مصر: بعد نجاح أول زراعة لرئة... ما مستقبل هذه الجراحة؟

أعلن الدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحة المصري أمس نجاح أول جراحة لزراعة الرئة بالبلاد، مؤكداً اهتمام بلاده بمجال زراعة الأعضاء، وتكثيف الاستعدادات لافتتاح أكبر مركز إقليمي لزراعة الأعضاء واعتماد زراعة الرئة، ممّا يفتح باباً واسعاً للأمل أمام المرضى الذين يعانون أمراضاً خطيرة بالرئة والجهاز التنفسي تعرّض حياتهم لخطر الموت أحياناً.

وقال عبد الغفار: إنّ الفريق الطبي المصري أجرى في مستشفى عين شمس التخصصي أول عملية زراعة رئة بنجاح منقطع النظير، وأصبحت الحالة الصحية للمريض والمتبرع مستقرة حتى الآن.   

مركز إقليمي لزراعة الأعضاء بمصر

وفي تصريحات سابقة له في أيلول (سبتمبر) الماضي قال الوزير المصري: إنّ مركز زراعة الأعضاء المزمع تدشينه بالبلاد سيضم (12) غرفة عمليات بتصميمات وتجهيزات عالمية، وسيكون مزوداً بمركز أبحاث وشبكة قومية لزراعة الأعضاء، ولأول مرة يتم اعتماد زراعة الرئة في مصر.

ومطلع الأسبوع الجاري خضعت فتاة تقارب الـ (30) من عمرها للعملية الأولى من نوعها داخل مستشفى عين شمس التخصصي بالقاهرة، بعد معاناتها من الفشل التنفسي، حيث تبرع شقيقاها بفصي رئة.  

وأجريت الجراحة بحسب "سكاي نيوز" داخل (3) غرف عمليات بالتوازي بحضور أطباء بعديد من التخصصات الطبية على رأسها أطباء أمراض الصدر وجراحة الصدر والتخدير والقلب والأوعية الدموية.

مستشار الرئيس المصري يكشف التفاصيل

وقال مستشار الرئيس المصري للشؤون الصحية الدكتور محمد عوض تاج الدين: إنّه تمّت زراعة رئة في مصر من أحياء لأول مرة في مستشفى جامعة عين شمس، عن طريق فريق طبي كبير جداً مكون من تخصصات كثيرة عمل عدة أعوام للاستعداد لهذه العملية، وقد سافر هذا الفريق الطبي إلى الخارج وتلقى تدريباً على أعلى المستويات.

وبحسب حديث تاج الدين للتلفزيون الرسمي، تُعدّ زراعة الرئة من أصعب عمليات زراعة الأعضاء، حيث تتطلب توافر متبرعين اثنين و(3) غرف عمليات بتقنيات رفيعة المستوى، فضلاً عن الكفاءات الطبية عالية المستوى وكذلك التكلفة المرتفعة.   

الدكتور أحمد مصطفى قائد الفريق الطبي: كان أمامنا عقبتان؛ الأولى التحضير للجراحة والمريضة، والثانية هي الإمكانيات المتاحة في المستشفى، ولذلك تم تجهيز غرفة عناية مركزة بالشكل الذي يناسب الجراحة التي تتم لأول مرة، وإدخال أجهزة جديدة ومتطورة للمستشفى لملاحظة العمليات الحيوية لأجهزة الجسم

وحول أسباب أمراض الرئة المنتشرة، قال تاج الدين: إنّ التدخين يأتي في مقدمتها، موضحاً أنّ من يعاني من سدة رئوية أو انسداد شعبي رئوي مزمن عليه أن يقلع عن التدخين فوراً، ويقلل تعرضه لأدخنة أو أبخرة أو مسببات الأخرى، ثم يخضع لعلاج مكثف حتى يتم الشفاء.   

وأشار إلى أنّ زراعة الرئة مرحلة متقدمة من العلاج يلجأ إليها الطبيب في حالات بعينها، حيث يتم الفحص بداية باستخدام أجهزة خاصة لقياس مدى كفاءة وظائف الرئة والقدرة على التنفس بشكل طبيعي، ويتم تحديد مستوى العلاج المناسب وفق الحالة المرضية لكل شخص.

تحضير للعملية لمدة 4 أعوام

من جهته، قال الدكتور محمد حسين أستاذ جراحة زراعة الرئة، وأحد أعضاء فريق أول عملية لزراعة الرئة في مصر: إنّ عملية الاستعداد لأول عملية زراعة رئة في مصر بدأت منذ (4) أعوام، أعقبها السفر إلى اليابان، وعاد الفريق المتدرب مطلع كانون الثاني (يناير) 2020 قبيل بدء جائحة كورونا.

وأوضح عضو الفريق في تصريحات تلفزيونية لبرنامج "كلمة أخيرة" أنّ مصر تأخرت كثيراً في الدخول في مجال زراعة الرئة، حيث بدأته السعودية منذ عام 1998، وبدأ في العالم منذ عام 1983، وفي الإمارات عام 2008، ولكنّ الفارق أنّ مصر تعتبر أول دولة عربية وأفريقية تقوم بعملية زرع أعضاء من متبرعين أحياء بعد اليابان، حيث جرت العادة أن تتم من متوفين حديثاً.

قائد الفريق الطبي يتحدث عن العقبات وكيفية تجاوزها

يقول الدكتور أحمد مصطفى، قائد الفريق الطبي الذي أجرى الجراحة: إنّ الفريق كان أمامه عقبتان؛ الأولى التحضير للجراحة والمريضة، والثانية هي الإمكانيات المتاحة في المستشفى، ولذلك تم تجهيز غرفة عناية مركزة بالشكل الذي يناسب الجراحة التي تتم لأول مرة، وتم كذلك إدخال أجهزة جديدة ومتطورة للمستشفى لملاحظة العمليات الحيوية لأجهزة الجسم، بحسب "العربية".

وأضاف أنّه تم التأكد من تجديد غرف العمليات وعددها (13) غرفة عمليات في المستشفى وتطوير أقسام جراحة القلب والصدر، وكل ذلك للتغلب على أيّ عقبات قد تعرقل جهود نجاح الجراحة، موضحاً أنّ الفريق تواصل خلال الفترة الماضية مع فريق ياباني، يعتبر من أشهر وأكبر رواد جراحات زراعة الرئة للتنسيق حول الجراحة.

وأشار إلى أنّ المريضة كانت تعاني من فشل تنفسي حاد، ولذلك تم وضعها على أجهزة التنفس لحين إجراء الجراحة، معلناً أنّ شقيقيها تقدّما للتبرع، وجاءت فحوصات الأنسجة متطابقة، وتم الاتفاق على الحصول على فص واحد من أحد الشقيقين، وإجراء الجراحة في (3) غرف عمليات، وبمجرد انتزع فص من رئة الشقيق المتبرع يجد طريقه إلى صدر المريضة المتلقية للتبرع.

زراعة الرئة مرحلة متقدمة من العلاج يلجأ إليها الطبيب في حالات بعينها، حيث يتم الفحص بداية باستخدام أجهزة خاصة لقياس مدى كفاءة وظائف الرئة والقدرة على التنفس بشكل طبيعي، ويتم تحديد مستوى العلاج المناسب وفق الحالة المرضية لكل شخص

وأوضح أنّ المريضة بدأت التخلص رويداً رويداً من أجهزة التنفس الصناعي، ومع تناولها الأدوية المنشطة للقلب، وقد تعافى الشقيق المتبرع، وخرج بعد استقرار حالته من المستشفى.

معلومات عن زراعة الرئة

بالتزامن مع الإعلان عن نجاح أول عملية لزراعة الرئة بمصر، نشر موقع "الكونسلتو" الطبي معلومات مهمة عن العملية، ومتى يحتاج إليها المريض، وأهم أنواعها ومدى خطورتها.

وبحسب الدكتور محمود عبد المجيد، استشاري الأمراض الصدرية والجهاز التنفسي، تجرى للأشخاص الذين لم تُجدِ أجهزة التنفس الصناعي نفعاً في السيطرة على الفشل التنفسي لديهم.

وأوضح استشاري الأمراض الصدرية أنّ الفشل التنفسي عبارة عن حالة مرضية تفقد فيها الرئتان قدرتهما على تبادل غازي الأكسجين وثاني أكسيد الكربون.

وأضاف أنّ هناك أمراضاً صدرية تزيد من خطر الإصابة بالفشل التنفسي الكامل، وتشمل:

 التليف الرئوي، والانسداد الرئوي المزم، وارتفاع ضغط الدم الرئوي، والتليف الكيسي.

وأشار عبد المجيد إلى أنّ الفشل التنفسي قد يحدث أيضاً بسبب وجود مشكلة في القلب، تمنع الرئتين من القيام بوظائفهما الحيوية، مثل عيوب القلب الخلقية.

وأكد أنّ عملية زراعة الرئة يمكن إجراؤها لجميع الأشخاص، بما في ذلك الأطفال، ولكن يواجه الأطباء صعوبة في تنفيذها، بسبب قلة المتبرعين.