نكسة للائتلاف الحاكم واختراق تاريخي لليمين المتطرف... هل ماكرون في ورطة؟

نكسة للائتلاف الحاكم واختراق تاريخي لليمين المتطرف... هل ماكرون في ورطة؟


20/06/2022

بعد نحو شهرين من إعادة انتخابه رئيساً للبلاد في نهاية نيسان (أبريل) الماضي، يواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون واحدة من أصعب المعادلات السياسية على الإطلاق، فقد مُني الائتلاف الحاكم الذي يقوده بنكسة سياسية، وفق نتائج الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية  التي جرت أمس، وخسر الأغلبية المطلقة التي كان يتمتع بها في الجمعية الوطنية (البرلمان) بحصوله على (245) مقعداً فقط.  

في المقابل، حقق "التجمع الوطني" اليميني المتطرف اختراقاً تاريخياً في هذه الانتخابات بحصوله على (89) مقعداً، ليدخل مقرّ الجمعية الوطنية من أوسع أبوابها. أمّا الاتحاد الشعبي اليساري بقيادة جان لوك ميلانشون، فقد بات أول قطب معارض في البلاد بانتزاعه (131) مقعداً، حسب التقديرات التي نشرتها إذاعة فرنسا الدولية.

مُني الائتلاف الحاكم الذي يقوده ماكرون بنكسة سياسية وخسر الأغلبية المطلقة التي كان يتمتع بها في الجمعية الوطنية

وأسفرت نتائج الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية الفرنسية عن تحقيق حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان ما أُطلق عليه "الانتصار التاريخي"، بعد حصوله على (89) مقعداً في الجمعية الوطنية المقبلة، حسب التقديرات الأولية، في نتيجة لم يسبق أنّ حققها هذا الحزب منذ تأسيسه في مطلع سبعينيات القرن الماضي.

 مفاجآت أخرى

حملت نتائج الانتخابات التشريعية الفرنسية، التي يُنظر إليها على أنّها الأصعب على الإطلاق، العديد من المفاجآت، وأولها تراجع الائتلاف الرئاسي "معاً" الذي يقوده حزب الرئيس إيمانويل ماكرون، ليخسر بذلك الأغلبية المطلقة التي كان يتمتع بها خلال الولاية الرئاسية الأولى التي امتدت من 2017 لغاية 2022، فقد حصل ماكرون على (245) مقعداً، ومع ذلك، فإنّه ما يزال دون عتبة الـ (289) مقعداً للأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية (مجلس النواب الفرنسي)، وفقاً لشبكة "سي إن إن" الأمريكية.

جاء ائتلاف اليسار الإيكولوجي والاجتماعي الجديد، وهو ائتلاف يساري بقيادة الشخصية اليسارية المتطرفة جان لوك ميلانشون، في المرتبة الثانية بحصوله على (131) مقعداً، وفقاً للنتائج التي أعلنتها وزارة الداخلية. وعلى الطرف الآخر من الطيف السياسي، فاز حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان بـ (89) مقعداً، ممّا وضعه في المركز الثالث، على حدّ قول "سي إن إن".

 تغير عميق بالمشهد الفرنسي

بهذه النتائج يكون المشهد السياسي الفرنسي قد تغير بشكل عميق ومقلق أيضاً بالنسبة إلى بعض المحللين، الذين يخشون أن تسود في الأعوام الـ5 المقبلة حالة من عدم الاستقرار السياسي في فرنسا، وفقاً لـ"فرانس 24"، التي أشارت إلى أنّ هناك (3) وزيرات في حكومة إليزابيث بورن سيغادرن دون شك الحكومة بعد هزيمتهنّ في الجولة الثانية، وهنّ: بريجيت بورغينيون وزيرة الصحة، وجوستين بينان كاتبة الدولة المكلفة بالبحار، وأميلي دو منشلان وزيرة التحول البيئي.

في المقابل حقق "التجمع الوطني" اليميني المتطرف اختراقاً تاريخياً في هذه الانتخابات بحصوله على (89) مقعداً

كما انهزم رئيس الجمعية الوطنية ريشار فيران المقرّب من إيمانويل ماكرون، وكريستوف كاستنير رئيس الكتلة البرلمانية للتحالف الرئاسي في الجمعية نفسها ووزير الداخلية السابق.

ويتعين على ماكرون الذي أعيد انتخابه في نيسان (أبريل) الماضي لولاية ثانية، أن يجد تحالفات لتنفيذ برنامجه الإصلاحي على مدى الأعوام الـ5 المقبلة.

 فوز تاريخي

في أول ردّ فعل على نتائج الجولة الثانية والأخيرة من الانتخابات التشريعية الفرنسية، عبّرت لوبان عن فرحتها وسعادتها بفوز حزبها بعدد قياسي من المقاعد، قائلة: إنّ "الشعب الفرنسي قال كلمته وتجاوز جميع العقبات. لقد قرر إرسال عدد كبير من النواب إلى الجمعية التي أصبحت وطنية، إنّه فوز تاريخي بالنسبة إلينا، ولم يسبق أن حصلنا على مثل هذه النتيجة".

وأضافت لوبان التي حافظت على مقعدها في الجمعية الوطنية: "اليوم أصبح ماكرون رئيساً يتمتع بالأقلية. علينا أنّ نستمر في تغيير الجغرافيا السياسية الفرنسية، وتشكيل كتلة برلمانية قوية تدافع عن حقوق الشعب والمستضعفين".

وتابعت: "سنكون معارضة بنّاءة، ولن ندافع إلا عن مصلحة فرنسا والفرنسيين"، معربة عن فرحتها بوصول "نخبة جديدة من البرلمانيين الذين سيتناوبون على الحكم عندما ينتهي عهد ماكرون".

 تسونامي انتخابي

وصف رئيس حزب اليمين المتطرف "التجمع الوطني" بالوكالة جوزيف بارديلا فوز حزبه بأنّه "تسونامي"، مشيراً إلى أنّ "الشعب الفرنسي سيدخل إلى الجمعية الوطنية" للمرة الأولى.  ووعد بارديلا بأنّ الحزب اليميني المتطرف سيكون حزباً "معارضاً"، وليس "عكّازة" لماكرون.

 خطر على البلاد

في حين واصل اليمين المتطرف احتفاله بالاختراق التاريخي لحزب التجمع في الانتخابات التشريعية الفرنسية، اعتبرت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن أنّ النتيجة تشكّل "خطراً" على البلاد، في ضوء التحديات التي يتعيّن علينا مواجهتها".

وقالت بورن: إنّ حكومتها ستتواصل الآن مع شركاء محتملين سعياً لحشد أغلبية تدعمها. وأضافت: "سنعمل ابتداء من الغد من أجل تشكيل أغلبية لضمان الاستقرار لبلدنا وتنفيذ الإصلاحات اللازمة".

تجدر الإشارة إلى أنّ بورن فازت نفسها في سباقها للحصول على مقعد في الجمعية الوطنية عن منطقة كالفادوس بشمال البلاد، حين تغلبت في الجولة الثانية على منافس من تيار اليسار.

 فشل انتخابي لماكرون

بينما لم يُخفِ ميلانشون، زعيم "الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد"، فرحته إزاء النتائج التي حصل عليها التحالف الذي تأسّس بعد الانتخابات الرئاسية، اعتبر أنّ خسارة ائتلاف ماكرون الغالبية المطلقة في الجمعية الوطنية هو "قبل كلّ شيء فشل انتخابي" للرئيس الفرنسي.

وقال ميلانشون: "إنّه وضع غير متوقع بالكامل وغير مسبوق تماماً. إنّ هزيمة الحزب الرئاسي كاملة، وليس هناك أيّ غالبية"، مضيفاً: "لقد حققنا الهدف الذي سطرناه، ألا وهو إسقاط الرجل الذي أراد أن يحكم فرنسا بمفرده".

ونوّه بأنّ "عالم ماكرون قد فشل فشلاً ذريعاً"، داعياً الفرنسيين إلى عدم "التشكيك في قوتهم"، لأنّ "فرنسا مفهوم سياسي، فحتى إن قاطعت الانتخابات بقوة، يجب الاستماع إلى ما يقوله الشعب".

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية