معارضو الأغذية النباتية يهاجمون باسم يوسف ويتهمونه بالارتزاق

النباتية

معارضو الأغذية النباتية يهاجمون باسم يوسف ويتهمونه بالارتزاق


27/05/2019

أطلق الإعلامي والطبيب المصري، باسم يوسف، قناته الجديدة على موقع يوتيوب، باسم"PlantBtv"، والتي تجاوز عدد مشتركيها خلال أسبوعين من شهر رمضان، ربع مليون شخص.

اقرأ أيضاً: نبات يحاكي تجربة "القرب من الموت"
يروّج يوسف من خلال قناته الجديدة، إلى نظام التغذية النباتيّ، مستنداً في تبنّيه هذا النظام لبعض الدراسات العلمية التي أيدّت ذلك، إلّا أنّ ما قدمه يوسف في برنامجه أشعل حرباً ضروساً بين نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي؛ بين الفريق المؤيد والمتبع لنظام يوسف، وبين المعارضين وآكلي اللحوم، الذين رأوا أنّ ما يقدمه استعلاءً على الأغلبية العامة من البشر، وهم من آكلي اللحوم، بلا شكّ.

احتفاءً بالخروج عن المألوف
وبينما يحتفل العشاق بعيد الحبّ، هناك مجموعة أخرى من البشر حول العالم بدأت احتفالها، عام 1994، باليوم العالمي للنباتية، والذي أطلقته الفنانة الإنجليزية والناشطة في حقوق الحيوان، واليس لويز، والأمر ليس بالمستحدث؛ ففي العقيدة الجاينية، إحدى أقدم العقائد التي عرفها الإنسان، ونشأتها الهند، وكذلك عقيدة السبتيين إحدى طوائف البروتستانت، وتتركز في الولايات المتحدة الأمريكية، يحرُم لحم أيّ كائن حيّ؛ حيث تدعو تلك العقائد إلى الامتناع عن أكل اللحوم والأسماك، وكلّ ما خرج من كائن حي من الألبان والبيض.

الباحثون عن حياة صحية وشباب أطول يجب أن يولوا اهتماماً أكبر لأكل النباتات حتى وهم يتناولون اللحوم

وفي آب (أغسطس) من العام 2014، أعلنت الحكومة الهندية مدينة باليتانا، الواقعة في ولاية جوجارات، والتي تعدّ أحد أكثر الأماكن قداسة لأتباع العقيدة الجاينية، مكاناً لا توجد فيه اللحوم، وذلك بحظر بيع اللحوم وتداولها داخل حدود المدينة، بعد إعلان قرابة مئتي راهب جايني إضرابهم عن الطعام، وإجبار الحاكم على إعلانها ولاية نباتية، لتصبح أول مدينة للنباتيين في العالم، بعنوان "مدينة منزوعة اللحوم"، ويستمد أصحاب تلك العقيدة قوتهم من مبدأ التصالح مع الطبيعة، وأنّ كل كائن حيّ على وجه البسيطة، إنّما هو صاحب روح خالدة، يجب أن يحترمها الإنسان، ويحافظ عليها.

تجمع لأصحاب الديانة الجاينية

وتتشارك البوذية والهندوسية مع الجاينية في تحريمها للحوم البقر، والدجاج في أحيان كثيرة، ويرى الكثير منهم؛ أنّه رغم إيمانهم العقدي بحرمانية أكل اللحوم، فغير المتدينين منهم أيضاً قد التزموا النظام النباتي في حياتهم، لما رأوه من انعكاسات إيجابية على وظائفهم الحيوية، وهو ما أكده المبرمج والمهندس الهندي، سنيهال فيرنا، المقيم في دبي منذ عشرة أعوام، في تصريحه لـ"حفريات": "أتبع الديانة البوذية التي ورثتها عن عائلتي، لكنني شخص غير متديّن، على عكس عائلتي، ورغم إباحة الأسماك والبيض في عقيدة العائلة، إلّا أنّ العائلة برمتها، منذ الجدّ الذي تجاوز عامه المئة قبل بضعة أشهر، يتبعون نظاماً نباتياً، يخلو من البيض والأسماك واللحوم والدجاج والألبان، حتى ابني الوحيد يسير على نهج العائلة نفسه، وهو لم يتجاوز الخامسة عشرة بعد، إلّا أننا نتشارك جميعاً في هذا الطقس احتراماً لحياة الكائنات الأخرى، شركاؤنا في الطبيعة، ومن رؤيتي لغير النباتيين، فأنا وعائلتي جميعاً نتمتع بصحة جيدة، ولا توجد لدينا أمراض مزمنة، وحتى أمراض الشيخوخة المتعبة لم تعرفها العائلة، ونحن ندين لنظام التغذية هذا، الذي يمنحنا السلام الروحي، والاندماج مع الطبيعة مرة أخرى".

النباتية والشباب الدائم
بين جبال مدينة لوماليندا في قلب لوس أنجلوس، لاحظ العلماء ارتفاع متوسط أعمار سكان المدينة لمدة تتجاوز العشرة أعوام، عن بقية سكان الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما وضعهم قيد المراقبة من العلماء لمعرفة السبب، من بين سكان المدينة؛ كان جراح القلب والطبيب المشهور، إيلزوورث وارهايم، الذي عاش حياة عملية حافلة امتدت 67 عاماً، يقوم فيها بجراحات القلب المفتوح، ليتقاعد عند سنّ الخامسة والتسعين، قبل وفاته عام 2018، عن عمر ناهز الرابعة بعد المئة. جذب الدكتور وارهايم أنظار العلماء والمتخصصين، وكذلك الباحثين عن عمر أطول، متتبعين نمط حياته إلى جانب سكان المدينة، الذين تشاركوا مع وارهايم شيخوخة صحية، وعمراً مديداً، وفي احتفاليته بآخر عيد ميلاد له، أوضح من خلال حديثه في مؤتمر طبي استضافه لتلك المناسبة؛ أنّ سبب صحته الجيدة في تلك العمر، ومظهره الذي يبدو وكأنّه للتوّ تجاوز الستين، هو نظام حياته النباتي الذي يستمر عليه منذ خمسين عاماً، مع بداية انتمائه لعقيدة السبتيين التي تتبنى هذا النمط الغذائي، وتحاول الامتناع عن أكل اللحوم، كما أوضح أنّ ذلك النظام الغذائي، الذي يمكن الإنسان من العيش بقلب جيّد لأطول فترة ممكنة، ويحارب تلف الخلايا الدماغية التي تسرع أمراض الخرف والزهايمر.

الدكتور إيلزوورث واريهايم

في المدينة الأمريكية ذاتها، تقع كنيسة الكون، التي ينتمي إليها السبتيون، وقد وقع الاختيار على تلك الكنيسة لتكون جزءاً من دراسة تقوم بها منظمة الصحة العالمية عن العلاقة بين نمط الغذاء النباتي والشيخوخة، يشرف عليها الدكتور لاري بيسون، الأستاذ في "Coleman Pavilion School Of Medicine"، وهي مدرسة الطب الأكبر في المدينة، وقد وقعت الدراسة على 96 ألف شخص يقارنون كمية اللحوم والدهون المشبّعة، التي يتناولونها مع طبيعة الأمراض التي يعانون منها، وقد استقرّت تلك الدراسة إلى جانب عدة دراسات أخرى، مقدمة من أكاديمية التغذية الأمريكية، إلى أنّ استهلاك أقل من اللحوم والدهون الضارة هو السرّ لحياة أطول وشباب أكثر، فيما تبنت أكاديمية التغذية الأمريكية دراسات عديدة كان آخرها ما قدّمته عام 2016، موضحة دور النظام النباتي في تعزيز المناعة، والوقاية من أمراض السرطان، وكذلك المحافظة على قلب صحي، إلّا أنّها لم تستنكر اللحوم أو تنصح بالانقطاع عنها، ولكن نصحت بالتقليل، خاصةً من اللحوم الحمراء، التي تزيد من احتمالات الأزمات القلبية، ونصحت كذلك بالامتناع عن أكل اللحوم المصنعّة، والتي أدرجت كسبب رئيس من مسببات السرطان.

الانقلاب على إكسير التطور
لم يختلف الباحثون على كون اللحوم أحد أول مسببات تطور الدماغ البشري، إلى جانب طهي الطعام، ما يجعل البشر مدينين بحضارتهم وسيادتهم إلى الموقد وعالم الحيوان، بينما أصبح هذا التطور اليوم حائلاً بين بعض البشر وأكل اللحوم، احتراماً وتقديساً لأرواح شركاء الطبيعة (الحيوانات)، فيما يمتنع البعض استناداً لأدلة علمية، أقرّت بأنّ اللحوم أحد أهم مسببات الأزمات القلبية وأمراض النقرس والسرطانات، فيما أدرجت الجمعية الأمريكية لأورام الثدي الألبان الحيوانية ومشتقاتها ضمن أهم مسببات سرطان الثدي لدى النساء، فيما تدرس الحكومة الكندية حذف الألبان ومشتقاتها من قائمة الأغذية الصحية، وذلك بعد انتشار العديد من الدراسات التي تربط بين استهلاك ألبان الحيوانات وسرطان القولون والبروستاتا والثدي، كانت آخرها؛ دراسة نشرتها "دويتشه فيلله"، أعدّها الحاصل على جائزة نوبل في الطبّ، تسور هاوزن، للمركز الألماني لأبحاث السرطان، يربط فيها بين انخفاض مثل هذه الأورام في الهند، واختفائها من بعض الولايات الهندية التي تقدس الأبقار، ولا تستخدم منتجاتها، بينما ترتفع تلك النسبة في بعض الولايات الأمريكية التي تعتمد بشكل أساسي على لحم الأبقار، مشيراً إلى أنّ المسؤول عن تنشيط خلايا السرطان؛ هي شفرات الحمض النووي للأبقار، والتي نصح بالحدّ من استهلاكها خاصة للأطفال.

ما أثاره باسم يوسف دفع البعض من المعارضين للنظام لاتهامه بالتعالي على آكلي اللحوم وبالارتزاق من شركات الأغذية النباتية

على منصّة موقع "فيسبوك"؛ تتشارك مجموعة يقترب تعدادها من النصف مليون عربي، نظاماً غذائياً صارماً، ويتخذون من النباتات وحدها وسيلةً للتغذية، بدأت المجموعة قبل عدة أعوام، تحت قيادة باسم يوسف (Plant Based Diet)، ويزداد تعداد المجموعة بمرور الأيام، من قبل الباحثين عن الرشاقة، وأصحاب الأمراض المزمنة المتخذين من هيكلة النظام الغذائي علاجاً لهم، ويقدمون الدعم لبعضهم على الاستمرار في النظام، وتقديم بدائل لما اعتادوه من طعام ليتمكنوا من الاستمرار على ذلك المنوال، فيما يعترض البعض على ذلك النظام، ويتهمون هؤلاء بالانقلاب على الطبيعة، بينما يرى كتاب "أكل الحيوانات"، والذي قدّمه الكاتب والمؤلف الأمريكي، يونتان سفران فور، عام 2009؛ أنّ التطور قد أخذ دورته في الإنسان، وتصاعد إلى الامتناع عن أكل اللحوم، التي يراها يونتان أكثر خطورة على البيئة من عوادم السيارات والتدخين، بحسب كتابه الذي لاقى رواجاً كبيراً بين صفوف النباتيين، وهجوماً كاسحاً من شركات الأغذية، التي ترى في تلك الدعوى التي تنتشر عالمياً انهياراً اقتصادياً لكيانات بنيت برمتها على الإنتاج الحيواني.

الإعلان الترويجي لبرنامج باسم يوسف:

هل كفر باسم يوسف؟
يتعايش المسلمون جنباً إلى جنب في الهند، التي يروّج لها الإعلام على أنّها "أيقونة التنوع والتعايش السلمي"، وإذ يقدّس الهندوس والبوذيون الأبقار، يُقدم المسلمون على ذبحها وتناولها، لكنّ ما أثاره باسم يوسف من خلال برنامجه الأخير، دفع البعض من المعارضين للنظام لاتهامه بالتعالي على آكلي اللحوم، وبالارتزاق من الشركات المنتجة للأغذية النباتية، بينما على الجانب الآخر يتهم أنصار يوسف آكلي اللحوم بمرتزقة اقتصاديات اللحوم، وبالمشاركة في زيادة الاحتباس الحراري، والتي تمثل مزارع تربية الحيوانات جزءاً منها؛ حيث تزيد من انبعاثات الكربون في الغلاف الجوي.

اقرأ أيضاً: للمهتمين..هذه هي فوائد النباتات المنزلية
في هذا الصدد؛ أبلغ أستاذ الأمراض الباطنية والتغذية العراقي، الدكتور معن كوباني، "حفريات": بأنه "لا يمكننا الجزم بأنّ هناك نظاماً واحداً للتغذية يجب أن ينتهجه البشر، فكل جسم يحتاج ما لا يحتاجه الآخر، ولكن الإجماع الطبي الأوحد، هو أن تشتمل مائدة الطعام على قرابة 70% من محتوياتها على الخضروات والحبوب والمكسرات، ولا يتوجب على أحد الانقطاع عن اللحوم، ولكن ثقافتنا العربية الإسلامية تجد في ذلك حرجاً كبيراً، خاصة أنّ للمسلمين طقساً دينياً يحتفي بذبح الحيوان وأكل لحمه، فالأمر أيضاً يشتبك بالدين، ويجد الكثير من المسلمين حرجاً في تقبل أن يصبحوا نباتيين تماماً، لكن ما لا يختلف عليه العلم والأطباء؛ أنّ الباحثين عن حياة صحية، وشباب أطول، يجب أن يولوا اهتماماً أكبر لأكل النباتات، حتى وهم يتناولون اللحوم، ولنا في ممثلي هوليود عبرة، فالكثير منهم يتبنى نظاماً نباتياً، ونرى تأثير ذلك على مظهرهم الخارجي، وحتى بعض النجوم العرب بدؤوا يسلكون نهجهم، ولهذا تفسير علمي؛ حيث تعزز اللحوم، خاصة الحمراء منها، هرمونات النموّ بشكل كبير، وهو ما يحتاجه الأطفال والمراهقون، أما لاحقاً؛ فإنّ الاستمرار في إفراز هرمون النمو، ينبئ بشيخوخة مبكرة، ولا تكمن الشيخوخة في المظهر الخارجي فقط، وإنما بالأمراض التي تبدأ في الزحف على الإنسان في عمر مبكر من حياته".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية