محللون لـ"حفريات": إسرائيل تواصل مسلسل التطهير العرقي في النقب

محللون لـ"حفريات": إسرائيل تواصل مسلسل التطهير العرقي في النقب


كاتب ومترجم فلسطيني‎
27/01/2022

تتواصل ردود الفعل الغاضبة المنددة بسياسة إسرائيل الرامية إلى الاستيلاء على آلاف الدونمات من أراضي المواطنين الفلسطينيين في منطقة جنوب النقب، بذريعة تشجيرها، حيث قامت الشرطة الإسرائيلية بأعمال التجريف لأراضي قرى النقب التي لا تعترف بها إسرائيل، ضمن خطة مدروسة تهدف للاستيلاء على هذه المناطق واقتلاع سكانها الأصليين.

وقال مراقبون ومحللون سياسيون لـ"حفريات" إنّ إسرائيل تواصل مسلسل التطهير العرقي في النقب، وإنّ الخطة الإسرائيلية تهدف إلى إثبات ملكية الدولة وإسقاط ملكية الفلسطينيين عنها، بالرغم من وجود وثائق لدى سكان النقب تثبت ملكيتهم للأرض، كما أكد رئيس المجلس الإقليمي لقرى النقب غير المعترف بها عطية الأعسم؛ حيث إنّ "سكان قرى النقب غير المعترف بها، يعانون من غياب الخدمات الحكومية على مستوى التعليم والصحة، وهم بدون كهرباء أو مياه ولا بنية تحتية منذ سنوات طويلة، كما ويعانون من خطة تهويد صامتة طوال الفترة الماضية واليوم أصبحت الخطة علنية".

 رئيس مجلس قرى النقب عطية الأعسم: خطة إسرائيل الحالية تقوم على طرد سكان القرى غير المعترف بها داخل النقب

وأفاد الأعسم، لـ "حفريات"، أنّ "خطة إسرائيل الحالية تقوم على طرد سكان القرى غير المعترف بها داخل النقب، بحجة تشجيرها، وتأتي في سياق حشر أكبر عدد من السكان البدو العرب في أقل مساحة جغرافية ممكنة والحدّ من تمدّدهم، حيث بلغ عدد السكان العرب في النقب فترة احتلال فلسطين، عام 48، ما يقارب من 10 آلاف نسمة، لكن ازداد عددهم اليوم إلى 320 ألف نسمة، إضافة إلى أنّه، وخلال الـ 12 سنة الماضية، تمّ هدم أكثر من 10 آلاف منزل للعرب في النقب، واستطاعت السلطات الإسرائيلية إقامة أكثر من 200 مستوطنة في هذه المناطق".

تواصل التصعيد

وأضاف الأعسم أنّ "عرب النقب متواصلون في تصعيد موجة التظاهرات والاحتجاجات داخل قراهم، ردّاً على سياسة التطهير والطرد الممنهجة التي تتخذها الحكومة الإسرائيلية بحقّ السكان العرب في النقب، إلى حين تراجع إسرائيل عن خطتها الممنهجة والرامية إلى طرد البدو ومحاصرتهم داخل قرى صغيرة".

 ولفت إلى أنّ "منطقة النقب تمثّل أكثر من نصف مساحة فلسطين التاريخية، كما أنّ هناك ميزة في سكان النقب، فجميعهم من البدو المنتشرين على مساحات واسعة من أراضي النقب، ويتشاركون جميعهم عادات وتقاليد موحّدة؛ لذلك إسرائيل تريد تشتيت البدو في النقب من خلال طردهم وسرقة أراضيهم".

سكان النقب من البدو المنتشرين على مساحات واسعة من الأراضي، ويتشاركون جميعهم عادات وتقاليد موحّدة؛ لذلك تريد إسرائيل تشتيت البدو في النقب من خلال طردهم وسرقة أراضيهم

ومع تصاعد وتيرة الاحتجاجات العنيفة لبدو النقب، دعا وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لبيد، إلى وقف أعمال زرع الأشجار إلى حين التوصل إلى حلّ، وشدّد على أنّ العنف يجب أن يتوقف، معرباً عن تأييده الكامل لعمل الشرطة لإعادة النظام، لكنّه قال إنّه سيكون من الحكمة التوقف الآن لإعادة التنظيم.

في غضون ذلك، أكّد الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي، نهاد أبو غوش؛ أنّ "الفلسطينيين في النقب يتعرضون إلى أبشع ممارسات التمييز العنصري والمضايقات، وما يجري يعدّ حلقة ضمن مسلسل التطهير العرقي، الذي يستهدف جميع الفلسطينيين في المناطق كافة، في القدس هناك مخطط تهجير وتطهير عرقي، كما في الأغوار الشمالية وجنوب الخليل".

تغيير طبيعة استخدام الأرض

وأشار أبو غوش، في حديثه لـ "حفريات": إلى أنّ "خطة التشجير هدفها تغيير طبيعة استخدام الأرض، تاريخياً كانت هذه الأراضي، خاصة تلك الواقعة في شمال النقب، والتي هي محلّ نزاع بين الفلسطينيين البدو وسلطة الاحتلال الإسرائيلي، تستخدم لزراعة القمح الذي كان يصدّر لجميع أنحاء العالم، وبعضها زرع فيها العنب وبعضها كان عبارة عن مراعٍ مفتوحة للقبائل البدوية ومربي الماشية، وإسرائيل تريد تغيير صفات المنطقة وتحويلها إلى أحراش طبيعية ومحميات بملكية الدولة".

المختص في الشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش: خطة التشجير هدفها تغيير طبيعة استخدام الأرض

وأوضح أنّ "الفلسطينيين يخوضون الآن معركة دفاع عن الأرض والوجود، وفي هذه المعركة توجد أسلحة كثيرة، منها التصدي الجماهيري البطولي، والتضامن الذي يبديه فلسطينيو الداخل والإعلام، من خلال إيصال رسائل إلى العالم، واللجوء إلى الوسائل القانونية والسياسية التي تصعّب على الاحتلال فرض خطته بسهولة، على غرار الماضي، كان يجري تهجير أهل النقب من دون أن يعلم أحد بجريمة التهجير".

اقرأ أيضاً: فلسطينيو النقب يرفضون التشجير ويقاومون التهجير

وبيّن أنّ "المقاومة في غزة قد تكون لها كلمة الفصل خلال المرحلة المقبلة، في ظلّ استمرار سياسات إسرائيل العنصرية بحقّ الفلسطينيين، فبالرغم من أنّ قدرات المقاومة محدودة مقارنة بما تملكه إسرائيل من ترسانة أسلحة متقدمة، وأدوات تدمير شامل، في الجوّ والبرّ والبحر، إلّا أنّها تؤثّر على إسرائيل، ومعركة سيف القدس التى جاءت نصرة لأهالي الشيخ جراح، كانت دليلاً على قدرة المقاومة في صدّ مخططات إسرائيل".

المحلل السياسي نهاد أبو غوش لـ"حفريات": هناك خذلان كبير من قبل السلطة الفلسطينية، التي يمكنها الدعم الإعلامي وإيصال معاناة سكان النقب للعالم وللممثليات الأجنبية

 وبسؤاله عن موقف السلطة الفلسطينية من ممارسات الاحتلال المتواصلة بحقّ السكان البدو في النقب أجاب: "السلطة الفلسطينية هي جهاز إداري ومؤسسات ذات وظائف محددة، وفي الحقيقة هناك خذلان كبير وواضح من قبل السلطة، فيمكنها فعل الكثير لنصرة سكان النقب، وأقلّ ما يمكن فعله هو الدعم الإعلامي وإيصال معاناة الفلسطينيين للعالم وللممثليات الأجنبية".

 ويعيش أكثر من 270 ألف فلسطيني من ذوي الأصول البدوية، حاملي الجنسية الإسرائيلية، في منطقة النقب جنوب إسرائيل، وهم مهددون بالمخططات الإسرائيلية للطرد وتهويد قراهم، ويتعرضون للعديد من الانتهاكات وحرمانهم من العديد من الحقوق، والمماطلة في توصيل الخدمات إليهم باستمرار.

 

اقرأ أيضاً: "أهلاً بكم في دولة هاني عامر": هكذا يهزأ الفلسطينيون من إسرائيل

وتشهد مناطق واسعة في النقب احتجاجات متواصلة وعارمة، إثر تصعيد الاحتلال لعمليات التجريف والتحريش والهدم، إضافة للإعلان المتسارع عن العديد من المخططات الاستيطانية منذ أشهر، ونتيجة لذلك يصعّد سكان النقب من حدّة النضال والاحتجاج لمواجهة هذه الهجمة الشرسة التي تستهدف وجودهم وهويتهم.

معاقبة بدو النقب

وترفض شركة الكهرباء الإسرائيلية الدخول إلى بلدات وقرى في النقب الفلسطيني المحتل، لإصلاح أعطال كهربائية حتى في قرى مصنفة بأنّها معترف بها، وذلك انتقاماً من أهل النقب على خلفية الهبّة الشعبية ضدّ الهجمة الاستيطانية والتجريف الذي يتعرضون له.

ويتّهم بدو النقب (الصندوق القومي اليهودي) بدعم مشروع التشجير الذي تنوي إسرائيل تطبيقه في النقب، حيث يعدّ الصندوق القومي بمثابة منظمة تقوم بجمع الأموال من اليهود في العالم كلّه، وتوظّفها في وضع اليد على الأملاك الفلسطينية، وتحويلها إلى مستوطنات في عموم الأراضي الفلسطينية، وينوي الاحتلال حالياً مصادرة أراضي النقب وزراعتها بدعم من الصندوق القومي.

 الخطة قد عرضت على أعضاء الكنيست الإسرائيلي، وبموجبها سيتمّ زرع حوالي 5 آلاف دونم من الغابات على طول وادي عنيم

ويبدو أنّ إسرائيل ماضية في إجراءاتها التطهيرية المخالفة للقوانين الدولية مهما كلّف الأمر؛ إذ أكّد وزير الإسكان الإسرائيلي، زئيف إلكين، عزم الحكومة الإسرائيلية على مواصلة عمليات التجريف في النقب، مشيراً إلى أنّ الأراضي في النقب هي أراضي دولة إسرائيل، معتبراً أنّ إسرائيل تتصرف بطريقة مهنية في تنفيذ خطتها داخل قرى النقب.

البدو يسيطرون

صحيفة "هآرتس" العبرية، قالت إنّ البدو يسيطرون على مساحات كبيرة في النقب، وبعد وقت قصير سيسيطرون على الدولة كلّها، إسرائيل في خطر، يجب العمل فوراً وبقوة، من الواضح أنّ الأمر يتم بالقوة وهذا يبدو مثل عشية حرب أهلية، غرباء انفصاليون يحاولون السيطرة على قطعة من البلاد ونزعها من يد الدولة، في الحقيقة هؤلاء مواطنون من الدولة ويقاتلون من أجل حقوقهم في هذه المنطقة من البلاد.

وأشارت الصحيفة، إلى أنّ الخطة قد عرضت على أعضاء الكنيست الإسرائيلي، وبموجبها سيتمّ زرع حوالي 5 آلاف دونم من الغابات على طول وادي عنيم، الذي يصبّ في وادي بئر السبع جنوب النقب.

 

اقرأ أيضاً: المستشفى الأمريكي في غزة: للعلاج أم للتجسس على الفلسطينيين؟

ووفق صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبرية؛ فإنّ مشروع الزراعة الذي أثار حفيظة البدو في الأيام الماضية، هو مجرّد قطعة واحدة من خطة واسعة النطاق، تبلغ تكلفتها 150 مليون شيكل من قبل سلطة الأراضي الإسرائيلية، التي ستشهد تشجير مساحات كبيرة من الأراضي المملوكة ملكية عامة في منطقة جنوب النقب.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية