هزّت قضية مدرسة الرقاب القرآنية الرأي العام التونسي، وأثارت، بسبب الانتهاكات التي تعرض لها طلابها، كثيراً من ردود الفعل الغاضبة التي حمّلت السلطات التونسية مسؤولية ما جرى داخل المدرسة القرآنية، غير القانونية.
وبدورها، أصدرت المحكمة الابتدائية بولاية سيدي بوزيد، حكماً بالسجن بحق شخص قام بالاعتداء جنسياً على طفل، داخل المدرسة القرآنية بالرقاب.
اعتداءات جنسية وانتهاكات إنسانية ضدّ الأطفال في مدرسة الرقاب القرآنية والحكومة غائبة
ونقلت وكالة الأنباء التونسية خبراً عن الناطق باسم المحكمة، الذي قال إنّ المعتدي "من حفظة القرآن في المدرسة"، وقد قام بالاعتداء على طفل من مواليد عام 2003، كما أثبتت الفحوصات أنّ طفلين من أصل 5 أطفال تعرضوا للاغتصاب في المدرسة ذاتها، بحسب ما نقلت شبكة "سي ان ان".
وأكّد الناطق باسم المحكمة؛ أنّ الفاعل اعترف بارتكابه الجريمة، وأشار إلى أنّه يدرّس بالمدرسة، وأنه خريج تعليم عالٍ.
من جهتها، أقالت الحكومة التونسية والي (محافظ) سيدي بوزيد، ومسؤولاً محلياً في مدينة الرقاب، وسط البلاد، لتقصيرهما في عملهما، وعدم إغلاق المدرسة القرآنية، كان قد صدر بحقها قرار إغلاق سابقاً، وفق "بي بي سي".
وكانت وزارة الداخلية التونسية قد كشفت، الأحد الماضي، عثورها على ٤٢ شخصاً، تتراوح أعمارهم بين ١٠ و١٨ عاماً، و٢٧ آخرين، بين ١٨ و٣٥ عاماً، يقيمون بالمدرسة في ظروف مريبة، وأضافت الوزارة أنّ "هؤلاء الأطفال تعرضوا للعنف وسوء المعاملة واستُغلوا في الزراعة وأشغال البناء"، موضحة أنهم "تلقوا أفكاراً وممارسات متشدّدة".
ونُقل الأطفال إلى مركز حكومي لرعاية الأطفال، جنوب العاصمة، بينما تواصل الأجهزة الأمنية التحقيق مع القائمين على المدرسة.
وقال والي سيدي بوزيد، أنيس ضيف الله، الذي أقيل من منصبه؛ إنّ الجمعية القرآنية التي تدير المدرسة أُنشئت عام ٢٠١٢، قبل أن يصدر بحقها قرار بالإغلاق، تمّ التراجع عنه لاحقاً، بعد أن "ثبتت قانونية امتلاكها ترخيصاً من وزارة الشؤون الدينية"، ليصدر قرار ثان بإغلاق المدرسة وإيقاف نشاط الجمعية، في العام ذاته.
الناطق باسم الحكومة، إياد الدهماني، أكّد أنّ "القانون سيطبق بشكل صارم ضدّ كلّ الفضاءات التي تستقبل أطفالاً في إطار غير قانوني، وتمارس نشاطات في إطار غير شرعي".
الأطفال تعرضوا للعنف وسوء المعاملة واستُغلوا في الزراعة وأشغال البناء وتلقوا أفكاراً متشددة
ورأت وزيرة المرأة والأسرة والطفل، نزيهة العبيدي، أنّ "الأيادي المرتعشة وغير القادرة على تسيير الدولة والقيام بمهمتها كما ينبغي يجب أن تترك مكانها لمن يكون قادراً على الإمساك بزمام الأمور".
لكنّ بعض المراقبين اتّهموا السلطات التونسية بالتقصير؛ إذ يقول المحلل السياسي، طارق الكحلاوي: إنّ "السلطة التنفيذية لديها علم بالشكوك حول وضع المدرسة، لكنّها لم تحسم أمرها، وهو ما يجعلها محلّ مساءلة قانونية وسياسية".
وحذّر الكحلاوي من أنّ "هذا التقصير سيتضح بشكل أكبر في تعامل السلطات مع العائدين من بؤر التوتر وسجناء السلفية".
ونبّه الباحث في الحضارة العربية الإسلامية، غفران الحسايني، لخطورة انعزال التيارات الدينية عن المجتمعات وتدريس العلوم الشرعية خارج الفضاء العام.
وطالبت من جهتها رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، روضة العبيدي، الحكومة التونسية بالتصدي للمدارس القرآنية التي وصفتها بـ "غير القانونية".