هل تؤثر إقالة رئيس البنك المركزي على الاقتصاد التركي المتأزم؟

هل تؤثر إقالة رئيس البنك المركزي على الاقتصاد التركي المتأزم؟


08/11/2020

أثار قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أول من أمس، إقالة رئيس البنك المركزي مراد أويصال غضباً في أوساط المعارضة التركية والخبراء الاقتصاديين، في وقت قرر فيه أردوغان تعيين وزير المالية السابق ورئيس هيئة الاستراتيجية والتخطيط التابعة لرئاسة الجمهورية، ناجي أغبال، خلفاً له.

تُرجع وسائل إعلام تركية قرار الإقالة إلى خلافات بين أويصال وبين أردوغان ووزير المالية آلبيراق، وهو صهر الرئيس، حول سعر الفائدة

ويعكس قرار أردوغان تغليبه مجدداً استراتيجية تعيين أهل الثقة في المناصب الحيوية، حتى تلك التي يفترض أن تتمتع باستقلالية عن القصر الرئاسي، فيما يرى مراقبون أنّ قرار الإقالة الذي يأتي عقب شهور فقط من تعيين رئيس البنك المركزي السابق، يمنح مؤشرات سلبية إضافية عن أوضاع الاقتصاد التركي المتأزم بالأساس، ويعكس حالة من التخبط وعدم الاستقرار.

وترجع وسائل إعلام تركية قرار الإقالة إلى خلافات بين أويصال من جهة، وبين أردوغان ووزير المالية بيرات آلبيراق، وهو صهر الرئيس، من جهة ثانية، حول سعر الفائدة والتي جاوزت الـ10%، فيما يريد الرئيس التركي تخفيضها.

اقرأ أيضاً: أكسفورد إيكونوميكس: تركيا بين 5 دول عاجزة عن توفير موارد

ويرى أردوغان ووزير المالية أنّ خفض سعر الفائدة سيدفع عجلة النمو الاقتصادي في مواجهة الأزمة التي تواجهها البلاد، في ظل تقلب سعر صرف الليرة، فضلاً عن ارتفاع معدلات التضخم. وعبّر الرئيس التركي مراراً عن استيائه من الإبقاء على أسعار الفائدة عند معدلاتها السابقة، كما مارس ضغوطاً على المركزي لتخفيض سعر الفائدة من أجل إنعاش الاقتصاد، وهو ما رفضه البنك في حزيران (يونيو) الماضي، حيث قرر الإبقاء عليها عند معدلاتها، بحسب ما أورده موقع "أندبندنت" عربية.

 

تشير بيانات البنك المركزي التركي إلى فقدانه مليارات الدولارات شهرياً من رصيد احتياطي العملة الأجنبية والذهب، لكنّ البنك لا يعلن عن مقدار المنفق لدعم الليرة

 

وكان البنك المركزي التركي قد قرّر في أيلول (سبتمبر) من العام 2018، رفع سعر الفائدة الرئيسي للمرّة الأولى من 8,25 إلى 10,25%، في محاولة لوقف نزيف الاقتصاد التركي وتهاوي الليرة، الذي وقع ذلك العام بالتزامن مع أزمة تركيا مع الولايات المتحدة الأمريكية بسبب القسّ الأمريكي أندرو برونسون.

ويضاعف التغيير الدائم في القيادات الاقتصادية تذبذب صناعة القرار الاقتصادي، من أزمة الليرة والتي تواصل تراجعها غير المسبوق أمام الدولار الأمريكي، مسجلة 8.52 ليرة أمام الدولار، بقيمة تراجع تصل إلى 30% منذ بداية العام 2020.

اقرأ أيضاً: ألمانيا منزعجة من تركيا لهذا السبب

يأتي ذلك في الوقت الذي لفت فيه بنك غولدن ساكس (أحد أشهر المؤسسات المصرفية في الولايات المتحدة والعالم) إلى أنّ البنك المركزي التركي يضخّ أموالاً غير معلنة لدعم الاقتصاد تُقدر بالمليارات من الاحتياطي النقدي، ما يتسبب في زيادة معدلات التضخم، ويعمّق أزمة الاقتصاد.

وبحسب بيان غولدمان ساكس أول من أمس، فإنّ شهر أيلول (سبتمبر) شهد إنفاق 6.4 مليارات دولار، وكان قد بلغ الإنفاق في الشهر السابق آب (أغسطس) 11.8 مليار دولار.

وتشير بيانات البنك المركزي التركي إلى فقدانه مليارات الدولارات شهرياً من رصيد احتياطي العملة الأجنبية والذهب. لكنّ البنك لا يعلن عن مقدار المنفق لدعم الليرة، وأوضح بنك جولدمان ساكس أنه استمدّ الرقم من حساب الفرق بين التغييرات الفعلية والمتوقعة في صافي الأصول الأجنبية للبنك المركزي التركي، وأضاف أنّ هناك مجموعة كبيرة من عدم اليقين حول هذه الأرقام، بحسب ما أوردته صحيفة "زمان" التركية.

اقرأ أيضاً: أموال وغسيل أدمغة وتوظيف ديني.. وسائل تركيا لحشد المرتزقة

ووفق البنك المركزي التركي، فقد تراجع احتياطي النقد الأجنبي والذهب بمقدار 3 مليارات و 945 مليون دولار خلال الفترة من 30 تشرين الأول (أكتوبر) وحتى 2 تشرين الثاني (نوفمبر) مقارنة بالأسبوع السابق، وانخفض الرصيد خلال أسبوع واحد من 88 ملياراً و351 مليوناً إلى 84 ملياراً و406 ملايين دولار.

ردود الفعل

في غضون ذلك، قال رئيس الوزراء التركي السابق ورئيس حزب المستقبل المعارض، أحمد داود أوغلو: يوجد حريق في الاقتصاد التركي! لقد تغير محافظ البنك المركزي مرتين خلال 18 شهراً! محرّك سيارتكم به مشكلة، وأنتم تحاولون علاج الأزمة بتغيير الإطارات فقط. أنتم تجعلوننا نأسف على هذا البلد الجميل، وذلك خلال منشور عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر".

والموقف الرافض ذاته لقرار أردوغان عبّر عنه حزب الشعب التركي المعارض (أكبر أحزاب المعارضة)، وعلّق النائب عن حزب الشعب الجمهوري المعارض، عن مدينة إسطنبول، أردوغان توبراك، قائلاً: إنّ القرار الجديد المتعلق بالبنك المركزي قضى على القانون وعلى قيمة وهيبة الليرة التركية. وأضاف، بحسب ما أوردته صحيفة "زمان": الآن انتهت كذبة القوى الأجنبية التي تحارب اقتصاد تركيا.

اقرأ أيضاً: تركيا تعاقب فيسبوك وتويتر وإنستغرام... لماذا؟

كما علّق عضو مجلس حزب الشعب الجمهوري أرين أرديم، على القرار في تغريدة له على تويتر، قائلاً: "سبق أن أقال أردوغان رئيس البنك المركزي الذي كان يتصرف وفقاً لقواعد السوق. واليوم أقال رئيس البنك المركزي الذي يتصرف وفقاً لقواعد "القصر"، إذن أليس الأفضل أن يتمّ إغلاق البنك المركزي؟ على أي حال فهو لم يعد يفيد في شيء. لقد انتهى رصيده وتشوّهت سمعته... لقد بقي القليل يا رفاق! ستنتهي كل هذه العربدة في أول انتخابات… ستعود تركيا إلى طبيعتها".

اقرأ أيضاً: بأي ذنب يُقتل السوريون بالسكاكين في تركيا؟

وبخلاف الأنباء التي تحدثت عن الخلافات بين محافظ البنك المركزي وأردوغان، فقد تمّ تداول أنباء أخرى تربط بين رئيس البنك المقال والرئيس التركي، وتصف قراره وموقفه بالضعيف أمام أردوغان، ما يضاعف اضطراب المشهد التركي، فيما يرجح قرار الإقالة السيناريو الأول الرامي إلى وجود خلافات بينهما، ويعكس كلاهما المؤشر ذاته من حيث سطوة القصر على البنك المركزي. 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية