشعب الكويتي لتطوير مؤسسات وهيئات الدولة بالشكل الذي يخدم الشعب".

وحول القوانين المهم متابعتها، أشار الصحفي أنور الروقي إلى "استكمال ملف العفو وحلّ أزمة البدون وإلغاء القوانين المقيدة للحريات". وأوضح أنّ التعاون بين السلطتين في هذه القضايا إما أن يكون مؤشراً إيجابياً نحو استدامة الدولة وتطورها، أو يعيد الأمور إلى المربع الأول الذي تميّز بديمومة الأزمات العالقة.

وحُلّ مجلس الأمة (10) مرات في تاريخه. وفي اثنتين منها عامي (1976 و1986) بأمر أميري، وتم وقف العمل ببعض مواد الدستور ومنها الدعوة لانتخابات جديدة، وفي بقية الحالات الثماني (1999، 2006، 2008، 2009، 2011، 2012، 2016، و2022) تم الحل بمرسوم أميري وفقاً للمادة (107) من الدستور التي تنص على وجوب إجراء انتخابات في ميعاد لا يتجاوز الشهرين.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية