هزة عنيفة في الاقتصاد التركي تعمق "الفردية" في نظام أردوغان

هزة عنيفة في الاقتصاد التركي تعمق "الفردية" في نظام أردوغان


27/03/2021

يعاني الاقتصاد التركي من هزة عنيفة جديدة، تهدد الثقة في الاقتصاد التركي وقدرته على التعافي، في ظلّ تدخل مباشر للرئيس التركي رجب طيب أردوغان لفرض وجهة نظره على المحيطين به، ضارباً عرض الحائط بآراء الخبراء والمؤسسات الدولية.

ولا يُعدّ هذا النهج جديداً على الرئيس التركي الذي لطالما مثل النموذج الشعبوي بين الرؤساء، غير أنّ المقامرة بأوضاع الاقتصاد في ظل أعوام من التدهور، وحالة من عدم الاستقرار في سعر الليرة، وارتفاع في التضخم، لم تكن متوقعة.

اقرأ أيضاً: تركيا تواجه عزلة جيوسياسية وانقساماً داخلياً وتحدياتٍ اقتصادية

وقد جاء قرار الرئيس التركي قبل أيام بإقالة رئيس البنك المركزي ناجي إقبال، بعد 4 شهور فقط من تعيينه، عقب أيام من قرار إقبال رفع سعر الفائدة، في محاولة لتقليل التضخم، وإعادة الثقة في الاقتصاد التركي، وطمأنة المستثمرين.

ورأى الرئيس التركي أنّ قرار تخفيض سعر الفائدة، وليس رفعه، من شأنه ضبط التضخم، وهو الرأي الذي وصفته "وول ستريت جورنال" بغير التقليدي، منتقدة القرار.

وفي وصف الموقف، قالت الصحيفة في تقرير لها، بحسب ما أورده موقع "الحرّة": إنّ الاقتصاد التركي يواجه اضطراباً جديداً بعد الإطاحة المفاجئة بمحافظ البنك المركزي على يد الرئيس، الأمر الذي أضاف فصلاً آخر لأعوام من السياسة الاقتصادية غير المتوقعة، وأثار مخاوف المستثمرين الأجانب، و"ربما زرع بذور أزمة مالية".

 

مدير منتدى شرق المتوسط: السياسة الأحادية التي انتهجها أردوغان أكدت مجدداً خطورة النظام الرئاسي وأضراره على تركيا، الذي كثف السلطة في يد الرئيس وهمّش المؤسسات الأخرى

 

ويحاول أردوغان دفع الأتراك إلى سحب مدخراتهم من البنوك والاستثمار، لتحريك عجلة الاقتصاد، وهو ما دفعه لإقالة إقبال الذي لم يتوافق مع الرئيس في تلك الرؤية، فتمّت الإطاحة به لصالح شهاب كاوجي أوغلو، أحد المقرّبين من الرئيس والعضو في حزب العدالة والتنمية.

وقد دعا الرئيس أردوغان الأتراك إلى تغيير العملة الصعبة والذهب إلى الليرة لدعم سعرها الذي انخفض أمام الدولار ليصبح نحو 8 ليرات للدولار الواحد، قائلاً خلال مؤتمر أمام حزبه أمس: إنّ تقلبات الأسواق المالية في الآونة الأخيرة لا تنسجم مع حقائق الاقتصاد التركي، وحثّ المستثمرين الأجانب على عدم فقد الثقة بتركيا.

اقرأ أيضاً: إلى أين أوصلت سياسات أردوغان الاقتصادية المواطنين؟

 وتابع: إنه حريٌّ بالأتراك أن يحوّلوا ما بحوزتهم من النقد الأجنبي والذهب إلى أدوات مالية مقوّمة بالليرة، وتعكس تصريحات الرئيس التركي إدراكه ما يحمله قراره الأخير من مخاطر، وهي دليل على أنه اختار المقامرة باقتصاد تركيا، مطالباً الأتراك بسداد ثمن مقامرته.

من جانبه، أعلن أوغلو، في أوّل تصريح له بحسب ما أورده موقع "أحوال تركية"، عن نيته العودة إلى نهج متعدّد الأوجه لتحديد السياسة النقدية بعد تعيينه في عطلة نهاية الأسبوع.

وقال محافظ البنك المركزي للمصرفيين في إسطنبول أول من أمس: إنّ البنك المركزي سيأخذ في الاعتبار أسعار الفائدة الحقيقية في الأسواق الناشئة الأخرى، فضلاً عن تدفقات رأس المال والمحافظ العالمية، مع الحفاظ على سعر إعادة الشراء لمدة أسبوع كأداة رئيسية للسياسة النقدية.

اقرأ أيضاً: الاقتصاد التركي.. وجع متعدد الأقطاب

في غضون ذلك، قال مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية محمد حامد لـ"حفريات": إنّ قرار الرئيس التركي بإقالة رئيس البنك المركزي أثر على سعر العملة التركية، ووضع الاقتصاد ونسبة البطالة وإفلاس الشركات، وهروب رؤس الأموال في ظل أزمة اقتصادية تعيشها تركيا منذ  نحو 3 أعوام، في العام 2018، حين اضطرب الاقتصاد لأسباب عدة على رأسها تخبط الرئيس التركي في سياسته الاقتصادية، واتباعه معيار الولاء قبل معيار الكفاءة، متمثلاً في ذلك في وجود بيرات ألبيرق صهر أردوغان وزيراً للاقتصاد، الذي استقال قبل شهور.

ويرى حامد في دوافع أردوغان في القرار الأخير إحكام السيطرة على الاقتصاد، فعلى الرغم من أنّ تلك الإقالة هي الثالثة في فترة قصيرة لمحافظ البنك المركزي، غير أنه اختارها بعدما صدمه قرار رفع سعر الفائدة فيما هو يريد تخفيضه، أو ثباته، لإجبار المواطنين الأتراك على إخراج مدخراتهم وبيع الذهب وتحويله إلى الليرة.

وتابع: إنّ تلك السياسة الأحادية التي انتهجها أردوغان أكدت مجدداً خطورة النظام الرئاسي وأضراره على تركيا، الذي كثف السلطة في يد الرئيس وهمّش المؤسسات الأخرى.

في غضون ذلك، قال النائب السابق لمدير صندوق النقد الدولي ديزموند لاكمان: إنّ الرئيس رجب طيب أردوغان يخاطر بهجمات مضاربة على الأسواق المالية التركية وتراجع شعبيته من خلال تعيين محافظ للبنك المركزي تابع له لإعادة فرض آرائه الاقتصادية غير التقليدية.

 

شكك خبير اقتصادي تركي في الأرقام الرسمية التي أعلنتها هيئة الإحصاء التركية حول نسبة العاطلين عن العمل، مشيراً إلى أنّ 1 من كل 4 أشخاص يعاني من البطالة في تركيا

 

وقال لاكمان، الزميل المقيم في معهد أمريكان إنتربرايز، في مقال لصحيفة "ناشيونال إنترست" أمس: إنّ أردوغان يختار أسوأ وقت ممكن لإخضاع تركيا لأطروحته الغريبة القائلة إنّ أسعار الفائدة المرتفعة تسبب التضخم بدلاً من خفضه، بحسب ما أورده.

وأضاف: "يقال إنّ أولئك الذين ترغب الآلهة في تدميرهم هم أول من يصابون بالجنون... يبدو أنّ هذا ينطبق بالتأكيد على الرئيس التركي رجب أردوغان، على الأقل فيما يتعلق بتفكيره الاقتصادي".

اقرأ أيضاً: هل تصلح أموال قطر اقتصاد تركيا الذي أفسدته سياسة أردوغان؟

وأردف قائلاً: هذا الرأي له فشل اقتصادي مكتوب في كلّ مكان، ومن المحتم أن يكلف أردوغان غالياً في استطلاعات الرأي.

 وفي الإطار نفسه، شكّك خبير اقتصادي تركي في الأرقام الرسمية التي أعلنتها هيئة الإحصاء التركية حول نسبة العاطلين عن العمل، مشيراً إلى أنّ 1 من كل 4 أشخاص يعاني من البطالة في تركيا، بحسب ما أوردته صحيفة "زمان" التركية.

وعلّق الخبير الاقتصادي، مصطفى سونماز، على إحصاءات البطالة الرسمية عبر حسابه بموقع تويتر، وذكر أنّ هيئة الإحصاء طرحت الإحصاءات الخاصة بالبطالة والقوة العاملة والتوظيف بتوصيف ضيق النطاق.

وأضاف: معدلات البطالة السنوية بلغت 13.2%، لكنها ارتفعت في إسطنبول بنحو 1.5 نقطة لتسجل 14.7%. وكانت هيئة الإحصاء التركية قد كشفت عن البطالة الفعلية لعام 2020 خلال النشرة السابقة، وكانت تقدّر بـ25% في المتوسط؛ أي إنّ 1 من كل 4 أشخاص يعاني من البطالة، وليس الأمر كما زعمت هيئة الإحصاء التركية اليوم.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية