هكذا يسهم الدعم الأممي للحوثيين في تعميق أزمة اليمنيين

هكذا يسهم الدعم الأممي للحوثيين في تعميق أزمة اليمنيين

هكذا يسهم الدعم الأممي للحوثيين في تعميق أزمة اليمنيين


15/01/2023

رغم الأدلة الكثيرة على نهب ميليشيات الحوثي للمساعدات ولثروات اليمنيين، وتحويلها للإنفاق على الحروب، أو للحسابات البنكية التابعة لقيادات في الجماعة الإرهابية، لم يتوقف المجتمع الدولي عن تقديم الإعانات، أملاً في أن يصل بعضها إلى الشريحة المحتاجة من الشعب الذي يعاني الأمرّين.

وتواصل المنظمات التابعة للأمم المتحدة العاملة في صنعاء تحويل أموال المساعدات المقدمة من الجهات المانحة لصالح ذراع إيران تحت يافطات إغاثية متعددة لتمرير الدعم.

وقدّم أخيراً مكتب منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" في صنعاء، إحدى منظمات الأمم المتحدة العاملة في اليمن، دعماً كبيراً لصالح ميليشيات الحوثي الإيرانية، تضمّن سيارات دفع رباعي حديثة، تحت بند "مكافحة الجراد الصحراوي"، رغم أنّها ستذهب إلى القادة وإلى مناطق الاشتباكات.

ووفق ما نقل موقع "يمن نيوز" في تقرير له نشر أمس، فإنّ المعلومات الأولية تفيد بأنّ قيادات حوثية تشرف على وزارة الزراعة بصنعاء هي من قامت باستلام الدعم الأممي والممول من قبل البنك الدولي، وهو عبارة عن أكثر من (30) عربة دفع رباعي لمكافحة الجراد باليمن.

ورغم المناشدات التي أطلقتها جهات زراعية حكومية في عدة محافظات يمنية محررة لمد يد العون والمساعدة من أجل مواجهة موجة اجتياح أسراب الجراد التي تسببت في أضرار كبيرة في المحاصيل الزراعية، إلا أنّ تلك المناشدات لم تلقَ أيّ استجابة حتى اللحظة، وبقيت مقتصرة على مناطق نفوذ الحوثيين.

مكتب منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" في صنعاء يقدّم للحوثيين (30) عربة دفع رباعي بحجة مكافحة الجراد باليمن

وتستخدم الميليشيات الموالية لإيران السيارات المقدمة من المنظمات الأممية لتغطية تحركاتها وعدم استهدافها، وكان آخرها استخدام قيادات حوثية لسيارات تابعة لمنظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف لتوفير الحماية لهم.   

الدعم الأممي للحوثيين بذريعة مكافحة الجراد، جاء تواصلاً لدعم سابق تحصلت عليه الميليشيات الحوثية من قبل الأمم المتحدة تحت غطاء دعم جهود "نزع الألغام في اليمن".

الأمم المتحدة تدعم ميليشيات الحوثي بمبلغ أكثر من (167) مليون دولار خلال الفترة من 2016 حتى 2022، تحت مسميات نزع الألغام

 ووثق تقرير حقوقي صادر عن (5) منظمات أهلية، غير حكومية، في اليمن، تقديم الأمم المتحدة عبر برنامجها الإنمائي في صنعاء وبعثة "أونمها" بالحديدة ووكالات أخرى تابعة لها دعماً لميليشيات الحوثي بمبلغ أكثر من (167) مليون دولار خلال الفترة من 2016 حتى 2022، تحت مسميات نزع الألغام، حسبما أوردت وكالة سبأ نت.

وقد فندت المنظمات في تقريرها الذي حمل عنوان: "دعم الموت... شراكة في الجريمة"؛ أنواع الدعم الأممي للحوثيين، والذي تضمن (420) سيارة حديثة؛ منها (20) سيارة دفع رباعي، سلّمها البرنامج الإنمائي للحوثيين بحجة دعم جهود نزع ومكافحة الألغام، و(400) سيارة دفع رباعي تحت مسمّيات مختلفة، منها الخدمات الإسعافية وخدمات الرش. 

وكانت تقارير سابقة قد كشفت عن اختراق ميليشيات الحوثي للمنظمات الأممية العاملة تحت سلطتها في صنعاء، وأنّ المساعدات الأممية أصبحت موجهة لصالح الحوثيين ومناطق سيطرتهم، وبنسب كبيرة، مقارنة بما يتم تقديمه للعاصمة عدن وباقي المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.

المساعدات الأممية أصبحت موجهة لصالح الحوثيين ومناطق سيطرتهم وبنسب كبيرة، مقارنة بما يتم تقديمه للعاصمة عدن وباقي المناطق الخاضعة للحكومة

وذكر تقرير صادر عن لجنة تابعة للأمم المتحدة معنية باليمن أنّ السلطات الحوثية تضغط باستمرار على وكالات الإغاثة، وتجبرها على تعيين موالين لها، وتخوفها بتهديدات وإجراءات وبتقييد أنشطتها داخل مناطق سيطرتهم، وتهدف هذه الخطوة للسيطرة وتوجيه المشاريع الإنمائية صوب أهدافها.

هذا، وكشفت صحيفة "الشرق الأوسط" في أوقات سابقة عن وجود شبكة حوثية مهمتها نهب المساعدات وتسخيرها لعناصر الميليشيات.

وأظهر أحد محاضر النيابة العامة في صنعاء تلاعب ميليشيات الحوثي بالمساعدات الإغاثية الدولية الموجهة إلى اليمن عبر منظمات دولية، ومنها منظمة الأغذية العالمية، وبيعها أو تسليمها إلى تجار موالين للجماعة.

دعم الموت... شراكة في الجريمة

وفي المحضر للنيابة الخاضعة للجماعة نفسها في صنعاء، حول تفتيش مخازن، لضبط مبيدات ومواد سامة في 8 آذار (مارس) 2018، ذكر المحضر أنّه تم العثور على (131) عبوة من القمح مكتوب عليها "ليس للبيع أو الاستيراد"، و(95) عبوة تتبع برنامج الأغذية العالمي، و(544) عبوة عليها شعار برنامج الأغذية العالمي، ومكتوب عليها أنّها ليست للبيع أو الاستيراد.

وأوضح مصدر قضائي في صنعاء، وفق ما أوردت صحيفة "الشرق الأوسط"، أنّ تلك الوثائق تكشف عن (3) جرائم؛ هي: التلاعب بالمعونات، وتهريب المبيدات السامة، وتخزين المبيدات جوار المواد الغذائية.

الحوثيون يضغطون باستمرار على وكالات الإغاثة، ويجبرونها على تعيين موالين لها، عبر تهديدها بتقييد أنشطتها داخل مناطق سيطرتهم

وكان تقرير "اقتصاد الحرب والأثرياء الجدد" الصادر مؤخراً عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، قد أعاد التذكير بما أورده تقرير فريق الخبراء حول استحواذ أمراء الحرب وأثريائها على حصص من وكالات الإغاثة والدعم الإنساني المقـدم إلى اليمن، وذلك من خلال التحكم في تمويل برامج وأنشطة الإغاثة الإنسانية في اليمن.

يُذكر أنّ ميليشيات الحوثي، ومنذ بداية تنفيذ الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الدولية برامج تقديم المعونات الإنسانية في اليمن في عام 2015، أصرت على التحكم في مسار المساعدات، وفرضت شروطها على هذه الهيئات، ووضعتها أمام الأمر الواقع؛ فإمّا السماح بمصادرة جزء منها، والتحكم في مسار الجزء الآخر؛ وإمّا عرقلة أنشطتها ومصادرة ما تقدمه للمستهدفين قبل وصوله إليهم.

وفي سياق متصل، كشف وزير الإدارة المحلية السابق عبد الرقيب فتح أنّ ميليشيات الحوثي الإرهابية تنهب 65% على الأقل من المساعدات الإنسانية والغذائية الموجهة لليمنيين عبر ميناء الحديدة.

وزير سابق: ميليشيات الحوثي الإرهابية تنهب 65% على الأقل من المساعدات الإنسانية والغذائية الموجهة لليمنيين

وفي تصريحات لوكالة أنباء الإمارات "وام"، قال عبد الرقيب فتح: إنّ الميليشيات التي تسيطر على ميناء الحديدة تنهب المساعدات لـ "صالح ما يُسمّى المجهود الحربي، ضاربة عُرض الحائط بأرواح المدنيين وظروفهم الإنسانية الصعبة".

ومن جانب آخر للفساد، فقد كشفت بحسب تحقيق أجرته وكالة "أسوشيتد بريس" في أوقات سابقة، التي ذكرت أنّها اطلعت على وثائق سرية، وأجرت مقابلات مع (8) عمال إغاثة ومسؤولين حكوميين سابقين، فإنّ أكثر من (10) من موظفي الأمم المتحدة تم توظيفهم باليمن للتعامل مع الأزمة الإنسانية في زمن الحرب يواجهون اتهامات بالتلاعب مع الحوثيين لإثراء أنفسهم من مليارات الدولارات التي تدفقت على البلاد كمساعدات إنسانية، وفق ما نقلته الوكالة عن أفراد يتمتعون بمعرفة داخلية بالأمم المتحدة.

وذكرت الوكالة أنّ من مظاهر الفساد في منظمة الصحة العالمية كان تعيين أشخاص غير مؤهلين في وظائف ذات رواتب عالية، وإيداع ملايين الدولارات في حسابات مصرفية شخصية للعاملين، وعشرات العقود المشبوهة التي تمت الموافقة عليها بدون أوراق ووثائق، فضلاً عن أطنان من الأدوية والوقود المتبرع به والأغذية فقدت بمناطق سيطرة الحوثيين، وفق شبكة الإندبندنت بالعربية.

أمّا في منظمة اليونيسف التابعة للأمم المتحدة، فقد جرى توثيق فساد آخر، تمثل في السماح لقيادي من الحوثيين بالسفر في مركبات تابعة للأمم المتحدة، لحمايته من الضربات الجوية التي تشنها الحكومة الشرعية والتحالف العربي بقيادة السعودية.

وكانت الميليشيات قد ابتكرت أداة للتحكم في مسار المساعدات؛ فقد أنشأت ما يُعرف بـ"المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي"، وألزمت الهيئات الإغاثية بتوريد مخصصاتها المالية إلى حسابات صندوق هذا المجلس، ومنعتها من مزاولة أنشطتها أو جمع البيانات إلا بعد تنفيذ هذه التعليمات.

ويتحكم المجلس المذكور في قوائم وكشوف المعونات الإغاثية، ويجبر المنظمات على توجيه المساعدات إلى مناطق وأحياء وقرى محددة من طرفه، ويعمل طاقمه على إعداد قوائم بأسماء المستفيدين، ويسلمها للمنظمات لتقوم بتوزيعها.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية