محاربة كورونا صعبة: ما سر تفشيه السريع؟

محاربة كورونا صعبة: ما سر تفشيه السريع؟


05/04/2020

سامي خليفة

لا يزال العلماء في دول عدة يحاولون كشف سر التفشي السريع لفيروس كورونا المستجد. ومع تسارع انتشار الدراسات بهذا الخصوص، تكثف الحديث في الأيام القليلة الماضية عن أن المصابين بالمرض الذين لا يشعرون بأي أعراض، يمثلون قنابل موقوتة للعدوى، لأنهم ينقلون الفيروس وهم لا يدركون إصابتهم به.

مرضى بلا أعراض
في نهاية شهر آذار المنصرم، حذر مدير المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، الدكتور روبرت ريدفيلد، من أن نحو 25 في المئة من الأشخاص المصابين بفيروس كورونا المستجد ربما لا تظهر عليهم أعراض. وهذا الرقم يساعد في تفسير مدى انتشار الفيروس في العالم، وفي شتى أنحاء الولايات المتحدة تحديداً، والتي أصبحت بؤرة رئيسية للوباء.
وقبل بضعة أسابيع، شددت المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، مراراً وتكراراً، على أن المواطنين العاديين لا يحتاجون إلى ارتداء الأقنعة ما لم يشعروا بالمرض. ولكن روبرت ريدفيلد أشار إلى أن البيانات الجديدة عن الأشخاص الذين قد يصابون بالعدوى من دون شعورهم بالمرض، أو الذين ينقلون الفيروس لبضعة أيام قبل الشعور بأي أعراض، تجري مراجعتها مراجعةً حاسمة.

المريض صفر
لا يعلم الباحثون بدقة عدد الأشخاص المصابين بالمرض من دون شعورهم به. ومنذ ظهور الفيروس التاجي الجديد في كانون الأول 2019، رصد العلماء نوادر مقلقة لأشخاص أصحاء، كانوا ينشرون المرض عن غير قصد.

وروت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، قصة "المريض صفر" في مقاطعة غوانغدونغ الصينية، فقالت أنه أُصيب بالفيروس بعد اتصاله بشخص من ووهان، من دون يشعر بأي علامات تشير إلى المرض إطلاقاً.

وقال بعض العلماء للصحيفة الأميركية، أن حالة المريض صفر ليست استثنائية. فعلى سبيل المثال، لم تظهر أعراض المرض على ما يصل إلى 18 في المئة من الأشخاص المصابين بالفيروس على متن سفينة "دايموند برنسيس" الموبوءة. ويقترح فريق من العلماء في هونغ كونغ أن 20 إلى 40 في المئة من حالات العدوى في الصين حدثت قبل ظهور الأعراض.

ونظراً إلى هذه المعطيات، قد يساعد المستوى العالي من الانتشار الخفي في تفسير سبب أن الفيروس التاجي الجديد، هو الفيروس الأول الذي لا يُعد فيروساً للإنفلونزا، ويُحدث وباءً.

دراسة كولينغ
يتفق الخبراء على أن العدوى تنتقل في كثيرٍ من الحالات من طريق الأشخاص الذين لا يبلِّغون عن الأعراض. وهي الحالات التي تُسمى علمياً "عمليات النقل من دون أعراض". وفي هذا الإطار، يقول الدكتور جيفري شامان، خبير الأمراض المعدية في جامعة كولومبيا، إن الدراسات التي أجراها فريقه أظهرت أن بعض الناس لا يلاحظون أعراضهم أبداً، وبعضهم الآخر غير قادر على تمييز العدوى عن السعال الناجم عن التدخين أو الحساسية أو الحالات الأخرى، بينما لا يزال آخرون يشعرون بألم حاد في الجهاز التنفسي.

وقام فريق بنجامين كولينغ، عالم الأوبئة في جامعة هونغ كونغ، بتحليل البيانات الصينية في مراحل مختلفة من الوباء. وبعدما استنتجت بعثة منظمة الصحة العالمية إلى الصين، أن معظم المصابين بالفيروس كان لديهم بالفعل أعراض شديدة، استنتج كولينغ أنه في الأسابيع الأولى للوباء، نشرت الصين أرقاماً عن الحالات المؤكدة للعدوى، والتي عانت من مشاكل تنفسية وحمى والتهاب رئوي. وهي تجاهلت الحالات الخفيفة وغير المصحوبة بأعراض. ونتيجةً لذلك، قلل الصينيون كثيراً من حجم وطبيعة التفشي الذي قد يحدثه هؤلاء.

ويعلق كولينغ على تحليل البيانات الذي أجراه بالقول: "لقد قدرنا في الصين أن ما بين 20 و40 في المئة من حالات انتقال العدوى حدثت قبل ظهور الأعراض".

مؤشرات مقلقة
وما أن رست سفينة "دايموند برنسيس" الموبوءة في اليابان، في 5 شباط المنصرم، حتى قام عدد من الأطباء بإجراء دراسة علمية على جميع ركابها، وراجعوا الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس في مناسبات متعددة على مدى أسبوعين. ووجدوا في النهاية، أن 18 في المئة من الركاب المصابين ظلوا من دون أعراض طوال الوقت.

وفي حديثه إلى صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، يعبر الدكتور جيراردو شويل، عالم الأوبئة في جامعة ولاية جورجيا، وهو أشرف على الدراسة، عن قلقه من هذه النتائج بالقول: "إن النسبة الكبيرة للمصابين بكوفيد -19 من دون أعراض، مقلقة للغاية".

وأشار شويل إلى أن الركاب على متن السفينة يميلون إلى أن يكونوا أكبر سناً، وبالتالي أكثر عرضة للإصابة بالأعراض. وهو قدّر أن حوالى 40 في المئة من عموم السكان قد يكونون مصابين بالعدوى، من دون أن تظهر عليهم أي علامات على المرض.

الأكثر نشراً للمرض
وأظهرت الدراسات الحديثة، أن الأشخاص المصابين بفيروس كورونا المستجد، هم الأكثر نشراً للمرض قبل يوم أو ثلاثة أيام من بدء ظهور الأعراض عليهم. وهذا ما يُعد أمراً مقلقاً ومختلفاً عن حالات انتقال المرض بالفيروسات التاجية الأخرى كفيروس سارس ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية.

توضيحاً لهذه النقطة، يقول الدكتور كارل بيرجستروم، خبير الأمراض المعدية في جامعة "واشنطن" في سياتل: "عندما تفشى مرض سارس حالفنا الحظ بعض الشيء، وهو في الحقيقة لم ينتقل إلا بعد ظهور أعراض المرض على الأشخاص، ما جعل من السهل اكتشافه واحتوائه بتدابير الصحة العامة القاسية".

نستنتج من كل ما ذكرناه آنفاً، أن تفشي الفيروس التاجي الجديد، تزامن مع انتقال الوباء من الأشخاص الذين يبدون أصحاء، لأشخاص عانوا بعد إصابتهم بالفيروس من أعراض شديدة أدت في أحيانٍ كثيرة إلى وفاتهم. لذلك يختم بيرجستروم بالقول: "هذا المزيج كله يجعل من الصعب للغاية القتال ضد الفيروس باستخدام تدابير الصحة العامة العادية".

عن "المدن"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية