هكذا غيّرت جمعية قطر الخيرية اسمها إلى "نكتار ترست"

قطر

هكذا غيّرت جمعية قطر الخيرية اسمها إلى "نكتار ترست"


11/09/2019

رغم نشاطها الملحوظ خلال الأعوام الماضية منذ تأسيسها عام 1992 تحت غطاء العمل الخيري، على يد صالح سعيد، وفي مفاجأة غريبة اختفت (جمعية قطر الخيرية QCUK) في لندن ولم يعد لها وجود، ما فتح التكهنات بشأن نشاطاتها، وملاحقة الرباعي العربي لها، وتأثير ذلك على استمرار عملها.

اقرأ أيضاً: هل كانت "مؤسسة قطر الخيرية" في كوسوفو واجهة لتمويل الجماعات المتشددة؟
الصحفيان جورج مالبرونو، وكريستيان شينو، حلا اللغز وكشفا يوم الأحد 18 آب (أغسطس) 2019 تحايل الدوحة وعملها على تغيير مسمى مؤسستها (قطر الخيرية)  في تشرين الأول (أكتوبر) 2017، إلى (نكتار تراست) للتهرب من ملاحقات دعمها وتمويلها للتطرف.
أوضح الكاتبان الفرنسيان في كتابهما "أوراق قطر" (Qatar papers) كيف تموّل إمارة قطر الإخوان في فرنسا وأوروبا، وأشارا إلى الهدف والقوة المالية الضاربة للأعمال الخيرية التي كانت تقدمها مؤسسة قطر الخيرية، خاصة في سويسرا.

 كتاب "أوراق قطر" (Qatar papers)
اعتمد كريستيان شينو وجورج مالبرونو في تحرّياتهما حول الجمعية منذ عامين على تسريب لوثائق داخلية لها كشفت الدور المركزي لمحمد وناديا كرموس، اللذين يرأسان "متحف حضارات الإسلام" في مدينة لا شو- دو- فون، وهو المركز الذي تلقى ما لا يقل عن سبع تحويلات مالية بمبلغ إجمالي وصل إلى حوالي 1,4 مليون فرنك.

حذرت لجنة الرقابة على المنظمات الخيرية في بريطانيا من العلاقة بين مؤسسة خيرية بريطانية وجمعية قطرية متهمة بالإرهاب

في السياق ذاته، كشفت صحيفة "ذا ناشونال" في نسختها الإنجليزية أنّ جمعية قطر الخيرية تحول اسمها إلى شركة "نكتار ترست"، التي تم تأسيسها في لندن منذ عام 2012، وهي التي منحت المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية، وهي مؤسسة تعليمية إسلامية مقرها فرنسا، حوالي مليون جنيه إسترليني في السنوات الثلاث الماضية.
وأنفقت "نكتار ترست" أكثر من 86 ألف جنيه استرليني في العام الماضي لصالح المعهد الأوروبي، الذي ينشر فتاوى تتبع توجيهات المجلس الأوروبي للفتوى والأبحاث.
قطر الخيرية من الدوحة إلى لندن
تأسست قطر الخيرية عام 1992، وفق ما ورد في (ويكيبيديا)، وكان هدفها تطوير المجتمع القطري والمجتمعات المعوزة، وتعمل في مجالات مختلفة والتي من أهمها التنمية المستدامة، ومحاربة الفقر وإغاثة المنكوبين في حالات الطوارئ.

تأسست عام 1992 تحت غطاء العمل الخيري على يد صالح سعيد
أسس الجمعية يوسف أحمد الكواري، وهو مواطن قطري يبلغ من العمر 44 عاماً، وقد شغل منصب الرئيس التنفيذي لقطر الخيرية منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2011، بعد أن شغل سابقاً منصب مدير الخدمات المالية في المنظمة. وكان في السابق رئيس قسم تقنية المعلومات في وزارة قطر للشؤون الإدارية والعلاقات الإسلامية.

اقرأ أيضاً: تحقيقات جديدة.. ما حقيقة تمويل قطر لجماعات إسلامية إقليمياً ودولياً؟
انتقلت الجمعية إلى لندن عام 2012، وأصبح نشاطها الملحوظ هو دعم التيار الإخواني، وأصبح في قيادتها أيوب أبو لقيان، فرنسي الجنسية الذي يبلغ من العمر 45 عاماً وولد في المغرب. تم تعيينه مديراً عاماً بالمملكة المتحدة على الرغم من أنّه غير مدرج في سجلات شركة المنظمة. وقد حصل على تعليمه الثانوي في مكناس بالمغرب، ثم في المدرسة الوطنية للهندسة جنوب الألزاس، وهي جامعة في مولهوز فرنسا، حيث تخرج في عام 1996. كما أنّه عضو في مجلس إدارة اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، وهو الاتحاد الذي يعبّر عن جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا.

كتاب "أوراق قطر": "نكتار ترست" تموّل "الإخوان" من أبواب جانبية اجتماعية حيث دعمتهم بـ 4 ملايين فرنك

في 26 آذار (مارس) 2012 عمل أيوب أبو لقيان وكيلاً للجمعية، إضافة إلى عمله مدير بيت الزكاة، وهو عبارة عن منشأة تستخدمها (نكتار ترست) الآن في المملكة المتحدة عنواناً أصلياً، ويرأسها هاني البنا، وهو رائد في العديد من المؤسسات الخيرية في المملكة المتحدة المرتبطة بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، بما في ذلك منظمة الإغاثة الإسلامية في جميع أنحاء العالم ومنظمة التعاون الإسلامي والمنتدى الخيري الإسلامي والمنتدى الإنساني.
ووفق وثائق أوردها موقع (قطريليكس) يوم 18 نيسان (أبريل) 2019، فقد أعادت جمعية قطر الخيرية تسمية نفسها لتصبح "نكتار ترست" في المملكة المتحدة في 2018 لتجنب الشكوك من جانب البنوك الدولية؛ حيث تلقت مؤخراً أموالًا طائلة من الحكومة القطرية، وهي التي وقفت وراء بناء مسجد ضخم في شيفلد، يشرف عليه قيادات من تنظيم الإخوان.
الوثائق أكدت أنّ مؤسسة نكتار ترست جمعت أكثر من 28 مليون جنيه إسترليني في عام 2017، من أجل تمويل فروع الإخوان؛ حيث حصلت على نحو 400 ألف جنيه إسترليني، أعطتها لأحد فروع الجماعة، كما موّلت الرابطة الإسلامية البلجيكية، التي دعت ذات مرة الداعية الكويتي طارق سويدان، للتحدث في مؤتمر لها، رغم أنّه ممنوع من دخول السويد وبلجيكا.

اقرأ أيضاً: تحذير بريطاني من جمعية خيرية على صلة بمؤسسة قطرية
يقول الباحث في شؤون الإسلام السياسي، هشام النجار، في تصريح لـ "حفريات": تعتبر بعض الدول في أوروبا حالياً مصدراً رئيسياً للتمويل والدعم غير المباشر للإخوان القادم من قطر، لأنه يحقق العديد من المصالح والأهداف وأولها تعويض ما فقدته الجماعة بالداخل العربي بعد تضييق الخناق عربياً وخليجياً على الجماعة، وثانياً استغلال الحال والواقع الأوروبي المتسامح مع أنشطة مريبة للجماعة تحت عناوين مراكز ثقافية ودعوية وفي حقيقتها تنشط داخل شبكة ممتدة ومعقدة كاقتصاد مواز يمارس كل الأنشطة غير المشروعة، والغريب أنّه متصل باقتصاد كل من قطر وتركيا.

تمويل الإخوان بلافتات اجتماعية
يلفت كتاب "أوراق قطر" إلى أنّ (نكتار ترست) تموّل جماعة الإخوان من أبواب جانبية اجتماعية، وأنّها قامت بضخ ما يزيد عن 4 ملايين فرنك، بين عامي 2011 و2014، في خمسة مشاريع تابعة لمنظمات إخوانية في كل من بريّيي (كانتون فو) وبيل/ بيان (كانتون برن) ولا شو - دو- فون (كانتون نوشاتيل) ولوغانو (كانتون تيتشينو) بسويسرا.

اقرأ أيضاً: التايمز: قطر متهمة باستخدام مصرف بريطاني لدعم جماعات الإسلام السياسي
وكشفت صحيفة "تلغراف" البريطانية، في 18 أيلول (سبتمبر) 2018 عن تحذير لجنة الرقابة على المنظمات الخيرية في بريطانيا بشأن العلاقة بين مؤسسة خيرية بريطانية وجمعية قطرية مدرجة ضمن قوائم الإرهاب في دول خليجية.
وأثارت اللجنة مخاوف بشأن استقلالية "مؤسسة قطر الخيرية/ المملكة المتحدة"، التي تقدم ملايين الجنيهات إلى المساجد وغيرها من المنظمات في جميع أنحاء بريطانيا، وأنّ مقر قطر الخيرية في الدوحة يدير 110 برامج ثقافية بالتعاون مع 58 منظمة أوروبية، منها شركة (نكتار ترست) الوجه الخفي لها، الذي أنفق في السنوات الخمس السابقة، ما يقرب من نصف مليار ريال (حوالي 140 مليون دولار) على مثل هذه البرامج.

اقرأ أيضاً: الإخوان في قطر: تيار سياسي أم أكثر من ذلك؟
من جانبه، حذر موقع "ميديا بارت" الفرنسي من المآرب الحقيقية لأنشطة (نكتار ترست) في أوروبا، وقال إنّ الشركة تركز على الفئات الأكثر احتياجاً في المجتمع البريطاني والأوروبي في مجالات مهمة مثل؛ الثقافة والتعليم والاقتصاد والإغاثة، وتهدف إلى أن تكون هي الشريك الخيري للاستثمارات القطرية في أوروبا وأن تتحمل جزءاً من هذه المسؤولية، وأنّ "نكتار ترست" لها علاقة بمؤسسة (نكتار) وهي مؤسسة خيرية بريطانية مسجلة، كانت تدعمها قطر الخيرية، وتم تغيير اسمها عام 2017 لتصبح صندوق نكتار.

وفق التقرير تقوم شركة نكتار ترست بتجميع الأموال نيابة عنها للمشاريع مثل؛ مسجد شيفلد وتمويل فروع الإخوان؛ حيث حصلت الشركة على  397000 جنيه استرليني أعطتها لأحد فروع الجماعة، وأنشأت (مشروع شيفيلد - أمانة الإيمان)، وهو ثالث أكبر نفقات لقطر الخيرية بالمملكة المتحدة في عام 2015 بقيمة 638.695 جنيه إسترليني، والذي يعتبر مركزاً متعدد الأغراض يحتوي على حضانة، ومدرسة بدوام كامل، ومركز ثقافي واجتماعي، وقاعة متعددة الأغراض، بالإضافة إلى مكتبة ومطعم، وقاعة للصلاة، وصالة رياضية وموقف سيارات. وفي عام 2016، بلغت نفقات هذا المشروع 704.983 جنيهاً إسترلينياً.

اقرأ أيضاً: الرئيس الموريتاني: قطر دمرت دولاً عربية باسم الديمقراطية
ويعتبر مجمع جامعات شيفيلد في المملكة المتحدة، الذي على وشك الانتهاء من تنفيذه أو تم الانتهاء منه بالفعل، الأحدث في سلسلة من المحاولات التي تقوم بها الأمانة الأوروبية من أجل بناء منشآت إسلامية كبيرة في المدن الأوروبية التي يسيطر عليها الإخوان المسلمون؛ حيث يركز على توفير تسهيلات لـ "الجماعة" في بريطانيا.
كما أسهمت الشركة في مشروع معهد آيزنبرغ للدراسات التاريخية في شاتو دي شينون، في عام 2015، وهو نفس المنظمة التي يديرها المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية، وهو مرفق تدريب تربوي في فرنسا يرتبط باتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا وفرعها في فرنسا، وكلاهما منظمة تمثل "جماعة الإخوان المسلمين" في أوروبا، إضافة إلى ﻣركز النور في ﻓﺮﻧﺴﺎ، وجمعية الإصلاح الاجتماعي في ستراسبورغ، فرنسا، وهو مبنى متعدد الأغراض على مساحة 2500 متر مربع يتألف من مدرسة للدراسة الدينية، واتحاد الهيئات والجاليات الإسلامية في إيطاليا، في ميلانو.

اقرأ أيضاً: محللون فلسطينيون يكشفون أهداف الأموال القطرية في قطاع غزة
وفي تصريح لـ "حفريات" قال أستاذ الاجتماع السياسي د. سعيد صادق، "إنّ قطر تلعب عن طريق هذه الجمعية دور الممول وفق أجندة خاصة تعتمد على جماعة الإخوان، فهي التي موّلت عدداً من التنظيمات المسلحة السورية بضوء أخضر أمريكي، لذا فهي تستخدم أدوات عديدة للتمويل ومنها مؤسسات وشركات دولية بغطاء خيري وديني في عدة دول ومنها طبعاً بريطانيا التي تغضّ البصر، وتمتنع عن الإدانة الشاملة الواضحة لها بدعم التطرف".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية