تصعيد النظام هو الأسوأ منذ الهجوم الكيماوي عام 2013
"نعيش أسوأ أيام حياتنا في الغوطة".. هكذا اختصرت مديرة مستشفى الغوطة الشرقية أماني بالور ما تتعرض له المنطقة الواقعة شرق العاصمة السورية دمشق من قصف مكثف خلال الأيام القليلة الماضية، والذي أدى إلى مقتل أكثر من 275 مدنيا منذ بداية التصعيد يوم الأحد الماضي.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان فإن 58 طفلاً و42 امرأة بين القتلى، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 1200 شخص في القصف المستمر الذي يشنه طيران النظام السوري، بحسب سكان ونشطاء. ويوضح المرصد أن حصيلة القتلى هي الأكبر منذ القصف الكيماوي الذي وقع في الغوطة الشرقية في عام 2013 وأدى إلى مقتل ما يقرب من 1400 شخص.
ونقلت شبكة "سي إن إن" الأميركية عن مديرة مستشفى الغوطة وهي أيضا طبيبة أطفال قولها: "إننا، في الغوطة، نتعرض للقصف منذ أكثر من خمس سنوات، وهذا ليس بجديد علينا.. لكننا لم نشهد قط شيئا مثل هذا التصعيد".
والغوطة الشرقية الواقعة قرب دمشق هي معقل المعارضة الأخير، ويسكنها نحو 400 ألف نسمة، وتحاصرها قوات النظام بشكل محكم منذ عام 2013 في ظل حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية بحسب الأمم المتحدة. ويتواصل القصف المكثف بالتزامن مع استقدامها تعزيزات عسكرية تُنذر بهجوم وشيك.
ويقول أطباء إنهم يعملون على مدار الساعة في علاج مئات المصابين، فيما تحدثت تقارير عن استهداف منشآت طبية منذ بداية القصف على الغوطة التي تعاني أصلا من نقص في الإمدادات الطبية نتيجة الحصار المستمر منذ خمس سنوات.
من جانبه، أكد الدكتور فارس عريبة من غوطة دمشق أن أغلب القتلى من الأطفال والنساء، مضيفا لـ"سي إن إن": "يمكنني أن أخبرك بأن الموقف كارثي للغاية.. كانت هناك أربعة مستشفيات تم تدميرها ولا يمكنها الاستمرار في العمل في مساعدة الناس في الغوطة الشرقية".
وبخلاف الوضع المأساوي، أبلغ طبيب اتحاد منظمات الرعاية والإغاثة الطبية بأن "الناس لا يجدون مكانا يذهبون إليه". وأضاف"إنهم يريدون أن ينجوا بحياتهم لكن الجوع الذي يعانونه جراء الحصار أوهن قواهم بشكل كبير". وتابع أن النظام السوري سمح بمرور قافلة مساعدات إنسانية واحدة فقط منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى الغوطة الشرقية، مشيرا إلى أن هناك نقصا كبيرا في المواد الغذائية.
وبحسب "بي بي سي" فإن سعر ربطة الخبز يقترب حاليا من 22 ضعفا مقارنة بمتوسط السعر القومي، كما أن 11.9 في المائة من الأطفال تحت خمس سنوات يعانون سوء تغذية بشكل حاد، وهو أعلى معدل تم تسجيله في سوريا منذ اندلاع النزاع في عام 2011.
من جهة أخرى، قالت منظمة العفو الدولية إن "جرائم حرب فظيعة" ترتكب في الغوطة الشرقية بمعدل غير مسبوق. ونقلت صحيفة "الغارديان" عن الباحثة في المنظمة ديانا سمعان قولها: "الناس لا يعانون فقط من الحصار المستمر منذ سنوات وإنما محاصرون الآن في سيل من الهجمات اليومية تقتلهم وتصيبهم عمدا، ما يمثل جريمة حرب فظيعة".
ونقلت الصحيفة عن أحد الأطباء في الغوطة قوله "إننا نشهد مجزرة القرن الحادي والعشرين. وإذا كانت مجزرة تسعينات القرن الماضي هي سربرينيتشا، ومجزرة الثمانينات هي حلبجة وصبرا وشاتيلا، فإن الغوطة الشرقية هي مجزرة القرن الحالي".
ويروى الطبيب قصته مع طفل تعرض للقصف قائلا: "جاءني قبل قليل طفل أزرق الوجه وبالكاد يتنفس، وفمه مليء بالرمال، قمت بتفريغه بيدي. لا أعتقد أن ما نفعله تحويه كتب الطب، طفل مصاب يتنفس برئتين تملأهما الرمال. تستقبل طفلاً عمره عام تم إنقاذه من الحطام ويتنفس رمالا".
وواصل النظام السوري أمس (الأربعاء) قصفه على الغوطة الشرقية. وذكر المرصد أن قوات موالية للنظام أطلقت الصواريخ وأسقطت براميل متفجرة من طائرات هليكوبتر على بلدات وقرى بالمنطقة الريفية التي تقع خارج دمشق.
عن"الشرق الأوسط"