من سيغلب: "الحد الأقصى" من ضغوط واشنطن أم "حافة الهاوية" الإيرانية؟

من سيغلب: "الحد الأقصى" من ضغوط واشنطن أم "حافة الهاوية" الإيرانية؟


16/09/2019

تعيش العلاقة الأمريكية-الإيرانية صراعاً بين حدّين: "الحد الأقصى" من الضغوط والعقوبات الأمريكية على إيران، يقابلها ما تزعم إيران بأنّه "الحد الأقصىى من مقاومة هذه الضغوط"؛ أيْ اتّباع سياسة "حافة الهاوية" بأقصى تجلّياتها، وهي تعني مزيداً من التوتير ومن توظيف حلفاء إيران في المنطقة، وفي مقدمتهم الحوثيون، من أجل تأزيم المشهد الإقليمي، ليكون ذلك المشهد هو النقطة الذي ستبدأ معه أي محادثات أمريكية-إيرانية مفترضة، الأمر الذي تعدّه إيران كسباً سياسياً لصالحها؛ أيْ الدخول إلى حلبة المفاوضات من موقع قوّة، وفق تصوّرها.

اقرأ أيضاً: دروس حافة الهاوية.. كيف الوصول إلى أمن إقليمي دائم؟
والمراقب للتفاعلات الإيرانية، ومن يدور في فلكها من أحزاب ومحللين وإعلاميين، على الهجمات الأخيرة على منشأتين نفطيتين سعوديتين، يلحظ تركيزاً على الحديث عن تنامي قدرة "الردع" لإيران وحلفائها، يدلّ على ذلك تصريحات، أوردتها وكالة "رويترز" للأنباء، من قبيل:

إذا صحّ أنّ إيران وراء الهجمات على منشأتين نفطيتين بالسعودية فإنّ هذا ما تريده طهران وهو ابتزاز المجتمع الدولي

- قائد القوة الجوفضائية في الحرس الثوري الإيراني، أمير علي حاجي زاده، يقول أمس، كما نقلت عنه وكالة "تسنيم" الإيرانية، إنّ القواعد وحاملات الطائرات الأمريكية تقع في مرمى الصواريخ الإيرانية، وذلك بعدما اتهم وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، طهران بمهاجمة المنشآت النفطية السعودية.
- وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، يتحدث في حسابه على "تويتر" عن أنّه (بعد فشل وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في ممارسة "أكبر ضغط ممكن" يلجأ الآن إلى "أكبر خداع ممكن"... أمريكا وعملاؤها عالقون في اليمن؛ بسبب وهم أنّ التفوق في التسلّح سيقود إلى نصر عسكري. وإلقاء اللوم على إيران لن ينهي الكارثة"، وفق ما زعم ظريف.

اقرأ أيضاً: إيران وإستراتيجية "حافة الهاوية"
- الاستمرار في اللعبة الإيرانية القائلة إنّ الضغوط الأمريكية على إيران تضعف المسؤولين المعتدلين في إيران (أين هم يا ترى؟!) ويقوّي المتشددين، وهذا فحوى ما نقلته "رويترز" عمن وصفته بـ "مسؤول إيراني بارز" قال إنّ تصاعد التوتر بشأن الهجمات الأخيرة على منشآت نفطية في السعودية "قد يخلّ بتوازن القوى في إيران لصالح المتشددين؛ الذين يتطلعون إلى الحد من قدرة الرئيس حسن روحاني على الانفتاح على الغرب"، وفق ما نقلت الوكالة.

اقرأ أيضاً: لماذا أخفقتْ "سياسة حافة الهاوية" التي تمارسها إيران؟
إنّ الولايات المتحدة منذ انسحابها من الاتفاق النووي الإيراني صيف السنة المنصرمة، قالت بوضوح، على لسان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إنّ هذا "الاتفاق سيئ"، وإنّها ستضغط على إيران اقتصادياً ودبلوماسياً كي تجلس على طاولة المفاوضات، وتوقّع اتفاقاً جديداً. المؤكد أنّ لذلك بُعداً شخصياً؛ حيث يعتبر ترامب كل ما قام به سلفه، الرئيس باراك أوباما، سيئاً، ومع ذلك فإنّ ضغوط الدولة الأمريكية، بغض النظر عن الرئيس، تؤيد الضغوط على إيران؛ لإبعادها عن امتلاك أسلحة نووية، وللحد من برنامجها في مجال الصواريخ البالستية، ولوقف سياساتها الإقليمية المعادية للدول العربية، والمزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، كما تقول واشنطن.
ولا تجدُ طهران بُدّاً من اتّباع سياسة مماثلة، وهي "حافة الهاوية"؛ من أجل تحقيق تنازلات تدفع الدول الغربية للقبول بإيران الحالية، على ما هي عليه، وإجراء تفاوض معها، وليس مزيداً من إضعافها اقتصادياً ودبلوماسياً ومن ثم إجراء مفاوضات معها وهي في حالة أضعف، وقابلة لتقديم مزيد من التنازلات، بعد أن تكون العقوبات أنهكتها للغاية، خصوصاً إذا فشل رهانها على تغيير الرئيس ترامب في 2020.

اقرأ أيضاً: المناورة الإيرانية على حافة الهاوية
وفي مقال مشترك لكل من دينيس روس ودانا سترول في مجلة "فورين بوليسي"، قبل أيام، ما ينبّه إلى أنّ إيران قد تستفيد من كون الرسالة الأمريكية تجاهها تتغير وليست ثابتة تماماً. (ففي العام الماضي، طرح وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، قائمةً تحوي 12 مطلباً للتفاوض مع إيران، في حين عرض الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في شهر حزيران (يونيو) الماضي أن يكون "أفضل صديقٍ لإيران". وفي قمة مجموعة السبع في آب (أغسطس) الماضي، تحدث ترامب عن إمكانية أن تصبح إيران دولةً غنيةً جداً لمدة طويلة؛ في حال وافقت على عدم تطوير سلاحٍ نووي. وبينما كانت قائمة بومبيو بمنزلة تغيير أساسي في طبيعة النظام، فإنّ الحدود الدنيا لترامب تبدو مشابهةً للاتفاق النووي الإيراني"، الذي وقّعه أوباما!

هندرسون: طهران تعتقد أنّ مثل هذه الهجمات تعطيها ميزة أمام واشنطن إذا اجتمع ترامب مع روحاني بنيويورك هذا الشهر

وإذا صحّ أنّ إيران والحوثيين يقفون وراء الهجمات الأخيرة على منشأتين نفطيتين في السعودية، توقف على إثرها نصف الإنتاج السعودي النفطي، فإنّ هذا ما تريده طهران؛ أيْ ممارسة "حافة الهاوية" لابتزاز المجتمع الدولي، وإنهاء التوتر الحالي في المشهد الإقليمي من خلال التفاوض مع إيران، قبل أن تستسلم تحت وطأة العقوبات والضغوط المتتالية.
ربما هذا ما قصده مدير برنامج برنشتاين حول الخليج وسياسات الطاقة في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، سايمون هندرسون، بقوله، كما نقلت "رويترز" عنه: "طهران تعتقد فيما يبدو أنّ مثل هذه الهجمات تعطيها ميزة أمام واشنطن. إذا اجتمع ترامب مع روحاني في نيويورك في وقت لاحق هذا الشهر قد يكون هذا هو الحال، على الرغم من أنّ طهران بالغت في تقدير وضعها"، عبر اللعب على ورقة تنامي القدرة على الردع، وأنّها المشكلة والحل في آن معاً، وتسويق "وهم القوة" على أنّه حقيقة.
سؤال المليون كما يقولون هو؛ أيّ السياستين سيكتب لها النجاح: سياسة إيران باتباع "حافة الهاوية" أم سياسة واشنطن؛ حيث "أقصى الضغوط" ستعني اتفاقاً نووياً جديداً يرضي ترامب وحلفاءه؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية