نبيلة الرميلي تنتزع عمادة الدار البيضاء من الإسلاميين

نبيلة الرميلي تنتزع عمادة الدار البيضاء من الإسلاميين


22/09/2021

بتوليها منصب عمدة مدينة الدار البيضاء، التي تعد العاصمة الاقتصادية للمملكة المغربية، تكون د. نبيلة الرميلي المرأة الثالثة التي تفوز بعمادة المدن المغربية، بعد أسماء أغلالو عمدة مدينة الرباط، وفاطمة الزهراء المنصوري عمدة مدينة مراكش.

وجاء فوز الرميلي بهذا الموقع، في سياق الانتصارات التي تحققها القوى السياسية التي هزمت حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التي جرت في المغرب في الثامن من الشهر الجاري.

اقرأ أيضاً: كيف منع المغرب تغوّل تنظيمات الإسلام السياسي المؤدلج؟

ولقي حزب العدالة والتنمية، الجناح السياسي للإخوان في المغرب، هزيمة قاسية في الانتخابات، بعد سيطرته على الحكم لعقد كامل. وتراجعت حصّته من 125 مقعداً برلمانياً إلى 13 مقعداً. وحل في المركز الأول حزب التجمع الوطني للأحرار الليبرالي (الذي تنتسب إليه الرميلي)، بحصوله على 97 مقعداً، حيث كلف زعيمه عزيز أخنوش بتشكيل الحكومة.

هل يقود عزيز أخنوش الائتلاف الحكومي في المغرب؟

وبدأت تتضح ملامح الائتلاف الحكومي في المغرب، الذي سيقوده أخنوش، حتى قبل أن يعلن حزبا الأصالة والمعاصرة (حل ثانيا) والاستقلال (حل ثالثا) توجههما للمشاركة في الحكومة المقبلة. وأفادت الأنباء أنّ الأحزاب الثلاثة، التزمت الجمعة، بتوحيد صفوفها على مستوى التسيير المحلي، في خطوة سياسية مهمة.

الرميلي عضو بارز في الحزب الفائز

وفي السياق السياسي ذاته جاء انتخاب الرميلي، أول من أمس، لا سيما وأنها عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، وهذا موقع بارز في الحزب، ما أهّلها لخلافة عبد العزيز العماري عن حزب العدالة والتنمية الذي انتهت ولايته.

وخلال عملية الانتخاب حصلت الرميلي على 105 أصوات مقابل 18 صوتاً لمنافسها عبد الصمد حيكر من حزب العدالة والتنمية، والنائب الأول للعمدة السابق، والذي كان مكلفاً بقطاع التعمير.

جاء فوز نبيلة الرميلي بعمادة الدار البيضاء، في سياق الانتصارات التي تحققها القوى السياسية التي هزمت حزب العدالة والتنمية الإسلامي في الانتخابات الأخيرة في المغرب

وبعد انتخاب الرميلي عمدة للمدينة، تمت تشكيلة مكتب مجلس جماعة الدار البيضاء، الذي يتكون من مليكة مزور، عن حزب الأصالة والمعاصرة، والحسين نصر الله النائب الثاني عن حزب الاستقلال، بينما انتخب توفيق كاميل نائباً ثالثاً للعمدة عن حزب الأحرار، ثم محمد جودار، نائباً رابعاً وهو عن حزب الاتحاد الدستوري، ثم انتخبت مريم ولهان نائبة ثالثة، وهي عن حزب الأصالة والمعاصرة، فيما آلت النيابة السادسة لمولاي أحمد أفيلال، عن حزب الاستقلال، يليه عبد الرحيم وطاس عن الحزب نفسه (النائب السابع)، ثم جاءت نفيسة رمحان في المرتبة الثامنة، وهي عن حزب التجمع الوطني للأحرار، وعبد الناصيري، نائباً تاسعاً عن الحزب نفسه، كما انتخبت سناء الجاوي، نائبة عاشرة، وهي أيضاً عضو في حزب التجمع الوطني للأحرار.

ومن جهة أخرى، تم انتخاب عبد الصادق مورشيد، عن التجمع الوطني للأحرار، كاتباً عاماً للمجلس.

الرميلي عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، وهذا موقع بارز في الحزب

وكانت الدكتورة نبيلة الرميلي (47 عاماً)، مكلفة بالقطاع الصحي، وهي في منصب نائبة عمدة الدارالبيضاء في الولاية السابقة، كما أنها تعد المديرة الجهوية لوزارة الصحة بجهة الدارالبيضاء سطات، وسبق لها أن شغلت منصب مديرة إقليمية للوزارة نفسها في كل من عمالتي بن امسيك وآنفا، كما شغلت عضوية مجلس مقاطعة سباتة لولايتين سابقتين.

وقالت الرميلي، في كلمة لها عقب التصويت عليها عمدة "إنّ الدار البيضاء تنتظر منا الكثير، وتتطلب منا أن نتحمل المسؤولية".

اقرأ أيضاً: "العدالة والتنمية" يستند إلى "أدبيات الإخوان" لتفسير هزيمته في المغرب

وتابعت عمدة الدار البيضاء: "المدينة عزيزة علينا وتستحق أن يبذل الجميع مجهوداتهم، وأن نقوم بعمل يستجيب لانتظارات الساكنة".

ويعيش في المدينة الآن أكثر من 3 ملايين شخص.

على أنقاض مدينة عريقة تسمى آنفا

وبنيت الدار البيضاء على أنقاض مدينة عريقة تسمى آنفا. كما لعبت دورا مهماً في تاريخ المغرب عند نهاية القرن السابع وبداية القرن الثامن ميلادي. ويعود ازدهار هذه المدينة إلى المناطق الزراعية المحيطة بها. كما أنّ آنفا كانت أيضاً ميناء قديماً للصيد البحري، بحسب موقع "حنَا كازبلانكا" (wecasablanca).

بعد تدميرها من طرف البرتغاليين في القرن الخامس عشر الميلادي وبداية القرن السادس عشر لم تتم إعادة بنائها إلا في القرن الثامن عشر على يد السلطان سيدي محمد بن عبد الله (1757-1790 ) الذي سيطلق عليها اسم الدار البيضاء. وفي أواسط القرن التاسع عشر، لم يكن عدد سكان الدار البيضاء يتجاوز الألف نسمة.

اقرأ أيضاً: ردود فعل الإخوان على سقوط "العدالة والتنمية" في المغرب: هل يتعظون؟

شيئاً فشيئاً ارتبطت المدينة بالعالم، بفضل مينائها وقد أثارت في البداية اهتمام الأوروبيين الراغبين في التجارة. وهكذا تمكنت من فرض نفسها كمحطة أوروبية لشمال أفريقيا وأصبحت أول ميناء للتصدير بالمغرب.

وقد أدى تقدم الملاحة التجارية وتطور صناعة النسيج إلى ارتفاع نشاط الميناء الذي سيصبح أحد أكبر الموردين للصوف بالحوض المتوسطي.

بتوليها عمادة مدينة الدار البيضاء، تكون الرميلي المرأة الثالثة التي تفوز بعمادة المدن المغربية، بعد أسماء أغلالو عمدة مدينة الرباط، وفاطمة الزهراء المنصوري عمدة مدينة مراكش

في سنة 1862، تم ربط الدار البيضاء بخط بحري مع مدينة مارسيليا الفرنسية وقد شكل ميناء الدار البيضاء الذي تم تشييده سنة 1912 أول أكبر ميناء حديث بالمملكة المغربية، إذ ساهم في ازدهار النشاط الاقتصادي للمدينة وجهتها واستقطب عدداً كبيراً من المستثمرين والعمال.

هكذا، تمكن الميناء من التحكم في مستقبل الدار البيضاء الصغيرة ليجعل منها أكبر مركز اقتصادي وتجاري ومالي بالبلاد.

وقد عرفت الدار البيضاء في الفترة ما بين 1910 و 1950 مرحلة مهمة للشروع في الأوراش الكبرى من بينها اعتماد تخطيط للشوارع الكبرى وبناء عمارات كبرى ووضع خطوط بحرية منتظمة. كما كانت هذه المرحلة أيضاً بداية لعصر السيارة مع الرالي الأوروبي لسباق السيارات للدار البيضاء سنة 1920.

ويعتبر الإنزال العسكري للحلفاء بشمال أفريقيا سنة 1942 خاصة الإنزال العسكري الأمريكي بالدار البيضاء وعملية تورشي حدثاً ما زال حاضراً في ذاكرة البيضاويين القدامى، حيث إنه شكل منعطفاً في مسار الحرب العالمية الثانية.

مدينة المقاومة والنضال

تعتبر الدار البيضاء مدينة المقاومة والنضال. ونشأت المقاومة ضد الحماية الفرنسية بالدار البيضاء؛ فكانت من صنع جميع البيضاويين، إذ إنّ كثيراً من المقاومين ضحوا في هذه المدينة بحياتهم. وخلال نفي السلطان محمد الخامس (1955-1953) من طرف السلطات الفرنسية، اشتعلت المقاومة البيضاوية. وبعد عودته من المنفى خرجت النساء من بيوتهن لاستقبال السلطان محمد الخامس. ولقد عانى سكان الدار البيضاء من الحماية ومن عملية تورش ومن رد الفعل الألماني الذي أعقب ذلك، بحيث نزح العديد منهم إلى ضواحي المدينة.

اقرأ أيضاً: ماذا سيقدم عزيز أخنوش لتصحيح الإدارة الحكومية في المغرب؟

وتمت استعادة الروح الوطنية للمدينة إبان المسيرة الخضراء (1975)، هذه المسيرة السلمية والملحمة التي ألهمها الملك الحسن الثاني لتحرير الصحراء من الاحتلال الاسباني. وقد شاركت الدار البيضاء بأكبر بعثة قوامها 35000 متطوع ومتطوعة.

وكانت الدار البيضاء مهد المقاومة ضد الحماية. فالمدينة القديمة والأحباس ودرب السلطان ودرب الكبير أحياء شكلت معقلا للمقاومة المسلحة. وكان الفدائيون كما تمت تسميتهم آنذاك يناضلون من أجل استرجاع الاستقلال السياسي للبلاد.

وهناك شوارع كبرى بالمدينة تذكر بهذه الملاحم الوطنية وتخلدها من خلال حملها لأسماء تحيل على هذه الصفحات الخالدة من تاريخ المغرب. فيمر شارع الفداء عبر أحياء المقاومة كما يشكل شارع المقاومة الذي يعد امتداداً لشارع الزرقطوني (قائد المقاومة) حزاماً للمدينة بأكملها.

ثاني أعلى مئذنة في العالم

والزائر لمدينة الدار البيضاء يلاحظ مسجد الحسن الثاني، ثاني أكبر مسجد في أفريقيا، وتعد مئذنتُه ثاني أعلى مئذنة في العالم، ويعد هذا المسجد رمزاً للمدينة.

مسجد الحسن الثاني، ثاني أكبر مسجد في أفريقيا

الدار البيضاء متنوعة في الفن والثقافة والسياحة والاقتصاد، وتلمع في الذاكرة فرقة "ناس الغيوان" وزعيمها العربي باطما من الحي المحمدي في الدار البيضاء. وعن المدينة أو باسمها جاء فيلم كازابلانكا (Casablanca) وهو فيلم رومانسي صدر عام 1942 خلال الحرب العالمية الثانية، يدور الفيلم عن مدينة الدار البيضاء التي يقصدها اللاجئون الفارون من النازية على أمل الوصول إلى لشبونة ومنها للولايات المتحدة، ويتجمع عدد كبير منهم كل ليلة بحانة ريك (هامفري بوجارت)، ليتحول بعدها إلى الأمل الأخير لبطل المقاومة الملاحق من النازيين.

ملصق فيلم كازابلانكا الذي صدر 1942 وتدور وقائعه في الدار البيضاء

نال الفيلم، الذي أخرجه مايكل كورتيس 3 جوائز أوسكار؛ أفضل فيلم، وأفضل مخرج، وأفضل معالجة لسيناريو للنص، رغم الفوضوية التي اتسم بها تصوير الفيلم والارتجالات والمراجعات العديدة له، كما لاحظت وكالة (د ب ا) الألمانية. وإلى جانب الجوائز، حصل الفيلم على 5 ترشيحات أخرى؛ لهامفري بوجارت كأفضل ممثل، وكلود رينس كأفضل ممثل مساعد، وأفضل مونتاج، وأفضل تصوير، وأفضل موسيقى تصويرية للملحن ماكس شتاينر الذي رشح للجائزة في 19 مناسبة أخرى وفاز بها في 3 منها.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية