ما تداعيات انسحاب روسيا من وكالة الفضاء الدولية؟

ما تداعيات انسحاب روسيا من وكالة الفضاء الدولية؟


28/07/2022

أعلنت روسيا أول من أمس أنّها تعتزم الانسحاب من التعاون مع محطة الفضاء الدولية (ISS)، التي تتشارك العمل فيها مع الولايات المتحدة وكندا واليابان والدول الغربية في غضون عام 2024، ويثير القرار الذي لم يكن مفاجئاً في إطار الأزمة المحتدمة بين موسكو والتحالف الغربي، على إثر الحرب الأوكرانية، مخاوف الولايات المتحدة وعدداً من الدول، خشية التداعيات المترتبة عليه، والتي وصفها مراقبون بأنّها ستكون "صعبة".

وصرّح رئيس وكالة الفضاء الروسية (روسكوزموس) يوري بوريسوف الثلاثاء للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنّ "قرار مغادرة هذه المحطة بعد عام 2024 قد اتُخذ".

وقال بوريسوف لبوتين خلال اجتماع، نشر تفاصيله الموقع الرسمي للكرملين ونقلته وسائل إعلام روسية: "أنت تعلم أنّنا نعمل في إطار التعاون الدولي في محطة الفضاء الدولية، ولا شك أنّنا سنفي بجميع التزاماتنا تجاه شركائنا، لكنّ قرار مغادرة المحطة بعد عام 2024 قد تم اتخاذه".     

وبحسب نص الاجتماع المنشور على موقع الرئاسة الروسية، وافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على القرار، ووصفه بأنّه "جيد"، ممّا يعني أنّ التصريح الروسي قد تجاوز هذه المرة مرحلة التهديد إلى التنفيذ الفعلي، بحسب مراقبين.

أمريكا مصدومة... ولم تتلقّ إخطاراً رسمياً

وفي المقابل، قال روبين غاتينز مدير محطة الفضاء الدولية في وكالة ناسا: إنّ "ناسا لم تتلقّ أيّ كلمة رسمية من روسيا بشأن قرار الانسحاب من محطة الفضاء الدولية".

وأضاف بحسب (CNN): "الروس، مثلنا تماماً، يفكرون مسبقاً في الخطوة التالية بالنسبة إليهم، نظراً لأنّنا نخطط للانتقال بعد عام 2030 إلى محطات فضائية تعمل تجارياً في مدار أرضي منخفض، فلديهم خطة مماثلة، ولذا فهم يفكرون في هذا الانتقال أيضاً".

وسيكون انسحاب روسيا بمثابة ضربة كبيرة لمحطة الفضاء الدولية، وهي نموذج للتعاون الدولي على مدى عقود، بحسب التقرير ذاته.

ناسا لم تتلقّ أيّ كلمة رسمية من روسيا بشأن قرار الانسحاب من محطة الفضاء الدولية

وتأتي هذه الأخبار بعد أقل من أسبوعين من إعلان وكالة ناسا وشركة روسكوزموس عن صفقة لتبادل الطاقم أو "تبادل المقاعد" التي كانت قيد المفاوضات لأكثر من (4) أعوام.

ووفق التقرير، فإنّه "من غير الواضح ما إذا كان قرار روسيا بالانسحاب من محطة الفضاء الدولية بعد عام 2024 سيؤثر على اتفاقية تبادل الطاقم".

وبحسب موقع "فوكس" الأمريكي، فإنّ برنامج الفضاء الروسي كان يلمح إلى مغادرة الشراكة منذ أعوام، ومع ذلك يمثل القرار ضربة للتعاون الدولي في الفضاء.

 

لانا بدفان: الانسحاب الروسي من المحطة الدولية سيقود ولا شك إلى ضرر بالغ وتغيرات كبيرة في مجمل عمليات الملاحة الفضائية

 

ومن جهته، اعتبر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس أنّ "قرار روسيا مغادرة محطة الفضاء الدولية بعد عام 2024 يُعدّ تطوراً مؤسفاً، وجاء مفاجئاً لواشنطن".

وقال برايس في إفادة صحفية:" لقد رأينا تصريحاً من روسيا بأنّها تخطط لمغادرة محطة الفضاء الدولية بعد عام 2024".

وأضاف، بحسب "دويتش فيليه"، أنّه "تطور مؤسف نظراً للعمل العلمي المهم الذي يجري في محطة الفضاء الدولية، والتعاون المهني القيّم الذي حظيت به وكالات الفضاء لدينا على مر الأعوام، وخاصة في ضوء اتفاقنا المتجدد بشأن التعاون في مجال الفضاء".

وفي السياق، قال منسق الاتصالات الإستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي في تصريحات صحفية: "نحن نستكشف الخيارات للتخفيف من أيّ آثار محتملة على محطة الفضاء الدولية بعد عام 2024".

وأضاف: "إذا انسحبت روسيا في الواقع، فهذا هو الشيء المسؤول الذي يجب القيام به"، بحسب "سبوتنيك".

وقال البيت الأبيض الثلاثاء: إنّه يدرس خيارات لتخفيف أثر الانسحاب المحتمل لروسيا من محطة الفضاء الدولية، بحسب "فرانس 24".

وأوضحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، في إفادة للصحافيين أنّ "الحكومة لم تخطر الولايات المتحدة رسمياً بنيتها الانسحاب من محطة الفضاء الدولية".

وأضافت: "ندرس خيارات للتخفيف من الآثار المحتملة على محطة الفضاء الدولية بعد عام 2024 إذا انسحبت روسيا".

ضرر بالغ على الملاحة الفضائية الدولية

حول القرار، تتحدث الخبيرة الروسية في العلاقات الدولية لانا بدفان الباحثة الروسية والخبيرة في العلاقات الدولية مع "سكاي نيوز" قائلة: إنّ "الانسحاب الروسي من المحطة الدولية سيقود ولا شك إلى ضرر بالغ، وتغيرات كبيرة في مجمل عمليات الملاحة الفضائية، وما تتضمنه من مجالات وأطر التعاون المشترك بين الولايات المتحدة وروسيا وكندا واليابان وغيرها من الدول المنضوية فيها.

وتشير بدفان إلى أنّ "هذا القرار جاء بطبيعة الحال على وقع العقوبات الغربية الكبيرة التي تتعرض لها موسكو، وشملت قطاع استكشاف الفضاء وتكنولوجياته وبعض تقنيات الأقمار الصناعية".

الانسحاب الروسي من المحطة الدولية سيقود ولا شك إلى ضرر بالغ

وبحسب بدفان "كان أمام روسيا خياران؛ إمّا القبول بالعقوبات والاستمرار بالانخراط في جهود المحطة الدولية مع دول تعاديها وتفرض عليها العقوبات، وإمّا أن تقوم بتأسيس محطتها الفضائية الوطنية الخاصة بها".

وتشير الخبيرة الروسية إلى أنّ موسكو "مهتمة بتطوير صناعة استكشاف الفضاء الروسية بالتعاون مع دول حليفة وصديقة، ليست مشاركة في العقوبات عليها مثل الصين، وهذا الخيار الثاني فضّله خبراء وعلماء الفضاء الروس، الذين قرروا أن تستقل روسيا بمحطتها الفضائية بحلول العام 2024".

 

نيد برايس: قرار روسيا مغادرة محطة الفضاء الدولية بعد عام 2024 يُعدّ تطوراً مؤسفاً، وجاء مفاجئاً لواشنطن

 

وبحسب (CNN)، تنقسم محطة الفضاء الدولية، وهي عبارة عن تعاون بين الولايات المتحدة وروسيا واليابان وكندا ووكالة الفضاء الأوروبية، إلى قسمين: الجزء المداري الروسي، والجزء المداري الأمريكي.

وكانت إدراة الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أعلنت في كانون الأول (ديسمبر) الماضي أنّها ملتزمة بتمديد محطة الفضاء الدولية من عام (2024) إلى عام (2030)، لكنّ روسيا الشريك الأول لناسا في محطة الفضاء الدولية لم توقع عليها قط.

وتمّ إطلاق محطة الفضاء الدولية في عام (2000)، ودارت حول (227) ميلاً بحرياً فوق الأرض مع أكثر من (200) رائد فضاء من (19) دولة مختلفة يتمتعون بمهام على متنها، ممّا يمثل وجوداً بشرياً مستمراً في الفضاء.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية