هكذا تحاول جماعة الإخوان وحركات الإسلام السياسي الاستفادة من حرب غزة

جماعة الإخوان ومحاولة الاستفادة من حرب غزة... كيف؟

هكذا تحاول جماعة الإخوان وحركات الإسلام السياسي الاستفادة من حرب غزة


07/01/2024

وسط ركام الأزمات الذي تعيشه جماعة الإخوان على مدار الأعوام الماضية، والنبذ المجتمعي لها نتيجة ممارستها العديد من العمليات الإرهابية داخل الدول العربية، عقب سقوطها عن الحكم في مصر ودول آخرى، ربما ستجد الجماعة في حرب غزة الأخيرة طريقاً ممهدة لمحاولة تجميل صورتها، والتخلص من اتهامات ممارسة العنف والإرهاب ضد المجتمعات العربية، فهل بدأت الجماعة بالفعل بتوظيف ما يحدث؟ وهل ستنجح؟

تجيب عن هذه الأسئلة دراسة حديثة صادرة عن مركز (ستراجيتكس للأبحاث والدراسات)، تناولت أشكال تفاعل التنظيمات الإسلاموية والمتطرفة مع حرب 7  تشرين الأول (أكتوبر)، وكيف سعت جماعة الإخوان لتوظيف المشهد لصالحها، اعتماداً على الارتباط التنظيمي مع حركة حماس، وأيضاً مستقبل عمل هذه الجماعات في ضوء ما بعد الحرب. 

نقطة تحول 

بحسب الدراسة، شكّلت الحرب في قطاع غزة نقطة تحوّل في التاريخ الحركي والخطابي لجماعات الإسلام السياسي، وسيكون لها تداعيات طويلة الأمد عليها، من منطلق أنّ حركة حماس المُنفّذ الرئيسي للهجمات ضد غلاف غزة في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، تعتبر امتداداً فكرياً وتنظيمياً لجماعة الإخوان المسلمين، وسيكون للحرب ونتائجها تأثيراً مصيرياً في سلوك الجماعة، والذي بدأ بالظهور لدى فروعها في البلدان العربية، ومن المتوقع تفاعلها أكثر على المدى البعيد، من جهة أنّ هجمات حماس أضعفت النظرة القائمة للإخوان المسلمين بأنّهم جماعة يمارسون سياسات براغماتية، ويبتعدون عن الخوض في الرهانات العسكرية الكبيرة.

بحسب الدراسة، شكّلت الحرب في قطاع غزة نقطة تحوّل في التاريخ الحركي والخطابي لجماعات الإسلام السياسي، وسيكون لها تداعيات طويلة الأمد عليها

لكنّ الفرق الذي صنعته كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، وما تلاه من ممارسات الجيش الإسرائيلي وارتكابه جرائم حرب يومية بحق أهالي غزة، هو مسألة سيتم توظيفها بشكل عالي الاحتراف في خطاب الجماعات الإرهابية والتكفيرية مثل تنظيمي (داعش والقاعدة)، خاصة أنّ خطاب حماس الإعلامي حظي بشعبية كبيرة واهتمام عالٍ لدى نسبة كبيرة من الجماهير سواء العربية أو الغربية. 

وقد أعادت الحرب تداول الأمريكيين من اليسار الديمقراطي لرسالة كان أسامة بن لادن قد خصصها للأمريكيين أجاب فيها عن الأسباب التي دفعت تنظيمه لمهاجمة المصالح الأمريكية، وتلك البوادر وغيرها من المؤشرات تدفع لتوقع أنّ المنطقة ما بعد الحرب مُقبلة على موجة واسعة من التطرف.

قفز على حالة الانشقاق التنظيمي

تشير الدراسة إلى أنّ التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ومعظم فروعه في الدول العربية، قد تبنوا موقفاً مؤيداً من هجمات الفصائل الفلسطينية في غلاف غزة، ومسانداً لها في مراحل الحرب الجارية، وتتعدد دوافع ذلك التأييد والانخراط، كاعتبارات كون حركة حماس أحد فروع الجماعة، وبحكم الدفعة التي منحتها حماس للجماعة بعد أعوام عديدة من الإخفاقات السياسية والأزمات الداخلية التي مرت بها. 

وقد أعلن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين تماهيه مع حماس، رغم حالة الانقسام بين جناحي لندن وأنقرة، وبعد مرحلة من التمايز ما بين الجماعة وحركة حماس، خاصة تجاه الموقف من سوريا وإيران.

وقد تباينت ردود فعل الأفرع في عدة دول، مثلاً فرع الإخوان المسلمين في لبنان "الجماعة الإسلامية" انخرط في العمل العسكري ضد إسرائيل، ودخل بشكل مباشر في المواجهة من خلال الجناح العسكري للجماعة "قوات الفجر" بإطلاق الصواريخ على شمال إسرائيل مرات عديدة، ومن خلال التنسيق مع كتائب القسام في لبنان وتقديم الدعم والتسهيلات اللوجستية لها. 

تباينت ردود فعل الأفرع في عدة دول

وهذه هي المرة الأولى التي تنخرط فيها الجماعة في المواجهة العسكرية مع إسرائيل منذ الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام 1982، حين كان جناحها العسكري منضوياً تحت إطار "المقاومة الإسلامية" التي يقودها حزب الله.

أمّا التنظيم الدولي للإخوان المسلمين في لندن، فقد أصدر صلاح عبد الحق القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في لندن بياناً نشره موقع الجماعة الرسمي في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، بارك فيه عملية "طوفان الأقصى"، ودعا إلى التفاعل الشعبي والتظاهرات لدعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.

محاولة استعادة شعبيتها

كذلك نشطت الجماعة في الأردن بشكل بارز منذ أيام الحرب الأولى على المستويات الإعلامية والشعبية، ويبدو أنّ موقفها من الحرب جاء في محاولة لتعزيز موقعها الشعبي في ظل أزماتها الداخلية، وإشكاليات علاقاتها مع الحكومة، فقد وظفت الحرب في التصعيد ضد الموقف الرسمي، بحسب الدراسة. 

وقد أصدر مجلس شورى الجماعة بياناً في 24 تشرين الأول (أكتوبر) عبّر فيه عن "استيائه الشديد من الموقف العربي الرسمي، وضعفه الشديد"، و"ضرورة أن يرتقي الموقف الأردني بخطوات ضرورية عاجلة، لحشد الموقف العربي، لوقف فوري للعدوان على المدنيين". 

 

الدراسة: يتوقع أن يتطور خطاب جماعات الإسلام السياسي إلى اتجاهات أكثر تطرفاً وتشدداً، وتحديداً في خطاب فروع جماعة الإخوان المسلمين والجماعات القريبة منها

 

كما أصدر المكتب الإعلامي للجماعة بياناً في 25 تشرين الأول (أكتوبر) دعا فيه الحكومة الأردنية إلى استخدام كل ما لديها من أوراق ضغط، وهي بالنسبة إلى الجماعة تتمثل في قطع العلاقات مع إسرائيل، وطرد سفيرها من عمّان، وإلغاء اتفاقية وادي عربة، وكافة الاتفاقيات الاقتصادية المتعلقة بملفات الغاز والماء الكهرباء. وفي السياق نفسه وظّفت الجماعة قناتها الفضائية (اليرموك) لتغطية الحرب في غزة ضمن خطها المنسجم مع خطاب حماس.

ولم يكن التنظيم في سوريا بعيداً عن المشهد، حيث أصدر المكتب السياسي للجماعة في سوريا بياناً في 8 تشرين الأول (أكتوبر) أشاد فيه بعملية "طوفان الأقصى"، وبالفصائل الفلسطينية التي قلبت الموازين وفرضت معادلات جديدة للصراع في المنطقة، علماً أنّ الجماعة في سوريا كانت من بين الأكثر معارضة لعودة علاقات حماس بالحكومة السورية.

وعلى المنوال نفسه يمكن مقاربة باقي مواقف حركات الإسلام السياسي المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين أو القريبة بشكل مباشر، لا سيّما حركة العدل والإحسان في العراق، والحزب الإسلامي العراقي، والحركة الدستورية الإسلامية في الكويت، وحركة النهضة التونسية، وجماعة العدل والإحسان المغربية، وحركة مجتمع السلم الجزائرية، والتجمع اليمني للإصلاح، وجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، والحركة الإسلامية في السودان، والجماعة الإسلامية في باكستان، والجماعات الإسلامية في إندونيسيا وماليزيا، وغيرها.

اتجاهات الخطاب المستقبلية وتداعياتها

تحت هذا العنوان تقول الدراسة: إنّ تداعيات الحرب على خطاب حركات الإسلام السياسي ليست معزولة عن مجريات الحرب ومآلاتها، خاصة في المديين القريب والمتوسط، فإذا أسفرت نتائج الحرب عن تحقيق "إنجازات" سياسية جدّية على الأرض لصالح حماس، فستكون التداعيات لصالح تعزيز خطاب "الممانعة" ذي الطابع الإسلامي لدى تلك الحركات، ممّا يؤهلها لتحقيق مكاسب سياسية في أيّ محطات تسمح لها بذلك، كالمحطات الانتخابية، بحكم التعاطف الشعبي الكبير الذي تكوّن لصالح ذلك الخطاب، وبما يسمح لها بتوسيع هوامش دورها الإقليمي وحضورها الدولي.

أمّا على المدى البعيد، فيتوقع أن يتطور خطاب جماعات الإسلام السياسي إلى اتجاهات أكثر تطرفاً وتشدداً، وتحديداً في خطاب فروع جماعة الإخوان المسلمين والجماعات القريبة منها، وهو تطرف سينعكس على اتجاهات المجتمعات العربية والإسلامية، بغضّ النظر عن نتائج الحرب في غزة، لأنّ عوامل تطور تلك الاتجاهات مرتبطة بشكل مباشر بهجمات 7 تشرين الأول (أكتوبر) في حد ذاتها، ثُمّ في الحرب الإسرائيلية التي أدت إلى معاناة إنسانية غير مسبوقة لأهالي القطاع، وسط تواطؤ من المجتمع الدولي وتحديداً الولايات المتحدة والدول الأوروبية.

وتكمن خطورة التطرف الناتج عن الحرب، وفق الدراسة، في إمكانيات تحوّله أو توظيفه على شكل ممارسات إرهابية عنيفة ودموية موجهة نحو الداخل والخارج، فمن جهة الداخل قد تستهدف المجتمعات والحكومات، أو قد تنمي من الاضطرابات المسلحة في الدول التي تعاني من عدم الاستقرار والهشاشة الأمنية، أمّا من جهة الخارج، فقد يتم استهداف المصالح الغربية والإسرائيلية، خاصة في المحيطين العربي والإسلامي، والتوظيف في هذه الحالة متعدد الطبقات، سواء من محاور إقليمية كإيران، أو من محاور دولية ترغب بتغذية الحروب بالوكالة، وهي مرحلة قد تنذر بنتائج مقلقة بحكم استنادها على مخزون كبير من التطرف.

موضيع ذات صلة:

الإخوان يعززون تواجدهم العسكري في سيئون ومأرب... ما القصة؟

أين تتجه بوصلة الإخوان؟.. خيار جديد ليكون ملاذاً آمناً لهم

هل خضع البرهان لتوجيهات الإخوان... ما الجديد؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية