ما تداعيات أزمة المنطاد على التوترات الراهنة بين أمريكا والصين؟

ما تداعيات أزمة المنطاد على التوترات الراهنة بين أمريكا والصين؟

ما تداعيات أزمة المنطاد على التوترات الراهنة بين أمريكا والصين؟


05/02/2023

في خضم توترات سياسية حادة، شهدتها الفترة الماضية، بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، تزيد أزمة المنطاد الصيني تداعيات أكثر ثقلاً وخطورة بشأن مستقبل العلاقات التي بلغت حافة التدهور، في ضوء تجاذبات متسارعة حول بحر الصين الجنوبي وتايوان، لتبقى جميع السيناريوهات المتوقعة لمستقبل التصعيد بين القوتين أقرب إلى الحسم، ولا تشير إلى أيّ فرصة للعودة إلى مربع الحوار، أو حتى "فترة الغموض الاستراتيجي"، التي فرضت سلاماً حذراً بين واشنطن وبكين لعدة عقود.

وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية ليل السبت إسقاط منطاد فوق سماء كارولينا الجنوبية، قالت إنّه تم استخدامه من جانب الصين بغرض التجسس على أمريكا، وأثار قلقاً وجدلاً سياسياً وعسكرياً في الولايات المتحدة استمر عدة أيام.

وقال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن: إنّ طائرة مقاتلة أسقطت المنطاد الصيني قبالة ساحل كارولينا الجنوبية، وأعلنت إدارة الطيران الفيدرالية في وقت سابق من يوم السبت أنّها أغلقت المجال الجوي في أجزاء من ولاية كارولينا الشمالية وكارولينا الجنوبية لـ "دعم وزارة الدفاع في جهد يتعلق بالأمن القومي"، بحسب ما أوردته شبكة "سكاي نيوز".

ضوء أخضر من بايدن

كان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أعطى أمراً بالتعامل الفوري مع المنطاد الصيني  وإسقاطه، منذ الساعات الأولى من إعلانه بالأمر يوم الثلاثاء الماضي، إلا أنّ البنتاغون   عارض مسألة الإسقاط، خشية أن تسبب أضراراً خطيرة على حياة البشر، يفوق تقييم المكاسب الاستخباراتية الصينية المحتملة، بحسب ما نقلته عدة صحف أمريكية.

 ألغى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلنكين زيارة كان من المرتقب أن يجريها إلى بكين الأسبوع الجاري

وخلال الأيام الماضية واجه الرئيس الأمريكي ضغوطاً متزايدة من جانب النواب بالكونغرس ومن السياسيين الذين طالبوا بإسقاط المنطاد فوراً، إلا أنّ الأمر على ما يبدو قد استغرق مزيداً من الوقت لحسم الأضرار والمخاطر المتوقعة.

بلنكين يؤجل زيارته إلى الصين

في ردّ فعل أوّلي على أزمة المنطاد، التي يتوقع مراقبون أن تُخلف الكثير من التداعيات، ألغى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلنكين زيارة كان من المرتقب أن يجريها إلى بكين الأسبوع الجاري.

في ردّ فعل أوّلي على أزمة المنطاد، التي يتوقع مراقبون أن تُخلف الكثير من التداعيات، ألغى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلنكين زيارة كان من المرتقب أن يجريها إلى بكين الأسبوع الجاري

إلى ذلك، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلاً عن مسؤول أمريكي يوم الجمعة أنّ وزير الخارجية قرر تأجيل زيارته المرتقبة إلى بكين للقاء نظيره الصيني كين غانغ، على خلفية "التوتر" الذي أثاره رصد ما قيل إنّه "منطاد تجسس" صيني في أجواء الولايات المتحدة.

ولم يقم أيّ وزير خارجية أمريكي بزيارة إلى الصين منذ عام 2018، وشهدت العلاقات بين الدولتين العظميين عدة محطات من التوتر، بسبب قضايا جيوسياسية وتنافس اقتصادي، خلال الأعوام الأخيرة.

كيف ردت بكين؟

من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية الصينية الجمعة أنّ المنطاد الذي تشتبه الولايات المتحدة في أنّه كان يتجسس بأجوائها "مدني" ويستخدم للبحوث، لا سيّما أغراض الأرصاد الجوية، وورد في بيان الوزارة أنّ للمنطاد قدرة توجيه محدودة، وأنّه انحرف عن مساره المخطط له بسبب الرياح.

وجاء في البيان أنّ الصين تأسف لدخول المنطاد بشكل غير مقصود إلى المجال الجوي الأمريكي.

والسبت، قال وانغ يي عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني خلال محادثة مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن: إنّ الصين لا تقبل تكهنات لا أساس لها من الصحة بشأن المنطاد.

ونقلت وزارة الخارجية عن وانغ يي قوله: إنّ "الصين دولة مسؤولة، وتلتزم دائماً بصرامة بالقانون الدولي، ولا تقبل بكين أيّ تكهنات أو دعاية لا أساس لها من الصحة"، وفق ما أوردته شبكة "روسيا اليوم".

أيّ تداعيات محتملة للأزمة؟

يشير كبير باحثي الدفاع الدولي في مؤسسة راند تيموثي هيث إلى أنّه سيكون من المهم متابعة كيف تتحدث وزارة الدفاع الأمريكية عن المراقبة والاستخبارات الصينية في الأيام المقبلة، سواء كانوا سيختارون الكشف عن مزيد من المعلومات حول التكتيكات والدوافع الصينية أو سيتيحون فرصة لاستئناف المحادثات الدبلوماسية.

ويضيف، بحسب ما نقلته عنه "إنبندنت عربية": "إذا كانت هناك بيانات وتصريحات أخرى متتابعة لأشياء أخرى يقوم بها الصينيون، فإنّ ذلك سيشير إلى أنّ حكومة الولايات المتحدة تتحرك في الواقع في اتجاه أكثر تشدداً، أمّا إذا حدث العكس، وأشارت الحكومة الأمريكية إلى أنّها تريد استئناف المحادثات وتخفيف التوترات، فإنّ ذلك من شأنه أن يكشف عن نزعة تميل أكثر إلى الحدّ من التصعيد".

مايكل كلارك: أزمة المنطاد الصيني تحمل رسالة تحدٍّ من بكين للولايات المتحدة بعد تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في الفلبين

وفي حين يعتبر الدكتور أشرف سنجر أستاذ العلاقات الدولية أنّ أزمة جمع المعلومات أو التجسس أمر وارد ومتبادل بين الصين والولايات المتحدة، إلا أنّ ذلك لا يخفف من حدة التداعيات المحتملة لأزمة المنطاد.

وتمثل الواقعة، بحسب حديث سنجر لقناة "القاهرة الإخبارية"، تحدياً جديداً تفرضه الصين على واقع العلاقات بين البلدين، كما أنّ تلك الخطوة يُمكن أن تكون ردّاً على زيارة وزير الدفاع الأمريكي لمنطقة آسيا، وتقوية العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة والفلبين.

ويرى سنجر أنّ مستوى العلاقات بين جمهورية الصين الشعبية والولايات المتحدة الأمريكية بدأ يتجاوز مفهوم حسن النية، ووصل إلى توجيه رسائل تحذيرية من الجانب الأمريكي إلى الصين، خاصةً عقب حادث المنطاد، الذي تعتبره الولايات المتحدة تهديداً للأمن القومي الأمريكي.

وذكر سنجر أنّ العلاقة الصينية الأمريكية شائكة، ومن الممكن أن تشهد حرباً مُباشرة أو بالوكالة، وما حدث يُعدّ خطوة جريئة من الصين، خاصةً في ظل محاولات الولايات المتحدة تقويض الصين في منطقة الإندوباسيفيك.

أشرف سنجر: أزمة المنطاد تمثل تحدياً جديداً تفرضه الصين على واقع العلاقات بين البلدين

إلى ذلك، اعتبر الخبير البريطاني في الشؤون الدفاعية مايكل كلارك أنّ أزمة المنطاد الصيني تحمل رسالة تحدٍّ من بكين للولايات المتحدة بعد تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في الفلبين.

ورجّح البروفيسور كلارك، محلل الشؤون الأمنية والدفاعية لدى شبكة "سكاي نيوز" البريطانية، أن يكون استخدام هذه المناطيد، إذا كانت الصين أطلقتها بالفعل، رسالة إلى الولايات المتحدة بعد قرارها فتح قواعد عسكرية جديدة في الفلبين، قائلاً: "أعتقد أنّه تحدٍّ".

وتابع كلارك: إنّ الصين "تشير بذلك إلى أنّه إذا كانت الولايات المتحدة ستقترب منها، فستكون بكين أكثر عدوانية في مراقبتها".

مواضيع ذات صلة:

مآلهما للحرب: هل تستطيع أمريكا والصين تفادي فخ ثوسيديدس؟

كيف تستغلّ الإستراتيجية الصينية قوة الولايات المتحدة؟

الصين تستبق "أمريكا بايدن" بتكتل تجاري آسيوي واسع... كيف يتعامل الرئيس؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية