هذا مصير ناشطي الحراك الاحتجاجي في العراق

العراق

هذا مصير ناشطي الحراك الاحتجاجي في العراق


17/11/2019

تتصاعد موجة خطف وقتل الناشطين المدنيين في العراق، منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضدّ الفساد والمطالبة بتغيير النظام، بداية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، حيث غُيّبَ العشرات من ناشطي المجتمع المدني العراقي، جراء عمليات تصفية اتُّهمت بها جهات تابعة لميليشيات موالية لإيران، في حين أقدمت الحكومة العراقية على قطع خدمة الإنترنت نهائياً، بعد انتهاء الدوام الرسمي للدوائر الحكومية.

العفو الدولية تعدّ اختطاف الناشطين محاولة لإسكات حرية التعبير وعلاوي: عرفوا مكان البغدادي ولا يعرفون مكان المهداوي

يرى اقتصاديون عراقيون؛ أنّ قرار حكومة عادل عبد المهدي حجب الإنترنت مؤخراً، كلف الدولة العراقية ما يقارب المليارَي دولار خلال الشهر الماضي، محذّرين من وضع العراق على لائحة الدول المناوئة للشفافية والحريات العامة، فيما عزا إعلاميون عراقيون عدم مواكبة الأحداث الراهنة في البلاد إلى غياب التواصل المباشر مع شبكة المصادر، مؤكّدين أنّ غياب الإنترنت انعكس سلبياً على أداء الوكالات الصحفية ومختلف وسائل الإعلام الرقمي.

  وكانت الحكومة العراقية قد حجبت، بعد خروج التظاهرات المنددة بسياساتها، نهاية الشهر الماضي، مواقع التواصل الاجتماعي البارزة منها: "فيسبوك، تويتر، واتساب"، قبل أن تقطع الإنترنت نهائياً في الأيام التالية، وذلك خشية تأليب الرأي العام ضدّها "وتحريف الحقائق الميدانية من قبل مجاميع إلكترونية"، وصفتهم بـ "المندسين".

صبا المهداوي... ناشطة مجهولة المصير
لدى عودتها من ساحة التحرير، وسط بغداد، إلى محل سكناها بمنطقة السيدية جنوب العاصمة، اختطف مسلحون مجهولون الناشطة والطبيبة صبا المهداوي، حيث دار بينها ووالدتها اتصال هاتفي أكّدت فيه أنّها في طريقها للمنزل. 

الناشطة صبا المهداوي في ساحة التحرير

رنا المهداوي، شقيقة الناشطة المختطفة، قالت لـ "حفريات": "شقيقتي صبا خرجت لتقديم المساعدة والعون إلى المتظاهرين في ساحة التحرير، وليس لديها أيّ انتماء حزبي أو سياسي"، وأضافت المهداوي: "صبا لم تتلقَّ أيّة تهديدات، ولم تتعرض لمضايقات قبل اختفائها، كما أنها لا تحظى بعداوات شخصية مع أحد، ودفعها حبها للوطن إلى الخروج للتظاهرات".

اقرأ أيضاً: بلاسخارت في عين العاصفة العراقية.. لماذا أغضبت الممثلة الأممية الحكومة والمتظاهرين؟

وطالبت شقيقة الناشطة المختطفة بـ "معرفة مكان صبا"، مشيرة إلى أنّ "العائلة لم تتلقَّ أيّ ردّ من الحكومة للمناشدات التي قدمتها، كما أنّ القوات الأمنية لم تتوصل إلى مكان صبا طيلة الأيام الماضية".

وأكّدت أنّ "شقيقتها اختطفت السبت الماضي، الساعة 12 مساء"، مبينة: "قدّمت شكوى لدى مركز الشرطة، لعلّنا نعثر على أثرٍ لها إن شاء الله"، نافية في الوقت ذاته "انتماء المهداوي لأيّ حزب أو أيّة جهة، فقط لديها كروب مع صديقاتها ونحن قدمنا لها المساعدة".

العفو الدولية تطالب بالكشف عن مصير المهداوي

من جهتها، دعت منظمة العفو الدولية، السلطات العراقية إلى الكشف عن مصير الناشطة صبا المهداوي، التي اختطفت على يد مسلحين مجهولين بعد عودتها من ساحة التحرير، الأسبوع الماضي.
وقالت المنظمة، في رسالة عاجلة وجهتها لوزير الداخلية العراقي، ياسين الياسري: "الشرطة العراقية لم تبلغ أسرة المهداوي بأيّة معلومات عنها، رغم مرور ستة أيام على اختطافها"، وأضافت العفو الدولية: "اختطاف الطبيبة صبا المهداوي يأتي في إطار حملة لإسكات حرية التعبير في العراق".
وشدّدت المنظمة الدولية على أنّ "السلطات العراقية أخفقت في إجراء تحقيقات مستقلة ونزيهة في الانتهاكات المرتكبة ضدّ النشطاء والصحفيين".

اقرأ أيضاً: آخر علاج العراق كي إيران

أما اللجنة البرلمانية لحقوق الإنسان؛ فقد ندّدت بـ "عمليات الاختطاف المنظمة" لصبا المهداوي، وقالت في بيان مقتضب: "هذا عار على المجتمع العراقي بأسره".

من جهته، علّق رئيس الوزراء السابق، إياد علاوي، هازئاً من حقيقة أنّ "أولئك الذين تمكنوا من تحديد موقع أبي بكر البغدادي لا يمكنهم تحديد موقع صبا المهداوي ومعرفة من خطفها"، وفق تغريدة له على حسابهِ في تويتر.

 

 

الرصاص يخترق رأس ناشط ميساني

في ساعة متأخرة من مساء الأربعاء الماضي، اغتال مسلحون مجهولون الناشط المدني، أمجد الدهامات، الذي يعدّ أحد أبرز قادة التظاهرات الشعبية في محافظة ميسان، جنوب العراق.

ناشطون: الحكومة اعترفت بخشيتها من نشاطنا في الإنترنت؛ لهذا قطعت خدمته لإضعاف التأييد الشعبي للتظاهرات

في غضون ذلك، أكّد المرصد العراقي لحقوق الإنسان حدوث "عمليات ترهيب وترويع للصحفيين والنشطاء بسبب تغطياتهم للاحتجاجات"، ودان اغتيال الناشط أمجد الدهامات، معتبراً أنّه "يوجه رسالة خطيرة للصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان".
وأضاف المركز الحقوقي: "وما اغتيال أمجد الدهامات إلا أحدث حلقة في سلسلة استهداف الناشطين بعمليات اغتيال وخطف، التي تصاعدت منذ انطلاق المظاهرات، في مطلع شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي؛ حيث  قُتل الناشط ورسام الكاريكاتير، حسين عادل، وزوجته سارة، على يد مسلحين اقتحموا منزلهما في مدينة البصرة، كما تعرّض الناشطان؛ ميثم الحلو وشجاع الخفاجي، للاختطاف قبل إطلاق سراحهما لاحقاً، فيما ما يزال مصير الناشطة المختطفة، صبا المهداوي، في بغداد مجهولاً".

وكان الدهامات قد نشر آخر مقال له قال فيه: "يبقى الموضوع بيد الشباب أنفسهم، كما فعلها قبلهم شباب فرنسا أثناء تظاهراتهم المشهورة، في أيار (مايو) 1968؛ حيث كان شعارهم: "لا تعطيني حريتي، سأتولى الأمر بنفسي"، نعم لن يعطيكم أحد شيئاً بل يجب أن تأخذوه بأنفسكم، والبداية من شعاراتكم: "نريد وطناً"، و"نازل آخذ حقي"".

حجب الإنترنت وديمومة النشاط الاحتجاجي
وفي سياقٍ آخر، أبدى كثيرون من الشباب العراقيين الناشطين في مجال المجتمع المدني، امتعاضهم من قرار حجب الحكومة العراقية للإنترنت، وأكدوا أنّ ذلك مؤشر خوف لدى الحكومة التي رأت أنّ وجود الإنترنت "مؤامرة على الوطن في الوقت الحالي"، بحسب الخطاب الأخير لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي.

اقرأ أيضاً: هل يمكن تغيير النظام في العراق؟

ويؤكّد أحمد خالد، ناشط مدني، لـ "حفريات"؛ أنّ "هذه القرار الحكومي المتعسف، بمثابة إقرار رسمي بالخوف والقلق، من توظيف السوشيال ميديا، في الاحتجاجات الشعبية القائمة اليوم"، مبيناً أنّ "مجمل العالم تعاطف مع العراق والعراقيين وساند التظاهرات؛ بسبب المشاهدات العالية للصور والأفلام التي رصدت الحضور الجماهيري الكبير، وجرائم السلطة بحقّ الشعب".

وأكّد الناشط البغدادي؛ أنّ "الحكومة فقدت شرعيتها الرسمية، وهي ترى أنّ الجميع ضدّها؛ من طبقات شعبية، وقطاعات إعلامية وثقافية ونخبوية، وأساتذة جامعات، وكثيرين من الطلبة والطالبات، لذا هي استشعرت الخوف، فعملت على حجبِ أبرز الوسائل التي تنقل هذا الاحتجاج الكبير".

ولفت إلى أنّ "هذا القرار المجحف، يصبّ في صالح المتظاهرين، لا سيما بعد وقوف المجتمع الدولي معنا".

قطع مبرمج للإنترنت كلّ يوم

أكثر من مليار دولار خسارة العراق الشهر الماضي

من جانبهم، رجّح اقتصاديون عراقيون خسارة العراق من قرار حجب الإنترنت إلى قرابة المليار ونصف المليار دولار، وذلك منذ نهاية الشهر الماضي ولغاية الآن.

وأكد الباحث الاقتصادي ماجد الصوري، لـ "حفريات"؛ أنّ "الأرقام التي تتحدث عن خسارة العراق لمبالغ كبيرة فوق المليار دولار، أرقام تقترب من الصحة، إن لم تكن صحيحة عموماً"، لافتاً إلى "اعتمادية مصارف أهلية وحكومية وشركات تصريف كثيرة، ومجمل عالم المال والأعمال على خدمة الإنترنت".

اقرأ أيضاً: ثورة العراقيين واللبنانيين على الأحزاب

ويشير الصوري إلى أنّ "التقديرات التي يمكن الوثوق بها لحدٍ ما، حول المبالغ الخاسرة للقطاعين؛ العام والخاص، تتراوح ما بين مليار و300 مليون دولار، والمليار و400 مليون دولار"، مبديةً خشيته "من استمرار هذا القطع المبرمج للإنترنت كلّ يوم".

وحذّر الخبير الاقتصادي العراقي من "مغبّة الوقوع في خانة الدول الدكتاتورية التي تمارسُ ممارسات بعيدة عن فهم الواقع المتحضر"، مؤكداً أنّ "الحكومة وأسواقها الاقتصادية تسير في خسائر كبيرة، وعليها معالجة ذلك؛ كيلا نقع في أزمات خانقة".

وتمثّل الخسارة الاقتصادية جراء قطع الإنترنت في العراق، ما يقرب من (0.5) من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب شركة "نت لوكس" المتخصصة في مراقبة خدمة الإنترنت.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية