محللون يكشفون أبرز الملفات التي بحثها الرئيس الجزائري مع السيسي

محللون يكشفون أبرز الملفات التي بحثها الرئيس الجزائري مع السيسي


30/01/2022

أفاد مراقبون ومحللون سياسيون بأنّ زيارة الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، إلى القاهرة، اكتسبت أهميةً كبيرة؛ إذ تأتي تتويجاً لتقارب متنامي بين البلدين خلال العامين الماضيين، وتحديداً في لحظته الفارقة، حين دعم البلدان إجراءات الرئيس التونسي، قيس سعيّد، في تصحيح أوضاع المشهد السياسي، بتاريخ 25 تموز (يوليو) 2020، كما يتشاركان الاهتمام نفسه بالملف الليبي.

وجاءت الزيارة في وقت تسعى فيه الجزائر إلى تنظيم قمة عربية مختلفة عن سابقاتها، فيما يتعلق بالعمل العربي المشترك، وعلى رأس ذلك عودة سوريا إلى الجامعة العربية.

ولم يكن غائباً عن الزيارة الملفات الاقتصادية، والتي تضعها مصر على رأس أولوياتها في بناء علاقاتها الدولية خلال الأعوام الأخيرة.

زيارة تبون

وأنهى الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، زيارة إلى القاهرة، استمرت ليومين، خلال 24 و 25 من شهر كانون الثاني (يناير) الجاري، التقى خلالها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في جلسة منفردة، وعقدت جلسة مشاورات موسعة ضمت أعضاء وفدي البلدين.

الفريق شنقريحه في لقاء مع نظيره المصري أسامة عسكر

وجاء في البيان المشترك للقمة بين الرئيسَين: "أكّد الرئيسان على الطابع الإستراتيجي والمتميز للعلاقات الثنائية، واتفقا على دفع أطر التعاون الثنائي بين البلدين، من خلال تفعيل آليات التشاور والتنسيق بينهما على كافة المستويات، ووجّها في هذا السياق بعقد الدورة المقبلة للجنة العليا المشتركة بين مصر والجزائر، برئاسة رئيسَي وزراء البلدين، وآلية التشاور السياسي على مستوى وزيري الخارجية، خلال النصف الأول من هذا العام".

تتعلق الأجندة التي يحملها معه الرئيس تبون أساساً بالتحضير للقمة العربية المزمع إجراؤها هذا العام في الجزائر ورفع مستوى التعاون الاقتصادي والتنسيق بخصوص الملف الليبي، باعتباره ملفّاً مشتركاً

وسبقت هذه الزيارة عدة زيارات متبادلة لوزيري خارجية البلدين، للتباحث حول الملفات العربية المشتركة، وعلى رأسها ليبيا وتونس. وكذلك زار رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الجزائري، الفريق سعيد شنقريحة القاهرة، بدعوة رسمية لحضور معرض الصناعات الدفاعية "إيديكيس 2"، في شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وحملت الزيارة دلالات كبيرة، كونها الزيارة الأولى لمسؤول عسكري كبير من الجزائر إلى القاهرة، منذ أعوام طويلة، والتقى خلالها بوزير الدفاع ورئيس الأركان المصريين.

اقرأ أيضاً: الجزائر تخوض حرباً إلكترونية شعواء... حصيلة الهجمات خلال 2021

وتكلّل هذا الزخم بزيارة الرئيس تبون إلى القاهرة، في وقت تنظر فيه الجزائر بعين الريبة إلى التعاون المتنامي للعلاقات المغربية الإسرائيلية، خصوصاً في التعاون العسكري. وكانت العلاقات المغربية الجزائرية قد شهدت توتراً كبيراً خلال العام الماضي، على خلفية أزمة الصحراء الغربية، وقامت الجزائر بإجراءات عقابية بحقّ المغرب بعد التطبيع مع إسرائيل والاعتراف الأمريكي بسيادة الرباط على الصحراء الغربية، ومنها؛ وقف تصدير الغاز إلى أوروبا عبر خطّ غاز يمرّ من المغرب، وإغلاق المجال الجوي أمام الطائرات المغربية.

التعاون الثنائي

وحظيت آفاق التعاون الثنائي بين البلدين باهتمام في القمة الجزائرية المصرية، وقال بيان المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية: "تناول اللقاء علاقات التعاون الاقتصادي بين مصر والجزائر؛ حيث أعرب الرئيسان عن حرصهما على مواصلة العمل على تطويرها، وزيادة الاستثمارات المتبادلة وتعظيم الاستفادة من المناخ الجاذب للاستثمار في البلدين، فضلاً عن زيادة معدلات التبادل التجاري، وتعزيز الشراكات وتبادل الخبرات في مختلف المجالات بما يدعم جهود الدولتين في تحقيق التنمية والرخاء، وزيادة معدلات التبادل التجاري، وتحسين أداء الاقتصاد".

محمد أنيس: العلاقات الاقتصادية بين البلدين متدنية، وأقل من الإمكانات التي يمتلكها البلدان

ويقول الصحفي الجزائري، عبد الله نادور: "زيارة الرئيس تبون إلى مصر مهمة جداً، وذلك بالنظر للعلاقات التاريخية المتجذرة بين البلدين، فالجزائر، شعباً وحكومةً، لم تنسَ يوماً الدعم الذي قدمته مصر للثورة الجزائرية. وتعدّ مصر الشقيقة الكبرى، وعليه فإنّ زيارة أيّ مسؤول جزائري إلى مصر أو العكس لها معنى وأثر كبير، وتكتسب أهميةً أكبر بزيارة دولة يقوم بها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون".

اقرأ أيضاً: فرنسا تفتح أرشيفها عن حرب الجزائر... ما القصة؟

وحول آفاق التعاون الاقتصادي، يقول الخبير المالي والمحلل الاقتصادي المصري، محمد أنيس: "تعدّ العلاقات الاقتصادية بين البلدين متدنية، وأقل من الإمكانات التي يمتلكها البلدان، ولهذا بحث رئيسا البلدين والوفد المشترك آفاق التعاون الاقتصادي، وستحظى هذه الآفاق باهتمام كبير خلال اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، برئاسة رئيسَي وزراء البلدين".

المحلل المالي، محمد أنيس لـ"حفريات": لدى مصر والجزائر أرضية من التفاهم والتعاون العسكري الذي تجعلهما منفتحين على تنمية صناعات دفاعية وأمنية مشتركة، في ظلّ التفاهم الكبير في المجالات السياسية

وأضاف أنيس لـ "حفريات": "هناك قطاعات واعدة للتعاون المشترك بين مصر والجزائر، ومنها؛ التعدين سواء المعادن النفيسة والصناعية، ومصر تبحث عن فرص استثمارية لشركاتها في هذا المجال، ولدى الجزائر موارد كبيرة تتطلب هذه الخبرة".

وتابع: "اكتسبت مصر خلال الأعوام الماضية من خلال برامج التنمية الكبيرة مكانة كبيرة جعلتها محط أنظار القارة الأفريقية، خصوصاً في صناعات الطاقة والبتروكيماويات، لهذا فالجزائر قد تستفيد من الخبرة والاستثمار المصري في مجال الصناعات البتروكيماوية. وإلى جانب ذلك هناك الاهتمام المشترك بتنمية الغاز الطبيعي وتصديره إلى السوق الأوروبية، وربما يشهد هذا القطاع تعاوناً كبيراً".

اقرأ أيضاً: الجزائر تفكك خلية إرهابية تابعة للإخوان.. تفاصيل

وتعزز هذه الآفاق الواعدة دفع البلدين نحو مزيد من التفاهم السياسي، خصوصاً لوجود ملفات عربية وأفريقية مشتركة.

 وفي سياق متصل، ربط المحلل المالي، محمد أنيس، الزيارة بمزيد من التعاون بين البلدين في مجال الصناعات الدفاعية، وقال: "لدى البلدين أرضية من التفاهم والتعاون العسكري الذي تجعلهما منفتحين على تنمية صناعات دفاعية وأمنية مشتركة، خصوصاً في ظلّ التفاهم الكبير في المجالات السياسية".

القضايا العربية والإقليمية

وأخذت القضايا العربية والإقليمية الحيز الأكبر من زيارة الرئيس تبون إلى القاهرة، وذلك لسعي الجزائر لتوحيد المواقف العربية قبيل تحديد موعد القمة العربية التي تستضيفها خلال الأشهر المقبلة.

عبدالله نادور: الجزائر تريد أن تسنّ سنّة جديدة من خلال إعادة النظر في آليات العمل العربي المشترك

وكانت القمة العربية تأجلت دون تحديد موعد بديل، ومن غير إبداء أسباب. وسبق أن اندلعت خلافات بين المغرب والجزائر على خلفية وضع علم للمغرب في القمة العربية، لا يشمل الصحراء الغربية، والتي لا تعدّ أرضاً مغربية وفق القانون الدولي، بينما اعترفت العديد من الدول العربية والأفريقية بسيادة المغرب على الصحراء. وتلتزم القاهرة بالموقف الدولي الذي حددته الأمم المتحدة لقضية الصحراء، وهو موقف الجزائر نفسه.

وفي حديثه لـ "حفريات"، قال الصحفي نادور: "تتعلق الأجندة التي يحملها معه الرئيس تبون أساساً بالتحضير للقمة العربية المزمع إجراؤها هذا العام في الجزائر، خاصةً أنّ الجزائر تريد أن تسنّ سنّة جديدة من خلال إعادة النظر في آليات العمل العربي المشترك، من خلال ترسيخ سنّة التشاور في مختلف القضايا والأحداث التي تمر بها الأمة العربية، خاصةً فيما يتعلق بالتوافق التام والكبير بين القيادات السياسية للبلدين بخصوص الملف الليبي، باعتباره ملفّاً مشتركاً بينهما".

اقرأ أيضاً: وزير خارجية فرنسا في الجزائر.. هل تنتهي الأزمة بين البلدين؟

وتابع: "بالنظر للحدود الكبيرة التي تجمع كلّاً من الجزائر وليبيا ومصر، والتخوف الذي يشكله هذا الملف في الجانب الأمني، حيث إنّ هناك اتفاقاً على ضرورة تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية مزدوجة وخروج كل الأجانب والمرتزقة من الأراضي الليبية بالشكل الذي يعيد ليبيا لليبيين، ويضمن وحدتها واستقرارها وأمن كل المنطقة، وهذا التزام بمخرجات لقاءات برلين وباريس وما اتفق عليه مجلس الأمن الدولي".

وثمّن نادور التوافق الحاصل بين مصر والجزائر للعمل المشترك الأفريقي، وهو الذي بحسبه ظهر من خلال: "رفض عدد كبير من الدول الأفريقية تواجد كيان الاحتلال الإسرائيلي كعضو مراقب في الاتحاد الأفريقي، إلى جانب المبادرة الجزائرية بخصوص ملف سدّ النهضة، في ظلّ تأكيد الجزائر على حقوق مصر المائية في ملء وتشغيل السدّ".

اقرأ أيضاً: خسارة الإخوان الانتخابات المحلية في الجزائر... الأسباب والتداعيات

فضلاً عن ذلك، يتشارك البلدان التأييد للدولة الوطنية، وهو موقف نابع من رؤية واحدة للأحداث التي شهدتها المنطقة العربية بعد العام 2011، خصوصاً أنّ الجيش في البلدين لعب دوراً كبيراً في تأمين انتقال السلطة، والحفاظ على الاستقرار، بعد الحراك الذي شهدته مصر عام 2011 والجزائر عام 2019.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية